رايلي. لينا غفت في مجلسها مغلفة بمعطفها الأسود الطويل، بيتر و رُوان كانا فاقدين للوعي في كراسي مختلفة، و زوجة هذا الأخير ظلت معه في المقهى بينما تغلغل الفان قليلا إلى النفق المؤدي للكهف و تجمعوا في دائرة. لويراف طمئنهم أن خطة العدو لم تتضمن قتل بقية إخوتهم، على الأقل ليس فورا و ليس مادام اللورد بيتر رهينة لديهم. موريت تدخل حينها: -"لن يقتلوهم، حتى لو لم يكن الأفعى معنا." -"ما الذي يجعلك واثقا؟" لويراف سبق رايلي في السؤال. موريت مرر عينيه عليهم جميعا بنظرة استهزاء، ثم ثبتهم على لويراف من جديد و رد: -"أنت تمازحني، صحيح؟ لا يمكن أن أكون الوحيد الذي لاحظ أن هنالك أمرا يجري مع دوريان و تورسييل و أختنا الكبرى العزيزة." -"آنييل لم تكلّم دوريان أبدا." قال لويراف في حيرة. -"إنه يقصد يايث." تنهد راي. -"أجل،" أكّد موريت، "و هنالك أمر بينهم هم الثلاثة، أمر لستُ واثقا من ماهيته... لكن يمكن القول أن دوريان يدين لهما أو شيء من هذا القبيل." -"تقصد بسبب تلك الحادثة حيث حفرتَ وجهه؟" تدخلت آيفيرا الآن. ضحك موريت ضحكة متوترة وجيزة قبل أن يستطرد: -"ألن تتجاوزوا ذلك أبدا؟ التعلق بالماضي ليس جيدا." حينها تغير شيء ما في سلوك لويراف، و اندفع ليمسك موريت من ياقة قميصه ثم يخاطبه بذلك الهدوء البارد: -"على ذكر ذلك، ستشرح لي حالا ما مسألتك بالضبط مع الجنرال إيرفيت تيغن." -"اتركني أولا يا لُوِي." رد موريت بابتسامة بريئة رافعا يديه في استسلام. رايلي سأل: -"عمّ يتحدث، موريت؟" عندما لم يرد موريت فعل لويراف ذلك بدلا عنه بينما يترك قميص موريت. -"عندما أمسكتُ و لينا بالجنرال، آتى إليّ و جعلني أعده بأن لا أقتلها أو أؤذيها أذى لا رجوع فيه." تذكر راي فورا تلك النظرة التي وجّهها موريت نحو الجنرال، ثم التفت إلى موريت بعينين متسعتين و كلمة واحدة: -"لماذا؟" رغم أن لديه حدسا قويا بأنه ربما يملك فكرة عن السبب. موريت رتب هندامه مبقيا عينيه على الأرض، و تمتم شيئا لم يسمعه أي منهم. -"ارفع صوتك." بدأ صبر لويراف ينفذ. -"لقد قُلت،" كرر موريت بينما يرفع كُلاّ من صوته و رأسه، "الأمر يحدث مجددا، بل إنه لم يتوقف عن الحدوث مطلقا على مدار الثمانية عشر عاما الماضية..." ران صمت غير مريح لفترة، لا يُسمع خلاله سوى تنهد آيفيرا العميق، و احتكاك يديّ لويراف بقماش معطفه بينما يغرس يديه في جيوبه، و صوت صفع رايلي لوجهه الشاحب بكفّيه. رايلي كان في الثامنة عشرة عندما التقى موريت لأول مرة. بحلول ذلك الوقت كان منزلهم مكتظا بالفعل: آنييل، يايث، لويراف، تورسييل، و هو و أبوه. تايبرت كان قد أخبر رايلي في ذلك الصباح أنه سيجد مفاجأة جديدة في البستان، و راي علم فورا أنه على وشك أن يلتقي بأخ أو أخت جديدة. عندما وجده، كان أخوه الجديد جالسا على العشب و حوله مجموعة من الورود ناصعة البياض، و كان رافعا يده أمام عينيه و يحدق فيها بتمعن. أخذ راي خطوات إضافية ناحيته ليلمح أخيرا ما كان يثبّت بصره عليه: حشرة سوداء بحجم ظفر الإبهام كانت تسير على مفاصل يده. أخوه الجديد لم يعر رايلي أي اهتمام بينما اقترب منه هذا الأخير، يتأمل ملامحه التي لا تبدو أكبر من سن رايلي بكثير، ربما ثلاث سنوات كحد أقصى... صوت فرقعة. رمش رايلي بعينيه و راقب أخاه يمسح دماء الحشرة التي سحقها بين أصابعه على إحدى الورود البيضاء التي حوله. -"مقرف، مقرف!" كرر باشمئزاز. لم يلتفت ناحية راي إلا بعد أن أزال الدماء تماما و نظف أصابعه، ثم أعطى رايلي ابتسامة بريئة، خجولة لحد ما. -"لا بد أنك رايلي." رايلي هز رأسه بالموافقة، و حينها وقف و أردف: -"أدعى موريت، و أنا أخوك الآن، لذا..." هز كتفيه، "فلنعتني ببعضنا، حسنا؟" ثم مد يده للتصافح. حدس رايلي أخبره أن هنالك أمرا مختلفا بخصوص هذا الشخص بالتحديد، و ليس فقط لأنه أول من بادر بتقديم نفسه منذ أن كانت يايث الوحيدة التي فعلت ذلك قبل بضع سنوات. -"في العادة أعانق إخوتي و لا أصافحهم." رد رايلي بابتسامة دافئة، آخذا يد موريت على أية حال. رايلي تمكن من أن يبني توقعات لا بأس بها عن كل من إخوته من عناقه الأول مع كل منهم، ابتداءً من ردة فعلهم عندما سألهم إلى العناق نفسه، و الآن يشعر أنه عليه فعل ذلك أكثر من أي وقت مضى. -"دعنا لا نكسر عاداتك إذن." قال موريت بينما يهز كتفيه من جديد. رايلي ضمه على الفور، و طريقة تفاعل موريت مع ذلك... الطريقة التي جفل بها للحظة قبل أن يسمح للأمر أن يحصل جعل حدس رايلي يصرخ عليه من جديد أن هذا الشخص مختلف بطريقة ما، و أن عليه اكتشاف مصدر ذلك الاختلاف. عندما تركه راي سأله إن كان التقى بقية إخوتهم، و كان جواب موريت: -"آني، تورسييل، لويراف، و الآن أنت. جميعهم إلا المدعوة ياث." -"يايث." صحح رايلي بابتسامة خفيفة. "ستبدو لك شرسة، و هي كذلك، لكنها لطيفة أيضا." ضحك موريت قليلا ثم قال: -"لدي شعور بأنها المفضلة لديك، و أعتقد أنني سأستمتع كثيرا بسرقة مركزها عما قريب." -"يمكنك أن تحاول." أراد رايلي أن يقولها مازحا، لكن نبرته عكست بعضا من الجدية و الشك الذي يخالجه. ظهرت على كل واحد من إخوته علامات الحيرة لحد ما في أولى لقاءاتهم برايلي، و كان موريت هو الوحيد الذي التقى الآخرين قبل أن يلتقي راي، لذا هذا الأخير فكر بأنه لا بد و أن لذلك علاقة بطريقة تصرف موريت. فبعد كل شيء لا يوجد تفسير آخر لكون هيومونكولوس جديد يتصرف بهذا الشكل البشري الطبيعي للغاية. أو هذا ما اعتقده رايلي في ذلك الوقت، فقد أخبره والده أنه يصنع حاويات طبق الأصل عن أشخاص التقى بهم، ثم يملئ تلك الحاويات بقوى الفان و تعاويذ تجعلهم يتصرفون كالمخلوقات الحية تماما. راي دائما ما أراد أن يعرف المزيد عن طريقة سير العملية، لكن حتى بعد مرور سنوات عديدة فإن تايبرت لم يسمح له بالدخول إلى مختبره و لو مرة واحدة، و ذلك لم يزد رايلي سوى فضولا لمعرفة أسرار أبيه. رايلي كان في العشرين من عمره عندما التقى آيفيرا، و في الحادية و العشرين عندما سمح له تايبرت أن يدخل مختبره السحري أخيرا، مستعدا للوفاء بوعده الذي قطعه له عندما كان لا يزال طفلا. رايلي دخل ليجعل منه والده مخلوقا قادرا على تغيير العالم بقوته وحدها. و ذلك هو الحلم الذي لم يفارقه منذ الصغر، الطموح الذي ظل قلبه يتوق إليه طوال كل تلك السنوات، الصورة المستقبلية التي أعمته عن رؤية كل شيء آخر، كل ما كان خاطئا بخصوص والده و إخوته. لينا. أول ما أحست به لينا عند استيقاظها هو الهز المستمر لجسدها المعلق، ثم الدفء الجميل الذي غلفها، و أرادت أن تذوب و تغرق بين طيات معطفها الطويل للأبد. لكن بعد لحظة ضربها الإدراك بأنها لا تعرف مكان تواجدها، ثم الإدراك بأن هنالك من يحملها. لينا تحركت غريزيا، مستعدة لإشهار مخالبها، إلى أن هدّأها ذلك الصوت المألوف: -"سأكون ممتنا لو أنكِ لم تخدشيني يا آنسة لينا، فأنا لستُ بأفضل حالاتي الآن." لينا استرخت حينها، و تمتمت بصوت ناعس: -"أخبرتك أن لا تناديني بالآنسة يا راي." -"اعذريني فقد نسيت." توضّحت رؤيتها تماما بعد قليل، و رفعت رأسها لتقابل عينيه الهادئتين في لون أزرق رمادي، كانت فيهما نظرة غريبة رغم أن شفتيه شُدتا في ابتسامة خفيفة. -"أين نحن؟" سألته دون أن تنظر من حولها. سمعت أصوات قادمة من خلفها، و تعرفت على صوت موريت المزعج و آيفيرا التي بدت و كأنها تعاني في التحكم بنفسها حتى لا تضربه. رايلي أجاب: -"لقد ابتعدنا عن الكهف، و نحن الآن نتبع اللايدي آليس إلى موقع يمكننا المكوث فيه حاليا." -"من نحن؟" -"أنا و أنتِ، لويراف، يحمل اللورد رُوان، آيفيرا، و اللورد بيتر الذي لا يزال فاقدا للوعي على ظهر موريت." إذن كل ما تغير هو من يحمل من. أخفضت لينا رأسها قليلا. تذكرت فجأة صدمَتها عند موافقة رايلي على إنهاء حياة دوريان رورك، و تمتمت دون أن تنظر إليه: -"أتعلم؟ لم أتوقع أنك ستوافق على شرط اللورد رُوان..." -"هل يزعجك ذلك؟" نبرة رايلي كانت مراعية كالعادة، ذلك لم يتغير فيه مطلقا. -"قليلا..." اعترفت بهدوء، "لأنك قلت أن لا شيء سيتغير بالنسبة لي." -"إذن رايلي الذي التقيتِ به ما كان ليوافق على ذلك؟" سمعته لينا يضحك بشكل وجيز، "لأنني واثق من أن رايلي الذي التقيتِ به قد حاول قتلك في البداية." ذلك ليس عادلا، أرادت أن تقول لينا، و احمرت وجنتاها في إحراج. لقد كانت مغرورة في اعتقادها أنها تمكنت من معرفة راي بما يكفي لتوقع ما سيختاره... لذا ليس عليه أن يتحدث عن تلك الحالة الهائجة التي يمقتها بشدة و كأنها جزء منه. اختارت أن تقول أخيرا: -"ذلك لم يكن أنت." -"لكن كان ذلك أنا في الكهف." -"متأكدة أن لديك أسبابك." لينا لم تكن متأكدة من الأمر إلى أن نطقت به و أحست بحقيقته. رايلي بالتأكيد لديه سبب وجيه، لكنها لن تسأل عنه، سيخبرها إن أرادها أن تعرف. بدل ذلك رفعت رأسها نحوه و استطردت بخفة: -"مازلت صديقي. ثم إنك لست أسوأ الأشخاص المهمين بالنسبة لي." راي ابتسم بصدق هذه المرة و رد: -"فعلا؟ من هذا الذي يتربع على ذلك العرش؟" والدي. لينا لم تستطع أن تقرر هل تقولها أم لا. -"إنه موريت، أليس كذلك؟" أكمل رايلي. قطبت لينا حاجبيها و توسعت عيناها. -"لقد فقدت عقلك." أخبرته ببساطة. رايلي أمال رأسه و أصبحت ابتسامته مستفزة. -"اعترفي بأنكِ أدركتِ أنه ليس مجرد وغد و فهمتِ لِمَ هو المفضل لدي!" -"مستحيل!" ردت لينا بصرامة، رغم أن شفتيها ارتجفتا في محاولة لمنع نفسها من الضحك. لم يضف أي منهما كلمة لفترة. -"هنالك أمر أود سؤالك بشأنه." كسر رايلي الصمت فجأة، نبرته هادئة بشكل خطير. "من أين تعرفين اسم تايبرت؟" أوه. تنهدت لينا و حاولت دفن رأسها داخل المعطف، ثم راقبت تعابير رايلي بينما تجيب: -"يايث أخبرتني عنه." عندما لم يبدُ عليه الاستياء واصلت: -"أخبرتني أنه السبب وراء وجود الفان على هذه الأرض، و أخبرتني أيضا أنهم كانوا بشرا قبل ذلك." -"هُم؟" رفع رايلي حاجبا وحدا، "ليس أنا؟" -"أنت... أنت كنتَ ساحرا، أليس كذلك؟ لأنك... ابنه..." اللعنة على المعطف الذي لا يحتوي عباءة يمكنها الاختباء داخلها. ملامح رايلي لم تتغير، ظلت هادئة و متصلبة، و لينا حبست أنفاسها. -"ذلك صحيح." أفصح أخيرا، عيناه تلمعان بالحياة الآن، "لكن أتعلمين؟ أنا أيضا كان عليّ أن أصبح بشريا لفترة، و إلا ما كان لينجح تحوّلي إلى فان." كيف يمكن لساحر أن يصبح بشريا؟ لينا تخيلت أن يأتي مشعوذ شرير و يأخذ منها ذلك الجزء من كيانها الذي يجعلها مستذئبة. أحست بالاشمئزاز من تلك الفكرة، بالاشمئزاز من تايبرت فانسيرا. -"أنا بخير، يمكنني أن أمشي بمفردي الآن." غيرت الموضوع فجأة، " شكرا لك." رايلي أنزلها من على ذراعيه و إلى الأرض بينما يقول: -"لقد أجهدتِ نفسك." -"الأمر محرج حقا،" ضحكت بتوتر، "أنا مستذئبة و لكنني كنت مجرد مُزارعة، القتال ليس جزءًا من حياتي اليومية." رايلي ابتسم ابتسامة مُطَمئِنة. -"و لم يكن جزءًا من حياتنا اليومية أيضا." -"انظروا من استيقظت!" صاح موريت من خلفها، "مساء الخير، ريشيندا!" لينا التفتت إليه و ردت في انزعاج بينما تسير عكسيا: -"إن كنتَ تعتقد أنني لن أستغل كونك بشريا لأبرحك ضربا، فأنت مخطئ يا موريت." ثم ابتسمت ناحية آيفيرا التي بجانبه و أضافت بدفء: -"كيف حالك، آيفيرا؟" آيفيرا ردت الابتسامة. -"أنا على ما يرام، و أنتِ؟" -"أخبرتكم أنني أحتاج لأن أغفو قليلا و حسب!" أجابت لينا بحيوية أكبر. استدارت للأمام من جديد. على الجانب الآخر لرايلي وجدت آليس، و على طرفها الآخر لويراف حاملا رُوان على ظهره. لينا لم تعرف ما تفعله، لذا لوحت لهم بابتسامة صغيرة مُحرجة ثم ركزت بصرها إلى الأمام دون أن تنتظر رؤية ردة فعلهم. كانوا يسلكون الطريق المعاكس لأرخبيل العاصمة، الجبال الصخرية الرمادية ممتدة على يمينهم، و الأرض من تحتهم قاسية و خالية تماما من النباتات. لكن على المدى البعيد ظهرت خيالات قُرى و أراضٍ خضراء. الغيوم هيمنت على السماء الرمادية، و الجو كان أكثر برودة من أي وقت مضى. لينا تساءلت—بل كانت ترجو من كل قلبها أن تُثلج في المنطقة التي يقصدونها، فهي لم ترَ الثلج منذ تركت قطيع والدها. علمت لينا بعدها من آليس أنها و زوجها لديهما منزل طوارئ في إحدى القرى الصغيرة، تحسبا لظروف كهذه. لينا لم تسأل عن أي ظروف تتحدث. ربما بدافع الاحترام أو شعور بأنها تدين للايدي آليس بسبب تخليصها من الشحن الكهربائية، أو ربما لأنها تفضل أن تصبر لترى ما قد تقوله آليس إن واصلت إرخاء دفاعها بهذه الطريقة. أو ربما كلا السببين. لينا تذكرت أمرا مهما. -"أين هي حقيبتي؟!" أسرعت للنظر من حولها. -"لا تقلقي، إنها معي." استدارت لينا إلى آيفيرا، ثم أسرعت نحوها بارتياح عظيم. لم تلاحظ أن الحقيبة كانت على ظهرها. -"شكرا لاحتفاظك بها من أجلي." أخذت الحقيبة من آيفيرا ثم التفتت نحو موريت و سألت بنبرة إتهامية: -"هل اختلست النظر إلى ما بداخلها؟" موريت رسم إحدى تعابيره المُهانة المزيفة و رد بدراميّة: -"كلا ! لِمَ لا تسألين آيفيرا، فهي من كانت متمسكة بالحقيبة!" لينا هزت كتفيها و كأنها تقول: أنت تعرف لِمَ أسألك أنت. -"لقد حاول فعل ذلك لكنني منعته." أفصحت آيفيرا حينها. -"علمتُ ذلك!" -"آيفيرا أيتها الخائنة!" صوت موريت كان أشبه بالنحيب الآن. آيفيرا هزت كتفيها هي الأخرى و أبعدت إحدى خصلاتها البيضاء وراء أذنها بابتسامة ماكرة صغيرة على شفتيها. لينا لم تلاحظ من قبل إلى أي مدى يمكن أن تكون جميلة. -"على كل حال ماذا لديكِ لتخفيه، آنسة ريشيندا غريم؟" انقلب سلوك موريت إلى خبثه المعتاد. عدّلت لينا الحقيبة على ظهرها و أجبرت نفسها على عدم خطف نظرة ناحية لويراف، بدل ذلك ابتسمت ابتسامة متزمتة و ردت بسخرية جافة: -"الكثير و الكثير من الأمور التي لا دخل لك بها يا موريتّو." سمعت لينا ضحكات رايلي، لويراف، آيفيرا، و آليس على اللقب السخيف، بينما أظهر موريت أنيابه في زمجرة ساخرة. بياتريس. تبين بأن الفتى الجديد كولبن إضافة ممتازة للفريق، فهو يمثل ما يحتاجون إليه حاليا بالضبط: مُتعقِّب. رغم أن التعقب ليس اختصاصها بالضبط، إلا أنه ليس و كأن تريس غير قادرة على فعل ذلك بنفسها. لكن عندما تحدثوا عن تعقب لينا و رايلي، كان كولبن فخورا للغاية بأن يفصح: -"أنا الرجل المناسب لهذه المهمة ! لِمَ تعتقدون أن ناش ذاك استأجرني؟" -"لتقتل دون اعتراض؟" قالت بياتريس. -"لتخيف القرويين الأبرياء؟" أضاف إدوارد. -"لأنك مرتزق لا يهتم سوى بالمال؟" اتهم جاك. -"لأنه احتاج إلى لص مندفع؟" اقترحت إيفانورا. -"لأنك وسيم؟" أكمل جوريان. قاطعهم كولبن منزعجا: -"أنتم تؤذون مشاعري يا رفا—لحظة، تعتقد أنني وسيم؟!" استطرد بحيوية. -"بالطبع." رد جوريان بابتسامة ناعمة. كولبن ابتسم بدوره ابتسامة مشرقة. -"شكرا لك ! أنت لست سيئا بدورك—مهلا أنت أعمى!" بعد لحظة انفجرت بياتريس و كل من حولها ضحكا بينما صاح كولبن على جوريان: -"أتمنى أن تفقد سمعك أيضا!" رغم كل شيء، كولبن أثبت بأنه مفيد حقا، لأنه و بعد عدة أيام من السفر، و عند وصولهم إلى العاصمة أخيرا، لم يستغرق وقتا طويلا لوضعهم على الطريق الصحيح في البحث عن لينا و رايلي. بالطبع، رفض أن يفصح عن أساليبه، و بقدر ما رغبت بياتريس في تهديده، لأن لينا على المحك، فإنها تتفهم طريقة تفكيره. لقد أخبرهم بنفسه بعد كل شيء: -"قيمتي تكمن في ما يمكنني أن أفعله لأجلكم، و لا أريد التخلي عن ذلك." ثم غمز و أضاف بحيوية: -"لا أريد أن أمنحكم سببا للتخلي عني يا رفاق، فقد تعلقت بكم نوعا ما." -"فقط لأنك من النوع الذي يغير رأيه في نزوة،" تدخل جوريان حينها، "لا يعني أننا مثلك." ثم أضاف بنوع من الاستياء: -"لن نتخلى عنك. صبيّ أحمق." كولبن لمرة لم يجد ما يرد به. إدوارد ضحك بينما ابتسمت إيفانورا، كلاهما بفخر ساخر. أما تريس و جاك تبادلا نظرات تتراوح ما بين الحيرة و الفكاهة. -"لنعثر على صديقتي." كسرت بياتريس الصمت الوجيز. شخصيات ظهرت في الفصول السابقة : ... ... |