The Best
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

The Bestدخول
●● إعلانـات ●●
إعلانك هنا إعلانك هنا إعلانك هنا
إعـلانـات المنتـدى

إحصائيات المنتدى
أفضل الاعضاء هذا الشهر
آخر المشاركات
أفضل الاعضاء هذا الشهر
94 المساهمات
77 المساهمات
73 المساهمات
49 المساهمات
23 المساهمات
19 المساهمات
18 المساهمات
16 المساهمات
15 المساهمات
11 المساهمات
آخر المشاركات




×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Empty[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين XIv6qU7
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين WDY09Wy
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم؟ إن شاء الله بخير ~
أهلا بكم في أطول فصل بتاريخ الرواية حاليـا (و على الأرجح إطلاقـا)
صحيح أنني قلتُ بأنه فصل مزدوج لكن بصراحة... هو بطول حوالي ثلاثة فصول XD
لذا اعتبروه هديتي لكم قبل الفراق المؤقت في الحرب لأنني لن أقوم بنشر أي فصول خلالها ~
آمل أن يجيب هذا الفصل على بعض تساؤلاتكم و يعطيكم فكرة عما هو قادم [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1887442045
و طبعا جزيل الشكر لـ آكا-تشين لخوضها في هذا الشيء الضخم معي Very Happy I love you
[ جواب الفصل السابق ] : القسم الأول لينا، القسم الثاني يايث ~
انبهرت و سعدت عندما خمنت آكا-تشين الإجابة الصحيحة من أول محاولة [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 3666797887 I love you
المهم لن أطيل عليكم أكثر و أترككم للقراءة ~
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين DWtOdT6
دوريان.

دوريان لم يقرأ اليوم و لو صفحة واحدة، رغم تظاهره عكس ذلك منذ الصباح، مبقيا كتابا بين يديه. الكتاب الأخير الذي قدمه تورسييل إليه،

و على الأرجح آخر واحد سيقدمه إليه في حياته.

لم يغمض له جفن الليلة الماضية كذلك، و قد كان شاكرا للصحبة التي حظي بها، للتشتيت، حتى لو لم يسر كل شيء بسلاسة.

أولا تورسييل الذي ظل معه بعد أن ضمد جراحه من جديد و جدل شعره، ملمس خصلاته البيضاء بين أصابع دوريان أيقظ فيه المزيد من

ذكريات الماضي. هذه المرة كانت ذكريات جميلة، ذكريات لخصلات بنفس اللون تنتمي لشخص آخر، ذكريات تداعب أوتار قلبه بلطف،

تاركة خلفها ابتسامة حزينة على شفتيه.

أخته، بيليند، كانت تملك شعرا كهذا، أبيض و طويل، ليس حريريا تماما لكن ليس شائكا لدرجة مؤلمة، و كانت تحب أن تقسمه

قسمين و تربط كل منهما على طرفيّ رأسها. لم تتمكن يوما من إتقان الجديلة بنفسها، لذا كان على دوريان أن يفعل ذلك لأجلها

على الدوام، أحيانا منزعجا من اعتمادها المستمر عليه.

تمنى لو أنه لم ينزعج منها مطلقا، لو أنه لم يرفض عروضها للعب فقط لأنه كان يحاول إرضاء والدهم الذي لا يرضى،

لو أنه لم يضيع أي لحظة أمكنه قضائها معها.

حتى ضمن النبلاء، كانت عائلته أشهر من غيرها لأسباب لا يطيقها دوريان، فرغم أن ذلك كان منذ زمن بعيد،

إلا أن ما اقترفه أسلافه لم يُمحى من صفحات التاريخ.

من الصعب فعل ذلك، فبعد كل شيء لقد كُتب ذلك التاريخ بدماء ضحاياهم، العائلة التي و برغم امتلاكها القدرة على جعل معظم

المخلوقات تعترف بأعماق أسرارها، إلا أنها لم تستغني عن اللجوء لأبشع أنواع التعذيب، و السبب وراء ذلك بسيط بشكل مقرف:

آل رورك القدماء كانوا مجموعة من الوحوش السادية.

جيل بعد جيل، أخذت عائلة دوريان تبتعد عن استحقاقها الأوصاف التي أطلقها عليها التاريخ، لكن من المستحيل أن يُمحق التأثير

بالكامل، و قد رأى دوريان الصغير هذا في عينيّ والده القاسيتين.

مثل بيليند، فإن أباه قد امتلك شعرا أبيض طبيعيا و عينين بزرقة السماء الصافية، لكن على عكس أخته فإن تلكما العينين لم تحملا

تلك اللمعة المجنونة الدافئة، بل تسمرتا في نظرة ذات برود و صرامة لا تتزعزع. ربما كانت هنالك فترة ارتخت فيها تلك العينان،

فترة ما قبل فراق ديكلان رورك عن والدة دوريان، لكنها مُحيت من ذاكرة دوريان ذي الست سنوات في اليوم الذي عاد فيه والده

إلى قصرهم، لأول مرة غير مصحوب بزوجته.

مملكة زورميث كانت لا تزال في خضم حروبها مع البلدان الصغيرة التي تلامس حدودها، حروب اندلعت منذ اختفاء الـ فان قبل عدة

عقود، و قد كان واجب كل من يقدر على القتال، بالأخص من العائلات النبيلة، أن يشارك في إنهاء تلك الحروب. لذا و بطبيعة الحال

فإن رجلا مثل ديكلان رورك كان من أوائل الملتحقين، و المرأة التي تزوجها، حورية محاربة أجنبية، كانت بجانبه في كل خطوة،

إلا في الخطوة الأخيرة... فقد تقدمت أمامه و تلقت ضربة قاضية لأجله.

بيليند كانت في الثالثة يومها، و عندما أخبرها والدهما أن أمهما لن تعود مطلقا، انهارت بجانب دوريان على أرضية المدخل،

يداها الصغيرتان تتدليان على جانبيها بينما انهمرت دموعها بغزارة و تردد صوت بكائها في أرجاء القصر.

سرعان ما حملها والده بذراع واحدة لتدفن وجهها في كتفه و تواصل البكاء بحرقة متشبثة بملابسه، أما يده الأخرى فقد امتدت

لتحط على رأس دوريان الذي أبقى عينيه على الأرض، يصر على أسنانه و يحكم إغلاق قبضتيه.

ما إن أخذ كتفاه يرتجفان حتى سمع أباه يقول بجدية من فوقه:

-"أمك فعلت ما عليها لحماية هذه العائلة النبيلة. لذا لا تبكي، دوريان. عليك أن تكون جنديا و رجلا."

دوريان أراد أن يفعل عكس ذلك تماما، أراد أن يرتمي في حضن والده تماما مثل أخته و أن يبكي حتى تجف دموعه.

لكن والده مَحَق رجاءه فورا، بصوت يكاد لا يكون مسموعا وسط شهيق بيليند استطرد:

-"لا حق لنا أن نضعف بعد تضحيتها، أتفهم؟"

حينها رفع دوريان رأسه نحو أبيه لتقابله نظرة هذا الأخير الصاعقة، نظرة جعلته ينتصب واقفا و يبلع ريقه و حزنه بالكامل،

ثم يخفق رأسه في هزة موافقة.

مشاعره لا تهم، بل هي آخر ما يهم الآن. أمه تركت له واجبا و عليه الاستعداد لإنجازه على أكمل وجه، لذا لا يمكنه أن يسمح

لنفسه برغبات تافهة كالمواساة، هذا ما قرره دوريان حينها... رغم ذلك لم يكن مستعدا تماما عندما تركت يد والده رأسه.

تلك كانت آخر مرة أظهر ديكلان رورك أي نوع من المواساة أو العاطفة تجاه ابنه، و كانت أيضا بداية انعزال دوريان عن أقرب الناس إليه،

بداية الفجوة التي خُلقت بينه و بين أخته، بداية النظرات القاسية غير الراضية التي رمقه بها والده يوميا، أو على الأقل في الأيام التي

لا يقضيها هذا الأخير على أرض المعركة.

الآن بينما يتذكر دوريان تلك الفترة، فإنه يكاد يضحك على سخرية الأمر. عندما تواجد أبوه كان دوريان ينتظر رحيله بفارغ الصبر،

لكن سرعان ما يرحل فإنه يمضي وقته بالدعاء لعودته السالمة.

العائلة شيء مزعج. دوريان فكر الآن بأنه لا بد و أن تلك هي الرابطة التي تجمع الـ فان، و إلا لما تحملوا بعضهم طوال تلك المدة.

أصدر صوت تهكم عند تذكره شخصية موريت فان التي لا تُطاق.

-"ماذا هناك؟" سأل تورسييل رافعا رأسه نحوه.

دوريان لم يجب، و تورسييل لم يسأل من جديد..

أمضى الاثنان الساعات المقبلة يتحدثان عن شتى المواضيع. تبادلا الإهانات المخفية كالعادة، و حتى بعض المديح،

لكن لم ينطق أي منهما بحرف عما قد يحدث في الغد، و لم يعرف دوريان إن كان ممتنا لذلك أم حانقا.

رغم أن تورسييل بقي لأكثر من المعتاد، إلا أنه رحل عندما أتت آنييل لتذكره بحضور العشاء، و لم ترمق المخلوقة

ذات جسد الفتاة الصغيرة دوريان و لو بنظرة واحدة، متجاهلة وجوده تماما كما فعلت منذ اليوم الذي وقعت فيه عيناه عليها.

ظل دوريان منفردا بأفكاره لفترة بعد ذلك، و هو أسوأ ما يمكن أن يحصل في مثل هذا الوقت، فإن أخذ بالقلق على مصيره

و الغرق في أسوأ الاحتمالات فسيشكل ذلك مشكلة بالنسبة لأعصابه، و كذلك فائدته و دوره في الأحداث القادمة.

لذا عندما طُرق بابه أخيرا، قفز من السرير الذي كان يستلقي عليه دون حراك و أسرع ليفتح الباب، منيرا أضواء الغرفة في طريقه،

و كان مستعدا لتوبيخ بيتر مازحا بخصوص تأخره.

لكن من وجده على عتبة الباب لم يكن بيتر.

مُحي الحماس القليل الذي ظهر على وجهه سابقا، لكن ليس قبل أن تلاحظه قائدة الـ فان، فقد رفعت حاجبا ساخرا و سألت:

-"هل كنت تتوقع شخصا آخر؟"

-"كلا." عبس و أجاب بسرعة جعلت كذبه واضحا بشكل مؤلم.

وضع دوريان يده خلف رأسه، يستشعر شعره المبعثر و يتذكر أنه لم يغادر الغرفة طوال اليوم،

أنه يرتدي قميص نوم شتويّ و سروالا رماديا بدل بذلته المعتادة.

جعله ذلك يشعر بعدم الارتياح، وقوفه هكذا أمام يايث فان، التي انسدل على قامتها الطويلة فستان أزرق داكن

مزركش بخطوط سوداء رقيقة، و على ظهرها إحدى عباءاتها الفخمة، هذه المرة سوداء، و قد فاجئ ذلك دوريان قليلا،

حيث إن يايث عادة ما ترتدي الألوان الفاقعة...

على الأقل شعرها الملتهب لا يزال كستارة حريرية تتدفق على كتفيها عندما تقوم بحركة إمالة رأسها تلك، كما تفعل الآن.

-"أتيتُ لمراقبتك الليلة،" قالت يايث بينما تبتسم بهدوء، "فلا نعلم ما يخطط له رجل مثلك في اللحظة الأخيرة، لورد رورك."

كان على دوريان أن يحارب رغبته الملحة في التهكم أو التنهد أو السخرية، و بدل ذلك رد بنفس الهدوء، رغم أنه لم يبتسم:

-"أعفني من الرسميات، رجاءً."

سرعان ما تجاوزته بطولها ذاك مقتحمة الغرفة و عباءتها تطفو من خلفها، قبل أن تستدير نحو دوريان من جديد و تقول بمراعاة:

-"لن أزعج راحتك، سأمكث في الشرفة، أو في بقعة بعيدة عنك. يمكنك الاطمئنان و الخلود للنوم."

ما كاد دوريان يجيب حتى سبقته يايث، نبرة صوتها انقلبت تماما لتصبح حيوية كالابتسامة التي على وجهها بينما تستطرد:

-"هذا ما كنت لأقوله، لكنني واثقة من أنك لن تنام الليلة، لذا—" تقدمت نحو الشرفة لتفتح نافذتها، "أنت عالق معي الآن."

تبعها دوريان إلى خارج الشرفة، جسده يرتعش بردا بينما يسأل بصوت خافت منزعج:

-"لماذا معكِ يا سيدتي؟ ما الذي حصل لتورسييل؟"

-"لقد ملّ منك بعد قضاءه اليوم بطوله معك." أجابت يايث دون تردد، يد على جانبها و ابتسامة ماكرة على وجهها.

عبس دوريان و قرر أن يصمت. من الواضح أن ما قالته نكتة، لكنها نكتة ترفع تساؤلاته حول حدود معرفتها لما حصل.

أهي على علم بأنه رأى جروح تورسييل؟ بأن هذا الأخير قد كشف نقطة ضعف الـ فان له؟ بما كشفه له دوريان بالمقابل،

أو بالأحرى ما سمح لتورسييل برؤيته يوم احتفال الكسوف؟

كلا، دوريان قرر أنه لن يصمت بعد كل شيء، ليس في يومه الأخير معهم هنا، لذا سأل مرة أخرى:

-"ما الذي حصل لتورسييل؟" كان في صوته حدة لم يخطط لإظهارها.

-"آنييل أرادت رفقته."

كان من الصعب عدم مقاطعتها و انتظار إنهائها لتلك الجملة قبل أن يضيف:

-"ذلك ليس ما قصدته. ما الذي حصل له؟"

انقلبت تعابير يايث نحو الجدية، عيناها تحملقان فيه بحدة قاطعة لدرجة أنه استغرب عدم إشعاعهما بالأحمر في تلك اللحظة.

فجأة أصبح مدركا للمسافة الصغيرة التي تفصلهما، لكونه محبوسا في طرف الشرفة، في مواجهة أحد الـ فان...

دوريان يكره أن يُحبس أكثر من أي شيء آخر، لكن انتهى به الأمر يصبح رهينة بين أيادي الذين يشاع عنهم بأنهم أقوى مخلوقات الأرض،

كان يجدر به توقع هذه السخرية القاسية من الحياة، فقد اعتاد عليها.

لكنه و رغم مرور كل تلك السنوات إلا أنه لم يعتد بعد على تحكمه في إحساسه بالضيق في موقف كهذا، و كون الواقفة أمامه هي

يايث فان بشعرها الأحمر ذاك لم يساعد على تهدئته. بل نقله مباشرة إلى تلك النقطة من ذكرياته حيث قبع رُوان دي غراي،

بابتسامته الخبيثة و خصلاته الحمراء المنسدلة، يختفي تاركا دوريان في عجز و ظلمة مطلقة...

-"غيرتُ رأيي،" نطقت يايث فجأة قاطعة حبل أفكاره الفظيعة، كانت تنظر خارج الشرفة الآن. "أنت لن تنام على أية حال، فلننزل."

لاحظ دوريان أنها تراجعت و استرخت في وقفتها. أيُعقل أنها لاحظت عدم ارتياحه؟ هل فضح نفسه من جديد؟

أخفض رأسه قليلا حتى لا تلاحظ تعابيره الحالية، لكنه سرعان ما رفعه من جديد عندما خاطبته بحيوية:

-"هل تريد أن أحملك؟"

-"هاه؟" دوريان واثق أنه يبدو كالأبله الآن.

فتحت يايث ذراعيها بابتسامة واثقة و كررت:

-"هل أحملك و أنزلك؟"

-"لا تسخري مني رجاءً!" احترقت وجنتاه الآن و أحكم إغلاق قبضتيه في استياء.

هزت يايث كتفيها بينما تقول في خيبة أمل:

-"أنت محترم بشكل ممل، أتعلم؟"

ثم تقدمت، خطواتها هادئة، رافعة يدها نحوه بنعومة و كأنها تستعد لقطف زهرة.

-"سأجعلك تطفو إذن."

كان ذلك التحذير الوحيد الذي حظي دوريان به قبل أن يرتفع كلاهما في الهواء، و سرعان ما أمسكت يايث كمّ قميصه الشتوي

لتقود جسده إلى الأسفل معها، شعرها الأحمر يطفو وراء عباءتها الداكنة بشكل ساحر.

استغرق الأمر فترة بما أن غرفته في الطابق الأخير، لكن يايث حطت قبله على أرض الباحة الخلفية للقصر،

و جعل ذلك تعابيره تلتوي قليلا.

-"ماذا هناك؟" سألت بحاجب مرفوع.

تردد للحظة قبل أن يجيب غير ملاقٍ لعينيها:

-"كنتُ أفكر كم أن الأمر غريب أن أراك من منظور الشخص الأطول..."

ابتسمت حينها ابتسامتها تلك التي تجمع بين المرح و المكر، ثم أخذت تسير على الطريق الذي صنعته حواجز البستان الخارجية،

دوريان يلمّ بالسير على خطاها مباشرة.

-"هل يُعقل أن طولي يشعرك بالرهبة؟" سخرت بينما تخفي خصلة وراء أذنها، "الصبية ضعفاء للغاية."

طوى دوريان ذراعيه و تهكم على مناداتها إياه بالصبي، لكن و رغم كون نبرة صوته مستاءة قليلا و بصره مركزا على أي شيء غير

يايث التي بجانبه، إلا أنه أفصح عن مكنون قلبه بصدق عندما رد:

-"بل إنه يشعرني بالراحة نوعا ما." حرر ذراعيه المطويتين، "أمي كانت امرأة طويلة القامة كذلك، و عيناها بلون عينيكِ و عينيّ..."

أخذ يشير بيديه و كأنه يشرح درسا، رغم أنه مازال لا ينظر ناحية يايث و لا يرى تعابيرها.

-"عيناها لم تلمعا بالطبع، لكن لديكما نفس الشعر الحريري الطويل!
رغم أن شعر والدتي كان فحميّا، و ناصية شعرها ذات طراز مختلف— آه، أعتذر..."

قاطع نفسه بضحكة قصيرة متوترة، مخفضا رأسه بنوع من الإحراج. لقد انجرف في الكلام مجددا، تماما كما حصل مع تورسييل يوم

احتفال الكسوف، كلمة بعد كلمة حتى وجد نفسه يخول تورسييل فان رؤية أحلك ذكرياته.

-"لا عليك. لقد نزلنا للحديث، ألم نفعل؟"

اتسعت عيناه عندما رفع رأسه نحو يايث ليجد بصرها موجهتان نحو البستان على يمينها، إحدى يديها متشبثة بطرف عباءتها.

لم يرَ قائدة الـ فان تشيح بنظرها عنه أو عن أي أحد قبل الآن.

اقشعر بدن دوريان حينها، و لم يعد واثق من أن السبب هو البرد، رغم أن النسيم قرص وجنتيه المحترقتين.

-"سيدتي—"

-"سحقا! لهذا لا تريد آنييل الاعتراف بوجودك!"

قفز قلب دوريان في صدره على اللسعة المفاجئة في نبرتها و رفضها المتواصل لملاقاة عينيه، لكن ذلك لم يدم طويلا،

فسرعان ما نظرت نحوه و الاستياء واضح في حاجبيها المقطبين و زمجرتها عندما واصلت:

-"ألا تفهم؟ إن تذكرنا بأنك شخص ذو قلب و روح فسيصعّب ذلك الأمور على الجميع!"

قبل أن تسنح له الفرصة للرد توقفت يايث عن المشي و استطردت باستياء أكبر:

-"ألا تذكر ما قالته لينا لدى مجيئها؟ ملكك أرسل جنوده مع إذن لذبح كل من يقف في طريقهم،
و قد قُتل طفل بريء بسبب ذلك! فكيف لك أن تتشبث بولائك بعد هذا؟!"

دوريان لم ينسَ سبب اختطافه و إبقاءه على قيد الحياة لحد الساعة، لم ينسَ الموقع الاستراتيجي لقصر عائلته،

الأقرب لقلعة الملك من بين جميع ديار النبلاء، و بالتأكيد لم ينسَ وجود تلك الأنفاق التي تصل القلعة بقصره،

الأنفاق التي لم يتجرأ على التوغل فيها منذ كان في الخامسة عشرة.

-"كلمة واحدة منك، دوريان، و لن نحتاج للمفاوضات أو لقريبك ذاك، لن يحتاج أي أحد ليتأذى... لذا انطقها."

حدقت يايث فيه بحدة، كلماتها أمر مباشر، لكن دوريان رأى من خلالها، رأى الرجاء الذي خلف تلك النبرة...

يايث مستعدة لتلطيخ يديها، دوريان على يقين من ذلك. إذن لِمَ تحاول تجنب أذية شخص مثله، شخص يفضل الموت على مساندتها

في خططها؟ دوريان شبه واثق أنه لو التقاها أولا لتعهد بولائه لها، فهي تشبه ذلك الرجل لحد مؤلم.

لكنه لم يلتقِ بها أولا.

-"لا أصدق ذلك..." نطق أخيرا، صوته خافت لكن ليس ضعيفا،
"أنا مقتنع أنه لم تكن يد لملكي في ما حصل مع الآنسة لينا، ليس الرجل الذي أعرفه—"

-"لا تخدع نفسك بالاعتقاد أنك تعرف رجلا من سلالة إرلكينغ حق المعرفة!"

توسعت عيناه إلى نقطة اللا رجعة، فقد كانت يايث التي أمامه تستشيط غضبا بحق. تعابيرها تبعث برودا يقشعر له البدن،

لكن عيناها المتوسعتان مشتعلتان في ظلمة الليل.

-"ستدرك مدى حماقتك، لكن بعد فوات الأوان." صرّحت رافعة ذقنها.

لم يدرك دوريان أن شفتيه المتباعدتين كانتا ترتجفان إلا حين ران الصمت، و قد كان واثقا هذه المرة أن البرد هو السبب،

لذا أسرع بإطباقهما، عازما على أن لا يترك تحديقه المتمرد في عينيّ يايث.

كسرت قائدة الـ فان الصمت أخيرا، نبرتها منزعجة لكن مسترخية عندما قالت:

-"لماذا لم تقل شيئا بخصوص البرد؟ أنا أنسى أنكم تتأثرون بهذه الأمور كما تعلم."

رمش دوريان بعينيه في حيرة، و قبل أن يدرك ما حصل أمسك غريزيا العباءة التي أُلقيت باتجاهه، عباءة يايث.

-"ارتدِ هذه، رهينة مصابة بالزكام أمر مزعج." تذمرت بيديها على جانبيها.

غلف دوريان كتفيه بالعباءة بينما يرد بنوع من السخرية:

-"تتحدثين و كأنكِ جربتِ ذلك الموقف من قبل."

كانت العباءة واسعة و دافئة لدرجة أن أصابع قدميه العاريتين اِلتوت لذلك الإحساس الجميل.

-"لستَ أول شخص أختطفه."

نبرتها و ابتسامتها الطبيعية جعلت دوريان يبلع ريقه، و رغم أنه رغب بالسؤال عمّا حلّ برهائنها السابقين،

إلا أنه قال بنفس سخريته السابقة:

-"هكذا إذن. يؤسفني أنني لستُ مميزا."

بعد لحظة أضاف:

-"مازلتِ لم تجيبي سؤالي."

-"أي سؤال؟"

بلع دوريان ريقه من جديد، و تشبث بالعباءة من الداخل.

-"بخصوص تورسييل..."

-"سأجيبك على شرط."

هز دوريان رأسه بالموافقة و ترقب.

-"أخبرني، ما الذي قلته حتى تجعله يعترف لك بنقطة ضعفنا؟"

[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين K1kepF5

رُوان دي غراي قد وُلد بموهبة فذة للتحكم في قدراته، فعادة ما يستغرق سليل حورية سنوات ليتمكن من السيطرة على تحوّله

الجسدي، فقد كان والد دوريان في السادسة و الثلاثين عندما أتقن التحول الكامل دون أن يتسبب بتمزق جسده من الداخل،

لذا صُعقت العائلة عندما تمكن رُوان ذي الخمس سنوات من تحويل كفه الصغير دون أي جهد يُذكر.

بدأت المضايقات بعد ذلك بفترة قصيرة، في البداية لم يأخذها دوريان ذي السبع سنوات على أنها أي شيء غير شغب طفولي،

و رغم أن صبره كان ينفذ بسرعة إلا أنه لم يحتفظ بغضبه لمدة طويلة، و كان سرعان ما يسامح ابن خالته اللطيف عندما

يبتسم هذا الأخير بكل براءة.

ثم إنه و لحسن الحظ، عائلة رُوان تعيش في قصر أبيه اللورد دي غراي، بعيدا عن العاصمة و قرب حدود القارة، مما يعني أن

زياراتهم لأقربائهم محدودة لدرجة أن مقالب رُوان لن تضره أبدا.

أو هذا ما اعتقده دوريان، إلى أن تدريجيا و سنة بعد سنة، تحولت المقالب إلى فخاخ، و خمدت البراءة من ابتسامة رُوان إلى

أن استحالت شريرة ماكرة، و كأن أنيابه تفيض سما و عيناه الصفراوتان تشعان قسوة.

لكن دوريان كان الشخص الوحيد الذي يرى عينيّ رُوان مفتوحتين في تلك اللمعة الخبيثة، ذلك لأنه و مع تطور قدرات قريبه،

بالأخص صوت أمر الحورية، فإن حواسه الأخرى أخذت تضعف، حتى أصبح من الصعب على رُوان التركيز بسمعه أو الشعور بما حوله،

إحكام قبضته الصغيرة على أي جسم أثقل من كوب قهوة كان مرهقا، و حتى عيناه الصفراوتان لا تُفتحان إلا بما يبدو أنه جهد عظيم.

لذا كان فتحه لكلتا عينه أمرا نادرا، على حد علم دوريان فإنه لم يفعل ذلك سوى أمامه، فما إن تظهر بيليند أو أي من الكبار،

سواء وسط الأشجار أو على الساحل أو على السلالم، ليجدوا دوريان مصابا بشكل أو بآخر، حتى تُغلق عينا رُوان و تنقلب

تعابيره لتُزيّف قلقا بريئا، و بتلك البساطة لا يجرؤ أحد على اتهامه.

و قد كان رُوان حريصا على تغيير تكتيكاته بمرور السنوات، فالدموع كانت كافية في البداية بالنسبة لطفل، لكن سرعان ما كبر قليلا،

و أخذ يلعب دور الضحية بمهارة أكبر و تخطيط عبقري، لدرجة أن دوريان وثق من أن قريبه يقضي تلك الأشهر التي لا يزورهم فيها

في تحضير طرق لتعذيب دوريان دون أن يُلقى القبض عليه.

-"لا بأس يا سيدي." قال رُوان ذي العشر سنوات في إحدى الأيام مخاطبا والد دوريان.

كان دوريان قد فقد صبره و صفع قريبه تاركا كدمة واضحة على خد رُوان و جاعلا إياه يسقط أرضا من قوة الضربة،

لكن هذا الأخير أوقف ديكلان رورك عندما كان على وشك معاتبة ابنه.

رُوان الصغير نهض حينها، وقفته معتدلة و عيناه مغلقتان كالعادة، و يده لم تقترب من خده المصفوع حتى،

بينما يواصل و في عينيه نظرة ناعمة:

-"لقد كان خطئي لأنني أفصحت عن اشتياقي لخالتي، أعلم أن دوريان في حالة
أسوأ مني و أنه لم يتجاوز رحيلها بعد، لذا استحققتُ ما فعله بي يا سيدي."

ثم انحنى في تأسف، و حينها اجتاحت دوريان الرغبة في الأخذ برأسه و رطمه بالأرض حتى يصبح لون وجهه مماثلا للون شعره.

فكيف يتجرأ الشقي على إقحام أمه في الأمر!

-"أنت تسبب لي العار يا دوريان!" انتشله صوت أبيه من غضبه، "أصبحتَ في الثالثة عشرة و أنت رجل بالفعل!
كيف تسمح لنفسك بفقدان السيطرة أمام رُوان من هو عائلتك، و أصغر و أضعف منك!"

والده كان ينظر إليه، لذا لم ينتبه كيف أصرّ رُوان على أسنانه عند سماعه الجملة الأخيرة.

-"اعتذر حالا!"

-"والدي...!" قاطعت دوريان تلك النظرة الباردة و جعلت بدنه يقشعر، فما كان منه إلا أن يحني رأسه مستسلما، "أنا أعتذر، رُوان."

رُوان قد ربح هذه المرة، لكن دوريان قد اكتفى من تركه يفعل ما يحلو له. دوريان هذه المرة سيذيقه من نفس الكأس، سينتقم شر انتقام،

لكن هنالك ما عليه فعله قبل التخطيط.

في تلك الليلة و بعد أن تحرر من واجباته أخيرا، ذهب ليزور أمه بأسرع وقت، أو بالأحرى يزور لوحتها الكبيرة التي قبعت في زاوية مخصصة

لها من الرواق الكبير، زاوية مزينة بالورود و الشموع ذات الروائح الطيبة، تماثل تلك التي كانت تفوح من هندام والدته كلما ضمته إليها.

دوريان الصغير وجد أن هنالك من سبقه إلى اللوحة.

لم يتخيل دوريان و لو بعد مئة عام أن يرى والده على ركبتيه، لكن ما لمحه قبل أن يختبئ خلف جدار الرواق لا يمكن إنكاره،

بل إنه تأكد من ذلك عندما أخرج رأسه قليلا ليتحقق من الأمر، و بالفعل كان والده جاثيا أمام لوحة زوجته،

ينطق بكلمات بالكاد تتسلل إلى مسامع دوريان الصغير.

بعد أن سمع ما قاله والده لتلك اللوحة يومها، قرر دوريان أنه سيتحمل أيا كان ما يفعله رُوان من الآن و صاعدا،

أنه لن يسبب القلق و العار لأبيه بعد اليوم.

ففي النهاية مشاعره لا قيمة لها أمام مستقبل العائلة، و ما يحصل له غير مهم مادام يؤدي واجبه.

لذا استمرت الأمور على ذلك المنوال، على الأقل لمن ينظرون للصورة الخارجية: دوريان الفتى الذي حطمه موت والدته و جعل منه وحشا

يملؤه الحقد و الغضب، و رُوان الصبي الطيب المؤدب الذي وقع ضحية له.

الوحيدة التي صدقت براءة دوريان كانت أخته، على الأقل في البداية، فقد لاحظ دوريان الأمر بعد فترة، لاحظ نبرتها غير الواثقة،

و نظراتها التي تخفي الشك، و ابتساماتها المزيفة...

رُوان لم يضايقها يوما، بالتأكيد لأن الجميع سيصدق بيليند اللطيفة و المتزنة عاطفيا، على عكس دوريان...

لا بأس، فهو لم يعد يقضي وقته برفقتها على أية حال، و لن تهم أي من هذه الأمور في المستقبل المثاليّ الذي يتجهز دوريان لتحقيقه.

كل ما عليه هو أن يتحمل أكثر.
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين UH2UQUl
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Eg4JfWZ
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين GhwLPOq
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين K1kepF5

[ يُتبع في الرد القادم ]
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 3uWjeQ5

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Emptyرد: [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين XIv6qU7
[ الجزء الثاني ]
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين K1kepF5
دوريان.

بسبب انشغالهم مع دبلوماسيات الحروب، لم تعد عائلة رُوان لزيارتهم إلا بعد سنوات، عندما أصبح دوريان في الخامسة عشرة،

و رُوان في الثالثة عشرة.

دوريان كاد يختنق عندما وجد ابن خالته قد بلغ طوله بالفعل، و رُوان الذي فتح عينا واحدة ليراه ضحك و مازحه بخصوص

الأمر بشكل طبيعي، طبيعي لدرجة صادمة.

و قد صُدم أكثر عندما اعتذر رُوان عن تصرفاته السابقة تجاه دوريان، قائلا أنه كان صغيرا و ضجرا،

و أنه يفهم الآن قسوة أفعاله و لا يريد أن يكررها.

دوريان لم يكن يوما من النوع الذي يحمل ضغينة، ليس لوقت طويل على أية حال، و رُوان دي غراي من دمه و عائلته رغم كل شيء،

لذا ما كان منه سوى أن يوافق على فتح صفحة جديدة.

لأسبوع كامل عاش دوريان حياة وردية برفقة أخته و قريبه، حتى إن هذا الأخير -بمساعدة من أبويه- أقنع والد دوريان أن يسمح له

بفترة استراحة من التدريبات و الدراسة حتى يتنزه ثلاثتهم معا.

كان رُوان قد حضر لهم نزهة جميلة في بقعة مميزة، حيث بُني الجسر الذي يصل حدود جزيرتهم بجزيرة الملك، أو بالأحرى يصل

مخرج قصر رورك بالجزيرة مباشرة، جسر متوسط في طوله و في ارتفاعه عن المياه الضحلة.

في بقعة قريبة لظلّ الجسر فُرشت سجادة تنزه فاخرة و عليها سلة طعام كبيرة، و وقف رُوان مشيرا لدوريان و بيليند بالجلوس قائلا بنعومة:

-"تفضلا، أرجو أن يروق لكما ما حضرته، و أن نستمتع بوقتنا معا."

بيليند ذات الاثنتي عشرة عاما أسرعت بتجاوز أخيها و الجلوس محدقة في السلة بترقب، و ما كان من دوريان إلا أن يتبعها، و رُوان خلفه.

ذلك الأخير أخذ ينبش في السلة لإخراج الوجبات الخفيفة أنيقة الصنع و بدأ بترتيبها و توزيعها على ثلاثتهم.

سرعان ما شرعوا في الأكل لتنطق بيليند بخفة:

-"لا أصدق أن أخي كان ينعتك بكل تلك الصفات يا رُوان! أنت شخص رائع!"

-"بيليند!" احتج دوريان باستياء.

لكن رُوان ضحك ببساطة و رد:

-"لقد استحققت الكثير منها، لكن ذلك من الماضي الآن. أليس كذلك، دوريان؟"

-"أ...أجل، طبعا."

أخفض دوريان بصره و تردد قبل أن يضيف:

-"شكرا على هذه المبادرة، أنا حقا أقدر ذلك."

عندما رفع رأسه كاد يُقسم بأنه رأى الحيرة مرسومة على تعابير رُوان، لكنها اختفت كبصيص خاطف من مخيلته و بُدلت بابتسامة مشرقة.

أمضى ثلاثتهم ساعة أو اثنتين في الدردشة بعد انتهائهم من تناول الطعام، أخبرهما رُوان خلالها أنه يتمرن لاستعادة قدرته على استخدام

حواسه بشكل طبيعي دون أن يفقد تحكمه بموهبته الفذة، و قد أصبح قادرا على فتح عينيه لفترة أطول من السابق، و أطول حتى لو فتح

عينا واحدة فقط، كما أنه بدأ يشعر باللمسات الخفيفة على بشرته، كقطرات المطر أو لسعة الشمس.

دوريان وجد نفسه سعيدا بصدق لهذا التطور، حتى إن لم تختفِ شُعلة الغيرة الصغيرة التي تحترق لمواهب رُوان. ربما لو وُلد عبقريا مثل

قريبه لامتدحه والده على الدوام... دوريان تذكر مناداة والده لـ رُوان بالضعيف قبل عدة سنوات، و كاد يضحك ساخرا.

ديكلان رورك رجل لا يرضى و حسب.

بعد انتهاءهم من التنظيف أعلن رُوان نهاية النزهة.

-"هل يمكنكِ العودة بمفردكِ يا بيليند؟" سأل بينما يمد يده ليساعدها على النهوض.

-"هاه؟ لماذا؟! أريد البقاء معكما!" تذمرت لكنها أخذت بيده و نهضت على أية حال.

ابتسم بنعومة و رد بنفس الطريقة:

-"لا يجوز، فأنا و دوريان سنقوم بتدريب إضافي،" التفت نحو دوريان باسما للحظة، "أريد مصلحتك يا عزيزتي بيليند، ألستِ تريدين أن ينظر
لكِ الآخرون على أنكِ سيدة حقيقية؟ إذن يجدر بكِ أن لا تضيعي وقتكِ معنا نحن الفتيان، بل عليكِ أن تصاحبي أمي لتتعلمي منها."

دوريان لا يملك أي فكرة عن التدريب الذي يتحدث عنه قريبه، لكنه متعود على مجاراة الآخرين، لذا هذا ما فعله هذه المرة أيضا.

من الواضح أن رُوان يريد التخلص من بيليند و حسب بكلامه غير المنطقي عن الأنوثة، لحسن الحظ أخت دوريان لا تزال صغيرة

و يسهل سحرها بالكلمات و الابتسامات بما يكفي لتنسى في هذه اللحظة أن والدتها كانت سيدة و محاربة في نفس الوقت.

-"حسنا…" قالت بيليند أخيرا، "لكن هل يعني ذلك أنه علي الاعتماد على نفسي في جدل شعري من الآن و صاعدا؟"

أشار دوريان بيده في حركة حث على الانصراف، و رد بنوع من الانزعاج:

-"كلا، لذا كوني مطمئنة."

أشرقت فورا و ردت بحيوية:

-"حسنا إذن! ابذلا جهديكما!"

-"سنفعل بالتأكيد." قال رُوان بينما يمسح على شعرها بلطف.

راقبها دوريان بينما تسرع نحو بوابة القصر حاملة السلة الفارغة التي احتوت طعامهم سابقا، ثم تستدير لتلوح باتجاههما قبل أن تختفي

وراء الأسوار الحديدية.

-"الآن..." نطق رُوان، و عندما التفت إليه دوريان وجده يربط شعره في ذيل منخفض، "هنالك ما أريد أن أريك إياه."

أشار له بأن يتبعه إلى نهاية الجسر، و تحته مباشرة. جثا رُوان على ركبة واحدة أمام العشب الكثيف، و مد يده نحو الجدار المنحني للجسر.

-"لقد اكتشفتُ شيئا مثيرا..." قال بينما يحوّل كفّه ثم ذراعه بالكامل، بشرته الآن تكتسي فوق ملابسه بلون قرمزي نقيّ،

تغلف أصابع يده كقفازات مخلبيّة فاخرة.

دوريان ذُهل من جمال و سلاسة العملية، لكن سرعان ما خطف انتباهه الطريقة التي أخذت بها أظافر رُوان الحمراء تنقر على الطوب،

طريقة تبدو ذات مغزى و لو لم يفهم دوريان ذاك المغزى.

عندما توقف رُوان، تباعدت قطع الطوب شيئا فشيئا حتى أصبح أسفل الجسر عبارة عن حفرة مستطيلة.

ما كان من دوريان سوى أن يفتح فمه في صدمة عندما لمح تلك السلالم التي تنزل من الحفرة،

و حينها نهض رُوان و فتح عينا واحدة بينما يبتسم على ردة فعله، و قال:

-"اكتشفتها بالصدفة عندما كنتُ أخوض بين الوثائق القديمة في المكتبة، و وجدتُ وثيقة رثة تذكر ممرا بين هذا القصر و قلعة الملك."

استرخى دوريان عند ذكر الملك، و سأل بنوع من الحماس:

-"هل يعرف أي أحد بشأن اكتشافك هذا؟"

هز رُوان رأسه نافيا، ثم رد بنفس الحماس المكبوت:

-"لأصارحك فإنني لم أجرؤ على النزول بمفردي، لذا فكرت أنه يمكننا استكشافه معا!"

-"ماذا لو وُجدت فيه فخاخ؟"

-"لا تقلق، فقد قرأت عنه بما أنه ملجأ طوارئ فإنهم جعلوا التجوال فيه سهلا."

رفع دوريان حاجبا.

-"إذن لماذا تخاف الدخول وحدك؟"

أخفض رُوان رأسه حينها و ابتسم بهدوء، نبرته المرحة تخفي حزنا و خجلا عندما أفصح:

-"أحتاج عينين أكثر فعالية لأمر كهذا..."

أحس دوريان بانقباض في صدره و ندم فورا على سؤاله، لذا ضرب ظهر رُوان بلطف قبل أن يصرح واثقا:

-"هيا بنا إذن!"

[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين K1kepF5

-"أحتاج سيجارة. ألديكِ واحدة، سيدتي؟"

-"ابحث في جيوب العباءة."

كان دوريان و يايث يجلسان على أبعد مقعد من القصر، خلفهما الجدران الخارجية و أمامهما البستان الذي يحرك زهوره النسيم البارد.

وجد دوريان علبة سجائر فاخرة و أخذ منها واحدة، لكنه لم يعثر على قداحة بين طيات العباءة.

-"معذرة..." التفت نحو يايث التي بجانبه، السيجارة معلّقة على شفتيه.

طقطقت قائدة الـ فان أصابعها فظهرت شعلة صغيرة فوق سبابتها، و جعل ذلك عينا دوريان تتسعان في انبهار بينما يتمتم:

-"جميل..."

ابتسمت يايث ابتسامة دافئة، و انحنى دوريان حتى تشعل سيجارته قبل أن يتكئ من جديد بظهره على المقعد.

بعدما نفث أول غيمة دخانية من شفتيه سأل:

-"هل تدخنين غالبا، سيدتي يايث؟"

كان يشعر بفضول مفاجئ حول تجارب الـ فان مع أمور كهذه، بما أن يايث لمّحت سابقا بأنهم لا يشعرون بالبرد.

-"فقط عندما أرغب بأن أبدو مخيفة." أجابته باعتدال.

-"تقصدين مخيفة أكثر من العادة." رد دوريان مبتسما نحوها، و بادلته هي الابتسامة.

لم تقل شيئا بعدها، بل ظلت تنتظر بصبر بينما يدخن و يحاول استجماع أفكاره و كلماته لإنهاء قصته.

[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين K1kepF5

أحس دوريان و كأنه ظل يمشي لساعات داخل النفق، و مع كل خطوة كان يلهب بالقداحة التي أحضرها رُوان الأنوار الملتصقة بالجدران،

يبدو أن قريبه -الذي يتشبث الآن بطرف قميص دوريان مغلقا عينيه- قد فكر باحتياجهم لإشعال الأنوار مسبقا.

أخيرا و بعد عدد لا يُحصى من الخطوات، توقف دوريان و قد لفت انتباهه شيء ما.

-"رُوان، إنه باب!"

فتح رُوان عينا واحدة تاركا قميص دوريان و نظر إلى الباب المقصود. لم يكن في نهاية النفق، و إنما على جانبه، بين شعلة منطفئة و أخرى.

دوريان أسرع لإنارتهما، و حينها قابله الباب الخشبي العتيق ذي المقبض الدائري المتدلي.

-"كن حذرا عند فتحه." قال رُوان من خلفه.

تردد دوريان، ثم أخذ المقبض الحديدي و سحبه، لكن لم يحصل شيء.

-"ادفعه و لا تسحب!" تهكم رُوان.

شعر دوريان بالإحراج بينما يرد:

-"من يصنع مقبضا متدليا إن كان يُفترض بالباب أن يُدفع!"

-"لم لا تسأل أجدادنا؟"

دفع دوريان، لكن الباب لا يزال يرفض أن يُفتح. حينها تجاوزه رُوان و أخذ منه المقبض، ثم أداره كما تُدار المقابض العادية،

قبل أن يدفع الباب ليُفتح أخيرا.

-"هذا أسخف باب صادفته في حياتي!" قال دوريان في استياء.

دخل الاثنان و استقبلتهما الظلمة المطلقة، ثم صوت مدوٍّ.

خفق دوريان رأسه نحو الباب ليجده أٌغلق من تلقاء نفسه.

-"رُوان؟!"

-"أنا هنا!" رد رُوان بقلق واضعا يده على كتف دوريان. "ابحث عن الأنوار!"

أشعل دوريان القداحة و فعل كما قيل له، مسترخيا قليلا عندما وجد أنوارا بالفعل في هذه الغرفة المريبة، و رغم أن شعوره بعدم الارتياح

قد بدأ منذ خطا خطوته الأولى فيها، إلا أنه لم يكن مستعدا لما رآه عندما سُلطت عليها الأنوار.

دوريان وجد نفسه يقف في حجرة تعذيب. تشبه لحد كبير تلك التي قرأ عنها في تاريخ عائلته الدموي.

-"ما الذي—" قال هو و رُوان في وقت واحد.

نظر دوريان نحوه ليرى قريبه يتقدم نحو طرف الغرفة، حيث عُلقت و ألصقت سلاسل حديدية بالجدار،

واضحة من حالتها الرثة أنها أسرت عددا لا يحصى من السجناء.

-"هل أنت مجنون؟" صاح دوريان، "لا تلمس أي شيء!"

صحيح أنه يشعر بالفضول هو الآخر، خصوصا تجاه ذلك الشيء الذي يقبع وسط الغرفة و يشبه المنجنيق،

لكنه محبوس داخل حجرة تعذيب، أولويته القصوى هي الخروج.

رُوان على ما يبدو، لم يشاركه الرأي. فقد تجاهل تحذيره و أخذ يأرجح السلاسل و يتفحصها. بعد لحظة قال:

-"إنها ضعيفة جدا، سأكسرها بسهولة إن حوّلتُ يدي."

ثم تركها و أسرع نحو تلك الآلة الخشبية وسط الحجرة، لكنه لم يلمسها هذه المرة.

-"لدي شعور سيء بشأن هذه، لا تلمسها يا دوريان."

-"أنظروا من يتحدث!" تهكم دوريان.

تجاهله رُوان من جديد و توجه للطرف الآخر من الحجرة، حيث وُجد صندوق فولاذي ضخم.

تابوت؟ أو ربما لا، فقد كان عريضا كفاية لاحتواء جثتين بدل واحدة، و ذلك أثار اهتمام دوريان أكثر من أي شيء،

لذا لم يوقف رُوان هذه المرة عندما همّ هذا الأخير بفتحه ببطء و هدوء يقشعر له البدن.

سرعان ما كُشف ما بداخل ذلك التابوت. لقد كان فارغا، فيما عدا تلك الأشواك الحديدية التي غلفت كل جانب منه،

كل واحدة منها بحجم يد بيليند الصغيرة.

مرر رُوان يده على الأشواك بحذر حتى لا يجرح نفسه، و حينها فُتحت كلتا عينيه متوسعتين،

لونهما الأصفر واضح أكثر من أي وقت مضى، و قال في انبهار:

-"دوريان! أشعر بشيء غريب في قوتي، و كأن تسييرها في جسدي أسهل بكثير الآن!"

دوريان تقدم هو الآخر و لمس الأشواك، حينها فهم ما يقصده رُوان، فبالفعل شعر و كأن سريان طاقته و سريان دمه أصبحا واحدا،

و كأنه يستطيع تحويل نصف كامل من جسده دون جهد يُذكر.

-"لماذا يوجد شيء كهذا في غرفة تعذيب؟ و لماذا يبدو هكذا؟" سأل دوريان بتحفظ.

ابتعد رُوان و أغلق عينيه بينما يفكر، ثم أجاب أخيرا بحماس:

-"ربما هذه ليست غرفة تعذيب، و إنما غرفة تدريب!"

ذلك لم يفاجئ دوريان، فهو على علم بأن أسلافه كان لديهم أساليب مرعبة و قاسية في إنجاز الأمور،

و لا يمكنه نسيان ذلك لأنه دائما ما يرى لمحة من تلك القسوة في عينيّ والده.

-"هل تريد تجربة الدخول؟" سأل رُوان فجأة.

خفق دوريان رأسه نحوه غير مصدق ما يسمعه.

-"هل أنت جاد؟ أنظر لتلك الأشواك!"

هز رُوان كتفيه ثم قال:

-"سأدخل أنا إذن، إن كان سيحسّن من قدرتي فسأفعلها."

-"رُوان—"

-"يجب أن أجرب، أتفهم؟" كانت عيناه مفتوحتين الآن، نظرته قاطعة، "أتعلم لماذا بلغتُ طولك بهذه السرعة؟"

رفع دوريان حاجبيه مترقبا.

-"لأنني أجبر جسدي على النمو." صوته أصبح خافتا، "بسبب موهبتي...
فإن جسدي لا ينمو بسرعة طبيعية إلا إن أجبرته. و الأمر مؤلم، دوريان."

توسعت عينا دوريان و لم يعرف ما يقوله لذلك، ما يقوله لتلك الدموع التي رآها تتجمع في عينيّ رُوان قبل أن يغلقهما هذا الأخير و يهمس:

-"لا أريد أن أتألم بعد الآن..."

ران الصمت إلى أن كسره دوريان بتنهده.

-"سأدخل أولا!" صرح فجأة، "لا أريدك أن تتفوق عليّ لتلك الدرجة بعد كل شيء."

ابتسم رُوان بنعومة حينها، و بادله دوريان الابتسامة.

بعد قليل كان دوريان يقف وسط التابوت الفولاذي، قدماه تقفان بحذر على البقع التي لا تلامسها الأشواك.

أخذ نفسا عميقا و أغلق قبضتيه.

-"هل أنت واثق؟" سأله رُوان لآخر مرة بينما يمسك مقدّمة التابوت.

اكتفى دوريان بهز رأسه، خائف من أن تخذله الكلمات التي قد تخرج من فمه و تقنعه بالتراجع، فربما هذا هو الحل لنيل رضا والده أخيرا.

حينها أخذ رُوان يدفع التابوت ليُغلق، و أحس دوريان بقدرته تنبض في عروقه أكثر كلما غلفه ظلام أكبر،

إلى أن بقي شق بينه و بين رُوان يُظهر نصف وجه قريبه.

حينها خمدت قوته بالكامل، و كأن أحدهم رشقه بالماء و أيقظه من نوم عميق، شعر دوريان بأنه أصبح وعاءً فارغا.

أبعد نظره عن يديه المرتجفتين و رفعه نحو رُوان ليُصدم عندما يجد وجه هذا الأخير ملتويا في ابتسامة شرّ نقيّ،

عيناه الصفراوتان تلمعان في مكر.

قلب دوريان أصبح كالمطرقة في صدره، و كان ليصدر صوت نحيب لولا أنه اختنق و مات في حلقه.

مد يده لعلّه يدفع التابوت قبل أن يُغلق تماما، لكن ابتسامة رُوان الخبيثة توسعت بينما يدفع الباب الفولاذي دفعة نهائية و يغلقه من الخارج،

تاركا يد دوريان الممدودة لتُلسع بإحدى الأشواك الحديدية، و تاركا دوريان نفسه في ظلمة مطلقة.

-"هذا حقا أفضل شعور على الإطلاق!" سمع صوت رُوان من خلف التابوت يصيح في نشوة فظيعة.

صدق من قال أنه لا إحساس يفضح فظاعة الإنسان كالسعادة.

دوريان كان يحدق في الظلام بعينين متوسعتين، تنفسه متقطع و ملابسه أخذت تلتصق به من العرق بينما واصل رُوان في جنونه:

-"كنتُ أنتظر هذه اللحظة منذ اكتشفت المكان في زيارتي الأخيرة، أتعلم! كنت أترقب رؤيتك تفتح قلبك لي حتى أقودك لهذه النقطة!"
ضحك بهستيرية حينها، "لقد طال الأمر كثيرا، لكن أتدري، دوريان! الأمر متعلق بالرحلة، فكلما كانت أصعب و أطول كلما كانت نشوة
الوصول لخط النهاية أعظم! و قد كانت تلك النظرة على وجهك تستحق الانتظار بالفعل يا قريبي الغالي!"

دوريان لم يستطع الحراك، سواء تقدم أو تراجع للخلف أو طار، فإن كل ما ينتظره هو حدة الأشواك. زحفت يداه أعلى صدره و أخذ

يسحب قميصه بنيّة تمزيقه، الجو من حوله يصبح خانقا أكثر بمرور كل لحظة، خصوصا أن أنفاسه تخرج الآن في لهاث حاد.

-"لكنك مغفل حقا!" استطرد رُوان، "كيفما نظرت إليها فهي غرفة تعذيب!
ألم تشعر بالمصدر الحقيقي لتلك القوة التي أتتك؟ ألم تشعر بالموجات التي أرسلتها إليك؟"

كل شيء كان كذبة. كل نظرة و كل ابتسامة و كل كلمة. انزلقت الدموع من عيني دوريان أخيرا، غزيرة و غير منقطعة.

حينها عدّل رُوان صوته و تهكم قبل أن يضيف:

-"ربما ليس خطأك أنني عبقري، لكنه بالتأكيد خطأك أنك اعتدت على إرضاء الآخرين. على كل استمتع بوقتك في الداخل ~ "

سمع دوريان صوت باب الحجرة يُفتح.

-"رُوا—ن!" صرخ بصوت منكسر، "لا تتركني هنا! أرجوك، سأموت! لا تذهب و تتركني يا رُوان أتوسل إليك!"

لم يجبه أحد لفترة طويلة.

-"رُوان! بيليند! أبي! أي أحد، رجاءً—!" ظل شهيقه يقاطعه و كأنه يستهزئ بمعاناته.

دوريان ليس واثقا كم ظل واقفا في مكانه، ينادي إلى أن سُلخت حباله الصوتية و أصبح صوته مجرد أنفاس ذات أشكال،

لا تصل أحدا و لا يسمعها أي مخلوق.

حتى بعد أن مزق قميصه فقد أخذ جسده يسخن باستمرار، و وصل لنقطة أحس فيها و كأنه سيحترق من الداخل،

و لم يشعر بذراعيه حتى عندما أخذ يخدشهما إلى أن تقشرتا و نزفتا.

فليساعدني أحدكم. فليتوقف الألم!

يجب أن يوقف الألم، حتى لو عنى ذلك أن ينفجر و يتبخر، أي شيء أفضل من هذه النار التي تشتعل بداخله،

من هذه الرجفة الشيطانية التي تملكته.

لذا هذا ما فعله دوريان.

أيا كان ما قيده طوال حياته، كصمام أمان ثابت لا يتزحزح عن قوّته، فقد أطلق له دوريان العنان و سمح له بأن يخرج،

سمح لنفسه بأن ينفجر.

في تلك اللحظة خُيّل له أنه سمع صوت أبيه يناديه من بعيد، لكن سرعان ما اكتسى جسد دوريان بظلال قرمزية،

و زحفت منه إلى كل ما حوله، تلتهم و تبتلع كل شيء في طريقها.

[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين K1kepF5

عندما أفاق دوريان، وجد أنه لا يزال في نفس الحجرة، إلا أنها كانت مقلوبة رأسا على عقب.

كل ما رآه فيها سابقا قد سُحق الآن و عُلّم بخدوش قرمزية ضخمة، للوهلة الأولى تجعل الجماد يبدو و كأنه ينزف.

نهض دوريان بصعوبة على قدميه المرتجفتين ليتجه نحو الباب نصف المغلق و نصف المحطم، ثم يفتحه بتلويحة متعبة.

ما قابله كانت جثة تتكئ على الحائط، تشوهها نفس الخدوش الدموية التي داخل الحجرة و تتدفق الدماء بغزارة من أذنيها،

جثة شاحبة و عديمة الحياة تماما.

جثة والده.

[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين K1kepF5

لم يتحرك دوريان من البقعة التي جلس فيها، ظهره منحيّ و رأسه مخفوض، يحدق في سيجارته الثالثة و التي أمسكها بتراخ بين ركبتيه.

-"هذه هي روحي و قلبي يا سيدتي،" خاطب يايث التي بجانبه دون أن ينظر إليها،
"أمازلتِ تعتقدين بأنها تستحق محاولتك في الصفح عنها؟"

ران الصمت حينها، و ابتسم دوريان ابتسامة حزن باهتة.

-"ما الذي حصل لأختك؟" كسرت يايث الصمت.

أجاب بصوت ضعيف:

-"لقد لحقت بوالدي عندما قَدِمَ لأجلي، لكنها كانت بعيدة عنه عندما..." تنهد تنهيدة قصيرة،
"وصلتها موجات قوّتي، و جعلتها تغرق في غيبوبة... لم تستيقظ منذ ذلك اليوم."

-"إذن هي لا تزال على قيد الحياة؟"

-"بالكاد."

مرت اثنتي عشرة سنة... شعر دوريان و كأنه سينفجر بالبكاء كما فعل في ذلك اليوم،

لكن أوقفته تلكما اليدان اللتان حطتا بقوة على كتفيه.

رفع رأسه ليجد يايث واقفة أمامه و على وجهها نظرة عازمة، نظرة تماثل تلك التي رمقها به تورسييل يوم الكسوف.

-"دوريان رورك،" قالت بنبرة تماثل نظرتها، "فلتنجو إلى أن نتوقف عن كوننا أعداء، إلى أن أتمكن من أن أريك ما أريد أن أريك إياه. حسنا؟"

دوريان طلب من تورسييل يوم احتفال الكسوف أن لا يتفوه بشيء بعد دخوله ذكرياته، لكنه يشعر و لسبب ما أنه كان ليقول نفس ما

قالته يايث، أو شيء مشابه على الأقل، فقد طُبعت كلتا النظرتين في ذاكرته الآن، نظرات لا تحمل شفقة مهينة، إنما إصرارا و تطلعا.

دوريان لازال جاهلا لما يتطلعان إليه بالضبط، لكنه يبعث فيه شعورا لم يختبره منذ زمن طويل: الأمل.

لكن الأمل هو آخر ما يحتاجه دوريان رورك الآن.
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين UH2UQUl
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين HkFmgTP
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين EKnqlYV
شخصيات ظهرت في الفصول السابقة :
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين MvlgMye
أخيرا وصلنا لنهاية هذا الفصل الأطول من آخر قصة قصيرة كتبتها Very Happy
كان يمكنني أن أقسمه لكن أردتُ أن أنتهي من ماضي دوريان دفعة واحدة [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1232301502
و كذلك الانتهاء من هذا الأرك ~ في لقائنا القادم سيبدأ أرك جديد بإذن الله وردة
جُوري و آكا-تشين تتذكران عندما قلتُ أن في روايتي شخصية تشبه دانة في طفولتها؟
كنتُ أتحدث عن رُوان الصغير [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 210208170 و الآن أعتقد أنكما تفهمان قصدي [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 4078314248
عنوان اليوم هو مسألة من يرد أولا لنكن صريحين [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 3670467598
المهم أودعكم للآن و أراكم بعد الحرب بإذن الله [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1887442045 I love you
لا تحرموني من مروركم و تشجيعكم [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1620276979 I love you
دمتم في أمان الله و رعايته
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين PwgzPYh
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 3uWjeQ5

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Emptyرد: [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz
لقد استمتعت كما لم افعل منذ زمن طويل . حقاً انتِ تبهرينني في كل مرة . لقد كان ماضي دوريان صعباً جداً . اتمنى ان تتحول هذه الرواية الى كتاب جميل كجمال كاتبة هذه الرواية .

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Emptyرد: [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz
شيكسو احزنني الفصل حقا ، ماضي دوريان كان حزين وصعب ... 
شكرا على الفصل الممتع ، يسلموا ايدك ، في انتضار الفصول القادمه (⌒_⌒;)🌸

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Emptyرد: [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 13361533087

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Emptyرد: [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz
بسم الله الرحمـن الرحيـم

السـلام عليـكم و رحمة الله تعــآلى و بركآته

أهـلآ غاليتي رين ~ كيف حالكـ ؟ آمل أن تكوني بخيـر ^^

~

هيهي .. فعلا فصل عملاق حجما و محتوى و فخم لأقصى درجة

لا أدري إن كان سيشبعنا طوال فترة الانتظار

لكنه بالتأكيد منحنا وقتا ممتعا في قراءته و الاطلاع على تفاصيله

و خيار التوقف خلال الحرب صائب ~ رغم أننا سنشتاق للرواية خلالها ..

بالنسبة للعنوان الماضي فسعيدة أيضا لأن اجابتي كانت صحيحة ^^

الجزء الأول منه عرفت بسهولة أن لينا قائلته

أما الثاني فقد ترددت قليلا .. لكنني استقررت على يايث في النهاية

و بالمناسبة ما تقومين به في اختيار العناوين رائع حقا .. أرفع لك القبعة

لطالما كنت مهتمة بماضي دوريان خاصة بعد حادثته مع موريت و تورسييل

المسكين ولد في عائلة ذات سمعة سيئة و ماتت أمه و تركته مع والده القاسي

كما أنه تحمل مسؤولية لا يريدها و هو لا يزال طفلا ><

" دوريان أراد أن يفعل عكس ذلك تماما،
أراد أن يرتمي في حضن والده تماما مثل أخته
و أن يبكي حتى تجف دموعه. "


وصفك لمشاعر دوريان أسطوووري ~

موقف دوريان و يايث كاوايي هههه

عكس تورسييل فقد جعلته يرخي دفاعه و يخرج تعابيرا لا نراها دائما

ساسوغا قائدة الفان XD

"كلمة واحدة منك، دوريان، و لن نحتاج للمفاوضات أو لقريبك ذاك،
لن يحتاج أي أحد ليتأذى... لذا انطقها."


آآآخ دوريان الباكا لِم لا يتعاون معهم فحسب ><

" شخص يفضل الموت على مساندتها في خططها؟ "

ألهذه الدرجة هو وفي للملك ؟ ><

روان الوغد .. الحقييير >< آآآخ أكره هذا النوع من الحقراء ><

و فوق ذلك يدعي البراءة .. " ضربني فبكى سبقني و اشتكى " هاه

هواااه .. الغرفة فعلا مرعبـة !

"دوريان! الأمر متعلق بالرحلة،
فكلما كانت أصعب و أطوال كلما كانت نشوة الوصول لخط النهاية أعظم!
و قد كانت تلك النظرة على وجهك تستحق الانتظار بالفعل يا قريبي الغالي!"


الوغد ><

روان تجاوز كل الحدود بخدعة غرفة التعذيب !

بجدية كيف يفعل شيئا كهذا بابن خالته !! الوغد !

مشهد اغلاق الصندوق مرررعب .. أبدعتِ في وصفه !!

و ردة فعل دوريان المسكيييين ><

حتى أنه انتهى بقتل والده بسبب خروجه عن السيطرة ><

هواااه .. ماضيه حقا مؤلم .. و من الطبيعي أن كوابيسه تلاحقه لغاية الآن ><

"فلتنجو إلى أن نتوقف عن كوننا أعداء،
إلى أن أتمكن من أن أريك ما أريد أن أريك. حسنا؟"


يايث كااااكوي ~ الفان كآآآآآآكوي [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 3871200867 I love you I love you

+ روان الوغد أفظع من دانة هههههه

فصل من أروع ما يكون و أنتظر التكملة بشوق ^^

صاحب العنوان دوريان على الأرجح ~

~

شكـرا على الفصل الرائـع

سلمت أنآملك | تقييـم + بنـر + بنر سلايد شو

بانتظار جديــدك بفآآرغ الصبـر

في أمـآن الله و حفظـه

[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 866468155

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Emptyرد: [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz


مساء الخير.

دوريان لم يقرأ اليوم و لو صفحة واحدة، رغم تظاهره عكس ذلك منذ الصباح


يمثلني عندما أحاول تجاهل أحدهم [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1508887074 .

لذا كان على دوريان أن يفعل ذلك لأجلها على الدوام، أحيانا منزعجا من اعتمادها المستمر عليه.


دوريان، ما هذه اللطافة [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 2314261446

ياه فقد دوريان وأخته والدتهما في سن صغيرة.

تبادلا الإهانات المخفية كالعادة،


طبعا، طبعا. فهذا جزء لا يتجزأ من يومهما [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1508887074

و قد صُدم أكثر عندما اعتذر رُوان عن تصرفاته السابقة تجاه دوريان


جيد لم أكن لأحبه لو لم يعتذر.

فقط عندما أرغب بأن أبدو مخيفة.


[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1508887074 [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1508887074 [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1508887074

والده مات على يده، وأخته في غيبوبة، ماذا عن ابن خالته؟
ماضيه كان بائسًا، كان يعيش لهذه الفترة وهو يلوم نفسه على ما حدث لأخته ووالده.

description[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين Emptyرد: [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين

more_horiz


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف حالك رين..

ها أنا ذا مرة أخرى.. سعيدة بأنه فصل طويل ^^
بمنالسبة الطقم.. الطقم رهيب جدا. أريد فقط أن أسئلك كيف تجعلينني أنبهر كل مرة بالتصميم؟!
أحتاج منك درسًا على كل فصل ههههه

بيليند كانت في الثالثة يومها، و عندما أخبرها والدهما أن أمهما لن تعود مطلقا، انهارت بجانب دوريان على أرضية المدخل،

يداها الصغيرتان تتدليان على جانبيها بينما انهمرت دموعها بغزارة و تردد صوت بكائها في أرجاء القصر.


يا روحي [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 2131699084

سرعان ما حملها والده بذراع واحدة لتدفن وجهها في كتفه و تواصل البكاء بحرقة متشبثة بملابسه، أما يده الأخرى فقد امتدت

لتحط على رأس دوريان الذي أبقى عينيه على الأرض، يصر على أسنانه و يحكم إغلاق قبضتيه.

وصف مؤثر ومعبر جدا.. يمكنني تخيل الموقف كأنني أشاهد أنمي ^^
أنا حقا أحب تعبيراتك تلك ^^

حكاية عائلة دوريان تبدو مؤثرة قليلًا.. ولكن يبدو أنه ف النهاية هو المجرم.
تصرف يايث كان لطيفًا^^ وأحسنتِ في وصف انفعالاتها..

أشفقت على دوريان المظلوم دومًا أمام ابن خالته..
لكن هو يستطيع التحمل ^^

ومن الجيد الآن أن الاثنان أصبحا كبارًا..

أعجبني كثيرًا الدمج بين موقف إشعال النار من يايث ثم ذكر القداحة في ذكريات دوريان بعدها ^^

أوه.. روان ذلك الوغد!
ألهذا كان يُظهر لطفه لدوريان؟! يبدو أن روان حقا وحش صغير [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 2347500315

ما قابله كانت جثة تتكئ على الحائط، تشوهها نفس الخدوش الدموية التي داخل الحجرة و تتدفق الدماء بغزارة من أذنيها،

جثة شاحبة و عديمة الحياة تماما.

جثة والده.

يا الله.. لا تقولي.. أنه قتل والده؟! [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 4277658448
هل أتى والده لإنقاذه ودوريان قام بقتله دون أن يشعر؟

جُوري و آكا-تشين تتذكران عندما قلتُ أن في روايتي شخصية تشبه دانة في طفولتها؟

أها.. دانة هي روان إذن ههههههه
بالفعل نفس المقالب الكريهة : D
لكن باختلاف أنني لن أسمح لدانة أن تفعل شيئًا مثل هذا لـ قمر [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 4078314248

العنوان تخمينه سهل.. دوريان صحيح؟ Very Happy

ماذا أقول عن فصل اليوم!
طويل وممتع جدّا.. بالفعل أفضل شيء أنك جمعته وجعلته فصلًا واحدًا [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 1887442045
ظللتُ مركزة في الأحداث لدرجة أنني نسيت حتى كتابة رد خلال القراءة..

الوصف عظيم والسرد أعظم.. ماشاء الله تبارك الله..
موهوبة أنت يا رين فعلًا..
أحييك حقا على هذه التحفة..

من الجيد أن هناك فصلين آخرين هههههه قبل أن أنتظر [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 2314261446
سأحاول تأخيير قراءتهم..

تم التقييم بالطبع..
وسلمت يداكِ [ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين 3746313665






 KonuEtiketleri عنوان الموضوع
[ رواية ] : the darklings & the alight | الفصل الحادي و العشرين
 Konu BBCode BBCode
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
replyإرسال مساهمة في موضوع
remove_circleمواضيع مماثلة