The Best
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

The Bestدخول
●● إعلانـات ●●
إعلانك هنا إعلانك هنا إعلانك هنا
إعـلانـات المنتـدى

إحصائيات المنتدى
أفضل الاعضاء هذا الشهر
آخر المشاركات
أفضل الاعضاء هذا الشهر
281 المساهمات
224 المساهمات
142 المساهمات
77 المساهمات
74 المساهمات
67 المساهمات
51 المساهمات
44 المساهمات
24 المساهمات
17 المساهمات
آخر المشاركات




×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية

description[رواية] أنا أكرهكم (23) Empty[رواية] أنا أكرهكم (23)

more_horiz
[رواية] أنا أكرهكم (23) S4DOI7e
 
 (23)

كان البيت الذي عشت فيه مذ وُلدت، مُدمًّرا عن آخره، مجرد حطام! نظرت له بانهيار.
غمغمت بدون تصديق: أين رقية.. أين أمي وأبي؟
ارتخت قدامي وجثوت على ركبتي أرضا، صرخت: كلا..
تسارعت أنفاسي وأنا أفكر بحرارة كيف أتصرف، قمت مسرعًا أتلفت حولي بجنون.. 
رأيت بعض الناس في الشارع ينظرون إلي بدهشة، عرفت أحدهم، كان أحد الجيران الذي يسكن هنا.
ركضت إليه هاتفًا بهلع:
 أنت مُحسن؟ محسن صاحب محلّ الساعات أليس كذلك؟
 أين هم؟ أين عائلتي التي كانت هنا؟
حدّق إلي بحدة وتساءل بجمود: أنت بلال، أليس كذلك؟
أجبت بلهفة وأنا أهزّ رأسي: بلى.. أنا هو، أين أمي وأبي وأختي؟
لم يردّ وهو يكمل نظراته الناريّة باتجاهي، ولاحظت نظرات الناس الذين وقفوا تتشابه،
 كانوا ينظرون لي بدهشة وصدمة، وبدأت تتضح في وجوههم علامات حقد وغضب.. 
قال أحد المسنّين بلهجة قاسية: إنه ابن المحتال.. ابن الـ.... ... أمسكوه!
لم أعلم ماذا أفعل، خصوصا عندما بدأ الناس يهجمون علي تلفتت حولي بضياع وأنا أهتف: 
ماذا تريدون؟ أنا أسألكم سؤالا واحدًا.. أين هم؟ أين ذهبوا؟
لكن أحدا لم يجب، سمعت فقط شتائم كثيرة تنطلق من أفواههم وكلها تقصدني..
وجدت أحدهم يمسك يدي يحاول تكبيلي، لكنني ضربته بعنف وقررت إطلاق ساقي للرياح،
 سوف أهرب من هؤلاء الناس المجانين!
أحدهم سرق حقيبة كنت أمسكها بيدي، كانت تحوي غطاء صوفيًّا ومعطفين، لأدفئ أختي. 
صرخت بغضب: هيه.. ماذا تفعل أيها الأحمق.
ركضت خلفه أحاول استعادتها فقد سحبها مني على غفلة، هجم عليّ اثنان ومنعاني من اللحاق به قائلين:
 سوف نسترد نقودنا!
صرخت باستنكار: أية نقود أيها الأغبياء؟ إنها نقودي أنا!
أخذ ثالث مني بقية الحقائب التي أمسكها بيدي، 
وجاء البقية زادوا الضغط عليّ لكيلا أتمكن من اللحاق بهم أو الدفاع عن نفسي!
صرخ رجل ممن يكبّلونني بحقد:
 والدك كان يملك ثلاثة ملايين جُنيه تحت بيته أيها القذر! كلها من أموالنا.. 
كلها قد أخذها بدافع الشفقة، لقد كان أغنى واحد في القرية دون علمنا!
قلتُ بألم ويدي يمسكونها بطريقة حمقاء مؤلمة: 
وما ذنبي أنا! لست مسؤولا عما فعله ذلك الرجل!
شد أحدهم شعري إلى الأعلى وقال بعنف:
 بل أنت المسؤول، لقد فهمنا أنك رحلت بالتأكيد لتخبئ بقية الملايين في البنك، 
وها نحن ذا نراك بأعيننا تعود وكأنك من أطفال الطبقة الغنية! أهناك دليل أكثر من هذا على احتيالك؟
قلت بصوت مبحوح ثائر:
 كلا! هذه الأموال كلها من عمل يدي! لقد عملت خارج هذه القرية لمدة سنتين وكسبت أجري.. كفوا عن ذلك!
لكنهم لم يكفوا، بل زاد الرجل الذي يُمسك يدي الضغطَ عليها وهو يقول بغضب:
 أنت تكذب حتما، وهذا هو الطبيعي، أنت لن تقول الحقيقة! كان يجب أن نعرف أنكم عصابة!
كان عدد كبير من الرجال حولي، واحد قوي يُمسك يدي ويكبّلهما خلف ظهري، والآخر يشد شعري للأعلى لا أدري لمَ؟ 
والبقية يمنعونني من التحرك بأي شكل، وشعرت بأحدهم يفتح حقيبة ظهري، قلت بغضب:
 لا.. هذا يكفي.. لا دخل لكم بحقيبتي...!
لم يعرني أحدهم أي اهتمام، وتم تسريب كل شيء من حقيبتي إلى أيديهم.. 
كنت أسمع تعليقاتهم وأشتعل نارًا دون أن أقدر على التحرك:
 يا له من هاتف رائع، 
هذه المذكرة سوف تنفع ابني،
 القلم يبدو رائعا،
 هذه المحفظة فيها عدة آلاف جنيه،
 هذا دليل أنه محتال، كيف لطفل أن يملك هذا المبلغ!
أيها الحقراء، الهاتف أعطانيه بكر لأطَمْئِنَه عليَّ، المذكرة والقلم هديتان من عبير، هذه الأموال كسبتها من سنتين عمل!
فتحت فمي وأنا عازم على ردّ عدوانهم بأي شكل، عضضت أقرب الأجسام مني بكل قوتي، فابتعد عني صارخًا بألم،
 ركلت الرجل الآخر الذي يقف أمامي، فتألم وابتعد، أما من ورائي، الرجل القوي الذي يُمسك يدي،
 فقد ضغط على يدي بعنف وأمالها للخلف، كنت أئنّ ألما، حتى سمعت صوت طرقعة العظم، وخُيّل إلي أنها كُسرت!
من شدة الألم توقفت عن الصراخ والأنين، اتسعت عيناي عن آخرها وراحت الدموع تنزل منها بانتظام رغمًا عني،
 جثوت على ركبتي وأنا أصارع الوجع ولم يلن قلب الرجل الذي خلفي لي..
سمعت صوت رجل عجوز: هذا يكفي، اتقوا الله، كسرتم يد الفتى!
ترك الرجل يدي أخيرًا فانهرتُ أرضًا، كنت غير قادر على الوقوف بسبب الألم، 
لكنني سمعت الرجل العجوز مرة ثانية: لمّ تأخذون الأموال والأغراض الشخصية؟ 
ألا يكفيكم ما فعلتم به! اتركوا شيئا له يا عديمي الرحمة!
زمجر أحد الرجال وهو يهمّ بالرد عليه، حصلت بعض المشادّات بينهم ولم أكن أفهم من يتكلم أصلًا،
 حاولت الوقوف لكنني لم أقدر، شعرت بأشياء تُرمى علي، لقد كان القلم والمذكرة..!
 أما الهاتف فقد أخذوه للبيع، وأما الكتب التي أخذتها من مكتبة بكر فمازالت في حقيبتي، الحمد لله لم يقتربوا منها!
من شدة القهر الذي أشعر به، نظرت إلى آخر رجل منهم وصرخت: 
أنتم أخسّ رجال في الحياة! أخذكم الله وأراح العباد منكم!
ثارت ثائرته وهو يقول: أنت آخر من يتكلم أيها الـ...
 ثم تلقيتُ ركلة قوية في وجهي أرغمتني على السكوت وابتلاع الغصة التي بداخل حلقي!
مرت بضع دقائق استنتجت فيها أن جميع الرجال قد رحلوا، فتحت عيني بحذر،
 حاولت الجلوس، وجدت العجوز يقترب مني قائلا بقلق: أأنت بخير يا بني؟
لم أردّ وأنا أدعو عليهم في داخلي، بالتأكيد سيأخذ الله حقي منهم.. 
ولو لم يكن في الدنيا ففي الآخرة بالتأكيد.. المهم الآن كيف سأقابل رقية؟ أنا حتى لا أعلم أهي حية أم ميتة!
أصابني الهمّ والنكد وأنا أفكر بذلك الأمر بينما العجوز يناولني منديلا، ويقول باهتمام:
 جفف هذه الدماء التي تنزف من أنفك!
لمست أنفي فإذا هو غارق في الدماء، لابد أنها من ركلة هذا الوغد!
أثناء تجفيف أنفي قلتُ ببحة للعجوز: أشكرك جدا.. جُزيت خيرًا.
ثم انشغلت بتفقد حقيبتي، حركت يدي بصعوبة مع الآلام المنتشرة فيها، إنها لم تُكسر،
 فلا أزال قادرًا على تحريكها، لكنها تؤلمني كثيرا.
لقد أخذوا المال، والهاتف المحمول، والأغطية الصوفية والمعطفين اللذان كانا معي.
أمسكت رأسي وأسندتُها إلى الخلف، نظرتُ إلى السماء الصافية، كنت مُحبطًا ومقهورًا، تبًّا،
 ليتني لم أخرج من بيتك يا دكتور بكر.. أنا آسف أنني لن أُطمئنك علي بعد اليوم!
 يبدو أنني على وشك بدء مرحلة جديدة من حياتي في هذه القرية البائسة.
انتبهت إلى أن العجوز قد اختفى! لمَ لمْ أسأله عن رقية؟ فربما كان يعرف عنها شيئًا.
آه يا لغبائي.. آه أنفي يؤلمني >__< .. ويدي أيضا!
كم أتمنى أن يكون هذا حُلما.. الشيء المضحك في الموضوع، أنه لا مكان لي هنا! 
ولا أعلم أين سأذهب، وطريق القرية الزراعية لا أعرفه،
 فقبل سنتين حين نويت الهرب والانتحار لم أكن مركزًّا في الطريق.
حسنٌ، حتى ولو لم يكن لي مكان، فلابد أن أقوم عن هذا الشارع القذر أمام أطلال بيتنا القديم!
عندما وقفت لاحظت أربطة حذائي المفككة، هممتُ بالانحناء لربطها، 
ولكنني فوجئت بجسم صغير يدفعني دفعا إلى الخلف حتى سقطت، وصوت فتاة باكٍ: بلال!
احتضنتْني دون أن أعرف من هي؟ لكن الصوت.. صوت مألوف، أما جسمها فغير مألوف.
كانت تبكي بصوت مرتفع، وتلتصق بي وكأنها خائفة أن أطير، كانت تردد: لا أًصدق.. أنك أمام عيني!
ثم رفعت وجهها أخيرا، لأراها، وجهها الأبيض المليء بالشحوم السوداء والتراب، 
وعيناها البنيّتان الواسعتان اللتان تُمطران دموعا غزيرة، شعرها الناعم الأشعث المتسخ غير المرتب، 
كانت نفس ملامح أختي، إنها.. رقيّة...!
_


في الحقيقة لم أكن أملك خيارًا آخر سوى احتضانها والبكاء معها، لقد كنت أفتقدها كثيرا، آه لقد تغيرتْ،
 إنها الآن في الخامسة عشرة من عمرها، ازدادتْ عيناها حزنًا ووجومًا، وهذا ما زادني ألمًا وندمًا أني تركتها!
وسط دموعنا معًا أبعدتُ رأسها بحنان ونظرت إلى عينيها مليًّا، سألتها بحب: رقية.. أخبريني كيف حالك؟ أأنت بخير؟
ابتسمت ابتسامة دامعة وهي تهز رأسها أي نعم، لكن منظرها لم يكن يُوحي أنها بخير..
شممتُ رائحة نتنة عفنة صادرة منها ومن ملابسها، بسبب نزيف أنفي وضعت ذلك المنديل،
 ولا أكاد أتحمل الرائحة، فكيف إذا كنت أشم بشكل طبيعي؟
يا إلهي، كم أنا أحمق، أفكر في هذا وهي أمامي الآن بهذا الشكل!
هتفتُ بلهفة: رقية.. أخبريني ماذا حدث لكم؟ ولبيتنا؟
مسحتُ دموعها التي تلوثت لمّا جرتْ على سطح خدودها المتسخة، فنزلت دموعًا سوداء على أصابع يدي!
 ثم همست بصوتها المرتجف الحزين: لقد ماتوا.. مات أبي وأمي..
اتسعت عيناي عن آخرهما، وأنا أنظر لها غير مصدّق ما أسمعه، هتفت بذهول: كيف؟ كيف ماتا؟
ازداد تدفق الدموع في محجريْها وهي تقول بانهيار:
لقد ماتا في حادث سيارة، كانا ذاهبين للقاء تلفزيوني حيث يجمعان المزيد من التبرعات!
 بعد اللقاء الأول الذي أجروْه مع أبي، طمع في تبرعات ملايين المشاهدين فحاول بشتى الطُرق لإعادة هذا اللقاء.. 
وقد حصل، لكن..
ثم عضّت شفتيها بألم وهي تُطرق برأسها، أنا أتذكر عندما رأيت أبي في التلفاز مرة، كانت هذه المرة الأولى، 
وبعدها بالتأكيد انهالت عليه التبرعات من كل صوب وهذا زاد طمعه..
 تبًّا لك يا أبي، فقدت حياتك في سبيل جمع المال الذي لم تستفد به شيئا!
قلت بصوت بائس مهزوز: إذن.. كيف تدمر البيت؟ وأنت أين كنتِ؟
أكملت القصة بارتعاش قائلة:
 لقد تركوني في المنزل، وأفقت على كارثة موتهما، تعاون رجال القرية في دفنهما، ثم نظروا في حالي، 
وتعجبوا كثيرا أنني لا أملك أي فلس في المنزل! رغم كثرة التبرعات التي انهالت علينا بعد اللقاء التلفزيوني..
أخذت نفسًا عميقا وهي تعقد حاجبيها وتقول باكتئاب وحقد: 
وحينئذ، فتشوا البيت أملًا أن يجدوا ما خبئه أبي، 
وكانت المفاجأة أنهم وجدوا صفائح في سرداب البيت مليئة بمبالغ كبيرة من المال،
 وعندما عدّوها كانت ثلاثة ملايين جنيه تقريبًا!
نظرت بدهشة شديدة وأنا أتذكر كلام ذلك الرجل، إذن فهذا هو سبب تهجمهم علي بهذه الطريقة، سألتها باهتمام: 
وماذا حصل بعد ذلك؟
قالتْ:
 لقد صبّوا جام غضبهم عليّ بالتأكيد، وأخذوا الملايين كلها ولم يُبقوا لي فلسا،
 بل ودمّروا البيت رأسًا على عقب، ولم أتمكن من العيش فيه.
سألتُ بحيرة وقلق: وأين تعيشين الآن يا رقية؟
قالت بسخرية مريرة:
في الشارع بالطبع، هناك عائلة أعطتني بعض الأخشاب والطوب، 
بنيت لنفسي غرفة صغيرة جدا في مؤخرة منزل أحدهم، وجعلت سقفها بالكرتون الورقي،
 حنّت علي بعض العائلات أيضا لما جاء الشتاء ونزل المطر غرقت غرفتي، فجاء رجل منهم وسقّف غرفتي بالخشب، 
ماتزال نقاط المطر تنزل عليها ولكنها جيدة.
نظرت لها مبهوتا لا أعلم كيف أردّ، قلت بصوت خافت: منذ متى تُوفي والديّ؟
ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت: عشرة أشهر.
يا للهول، عشرة أشهر وأختي على هذه الحال!
 في الوقت الذي كنت فيه آوي إلى فراشي الدافئ كانتْ هي تنام دون غطاء أو فراش حتى، 
كانت تبتلُّ إذا أمطرت السماء ولا تجد من يجفف لها ملابسها، كم هذا قاس!
أمسكتُ رأسها ووضعته على كتفي وأنا أقول بندم مرير:
أنا آسف.. اعذريني.. أعلم أنني قصرت كثيرا معك، آسف جدا، 
ولا كلمة تستطيع أن تعبّر عن مدى أسفي وفي نفس الوقت أسفي لن يفعل شيئا لك يا رقية..
ثم نظرت إلى عينيها الباكيتين مجددا وأنا أقول بحزم:
 أعدك.. سوف أكون معك، بدءا من الآن! لن أتركك أبدًا!
_
 
 [رواية] أنا أكرهكم (23) DsCOmob

description[رواية] أنا أكرهكم (23) Emptyرد: [رواية] أنا أكرهكم (23)

more_horiz
[رواية] أنا أكرهكم (23) S4DOI7e
 
 وقفتْ رقيّة أمام حطب على الأرض في مواجهة حجرة صغيرة مبنية بالطوب والخشب بينما ظللت أتأمل المكان بتوجس وشفقة داخلي،
 سمعت أختي تقول وهي تحاول إشعال النار في الحطب:
 أتعلم؟ عندما ركض إلي ذلك العجوز وسألني ألست أخت بلال،
 لم أصدق ما قاله في البداية إلا حينما أشار إلى اتجاه بيتنا القديم وقال بانفعال: لقد عاد شقيقك!
لم أعلّق على ما قالته بينما هي تقول بتأثر وهي تنظر إليّ: أوه بلال، كم أشعر بالحنين إليكّ!
ابتسمتُ وأنا أشعر بنفس الحنين والألم، اقتربت منها حتى أصبحت أمام باب حجرتها، قالت بقلق:
 أأنت بخير يا بلال؟ أعلم أن العائدين من السفر يكونون متعبين.. 
وإضافة أنهم قد ضربوك، بإمكانك أن تستريح في داخل غرفتي.. أرجوك!
ضحكت مخففا عليها وأنا أزيل المنديل من أنفي، قلت لها مبتسما ببساطة:
 هل تقلقين عليّ؟ إنها لا شيء يا حبيبتي..
 ألا تذكرين المشاجرات التي كنت أخوضها دائما وتعالجينني أنت بالذات من بقية إخوتي.. 
هل تذكرين كمية الجروح التي كنت تضمدينها حينئذ؟
ضحكت من قلبها وهي تتذكر تلك الأيام، ثم قالت بمرح:
 لقد كنّا نسمّيك المعذّب في الأرض؛ فأنت أسوؤنا حظَّا دائما،
 أنت الذي تُضرب ودائما أنت الذي تحدث لك الحوادث الأليمة.
أطلقت ضحكة عالية وأنا أُكمل:
 وأنت دائما مُسعفتي الطبيبة التي كنت على علم بكل طرق العلاج.
آه كم شعرت بالراحة والسعادة وأنا أضحك مع أختي الحبيبة هذه الضحكات، لم نفعلها منذ سنين، 
لكن شعرت بغصة تملأ حلقي حين سمعتها تهمس بألم محاولة التماسك: 
وعدنان هو وزارة الخارجية، زهرة ونسمة هما أطفالنا!
تهربتُ من نظراتها، وأنا أخرج من حقيبتي ولّاعة وأسلمها لها قائلا بارتباك:
تفضلي.. أشعلي الحطب.
استرعى ذلك انتباهها الشديد وراحت تشعل النار في الحطب، وهي تكمل قائلة بسعادة: 
للتوّ قد استيقظت وحاولت إشعال النار لصنع الشاي حتى أُفطر، ولكن ذلك العجوز قد فاجئني.. 
والآن سأصنع لك الشاي يا أخي. أتمنى أن تسعد في منزلي المتواضع وطبخي المتواضع..
ثم ابتسمتْ ابتسامة واسعة وهي تلتفت إلي، سألتها: ألم تُفطري بعد؟
هزّت رأسها نفيًا، فجلست حول الحطب وأشرتُ لها بالجلوس، بينما وضعتْ إبريق الماء ليغلي، 
أخرجتُ أنا بضعة شطائر قد صنعتها عبير نجتْ من اغتصابهم..
 أه بيت بكر! لماذا أشعر أنه شيء بعيد المنال الآن! بعيد المنال جدا! أشعر أنني انتقلت لعالم آخر! عالم مختلف تماما.
قلتُ لها بلطف وأنا أقدّم الشطائر: إذن تناولي هذه.. ريثما أصنع لك أنا الشاي.
نظرتْ إليّ بقلق: وأنت ألن تأكل؟
قلتُ أطمئنها مبتسما: لا، لقد أفطرت في البيت.
عقدت حاجبيها وهي تقول بقلق: البيت؟ صحيح يا بلال أنا لم أعرف أين كنت تعيش خلال هاتين السنتين!
قلتُ لها مهوّنا: سأحكي لك ونحن نشرب الشاي، هيا أسرعي في الأكل.
هزّت رأسها موافقة وهي تلتهم الشطائر، يا لها من مسكينة، لابد أنها جائعة كثيرًا!
صدّقت إحساسي عندما رفعت عينيها إلي بسعادة وهي تقول: 
آه.. لذيذة! إنني لم آكل شيئا منذ ليلة البارحة!
ابتسمت بعطف وأنا أحمل الإبريق لأصب الشاي في كوبين قذريْن، لوهلة شعرت بالقرف منهما،
 لكنني تماسكت أمام رقية، فهذا كان الطبيعي لديّ قبل سنتين!
ولم أُرد أن أحرجها، خصوصا أنها قد جهزّت كوبًا مخصوصا لي،
 ووضعت فيه الشاي والسكر من فوق منضدة مهترئة صغيرة في حجرتها تلك!
قالتْ بشجن وهي تمسك كوبها وتتدفّأ به:
 آه.. كم كنت فاقدة للأمل حين رحلتَ، لم أدري أين ذهبت يا بلال، وحين سألت أبي راح يقول: فليذهب إلى الجحيم. 
أصبت بالانهيار، ولم أعد قادرة على تحمل صدمات فقدانكم جميعًا مرة واحدة!
شعرتُ بالأسف كثيرًا عليها، في الحقيقة لقد كانت حالتي أسوأ منها، لكنني بفضل الله ثم ذلك الرجل الرائع أصبحت حيًّا حتى الآن!
تنهدتُ في أسى وأنا أبتسم بحزن: الحمد لله، أننا مازلنا حتى هذه اللحظة أحياء.
نظرتْ لي رقية في خيبة أمل وكأنها تنوي المزيد من الفضفضة، فغيّرت موضوع الحديث قائلا: 
رقية لا أصدق أنك ما زلت طفلة، كل صلصلة الكاتشب التي كانت في الشطيرة على أنفك وحول فمك تتجوّل!
قلتُها بطريقة كوميدية وأنا أضحك وأناولها منديلًا، لكنها أُحرجت كثيرا وهي تمسك المنديل بخجل!
 آه يا ربي.. كم أنا أحمق، لقد جرحت مشاعرها!
بعد أن مسحت وجهها ظهرت بشرتها البيضاء المتقشفة، نظرت باضطراب إلي وهي تقول: إذن.. أين كنت؟
اقتربت منها في جلستي وأنا أقول بجدية: هذه قصة طويلة، أريد الاطمئنان عليك أولا!
شربتْ رشفة من كوبها وهي تنظر لي في اهتمام، فسألتها بقلق: هل أنت متدفئة بهذه الملابس؟
قالت: نعم، كما ترى ملابسي ممزقة، لكن بين كل شهر وشهر أجمع أكوام ملابس ممزقة ومهترئة من أهل القرية،
 وأخيط بعضها ببعض حتى تصلح للاستخدام، وهي تدفئني دائما، لا تقلق يا عزيزي.
ثم ابتسمت ابتسامة جميلة شعرت بالدفء بسببها، قالت لي فجأة: 
بلال.. لم لا تشرب من كوبك؟
لاحظتُ أنني لم أرشف رشفة منه مذ صبّتُه، قررت شربه في جرعة واحدة لأنني أعلم نفسي إذا قرفتْ من شيء فلن أتحمّله طويلًا،
 حاولت شربه لكني صُدمت بطعمه الفظيع. وفي نفس اللحظة أبعدت وجهي عنها وتقيأت ما شربته.
تركتْ كوبها جانبا واقتربت مني في فزع: بلال.. ما بك؟ أأنت مُصاب بالبرد؟!
أخرجت عدة مناديل من حقيبتي وأنا أمسك فمي باليد الأخرى، مسحت فمي وأنا أشعر بالندم لأنني سببت لها كل هذا القلق، قلت لها:
 لست مصابا بالبرد.. لكن..
قالت بلهفة: لكن ماذا؟
أكملت وأنا أنظر إلى عينيها برجاء: أرجو أن تفهميني.. لقد كنت أعيش في مستوى آخر طيلة هاتين السنتين!
فتحتْ فمها ونظرتْ إلي بذهول، ورددت: مستوى آخر؟ مستوى كالأغنياء مثلا؟!
قلت بصوت متقطع لاهث: نعم. أو ما يشبهه، المهم أنني لم أكن معتادًا على طعم الشاي، إنه ذنبي أنا وليس ذنبك أنت!
كنت أحاول تقديم تبريرات أكثر لكيلا أشعرها بالحرج وكم كرهتُ نفسي حينها!
 لكنها اقتربت وهي تمسح بيدها على بنطالي النظيف وهي تقول مبتسمة تخفي ألم داخلها: 
هكذا! منذ جئت وأنا أرى ملابسك الفخمة ورائحتك العطرة، وشعرك المهذب، يا لك من رائع!
ثم ضحكت وهي تبعد يدها عن ملابسي قائلة بمزح: أخشى أن أوسخها لك بسبب يدي!
لكنني صرخت وأنا أشعر بكلماتها سكاكين حادة تقطعني: بالطبع كلّا.. أيتها الحمقاء! كيف تفكرين بهذه الطريقة؟
كنت على وشك البكاء والانهيار، حقا لم أعلم كيف أعبّر عن ردّة فعلي، إلا أنني هتفتُ بجنون وأنا أمسك رأسي: 
لا تفكري بهذه الطريقة أرجوكِ، سوف أموت!
كانت الغصة التي في حلقي، تكبر وتكبر، حتى أُصبت بالاختناق، أنزلتُ رأسي في حجرها وأنا على وشك البكاء.. 
هتفت هي في هلع: بلال.. ما بك؟ لمَ تصرخ؟!
لم أتمكن من الرد، بل انهمرت دموعي أخيرا وأنا أستنشق رائحة ملابسها السيئة، واعتبرته عقابًا لي.. 
رفعتْ هي رأسي بيديها وهي في قمة الحيرة والقلق هاتفة: بلال.. ردّ علي! ماذا يحصل لك!
نظرتْ إلى دموعي بانهيار وهي تغمغم بألم: هل أنا سبب هذه الدموع!؟ هل حزنت لأنني اعتبرتك شخصا مختلفًا عني؟
لم أتمكن من نطق أي كلمة سليمة وسط هذا الاختناق إلا أن أقول بنحيب: أنا.. آسف!
لكنها قالت هي الأخرى بانفعال:
 علامَ تتأسف؟ أنت منذ جئت وأنت تراعيني بشكل لا يُصدق، حتى رائحتي العفنة التي يبتعد عني كل الناس بسببها،
 تحمّلتها أنت وكأن شيئا لم يكن! وكأنك لا تشم أي شيء منّي.. 
هذا بحد ذاته جعلني أطير من الفرحة، وجعلني مُحرجة جدا وحزينة جدا أنك مضطر لتحمل كل هذا! 
ولكنني أقُسم لك يا بلال أنني أفعل هذا رغمًا عنيّ!
هدأتْ شهقاتي قليلًا وأنا أنظر إليها بتوسل وامتنان، إنها مُنقذتي ممًّا أعانيه الآن، ابتسمتْ هي لي مُكمِلة:
 عليّ أن أحكي لك كل شيء يا عزيزي ولكن بعد أن تمسح دموع الأطفال هذه،
 الآن رأيت دموعك وعرفت أنك ما زلت بلال القديم.. مازلنا نفهم بعضنا جيدا.. 
هيا لا تجعلني أتقيّأ عليك الشطائر لأنني لست معتادة على طعمها اللذيذ أيضًا!
ثم غمزتْ لي مازحة فابتسمت وسط دموعي لأول مرة، مع أنني في الداخل صُدمت، أي طعام تأكلُه إذن؟
 أخذت وقتا حتى هدأت واستمعت لها بهدوء ثم قلت: إذن احكِ لي كل شيء.
نظرتْ إليّ وعلى وجهها الهمّ، فساعدتُها على الحديث مستفسرًا: لماذا تقولين إنك مضطرة لذلك؟
تنهدت بأسى وهي تقول:
 نعم. منذ أن توفي أبي وأمي وأنا لا ملجأ لي، حتى البيت قد تُدّمر، ولأنني فتاة، فقد قرر بيت العمدة أن يضمنّي إليه!
قلت بدهشة: عمدة القرية؟
قالت:
نعم، دخلت تلك العائلة المتفاخرة بنفسها، تحممت وأكلت ولبست ثيابا جميلة، كنت سعيدة وتطمئنت أن هناك أهل خير في هذه الدنيا،
 جاءت زوجته وهي تشع حقدًا وغلًّا وتقول إن العمدة يريد أن يتزوجني.. وهذا هو الشرط للبقاء هنا.. 
كان العمدة جالسا على مائدة الطعام ونحن نأكل ولم يكف عن التحديق بي.. 
وأمر زوجته أن تخبرني بذلك، لقد كان رجلا جاوز الستين، عجوز خبيث!
فتحت عيني بأكملها وهتفت ذاهلا: وماذا فعلت؟
أكملت بقوة:
بالطبع رفضت ذلك رفضًا شديدًا، وأعلنت عصياني لعمدة القرية، هددوني بأنني سأطرد ولن أجد ملجأ لي؛ 
فالعمدة سيأمر أهل القرية جميعهُم بألا يساعدوني، لكنني فضلت ذلك على الزواج من رجل مثله وأنا ما زلت في الخامسة عشرة.
ثم تنهدت بحسرة:
 وكما ترى، بالفعل، طُردت من منزله، وامتنع أهل القرية جميعًا عن مساعدتي خوفًا من عقابه، 
وإضافة إلى هذا العقاب، كان شباب القرية القذرين يضايقونني حتى أهرب من هذه القرية أو أوافق على قرار العمدة.. 
ولم يكن أحد يمنعهم، فالجميع يحمل في قلبه الغضب علي لأجل ما فعله والدي!
كانت الدماء تغلي في عروقي، كانوا يضايقونك! أين كنتُ أنا حينئذ؟ تبَّا لي، إنني لا أستطيع النظر إلى عينيها الآن.. 
هل أُعتبر أخًا كبيرا حقا، ألا تنظر لي الآن نظرة ازدراء!
قالت هي بابتسامة باهتة: 
لقد غطست في مياه الصرف الصحيّ، ومنذ سبعة أشهر لم أستحم، في البداية لم أكن أستطيع تحمّل رائحتي، 
لكن الذي كان يصبّرني أن لا أحد من الرجال استطاع لمسي، 
وعشت بسلام وأمان أمشي في شوارع القرية والجميع يبتعد عني ولا يطيقني بسبب الرائحة..
ثم ضحكت بانتصار وقالت بمرح:
ما رأيك بأختك!
قلت بانفعال: أنت بطلة!
ابتسمت بفرح وهي سعيدة لثنائي، فقلت بصوت مرتجف من شدة الغضب: 
رقيّة.. من الآن فصاعدًا، لا أحد سيلمسك، لا أحد سيقدر على ذلك ما دمت معك، وسنغادر هذه القرية الحقيرة،
 ولكن بعد أن أجمع مبلغًا من المال يمكننّا من السفر إلى مدينة أخرى!
نظرتْ إلي بدهشة فرحة غير مصدقة، لقد كانت تحتاج هذا كثيرا، لقد عاشت فتاة وحيدة لعشرة أشهر بين أهل هذه القرية الغبية، كم هي قوية!
صرخت بفرح وهي تعانقني في سعادة، كِدتُ أصاب باختناق تنفس وأنا أتحسس شعرها بيدي، 
لكنني كنتُ مبتسمًا من داخلي في الحقيقة..
أعدك يا رقية، سأعوّضك.
ابتعدت عني وهي تهتف في نشاط: إذن، تعال لنخطط في داخل حجرتي.
 سحبتني من يدي إلى داخل غرفتها، شعرت بآلام مفاجئة في مفصل يدي وهي تٌشدّ، تأوهت بألم، فالتفتت إلي قلقه: ماذا بك؟
قلت مبتسما: لا شيء، فقط شدّتُك كانت قويّة على يدي، يبدو أن عضلاتك أقوى منّي..
ضحكت في مرح وهي تُرخي يدها: لا تمزح معي، أنت لن تجعل فتاة سعيدة حينما تمدح عضلاتها!
ثم قامت برفع كمّي إلى الأعلى وهي تنظر إلى يدي بدهشة قائلة بغضب: هكذا! تقول إنها عضلاتي هي السبب! يدك كلها كدمات!
مططتُ شفتي وتنهدت قائلا: ليس ذنبي..
رفعت يدي قائلة بقلق: حقا يا بلال! لقد أخبرني العجوز أنهم ضربوك ولكنني لم أعرفهم بهذه الشراسة..
تذكرتُ ذلك الرجل الذي كان يقف ويلوي يدي خلف ظهري، لقد كان وحشا معي كأنني قتلت ابنه.
 تركتُ يدها بهدوء وأنزلتُ كمي قائلا: لا تهتمي لهذا.. 
ثم هتفتُ بحماس: دعينا ندخل لنخطط ماذا سنفعل في الأيام القادمة معًا!
فتحت فمها لتقول شيئا ثم امتنعت عن ذلك وابتسمت ودخلت الحجرة، كان عليّ أن أنحني لأدخل،
 جلست على أول وسادة مهترئة رأيتها أما رقية فقد أكملت حتى وصلت إلى صندوق كرتوني كبير،
 فتحته وهي تبحث عن شيء ما، كنت أنظر إليها لعدة دقائق حتى سألتها بحيرة:
 رقية.. عمّ تبحثين؟
رفعت يدها بعلبة وهي تقول في فرح: ها قد وجدته!
جلست أمامي مباشرة وهي تفتحها، ثم أخرجت منها لفافة ضماد، وابتسمت ابتسامة كبيرة.. نظرتُ لها عاقدًا حاجبيّ: 
ألم أقل لك لا تهتمي؟
قالت بانزعاج: ولم تكره اهتمامي هكذا.. يا أخي مدّ يدك.. هيا!
زفرت بحرارة وأنا أمدّ لها يدي، أنا أعلم أنها كدمات لا تحتاج إلا لمرهم أو زيت،
 لكنني سكتت وأنا أراقبها تضمد يدي بسعادة، قائلة: 
هذه علبة صغيرة وجدتها مرميّة في الشارع، لقد أخذتها لمعرفتي أنني سأحتاج إليها لاحقا.
ثم قالت بحسم: هيا.. يدك الأخرى!
نفذتُ أوامرها وأنا أراقبها في داخلي بسرور، علّقت قائلة: هذا غريب، يدك الأخرى لا تعاني إلا من كدمة بسيطة.
ابتسمت:
 آه، نعم، الأولى ضُربت أكثر. 
نظرت باستغراب مجددا إلى الكدمة وهي تضمدها، حين انتهت، قلتُ بإعجاب: شكرًا أيتها الطبيبة الماهرة.
ضحكت وهي تُعيد الضمادة إلى الصندوق حالمة تقول: يااه، كم كنت أتمنى أن أصبح طبيبة ذات يوم!
ثم قالت بخيبة أمل: ولكن يبدو أن هذا الحلم لن يتحقق!
قلت باهتمام: لمَ؟
قالت ببديهية: كيف سأكون طبيبة وأنا لم أتعلم القراءة والكتابة حتى!
ابتسمت بهدوء: أنا سأعلّمك!
هتفت بدون تصديق: هل تعلمت القراءة والكتابة؟ حقا؟!
أخرجت الكتب من حقيبتي وأنا أضحك: 
نعم.. حقًّا وسوف أعلّمك بإذن اللهّ! نصلّي الظهر فقط ونبدأ التخطيط والتعليم.. اتفقنا!
_


مرّ الوقت سريعا، تعلمنا بعض الحروف ورقية في قمة النشاط والسعادة، 
بعدما صلّيت العصر كنت أنوي إكمال التعليم لكنني نمت على نفسي ولم أستطع مقاومة النعاس!
كنت أحلم بالظلام، حتى وصلت إلى نقطة بيضاء ودخلتها فإذا عدنان موجود، بجانبه زهرة ونسمة، حاولت الركض إليهم لكنني سقطت،
 قمت فزعًا، وأنا ألهث، وجدت الحجرة غارقة في الظلام مرة أخرى!
ظللت ألهث ثم سمعت صوت رقية القلق: بلال! ما بك!
أوقدتْ ضوءًا بسيطًا من لمبة ضعيفة جدا في أعلى الحجرة، بمجرد أن نظرتُ إليها فتحتُ عيناي عن آخرها!
تراجعتُ إلى الخلف، سألتها: رقية.. هذا أنت؟
ضحكتْ بمرح وهي تهزّ رأسها: نعم.. أنا!
تراجعت أكثر زاحفًا، لقد صُدمت في الحلم، ثم أُصدم في اليقظة! هذا كثير!
هتفتْ هي بخوف: انتبه خلفك!
لكنني لم أنتبه وارتطمتْ رأسي بمسمار حاد كان مغروسا في الجدار، أمسكتُ رأسي وجلست أتأوه، 
اقتربتْ هي منّي، وشعرت بأنفاسها، لقد تغيرت رائحتها، أصبحت عطرة!
رفعت رأسي وقلت لها بألم: كيف تغيرت هكذا أثناء نومي؟
ابتسمت هي بدلال قائلة: لقد أصبحت أمتلك حارسا لن يجعل أحدًا يلمسني، لذا فلا داعي لتحمّل كل هذا الوسخ.
وزادت بسمتُها وجههَا إشراقًا، لقد تبدّلت تماما، لقد ظننتها فتاة أخرى!
إنها الآن تملك بشرة بيضاء مُشرقة، وعينين بنيتين واسعتين، لقد أزالت تلك الشحوم السوداء.
 شعرها الأسود الناعم يلتف حول وجهها بتموجات خفيفة، ترتدي ثوبًا واسعا مزخرفًا.
ظهر على وجهها الأسف وهي تقول: اعذرني على هذا المسمار.
تنهدت: لا بأس، أنا كنت مصدوما وقليل التركيز، هذه غلطتي.
ابتسمتُ لها أخيرًا فقالت بنعاس وهي تفرك عينيها: لقد دخلت للتوّ وكنت على وشك النوم.
تأملت تلك الاسفنجة الوحيدة التي كنت أنام عليها، هذه الحجرة صغيرة جدا، علينا أن ننام متلاصقين إذن! 
كانت الساعة الحادية عشرة، قمت سريعا لأصلي المغرب والعشاء، حاولت الصلاة خارج الحجرة لكن البرد كان صاعقًا،
 اضطررت للصلاة في الداخل وأمامي رقية نائمة..
تذكرتُ ذلك الحديث الذي قرأته مرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصلّي في حجرة عائشة،
 ولا مكان كاف لكي يصلّي ويسجد، فكان يقف ويصلي وهي نائمة أمامه ثم إذا جاء للسجود غمزها لترفع قدمها أو كما قرأت..
 كم هذا لطيف، هذا الحديث.. يسلّي من هو مثلي ومثل رقية.



Spoiler :



عندما استيقظنا فجرًا، جلستُ أقرأ الورد الخاص بي ثم أيقظت رقية لأخبرها أن علينا الرحيل الآن.. سنترك هذا المكان.
جهزنا حقائبنا، سألتني ونحن نخرج: أين سنذهب الآن؟
قلتُ لها بتفكير عميق:
 لقد قرأت عندما دخلت القرية إعلانًا عن مصنع فُتح قبل عدة أشهر ويحتاج عُمّالا للعمل فيه،
 لم يلفت انتباهي لأنني كنت أملك مالا، لكن الآن، يجب أن أعمل لنجد ثمن خروجنا من هنا!
وافقتني بإيماءة من رأسها، سمعت صوت بطني يئن من الجوع، لم آكل شيئا منذ البارحة!
 نظرتُ إلى أختي بعطف، لابد أنها عانت من الجوع كثيرًا.
كان الجو باردًا جدا وكنت أرتجف رغم ارتدائي معطفا، وأعتقد أن أختي كانت كذلك، شفتاها زر قاويتان من البرد.. 
لا بأس سنقترب من المصنع الذي أُنشئ على أطراف القرية.
لكن سمعتها تقول بارتعاش: بلال.. أنت جائع وبردان أليس كذلك؟
نظرت لها باستفسار، فهذه مقدمة لموضوع ما، فأكملتْ بهدوء:
بالأمس حين أردت الاستحمام، ألم تفكر أين ذهبت لأستحم؟
عقدت حاجبي بدون علم، فقالت: 
لقد كانت جارتي الملاصق بيتُها لحجرتي، تساعدني في الخفاء، تعطيني بضعة شطائر 
وعدّة أغطية، كانت تسمح لي بدخول الحمام عندها.
ثم أشارت إلى جهة العودة قائلة برجاء:
أرجوك تعال لنرجع، سوف أطلب منها ذلك.
قلت بصرامة: لا.
لكنها أمسكت يدي الباردة، قائلة بتوسل:
أرجوك.. بلال، أنت أيضا ترتجف.. ولم تأكل من البارحة وأعلم أنهم سرقوا أموالك. 
سوف أطلب منها ذلك كـ دين! وسنردّه لها فيما بعد.
نظرتُ إليها بتردد، في الحقيقة أنا لا أخاف على نفسي، ولكنني قلق عليها هي، إذن..
قلت لها: حسنا. أوافق.
لم أستجب لدعوتها المتكررة أن أدخل منزل تلك الجارة، وقفت في الخارج وأنا أسمع صوتين. 
عندما خرجتْ كانت مسرورة وهي تحمل كيسا بلاستيكيًّا، ومعطفًا وقفازين..
قلتُ بصوت عال لكي تسمعني الجارة من الداخل: نحن آسفون كثيرا على الإزعاج، أكرمكِ الله.
ابتسمت رقية على تعليقي والجارة تقول: إنها لا شيء.. معذرة على قلّة المساعدة، حفظكم الله.
أمسكت رقيّة المعطف وسلّمته لي قائلة: تدفأ أنت بالمعطف.
قلت بهدوء: لا.. أنت ارتدي المعطف، أنا سآخذ هذه.
أمسكت القفازات وارتديتها، ابتسمتْ وهي تلبس المعطف وتتدفأ،
 في الطريق جلسنا على جانب وأكلنا فطائر الجُبن التي في الكيس، ثم أكملنا الطريق.
 
 [رواية] أنا أكرهكم (23) DsCOmob

description[رواية] أنا أكرهكم (23) Emptyرد: [رواية] أنا أكرهكم (23)

more_horiz
بسم الله الرحمـن الرحيـم

السـلام عليـكم و رحمة الله تعــآلى و بركآته

أهـلآ بالمبدعة جـوري ~ كيف حالكـ ؟ آمل أن تكوني بخيـر ^^

~

هواااه .. ما الذي يحدث ؟؟ ابن محتال أجل ..

لكن ماذا حدث لعائلته ؟ حدثت أمور فظيعة في غيابه على ما يبدو ..

" والدك كان يملك ثلاثة ملايين جُنيه تحت بيته أيها القذر! كلها من أموالنا..
كلها قد أخذها بدافع الشفقة، لقد كان أغنى واحد في القرية دون علمنا!
"

أجل .. كما هو متوقع من ذلك الوالد الشحيح الوغد ..

كل من في القرية ضد بـلال و أهله الآن ..

كما أنهم سرقوا كل ما تعب في تجميعه لمدة سنتيـن كاملتيـن ><

أخيـرا بلال التقى بأخته بعد كل هذا الوقت >< لقاؤهما كاوايي ~

" ثم همست بصوتها المرتجف الحزين: لقد ماتوا.. مات أبي وأمي.. "

هييييييه .. حقا ؟؟ نوعا ما أنا سعيدة بالأمـر هههههه

لكن رقية المسكينة عانت الكثير في غيابهمـا ..

و عاشت 10 أشهر في تلك الحالة المزريـة ><

" ثم نظرت إلى عينيها الباكيتين مجددا وأنا أقول بحزم:
أعدك.. سوف أكون معك، بدءا من الآن! لن أتركك أبدًا!
"

كاواييي.. هو يتصـرف كأخ كبير حقيقي الآن ~

" أرجو أن تفهميني.. لقد كنت أعيش في مستوى آخر طيلة هاتين السنتين! "

خخخخخخخخ لم يستطع التحمل في النهاية XD

من يعتاد على العيش في مكان فاخر فمن الطبيعي أن لا يتأقلم مع الفقر مجددا ..

آآآه رقيـة .. المسكينة .. مرت بأشياء فظيعـة حقا ..

لكن لا حاجة للقلق بعـد الآن فبـلال هنا ^^

" لقد كان رجلا جاوز السنتين، عجوز خبيث! "

الستين *

+ تبا لهذا العجوز الوغد ..

" لقد غطست في مياه الصرف الصحيّ، ومنذ سبعة أشهر لم أستحم، في البداية لم أكن أستطيع تحمّل رائحتي في البداية،
لكن الذي كان يصبّرني أن لا أحد من الرجال استطاع لمسي،
وعشت بسلام وأمان أمشي في شوارع القرية والجميع يبتعد عني ولا يطيقني بسبب الرائحة..
"

و أنا كنت أتساءل كيف استطاعت النجاة من هؤلاء الذئاب لمدة 10 أشهر

ذكية يا رقية أرفع لها القبعـة ~ عرضها فوق كل شيء ~

آآخ من الجميل حقآ رؤية شقيقها معها الآن .. على الأقل ستقل معاناتها ^^

كآآآآآه كم أعشششق مواقف الاخوة ><

بلال و رقية في قمـــــــــــة الظـرآآآآآآآآآآآفة

موقفهما جعلني أبتسم بكل سعادة ~

كان فصلا جميلا و لقاء لطيفا بين الأخ و أخته

متشوقة كثيرا لقراءة المزيد من مغامراتهما ~

~

شكـرا على الفصـل الرائـع

سلمت أنآملك | تقييـم + بنـر

بانتظار مواضيعك القادمة على أحر من الجمر

في أمـآن الله و حفظـه

[رواية] أنا أكرهكم (23) 866468155

description[رواية] أنا أكرهكم (23) Emptyرد: [رواية] أنا أكرهكم (23)

more_horiz
Akatsuki كتب:
بسم الله الرحمـن الرحيـم

السـلام عليـكم و رحمة الله تعــآلى و بركآته

أهـلآ بالمبدعة جـوري ~ كيف حالكـ ؟ آمل أن تكوني بخيـر ^^

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلا يا فجر الحلوة ^^ كيف حالك أنت؟


~

هواااه .. ما الذي يحدث ؟؟ ابن محتال أجل ..

لكن ماذا حدث لعائلته ؟ حدثت أمور فظيعة في غيابه على ما يبدو ..

" والدك كان يملك ثلاثة ملايين جُنيه تحت بيته أيها القذر! كلها من أموالنا..
كلها قد أخذها بدافع الشفقة، لقد كان أغنى واحد في القرية دون علمنا!
"

أجل .. كما هو متوقع من ذلك الوالد الشحيح الوغد ..

كل من في القرية ضد بـلال و أهله الآن ..

كما أنهم سرقوا كل ما تعب في تجميعه لمدة سنتيـن كاملتيـن ><

نعم كل هذا بسبب أبيه [رواية] أنا أكرهكم (23) 1232301502

أخيـرا بلال التقى بأخته بعد كل هذا الوقت >< لقاؤهما كاوايي ~

" ثم همست بصوتها المرتجف الحزين: لقد ماتوا.. مات أبي وأمي.. "

هييييييه .. حقا ؟؟ نوعا ما أنا سعيدة بالأمـر هههههه

[رواية] أنا أكرهكم (23) 1508887074 [رواية] أنا أكرهكم (23) 1508887074 [رواية] أنا أكرهكم (23) 1508887074 [رواية] أنا أكرهكم (23) 1508887074  لن تصدقي أني جعلتهم يموتون انتقاما أيضا لأرتاح منهم

لكن رقية المسكينة عانت الكثير في غيابهمـا ..

و عاشت 10 أشهر في تلك الحالة المزريـة ><

نعم هذا صحيح [رواية] أنا أكرهكم (23) 308850488

" ثم نظرت إلى عينيها الباكيتين مجددا وأنا أقول بحزم:
أعدك.. سوف أكون معك، بدءا من الآن! لن أتركك أبدًا!
"

كاواييي.. هو يتصـرف كأخ كبير حقيقي الآن ~

يا حليله وهو اخ كبير [رواية] أنا أكرهكم (23) 386884657 I love you

" أرجو أن تفهميني.. لقد كنت أعيش في مستوى آخر طيلة هاتين السنتين! "

خخخخخخخخ لم يستطع التحمل في النهاية XD

من يعتاد على العيش في مكان فاخر فمن الطبيعي أن لا يتأقلم مع الفقر مجددا ..

نعم والعكس صحيح أيضا

آآآه رقيـة .. المسكينة .. مرت بأشياء فظيعـة حقا ..

لكن لا حاجة للقلق بعـد الآن فبـلال هنا ^^

قصدك أنا هنا [رواية] أنا أكرهكم (23) 454232214 هههههههههه

" لقد كان رجلا جاوز السنتين، عجوز خبيث! "

الستين *

شكرا على التعديل I love you

+ تبا لهذا العجوز الوغد ..

" لقد غطست في مياه الصرف الصحيّ، ومنذ سبعة أشهر لم أستحم، في البداية لم أكن أستطيع تحمّل رائحتي في البداية،
لكن الذي كان يصبّرني أن لا أحد من الرجال استطاع لمسي،
وعشت بسلام وأمان أمشي في شوارع القرية والجميع يبتعد عني ولا يطيقني بسبب الرائحة..
"

و أنا كنت أتساءل كيف استطاعت النجاة من هؤلاء الذئاب لمدة 10 أشهر

ذكية يا رقية أرفع لها القبعـة ~ عرضها فوق كل شيء ~

نعم فعلا

آآخ من الجميل حقآ رؤية شقيقها معها الآن .. على الأقل ستقل معاناتها ^^

كآآآآآه كم أعشششق مواقف الاخوة ><

بلال و رقية في قمـــــــــــة الظـرآآآآآآآآآآآفة

موقفهما جعلني أبتسم بكل سعادة ~

سعيدة بأنني كتبت شيئا جعلك تبتسمين  I love you I love you I love you

كان فصلا جميلا و لقاء لطيفا بين الأخ و أخته

متشوقة كثيرا لقراءة المزيد من مغامراتهما ~

أبشري  [رواية] أنا أكرهكم (23) 454232214 [رواية] أنا أكرهكم (23) 1508887074  كلها مغامرات في الفصول القادمة

~

شكـرا على الفصـل الرائـع

سلمت أنآملك | تقييـم + بنـر

بانتظار مواضيعك القادمة على أحر من الجمر

في أمـآن الله و حفظـه

[رواية] أنا أكرهكم (23) 866468155





بل الشكر لك أنت على هذه الردود الرائعة


أنرت الفصل  [رواية] أنا أكرهكم (23) 3746313665 
 KonuEtiketleri عنوان الموضوع
[رواية] أنا أكرهكم (23)
 Konu BBCode BBCode
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
replyإرسال مساهمة في موضوع
remove_circleمواضيع مماثلة