السلام عليكم و رحمة الله و بركاته كيف حالكم؟ إن شاء الله بخير و عافية ~ فصل اليوم شوية مشاعر شوية قتال و احزروا ماذا؟ القتال من كتابة المبدعة آكا-تشين لديها أفكار رهيبة و ممتعة في التصرف بقدرات الشخصيات و هي فعلا التغيير و الحركة التي أحتاجها في الرواية في كل مرة تكتب لي أشعر بأنني أدخل عالم روايتي من جديد و أراه من منظور آخر جديد و ذلك مفيد للغاية من عدة نواحٍ لذا لا تنسوا إخبارها برأيكم و تقدير ما فعلته ~ [ إجابة الفصل السابق ] : جاك لينا. -"آني هي أكبرنا،" أخبرتها يايث عندما كانت لا تزال جالسة بجانبها على السطح، "أكبر الناجين على أية حال... ثم أنا، من بعدي تورسييل و من بعده هو لويراف..." تهكمت للحظة، "شاهدتُهما يعانيان للنجاة من بين العشرات من غيرهم، كما شاهدا معي موريت و آيفيرا... راي قصة أخرى." عندما طال صمت يايث قررت لينا التحدث، نبرتها خفيفة: -"إذن صادف لقائي بالأخ فان الصغير؟ مدلل العائلة؟" جعل ذلك يايث تضحك ضحكة قصيرة و تواصل الكلام بابتسامة على شفتيها: -"آه، بالفعل، مدلل للغاية. أحبه تايبرت أكثر من أي شيء..." ازدادت الحدة في نبرتها و ابتسامتها مع كل كلمة، "على عكسه، فنحن قد قُطِّعنا. مرارا و تكرارا. في كل مكان. لم يترك تايبرت قطعة منا إلا و أذاقها الألم مبررا نفسه بحجة العِلم!" يدا يايث اللتان أغلقتا بإحكام فوق ركبتيها كانتا تنزفان الآن، و أدركت لينا بأن أظافرها لا بد و أنها اخترقت لحم راحة يديها. لم تستطع لينا نكران حقيقة أنها هي نفسها ترتجف خوفا الآن، لكن هذا ما أرادت أن تعرفه، ظلت تذكر نفسها أنها انتظرت سماع هذه الأجوبة منذ سنوات، و لا مجال للتراجع، لذا سألت: -"ما المختلف بشأن رايلي؟" بالكاد تمتمت يايث الإجابة: -"راي كان ابنه، من صلبه و من دمه، ابنه الحقيقي." لسبب ما، لم تُصدم لينا بهذه المعلومة كصدمتها بغيرها. ربما تلقت الكثير من الصدمات و تعودت على الأمر بهذه السرعة. خفقت يايث رأسها نحوها فجأة، وجهها الآن قريب للغاية بتلك العيون المشتعلة و الابتسامة المجنونة بينما تقول: -"كان خطأ تايبرت الاعتقاد بأنه يمكنه التحكم بنا، بأننا سنمتثل له فقط لأننا لا نعرف غيره! لم نكن مثاليين بالنسبة له كرايلي، رايلي الذي لم يطبّق عليه سوى ما جربه علينا، الذي أذاقنا الألم لأجله، حتى لا يضطر للمعاناة كما عانينا!" اقتربت يايث أكثر، و اضطرت لينا لرفع بصرها حتى تتمكن من رؤيتها بوضوح، قائدة الـ فان أمامها كجدار سدّ ضخم على وشك الانفجار مسببا فيضانا كارثيا. -"لاحظتِ الأمر، أليس كذلك؟ كيف أن راي أكثر تعاطفا و لطافة من بقيتنا؟" هزت لينا رأسها في استنكار، لكن صوت يايث كاد يقطّعها عندما استطردت: -"كم أنه في أعماقه شخص صالح؟ شخص لم و لن نتمتع أبدا برفاهية التشبه به، لأننا محطمون!" -"أنتِ مخطئة!" لم تعد لينا قادرة على التزام الصمت، و أيا كان ما سيحصل الآن، فيجب عليها قول تلك الكلمات. وقفت مبتعدة عن يايث و أشارت لنفسها بيد تحت عنقها قبل أن تقول بعزم: -"أنظري إليّ! أنا الدليل الحي على أنكِ لستِ كما تعتقدين!" انتظرت بضع لحظات، و عندما بدت يايث أنها لن تقوم بشيء سوى التحديق بعينين خامدتين، تقدمت لينا و أخذت بلطف تلك الأيادي الباردة، بنفس البرودة القارصة لبشرة رايلي، فاتحة إياهما حتى تُغلق الجروح التي تسببت بها أظافر يايث لنفسها. -"أتذكرين عندما أتيتكم قبل بضعة أيام؟" سألت لينا بنعومة، "موريت أراد من تورسييل أن يقتحم ذكرياتي دون تردد، لكن البقية—أنتِ تركتِ لي الخيار." -"ذلك ليس سوى أمر بديهي! لا تملكين أية فكرة عما ارتكبناه—" -"و أنتم لا تملكون فكرة عما ارتكبته أنا." قاطعتها لينا بصرامة. إن كان الـ فان يعتقدونها فتاة بريئة و نقية فإن الخطأ خطأها لأنها لم تبذل أي مجهود لتصحيح اعتقاداتهم، أو بالأحرى لم تكن مستعدة لذلك، لم تكن مستعدة للتحدث عن ماضيها و عما اقترفته في طريقها للنجاة خلال سنوات مراهقتها... لكن الأمر لا يتعلق بها الآن، لذا واصلت بنفس الصرامة التي تخللها اللطف: -"أنتِ لا تفهمين! لقد حرصتِ على راحتي منذ البداية و عاملتِني بلطف لدرجة أنني أحسست بالغباء لعدم شعوري بالتهديد و أنا متواجدة برفقة أقوى مخلوقات الأرض!" ذلك صحيح تماما، فإن لينا تذكر كل لفتة صغيرة أقدمت عليها يايث لتشعرها بالراحة و الانتماء، رغم أنها الفتاة التي ظهرت برفقة 'الخائن'. -"رايلي شخص متعاطف، هذا صحيح،" واصلت لينا بخفة أكبر، "لكن ذلك لأنه رايلي و حسب لا أكثر. الاختلاف لا يرجع سوى لشخصياتكم، تماما كما تختلف بقية المخلوقات. و كل مخلوق لديه طريقته الخاصة في التعاطف، كل ما في الأمر أن طرقكم تختلف!" حدقت يايث فيها مطولا، تعابيرها المجنونة قد هدأت الآن، و كأنها تدير كلمات لينا في رأسها و تبحث عن معناها من كل وجهة نظر ممكنة. -"ما الذي تريدينه؟" سألت لينا بهدوء. "هل تريدين استعادة ذكريات الماضي؟ ما كنتِ عليه قبل الـ فان؟" حاجبا يايث التقيا في تردد، لكنها هزت رأسها نافية بلطف و ردت أخيرا بنفس الهدوء: -"أريد الحرية... بعد أن ينتهي كل هذا، أريد الحرية في أن أكون شخصا جيدا بحق." لينا ابتسمت ابتسامة دافئة، يداها لا تزالان متشبثتين بيديّ يايث عندما قالت: -"أنتِ بالفعل شخص جيد في نظري يا يايث." صمت. -"من الواضح أن هنالك من يحتاج لنظّارات إذن." ردت قائدة الـ فان رافعة ذقنها بسخرية. -"هـــاه؟!" قطبت لينا حاجبيها في انزعاج محررة يديّ يايث أخيرا. "هل كان عليكِ إفساد لحظة تطور صداقتنا الجميلة؟" دفعت يايث شعرها الملتهب وراء ظهرها بأناقة و قالت بابتسامة ماكرة: -"أنسيتِ في حضرة من تقفين يا فتاة؟" طوت لينا ذراعيها. -"كيف لي أن أنسى و أنا أُعمى بجمالكِ الأخاذ في كل لحظة أقضيها معك؟" -"ما علاقة جمالي بالأمر؟!" لينا وضعت يديها خلف ظهرها و ضحكت. لأن قائدة الفان كانت تقف أمامها الآن، تعابيرها جادة و ذقنها مرفوع في استياء، لكن على وجنتيها احمرار خفيف. بياتريس. ربما لم تكن بياتريس مستعدة لمواجهة غضب إيفانورا درايك، لكنها حرصت على أن لا تترك لنفسها خيارا آخر، لذا أخذت نفسا عميقا قبل أن تنطلق لمواجهة القائدة العليا. ما كادت تأخذ خطوتها الأولى حتى تفاجأت بكون إيفانورا قد وصلت لأمامها مسبقا و تعابير الغضب تملأ وجهها، تلوح بيدها التي تحولت إلى مخالب تنين في رمشة عين. بالكاد تفادت تريس الضربة التي جعلت موجة هواء قوية تعصف بكل ما وراءها. لمست بياتريس الأرض بيدها فإذا بالأرض تتشكل في جبل من تحت إيفانورا و ترفعها للأعلى، جاعلا إياها تفقد توازنها. لم يكن ذلك كافيا لإسقاطها، إلا أن بياتريس فاجأتها بضربة سيف أتتها من الجانب. صوت الصليل الذي صدر عند احتكاكه بجسد القائدة جعلها تتأكد مما قاله جاك سابقا... هذا لن يفلح. أمسكت إيفانورا النصل فانكسر بين أصابع يدها كالزجاج، سارعت تريس بإفلات ما تبقى منه بينما تقفز للأرض، و تبعتها القائدة على الفور ملوحة بيدها التنينيّة مجددا. بياتريس لم يكن أمامها سوى التراجع للخلف بسرعة و بخفة، فضربة واحدة من القائدة الصلبة كافية لتفجير أحشائها. و ما دام القتال القريب من نقاط قوة القائدة، فعلى تريس ترك مسافة آمنة إن أرادت أن تصنع فرصة أمامها. ما إن حاولت إيفا المهاجمة من جديد حتى ظهر أمامها حاجز ترابيّ جعلها تفقد أثر المتمردة للحظة، و حينها قامت تريس برمي خنجر من وراء ذلك الجدار. اختفى التراب لتظهر إيفانورا على بعد أمتار عديدة متفادية الخنجر، ثم اندفعت القائدة مجددا لتعرقلها الهجمات الأرضية من كل جانب، كلما تفادت واحدا يأتيها آخر... توقفت للحظة، ثم ضربت الأرض بقوة كافية لجعلها تتزلزل من تحت بياتريس التي أجفلت قبل أن تخرج على الفور علبة متوسطة الحجم من حزامها. وصلت إليها إيفا هذه المرة و لوحت مجددا بمخالبها، فرمت تريس العلبة و قفزت متجنبة الهجوم. رفعت بياتريس يدها فإذا بمسحوق أسود يخرج من العلبة و يرتفع تدريجيا ليتجمع و يحيط بالقائدة في دوائر متماسكة، و ما كان ذلك المسحوق سوى بارود سريع الاشتعال. لم يتطلب الأمر منها سوى لمعة لهب تُلقى على البارود المندثر، و في تلك اللحظة توسعت عينا إيفانورا في إدراك لما يجري... لكن ردة فعلها لم تكن سريعة كفاية للهرب من الانفجار الذي تلا. جثت القائدة على ركبة واحدة، وتيرة تنفسها متسارعة ربما ليس من أثر الهجوم نفسه، بل من غضبها الذي تضاعف بعده. رفعت بصرها نحو بياتريس، عيناها متسعتين لدرجة بروز العروق على جانبيهما، وجهها بدأ يحمر غيضا بينما تحملق في فريستها على استعداد للانقضاض. خفق قلب بياتريس و حاولت بشدة أن لا تجفل، فقد كانت تعلم أن ذلك لم يكن كافيا للإطاحة بالقائدة، لذا و رغم كل الخوف الذي اجتاحها في تلك اللحظة، إلا أنه لا مجال للتراجع الآن! جاك ما كان ليتراجع. لأنني أحضرته إلى هنا، ما كان ليتراجع. اقتربت تريس مجددا لتنفيذ هجومها الموالي قبل أن تستعيد القائدة كامل غرائزها... إيفانورا وقفت رافعة يدها، و كان من الواضح أنها ستستهدف عنق تريس هذه المرة و دون رحمة، لكن هجوم بياتريس كان مجرد تمويه لتتجاوزها منتقلة إلى خلفها في لحظة. أخرجت تريس من جيب حزامها سلكا حديديا ملتفا، من الأشياء التي يحملها أفراد الفيلق معهم للحيطة، فإن صادفوا منطقة ذات خطر محتمل قاموا بتطويقها بذلك السلك لمنع الاقتراب إلى أن يتم التعامل مع الخطر... ذلك لا يعني أن تريس لن تستعمله في أمور أخرى. لكن قبل أن تحظى بفرصة لفعل أي شيء ظهر ذلك الذيل الأسطوري الذي لطالما سمعت به و لم تره من قبل، تماما كما تظهر أجنحة جاك، ذيل خشن و شائك يبرز بوضوح قاسٍ طبيعة دماء التنين لإيفانورا درايك... و بضربة واحدة منه سقطت تريس أرضا غير قادرة على الحركة. سالت الدماء من فمها، على الأرجح أن الضربة الأخيرة سببت لها نزيفا داخليا. أخذت تسعل بينما تحاول تحريك جسدها بكل ما تبقى لها من عزيمة، تحاول مقاومة الألم الفظيع الذي يعتصر أحشائها... التفتت القائدة ببطء لتواجهها مجددا، واقفة تنظر نحوها بتعالٍ يثير الرهبة، رغبة القتل التي تنبعث منها جعلت بياتريس ترتجف قليلا و تتذكر الفارق في السن و الخبرة بينهما. تنهدت إيفانورا مغلقة عينيها للحظة، بلا شك تحاول التحكم في نفسها حتى لا تقتل مرؤوستها في نوبة غضب، فالقتال قد انتهى لصالحها الآن... أو هذا ما اعتقدته على الأرجح، فـ بياتريس باكستر لم تنتهي بعد! عندما فتحت القائدة عينيها وجدت أن ذلك السلك المعدني يحيط بها من كل جانب، و قد عادت تلك التعابير الحانقة إلى وجهها عندما قالت بنبرة مسمومة: -"هل تعتقدين أنك ستنالين مني بشيء سخيف كهذا؟" -"هذا ليس الغرض منه." ردت بياتريس مبتسمة. لم تكن قادرة على الحركة في هذه اللحظة، لكن ذلك لا يعني أنها غير قادرة على استخدام قدراتها. قامت القائدة بتمزيق ما يحيط بها في رمشة عين كما هو متوقع، و ما كان على تريس سوى دمجه و تشكيله مجددا ليعود لمكانه على الفور. اختصاصات تريس: سحر الأرض و سحر التشكيل. قدراتها تسمح لها بتشكيل أنواع المواد و اللعب بها كما تشاء، و قد اختارت التركيز على جانب الأرض و التربة و المعادن، فهناك تكمن أفضليتها. قوة القائدة الجبارة كانت مزعجة، و بياتريس وضعت هذا في الحسبان. فهي لا تخطط لكبحها للأبد -ستكون محظوظة إن استمرت لثواني إضافية- بل كانت تستهدف شيئا آخر في حزامها. و عليها الإسراع قبل أن تتخلص إيفانورا من قيودها و تسحق جسد تريس، الآن أو أبدا! أسقطت بياتريس الشيء الذي كانت تحاول سحبه... قنينة ماء. إيفانورا تفاجأت، و كأنها تنبأت بما تحاول تريس فعله. بياتريس تعلم أن اختراق دفاع القائدة أمر مستحيل، إذن إن أراد أحدهم التغلب عليها، فسيستهدف طرقا تكون فيها صلابتها بدون فائدة. التحكم في الماء ليس من نقاط قوة تريس، لكن كمية كهذه ليست صعبة عليها، و في لحظة أصبح رأس إيفانورا داخل فقاعة مائية من تشكيلها، تاركا القائدة منقطعة الأنفاس. بقيت تتخبط محاولة إفلات ذراعيها من السلك الذي يحيط بها و يتجدد كلما قامت بتمزيقه، بينما وقفت تريس بصعوبة محاولة الابتعاد... صعقتها ضربة أخرى من ذلك الذيل اللعين و أسقطتها أرضا، و انقضت عليها إيفانورا التي لا تزال غير قادرة على التنفس. قوى تريس خارت، و السلك لم يتجدد هذه المرة... بالكاد تملك طاقة لإبقاء المياه في مكانها الآن. إيفانورا هي الأخرى لم تعد تملك النفس الكافي لتسديد ضربة حاسمة، و اكتفت بالضغط على رقبة بياتريس، محاولة خنقها و إذاقتها من نفس كأس العذاب... -"إيفا!" صرخ صوت غير مألوف. -"بياتريس!" سمعت صدى يناديها، لكنه بدا بعيدا جدا و خافتا. رؤيتها أخذت تضيق و تتشوش أكثر مع مرور كل لحظة... جاك. لقد حصل الأمر بسرعة مخيفة. كان القتال بين تريس و القائدة إيفانورا متزنا في البداية، على الأقل عندما التفت جاك ناحيتهما بدت تريس و كأنها تتدبر أمرها، لكن بين لحظة و أخرى تغير كل شيء. كل من بياتريس و إيفانورا أصبحتا تختنقان ببطء و كأنهما تنجرفان بعيدا عن هذا العالم. جاك لم يلتفت نحو إدوارد الذي كان بجانبه حتى، بل اندفع مباشرة نحو بقعة القتال، ينادي على تريس دون جدوى. القائد الأعلى تبعه في كل الأحوال، نداءه على زوجته هو الآخر لم يلقى ردا أو استجابة. ما كاد جاك يصل المرأتين حتى تجاوزه إدوارد الذي قفز نحو إيفانورا منتزعا إياها من على تريس و جاعلا إياها تدور معه في العشب من إثر الصدمة، حتى ابتعدا عن جاك و بياتريس مسافة آمنة. سرعان ما توسعت عينا تريس العسليتان بينما تستنشق و تسعل بحدة ممسكة عنقها المندوب، و صوت سعال إيفانورا تردد كالصدى من بعيد. جاك أسرع لينحني على ركبة واحدة بجانب تريس و يساعدها على الجلوس. -"بياتريس! هل أنتِ بخير؟ أيمكنكِ الكلام؟" ظلت متشبثة برقبتها و تنظر نحو الأفق بعيون خاوية، لكنها رفعت راحة يدها أمام جاك لتشير له بأن ينتظر. جاك تنهد بهدوء و سكت في ترقب، إلى أن هدأت تريس أخيرا، أنفاسها أصبحت أكثر اعتدالا و عيونها ارتخت في استسلام، حينها فقط أدارت وجهها لتنظر إليه، و توسعت عيناها من جديد. -"جا—ك—" قاطع كلامها صوتها المبحوح الخافت. مدت يدها نحو وجهه، ثم استعادتها بحركة خاطفة قبل أن تلامس بشرته. حينها تذكر حقيقة كون مخلبه قد اقتُلع مع على خده، و ابتسم بلطف بينما يطمئنها: -"لا تقلقي علي، أنا بخير." جاك واثق من أن الإصابة ستجعله يخوض الجحيم إن لم يتصرف بشأنها بأسرع وقت ممكن، لكنها ليست على رأس أولوياته الآن. تريس بادلته الابتسامة، رغم أن ابتسامتها كانت أعرض و أكثر حيوية، فقد قالت بذلك الصوت الخافت: -"ستترك ندبة جذابة على خدك." شعر جاك بحرارة خفيفة تلامس وجنتيه، لكن لحسن الحظ غيرت بياتريس الموضوع قبل أن يتعثر على إجابته، و استطردت الآن بجدية أكبر: -"ما الذي يحصل؟" التفت جاك نحو إدوارد و إيفانورا، كان شعر هذه الأخيرة و وجهها مبللا من أثر تلك الفقاعة التي بلا شك صنعتها تريس، و كانت تضع يدها على قناع زوجها مثبتة إياه على وجهه، تعابيرها بين القلق و الاستياء. تمنى جاك لو أن إدوارد يخبرها أنه لم يخلع القناع قبل أن تنطلق نحوه و تسحقه بقوة تنانين الدرايك. استدار جاك نحو تريس من جديد، مستعدا لتوضيح كل شيء. لكن ما كاد أن ينطق بكلمة حتى انبثقت من تحت الأرض سلاسل حديدية و التوت حول جسده، رافعة إياه في السماء. تريس، إدوارد و إيفانورا كلهم رُفعوا معه. -"لحسن الحظ لا تزالون أحياء أيها الحمقى." نطق صوت جوريان المُتعب. ترنح القائد الأعلى قليلا بينما ينهض، خصلاته الخضراء تتمايل كما تتمايل ملابسه البيضاء التي اتسخت الآن بالعشب و التربة، يد من يديه مرفوعة ناحية جاك و تريس، و الأخرى ناحية القائدين الآخرين. كانت عيناه الفارغتين موجهتين نحو الأفق بلا مبالاة، و رغم هدوءه المعتاد، إلا أن حاجبيه كانا مقطبين في استياء، و نبرته قُطّعت بحدة مخيفة هذه المرة عندما قال: -"أشتم رائحة دماء في كل مكان، ما الذي حصل؟" اقشعر بدن جاك رغما عنه، يبدو أن لديه أكثر من شخص ليوضح له الأمور. شخصيات ظهرت في الفصول السابقة : ... ... [ العنوان ] take this veil from off my eyes my burning sun will some day rise الأسبوع القادم سيكون هنالك فصل مزدوج بإذن الله مخصص لشخصية معينة، شخصية تدور حولها الكثير من التساؤلات إلى ذلك الحين لا تحرموني و آكا-تشين من مروركم و آرائكم بالنسبة للعنوان فكل قسم من قسميه على لسان شخصيتين مختلفتين لذا يمكنكم تخمين واحدة أو اثنتين، فرصة و جائزة مضاعفة دمتم في أمان الله و رعايته ~ |