[مفاتيح القراءة] -سرد مانيلا -سرد لوك -حوار الشرطة | زودياك -حوار لوك -حوار مانيلا -سرد السيد جوداك -حوار السيد جوداك -حوار ليوناردو ~ -قبل دقائق- كان لوك يجلسُ بجوار الفراش ومعه رجل آخر، يبدو على هيئته الوقار والرزينة. كان يرتدي بذلة بُنية غامقة ونظارةً من يراها يَحسبهُ قادم من جيل الستينيات، يحملُ بيده اليمنى حقيبة عمل جلدية، تَحدث لوك قائلًا: "هل أنتِ بخير؟. أعلم أن هناك خطبًا خلف تِلك الجريمة، لا تقلقي مانيلا سأكتشف الحقيقة عاجلًا غير آجل، وسأبرئكِ مِن هذه التهمة. أعرفكِ بالمحامي نورمان جوداك، سيساعدنا في الوصول للحقيقة، سأترككما بمفردكما قليلًا.." خرج لووك مِن الغرفة، بينما جلس السيد جوداك أمام الفراش، فتح حقيبته واضعًا بعض الملفات على الطاولة مسترسلًا بالكلام: "لكل قضية ثغرة، لذا علينا أن نركز على التفاصيل الصغيرة فهي عادةً تؤدي بنا للحقيقة الكامنة، يُمكننا البدء بأداة الجريمة، كما ترين بالصورة فهو سكينُ تقطيع كبير الحجم، مقبضه حديدي سميك، استعمالهُ الكثير قد يخلف الكثير من العلامات على الأصابع، رغم ذلك لم تُجد مثل تِلك العلامات على يديك، ولكن بصماتك كانت على السكين الذي قيلَ أنه وجدَ في شقتكِ، عِند البحث في شقتك وجدنا طقم سكاكين مكون مِن خمسة أنواع، لكن الغريب أن ذلك النوع عادةً يُباع في السوق مكونًا مِن سبعة أنواع، لذا عند التعمق نجد أنه قد فقدَ سكينتين وليست واحدة وهاهي صورة الطقم مِن مواقع البحث" أخرج صورةً مِن الحقيبة وضعًا إياها أمامي: صورة ~ اكمل قائلًا: "هُناك أحتمال أن يكون القاتل قد استعمل أحدى السكينتين في جريمته، وبما أن كلتاهما تعودان لكِ فتم اثبات التُهمة عليكِ، ولكن كونكِ لاتجيدين الطبخ ولم تستعملي السكينتين في شيء فيمكننا اللعب على هذه النقطة، فوجود دليل واحد لكِ بداية الطريق نحو البراءة". [b]-"هل تملكين نسخةً مِن مفتاح شقتكِ؟" -"لقد حجزت الشرطة على كل شيء، المُفتاح عندهم" -"لم أقصد هذا، هل تملكين نسخة احتياطية؟، نسخة اعطيتها لأحد؟" -"لا أعلم.. لا أتذكر!" كنتُ أجيب بحدةٍ نوعًا ما -"لابأس لابأس على مهلكِ، حسنًا سأكتفي بما أخبرتكِ به، وعلى أثره سوف أقدم بلاغًا للشرطة ليسمحوا لنا بمعانية شقتكِ مرة أخرى" خَرج السيد جوداك مِن غرفة مانيلا، كنتُ استند على الحائط بثني إحدى قدمآي للتوازن، ما أن لمحته هرعتُ إليه على الفور وأنا أسأله: "هل هُناك أمل؟" كان يُغلق الباب بِخفة سائرًا بجواري قبل أن يقول بنبرةٍ هادئة: "أنت تَعلم أنني هُنا لاخراجها مِن تُهمة القتل الحصول لها بالبراءة إن صح القول، فخلال أيام قليلة سنجد أنفسنا أمام قضية في المحكمة وهُنا الأمور ستتصاعد وسيكون اثبات برائتها أمر صعب، انت تعلم!" -"سيد نورمان، أرجوك لايجب أن يكون الأمر أصعب مِن هذا، مهما كان الذي حدث فيجب علينا أن نُمسك بالجاني الحقيقي!" أومأ برأسه بهدوء أي "إن شاء الله" وثم ذهب تاركًا إياي غارقًا في دواماتٍ مِن الدُجى.. توجهتُ للمنزل وأنا أفكر هل يُمكن ولو احتمال واحد صحيح (واحد بالمئة) أن تكون مانيلا متورطةُ بكل هذا؟ لقد كُنا جيراننًا وأصدقاء ولكنني لم استطع قط يومًا فهم شخصيتها. كانت شديدة الهدوء، تُلازم المقعد الأخير بالصف تُتناول طعامها وحدها، وحينما يحاولنّ الفتيات التقرب منها أو شدها لأحد تجمعاتهنّ او للمذاكرة كانت تذهب معهن بعد إلحاح شديد ولم تكن تتفاعل معهن أو تثرثر، بل تراقب فقط وتَبتسم بهدوء وتعود لعالمها، لقد كنتُ متفاجئًا مِن ضحكتها حينما لعبنا لأول مرة لقد كانت جميلة بحق، سأنقذها.. حتمًا! - -مقر الشرطة- -"إذًا، عرف بنفسك مرةً أخرى؟" -"نورمان جوداك، المحامي الحاضر عن الآنسة مانيلا دونسون" -"سيكون الرئيس في حضرتك خلال دقائق، يُمكنك الانتظار قليلًا هُناك" -"مرحبًا جوداك، لم أرك منذُ فترة، إذًا بما اساعدك؟" -"مرحبًا زودياك لا تزال تَمتلك ذلك الأسلوب، أنت لن تتخلى عنه ولو بعد مئة عام!" -"تعرفني جيدًا، مادمتَ على ملعبي فلي الحق في سن القوانين، والآن لنتحدث بجدية، تفضل بالجلوس" -"لقد جئتُ مِن أجل هذا، كما ترى لقد أصبحتُ محاميًا للمُصممة -مانيلا دونسون-، لن أخبىء عليك موقفها بالقضية صعب حقًا، ولكنني آمل أن أجد شيئًا في شقتها، لكن نحتاج للموافقة كما تعلم!" -"يجب عليك المرور بالنائب العام أولًا، ولكن بما أننا على معرفة سابقة، رُبما استطيع مساعدتك دون تكبد عناء ذلك لكن أخبرني، لقد سمعتُ انهم قاموا بتفتيش ومعاينة كُل شيء، هل ستكون قادرًا على ايجاد ثغرة؟" -"لمَ لا! لقد غلفت أعين الشرطة عن أدلة كثيرة في الماضي، لقد كنُا دومًا ما ننقذُ الأبرياء من على حبال المشنقة، هل نسيتَ ذلك أم ماذا؟ على أية حال سانتظر ردك على مذكرة التفتيش، أراك لاحقًا" بِالفعل، لم تمضي إلا سويعات حتى وجدتُ الموافقة على مكتبي، زودياك ليس مُجرد رئيس قسم شرطة العاصمة إنه رجلٌ كثير المعارف، مُخيف التعامل معه ولكن اضطراري، على الأقل لقد كان لقاءنا أقل حدةً هذه المرة. حاولتُ الحصول على اذن خروج لمانيلا لتعاين معي مسرح الجريمة، لكن كان ذلك مستحيلًا، لذا كان علي الاستعانة بـ لوك وبالطبع كان يُرافقنا شرطيان ليتأكدا مِن عدم سرقتنا لأي دليل أو حتى لعدم تخريبنا ما تحفظوآ عليه إن الشقة فوضوية بعض الشيء، الجدران الوردية الفاتحة أصبحت باهتةً بفعل الغبار والوحدة أثاثها بسيطٌ للغاية، أريكةً متوسطة الطول أسفل النافذة بُنية مائلةً للأحمرار قليلًا، طاولةً بيضاء صغيرة في أحد زوايا المنزل، حمام واحد ومطبخ صغير يكفي فردًا أو اثنين، الأوراق مبعثرةً على الأرضية جميعها تحوي تصاميم لازياء جديدة، معظمها يُغطيها السواد، والأخرى مزيجٌ ما بين الأزرق والسماوي والرمادي المُميز، ورقةً واحدةً كانت مُلفتة ومميزة أسرعتُ في رفعها مِن بين الأوراق والاطلاع عليها عند النظر إليها إنها مُجرد تصميم آخر لأحد الأزياء الجديدة، ولكن عند التعمق يُمكن معرفة أن صاحب هذا التصميم لم يَكن نفسهُ صاحب التصاميم الاولى، فالنمطُ مختلف، الألوان زاهيةً: فستان أصفر قصير يعلوه معطفٌ أحمر غامق، وحزام رمادي مُرصع بزهورٍ حمراء غامقة. كما أن طريقة الرسم والتلوين مُختلفة فصاحب التصاميم الاولى كان يقوم برسم خط واحد، اما تِلك التي في يدي فهي كثيرة الخطوط وكأنه كان يرسم اثناء حرب أو معركة!، لكن المُثير للريبة أنه كان يملك توقيع مانيلا، التفتُ حولي فلم أجد الشرطي لذا استغللتُ الموقف وقمتُ بثني الورقة وتخبئتها في جيب معطفي، أعتقد انها أول خطانا على خط القضية قمنا بمعاينة كُل شيء، لم نجد ما قد يُفيدنا بالقضية، عدا التصميم المُختلف وصورة لفتاة لكن يبدو أن الصورة كانت تحمل جزءًا آخر وهناك من مزقها، حاولت عرضها على لوك لعله يُفيدني لكنه قال أنه لا يعرفها. - -"مانيلا حاولي أن تتذكري جيدًا، لمن هذا التصميم؟" كان هذا لوك يسألني للمرة العاشرة -"أخبرتك.. لا أتذكر، لا أعرف.. لا أعرففف!" كنتُ اجيبه بهدوء قبل أن أصرخ في نهاية الجملة -"لابأس لا بأس، لم أرد الضغط عليكِ حقًا ولكن ربما قد نصل لشيء ما مِن خلاله، أنا آسف" -"لوك، أنت تصدقني صحيح؟ أنا لم أقتله، أقسم لك.. أنا لم أقتله.. أنت تعرف صحيح؟" -"عليكِ أن ترتاحي الآن، ساتي لزيارتكِ مرةً أخرى، مانيلا اطمئني سانقذك حتمًا!" لم أعرف ما يجري، لماذا أنا هُنا، لماذا لا يُصدقني أحد، كيف أنقلبت الأمور في ليلةٍ واحدةٍ لماذا كُل الادلة ضدي، كيف يحدث كُل هذا! "أنا مُتعبة"، كنتُ قد فقدتُ الأمل في أن أخرج مِن هُنا لذا لم يكن علي سوى التأقلم على وضعي الجديد.. جلستُ على الفراش أضم ركبتآي واعانق نفسي، أنا خاائفة للغاية، لقد كنتُ طيلة حياتي وحدي لكنني اليوم أريد من يقف بجانبي، لأي حد انا بائسة! هل هُناك من يكرهني؟ يَكرهُ فتاةً مُملة مثلي فتاةً لم تعرف قط اسماء زميلاتها في الصف أو حتى اسماء معلميها! -"يبدو أنكِ تُعانين هُنا، نزهةً بالخارج؟" -"دعني وشأني.. أكرهك!" كان ذلك ليوناردو، يتحدث بنبرةٍ هادئة، كيف لهُ أن يفعل ذلك وهو السبب في تواجدي هُنا! لا يُمكن أن أثق بهِ، لم اتكبد حتى عناء رفع رأسي لأجيبه وانا بحالتي تِلك -"أرى أن مخطوبكِ قد رحل، هل سأم منكِ؟ أراهن أنه سعيدٌ بتواجدكِ هُنا! ترى هل سيستطيع تحمل تكاليف علاجك وتقلباتك المزاجية وحالاتك النفسية؟ سيسأم سريعًا، لا أحد يُحب ان يرتبط بشريكٍ مُرهق طيلة الحياة، استمعي إلي أنني الوحيد القادر على مساعدتك، دعينا نتعاون، ما رأيكِ؟" هل يُطلق الاحكام على لوك الآن؟ هل يقوم بالتطاول والسخرية على حالي! كم هو وغدٌ حقيرٌ حقًا!. رفعتُ رأسي انظر إليه بحدة وأقول: -"ذكرني مَن أنت لأثق بك؟ الشاهد المزور الذي زَج بي في مصحة عقلية، وبعدها سيتدلى جسدي مِن على حبل المشنقة، ثم تقول أنك تريد مساعدتي؟ أرحمني.. وتسمي نفسك طبيبًا! أرحل.. أرحححللللل.. أكرررههككك" لم أتمالك نفسي فبدأتُ في دفعه بقوة وضربه على صدره، لم انتبه للممرضين الذين كانوا يسحبونني بقوة، ويحاولون تخليصه مِن بين يدي، وبالفعل لقد أنتشلوه بينما قاموا بتثبيتي واعطائي حقنة مهدئة، لأغط في نومٍ عميق . . . . -"لوك، هل عرفت صاحبة هذه الصورة؟" -"كلا، سيد جوداك هل يُمكن أن تكون الصورة هي دليل البراءة؟" -"مَن يعلم، لدي الكثير مِن الأوراق هُنا، صورًا مِن مسرح الجريمة، لكن بلا فائدة لا شيء منها مُفيد لنا!" -"ماذا سنفعل؟ اقترب موعد أول جلسة، إن لم نفعل أي شيء سيُحكم عليها بالاعدام!" -"لقد قُتل توماس بسكين ذو مقبض حديدي سميك بعض الشيء يستخدم في التقطيع عند البحث وجدوا ان بصماته تتطابق مع بصمات مانيلا، لكن كيف؟" -"لحظة، ألن يشتبهوا بمانيلا إلا إذا ابلغهم أحدهم عن الجريمة أو عن مانيلا؟" -"ربما! إنها نظرية تستحق الاهتمام، هل يُمكنك تأدية خدمة لأجلي؟" -اليوم الخامس عشر: المحكمة- "القضية رقم 4502: مقتل العارض جاك توماس، فلتبدأ الجلسة" |