بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركآتههَ أقدم لكم روآية ]بهآبيهو ! ] الأسم قد يبدوآ غريباً .. ( الجزء الأول ) تلوثت ملابسه الرمادية الفاتحة بدمه الأحمر النقي ، شعر بالغثيان ، سيفقد الوعي بعد قليل ، فقد أصُيب برصاصة حيّة في جانبه الأيمن قبل قليل ! كان يستند إلى حـائط الزقاق ، وجلس وهو يغمض عينيه في ألم ، كادت صرخة قوية تنفرج من بين شفتيه ، إلا أنه كتمها بصعوبة ، فقط اكتفى ببعض الأنين .. كان يمشي في زقاق ضيق مظلم ، يمشي بلا وعي، بدون أن يستطيع التفكير من الألم ، لا يدري إلى أين يذهب ؟ إلى أين يلجأ ؟.. بهاء هو فتى في الصف الثالث الثانوي ، طويل القامة بعض الشيء ، لديه جسم رياضي فهو من المشاركين في رياضة الكونغ فو، ويستطيع القفز بمهارة كالفهود . شعره أسود له بريق لامع وهو ليس بالناعم الحريري ، وليس بالمجعد الخشن ، وإنما شعر سهل جميل ولديه بعض الخصلات السوداء تنحدر من شعره القصير على جبتهه، حتى تكون فوق عينيه الكحيلتين الرماديتين رمادا غامقا بعض الشيء . كان يضغط على أسنانه بقوة ، كاد يكسرها ، أراد أن ينام .. لكي يخفف من ألمه قليلا .. لكن .. ماذا لو دخل رجال الشرطة هذا المكان ؟ سيتهمونه أنه بهابيهو ! _ وهو فعلا بهابيهو _ أغمض عينيه مرة أخرى في ألم ، وهو يتذكر مشهد المفتش عمير وهو يصرخ في رجاله لكي ينتشروا في دائرة نصف قطرها خمسة كيلومترات كاملة ، أي رجل يرتدي ملابس رمادية فهو متهم ! ولكنه سمع خطوات شخص تقترب منه ، فتح عينه فجأة في حذر . . وقام وهو يستند إلى الحائط بيده اليمنى .. أما يده اليسرى فقد كان يُمسك بها جنبه الذي استمر تدفق دمه .. كانت الرؤية عنده مشوشة لأقصى حد .. فلم يعرف من الذي اقترب منه .. سمع صوتا مألوفا لديه يقول في فرح : أخيرا وجدتك .. بهابيهو.. تعال لأسلمك لأبي .. عرف صوته فورا .. إنه عُثْمَان .. قال له في ضعف : عثمان .. مهلا .. لم تستطع قدماه التحمل ، فسقط على الأرض .. لكن عُثمان أمسكه ، قال له : ولماذا مهلا ؟ .. أنت مصاب .. سوف يأخذك أبي إلى المستشفى ثم نأخذك إلى المحكمة ثم للسجن .. لا تخف فلن نعذبك هناك ..!!! ابتسم في ألم ، وقال : إنني أعلم أن السجن مصير كل لص ، فلطالما سمعتك وأنت تحدثني عن عقاب المجرمين لأنك ابن مفتش . ثم اقترب أكثر من عُثمان حتى صار وجهه أمامه مباشرة ، وأزاح وشاحه الرمادي عن وجهه ونظر إلى نظرة باسمه .. صرخ حين رآه عُثمان ..قائلا : بهابيهو .. أنت .. أنت بهاء ؟ هتف بهاء بغضب : لا يا أبله ، أنا لست بهابيهو ، أنا بهاء ! راح يقاوم عينه التي أبت إلا أن تفقد وعيها ، ودقّـق عُثمان النظر إلى بهاء ، صديقه العزيز الذي لم يفارقه من السنة الأولى الابتدائية ! ووجده حقا نفس الملامح ، الأنف الصغير ، والعينين المائلتين إلى اللون الرمادي الغامق الباهت ، كما أنه نفس بشرته البيضاء القمحية ، وأيضا ، ملابسه البيضاء المائلة للرمادي الباهت ، حذاؤه الرمادي ، والعصابة الرمادية التي يربطها على رأسه، مما يدل على أنه يعشق اللون الرمادي ، كل هذا يُثبت أن هذا الشخص هو بهاء صديق عثمان الغالي . حدّق إليه ثم سأله فجأة بصرامة : _ ماهو الخنفشار ؟ ابتسم بهاء بسخرية رغم ألمه وقال بقليل من المرح : _ طاولتان بجانب بعضهما البعض! وصديقان حميمان ! ثم لم يستطع بهاء التحمل ، فسقط جاثيا على ركبتيه ، في حين هتف عُثمان فرحا وهو يعانق بهاء في حماس : _ يا حبيبي !! .. إنه أنت نفسُ الشخص ، أنت بهاء الذي أعرفه ! كانت تلك كلمة سر بينهما ، اقتراحاها حينما شاهدا فيلما عن تزوير الأشخاص ، وعمليات التجميل التي أصبحت تجعل الإنسان يطابق إنسانا آخر ، كانا يقترحانها على سبيل المرح والتشويق ، ولكن عثمان سأله هذه المرة ليتأكد من أن هذا صديقه ، إذ أنّ لا أحد سمعهما يومئذ . وفتح بهاء عينيه بخفيه فرأى عثمان يُخرج جهاز اتصال لاسلكي من جيبه ، ويضغط زرّا في أعلاه ، ثم يقول : _ أنا هنا يا أبي ، لقد ألقيتُ القبض على بهابيهو ! اتسعت عينا بهاء دهشةً وخوف، وغمغم : أنا يا عثمان لست ... قطع حديثه ابتسامة عثمان البسيطة وهو يخرج مسدسا صغيرا من جيبه الكبير في سترته ، ويقول بهدوء : _ لقد أعطانيه أبي لأوقات الشدائد ، لا تقلق ! فمعي ترخيص بحمله .. أخرج مسدسا من جيبه ، نظر إلى وجهه نظرة مبتسمة مرحه لا تناسب الموقف ، وهو تفاجأ منه .. أمن المعقول أن يقتله ؟ هذا من سابع المستحيلات بالطبع .. فبهاء هو صديق عثمان المقرب جدا ، يكاد يكون توأم روحه ، فهو لن يجرؤ على أذيته بأي حال من الأحوال ، فكيف بقتله ؟ طارت ثقته وهو يرى بصعوبة عثمان يصوب عليه المسدس ويطلق الزناد ، أطلق عثمان بسرعة .. ودوى صوت الرصاصة عاليا في أذن بهاء،وهو فقد وعيه بحق هذه المرة .. بل غطّ في غيبوبة عنيفة .. اتصل عثمان على أبيه ،فأبو عثمان _ عمير _ ضابط شرطة كبير ، ثم قال : أبي .. عثرت على بهابيهو .. إنه الآن مصاب ، تعال وساعدني ! ثم ابتسم ابتسامة هادئة ، وهو يُكمل عمله ! _ فتح عينيه قليلا ، ثم فتحها أكثر ، بياض في بياض ! أهو ميت ؟ ربما هو الآن في ثلاجة الموتى .. فهو يشعر بالبرد وبألم بسيط في جنبه ، و.. فجأة رأى وجه عثمان أمامه وأبيه أيضا كاد أن يقوم من فرط الفزع لكنه لم يقدر على هذا ! وهو يتخيل أنهم قد عرفوا حقيقته وسيقبضون عليه .. وسمع الضابط عمير(45 سنة ) يقول بلهجته المعهودة دوما: " إذن فقد استيقظت أيها المزعج ، أريدك أن تحكي لي كل شيء " ثم أكمل وهو يصرخ : " الآن ، فهمت ؟؟!" قال عُثمان محاولاً تهدئة غضب أبيه عمير : " أبي اهدأ فإن بهاء استعاد وعيه للتوِّ فقط " ونظر عمير لابنه عثمان بغضب ، وبدا لوهلة أنه سيدفعه بقوة وهو يلوّح بيديه في عصبيه ، ولكنه قال : " أهدأ ؟ .. أتطلب مني أن أهدأ ؟ .. كيف وصديقك هذا هو شاهد على ما فعل بهابيهو ، بهابيهو الوغد المجرم الذي أصابه برصاصة في جنبه" انتبه بهاء إلى خدعة عثمان ، فـ بهاء ذكي جدا وهو يعرف الكثير عن صديقه لذلك فهو يستطيع أن يعرف أفعال عثمان من نظرة واحدة من عينينه .! سعل بهاء ليلفت نظر عثمان وأبيه إليه ، فالتفت الاثنان إليه بلهفة ، وسأله الضابط عمير بلهجة أقرب إلى الانزعاج منها إلى الاطمئنان: هل أنت بخير ؟ أومأ بهاء برأسه إيجابا ، فاستطرد عمير : لقد أخبرني ولدي عُثمان بأنه وبينما كان يساعدنا في البحث عن اللص بهابيهو الهارب _ وطبعا بتصريح مني_ كان بهابيهو يحاول الهرب بكل مالديه من قوة برغم إصابته التي أصابها به أحد رجالنا خطأ سامحه الله ، ولقد وجد عثمان اللص بهابيهو محتميا في أحد الأركان المظلمة ، ولكن ما إن رآه بهابيهو حتى هرب ، ووجدك قدرا عند طريقه فأخذك رهينة هدد عثمان بها ، فابتعد عثمان أكثر وهو يفكر بالاتصال بي ، ووجد بهابيهو يهدده بقتللك إذا لم يسلمه سلاحه ، فرمى عثمان مسدسه على الأرض والتقطه بهابيهو بحذر ، وعندئذ أمره عثمان أن يتركك ، لكنه رأى بهابيهو وهو يطلق عليك المسدس ثم يفر هاربا ! سعل بهاء مرة أخرى ، ثم قال في صوت مبحوح : _ إنه كان يريد أن يجعلني هو ، بمعنى أن يوهمكم أنني بهابيهو مادمت مصابا في جنبي ، وذلك بأن يصيبني في جنبي و يُلبسني ملابسه ثم يهرب وأنتم تجدوني وتظنون أنني هو ! حكّ المفتش عمير رأسه بسبّابته وهو يقول في تفكير عميق : _ ولكن بهابيهو لص محترم جدا ، فلم يحصل مرة واحدة أن ضرب أحدا على يده في أثناء جرائمه ، فكيف يضرب الناس بالرصاص ؟ قال عثمان مندفعا : _ ربّما يا أبي أنه كان يريد أن يوصلنا لهذا التفكيير ، فهو لم يمارس العنف في عملياته ليجعلنا نظن أنه مسالم ، وفجأة وحينما يحتاج ويكون في مأزق ، يكشف لنا عن وجهه الحقيقي ويستعمل عنفا لا مثيل له ، وحينما تتسلسل أفكارنا ، نجد أنه من غير الممكن أن يكون هو من فعل تلك الجرائم الخطيرة والعنيفة لأنه مسالم طوال حياته . لوّح المفتش عمير بيده في فرح قائلا : _ هاهي ، نعم ، أحسنت يا بني ، أحسنت يا عثمان ، إنك تفوقني في مسألة التفكير ، بارك الله فيك يا ولدي . ابتسم عثمان قائلا بأدب : _ إنها تربيتك يا والدي ، أنت من علمتنا أن نستخدم عقلنا في كل شيء . غمغم المفتش عمير : _ نعم ، الحمد لله . وابتسم بهاء لهذا الموقف المؤثر ، وكم اشتاق لوجود والده بجانبه في هذه اللحظة وابتسم للمفتش عمير، فهو رغم همجيته واندفاعه ، إلا أنّه رجل حنون ولطيف ، ونيّاته كلها سليمة . وأخذه من أفكاره صوت المفتش عمير وهو يخرج من الغرفة قائلا : سأبلغ رئيس قسمي بالتقرير الجديد ، هروب بهابيهو وبقاء الضحية في المستشفى، ولكن بعض النقاط المجهولة المحيرة سأسألك عنها بعد أن ترتاح يا بهاء إن شاء الله . وأغلق الباب خلفه ، واندفع عُثمان ليجلس على كرسي صغير بجانب سرير بهاء الذي قال في هدوء : _ أشكرك على ما فعلته . قال عثمان بغضب ولكن بصوت منخفض : _ إنني _ يا بهاء _ تفاجأت جدا من حقيقتك ، فقد كنت أظنك شريفا ، لم أكن أتخيلك مثل هذا المجرم يا صديقي . فقد بهاء كل هدوءه دفعة واحدة ، وهتف : _ مجرم ؟!!! .. مجرمٌ يا عثمان ؟ .. أتقولُ مجرم ؟ .. لا والله ، خاب ظنّك هذه المرّة . ثم سعل مرة أخرى ، في حين أجابه عثمان في عصبية : _ هل تعني أنني مثلا لم أرك وأنت في ملابس بهابيهو ؟ لم أرك وأنت مصاب في جنبك ؟ هل تعني أنك لست بمجرم ؟ وقد رأيتُ جرائم بهابيهو في التلفاز وأفعاله الشنيعه ! تنهد بهاء ووضع يده في شعره الأسود الفاحم وكأنه يشده ، فهذه عادته منذ صغره عندما يتوتر، وقال بصوت هادئ دافئ : _ هل رأيتني يا عثمان ؟ ألن تتأكد مني ؟ أم أنك تُلقي التُهم جُزافا على صديقك ؟ اضطرب عثمان وأشاح بوجهه وهو يقول في تردد : _وما معنى أنني رأيتك بالأمس في ثياب بهابيهو ، الذي كان أحد الضباط يريد إخافته فأصابه خطأ في جنبه الأيمن ؟ حتى أنتَ بنفسك ، اعترفتً بأنك بهابيهو ..! المجرم الحقير الذي يتعدى على حقوق الغير ! انفعل بهاء وهو يقول محاولا التماسك : لم أعترف يا عثمان ، لا تقل شيئا لم أفعله ، ولا تصفني بصفات ليست فيّ ..! قال عثمان منزعجا : ولكن ألست أنت بهابيهو ؟ .. علما بأن كل الأدلة تدل عليك ، لولا أنني بدّلت ثيابك سريعا بعد أن فقدتَ وعيك بين يديّ ! وحتى العصابة الرمادية التي تربط بها رأسك وتتلثم بها ، رميتها بعيدا ، وعندما جاء أبي ومعه بقية الشرطة ، وجدوا بهاء الذي أصابه بهابيهو .. ولم يجدوا بهابيهو الذي أصابه رجل الشرطة ، ولم يعرفوا أن الاثنين رجل واحد ! تنّهد بهاء وهو يغمض عينيه ويسترخي في سريره في محاولة منه لكتم غضبه وانفعاله ، أمام صديقه عثمان الذي قال غاضبا : لو أن أحدا من الشرطة جاء ورآك بملابس بهابيهو فاقد الوعي ومصابا في جنبك ، لقبضت الشرطة عليك بتهمة أنك بهابيهو اللص الحقير ..! .. ولكن لحسن حظك فبعد أن بدلت ملابسك الخارجية بملابس عادية وأنت فاقد الوعي ، وحاولت تلويثها قليلا بالدماء التي نزفت منك ، جاء الشرطة وأسعفوك .. وكل دليل عن بهابيهو قد اختفى ..! وأضاف في انفعال : والآن وبعد أن خفت عليك ، وقلتُ في نسفي أريد أن أستفسر منه أولا وأفهم منه حكايته ثم نتفاهم معه في وضعه ، تأتي وتقول لي أنك لست بهابيهو .. هل ستخدعني ؟ أو ستكذب علي مثلا ؟ تنفس بهاء بعمق وهو ينظر إلى عثمان الذي هدأ بعض الشيء وقد أخرج كل ما في جوفه ، فقال له هادئا : عثمان ، أتمنى منك أن تقدر ظروفي فأنت صديقي العزيز .. وهل ستصدقني إذا قلتُ لك أنني لستُ بهابيهو اللص الحقير الذي تتكلم عنه ؟ نظر إليه عثمان بارتباك ، وعندئذ أعاد بهاء سؤاله قائلا بانفعال وإحباط : هل ستصدقني ؟ تنهد عثمان وهو يغمض عينيه قائلا : نعم ! تمتم بهاء في راحة : الحمد لله ! صديقي عثمان ما زال يثق بي! فسأله عثمان عندئذ بفضول : ولكن يا بهاء ، فسّر لي كل هذه الحوادث ، وماسرّ أنني وجدتك مصابا وبملابس بهابيهو ..! مادمتَ لست بهابيهو ؟ أجابه بهاء مبتسما بصدق : ولكني أنا بهابيهو ! حدق عثمان إليه بدهشة وصدمة ، وقال : ولكننك قبل قليل تقول أنا لست بهابيهو ! هل ستُجنني معك يا بهاء ؟ ضحك بهاء ضحكة قصيرة ، ثم وضع يده على يد عثمان المنفعل بدهشة ، وقال له ضاحكا : سأخبرك كل شيء يا عثمان ، أعدك بذلك .. !ولكن الآن ، أخبرني ، ألم تجد أفضل من الخطة التي قلتها لأبيك ؟ لقد كانت كلها كذبا ! قال عثمان بتضاق : ولكنني كنت مرتبكا جدا من صدمتي برؤيتك في هذا المنظر، وكذلك لم أدر ما أقول ، ففكرت في هذه الفكرة ! تنهد بهاء في إحباط : كلّها كذب ! .. لم أكن أريد ذلك ، كنتُ أريدها تورية ! ضحك عثمان وهو يقول : ولكنك أيضا كذبت أيها المحتال ! بل وأكملت كذبتي ! مطّ بهاء شفتيه ، وهو يقول : لم يكن هناك حل بالنسبة لي ! .. آه المهم أن يسامحنا الله على ما فعلنا ! لن أكذب ثانية .. سأحاول قدر الإمكان التورية .. ثم ابتسم له وهو يقول : أشكرك على كل شيء يا صديقي ، والآن سأخبرك كل الحكاية ! __ " ماذا ستفعل يا أبي ؟ " سأله عثمان ، فأجابه أبوه وهو يجلس على كرسي حول المائدة ليُفطر: _ إنني أفكر في انتظار عملية بهابيهو الجديدة والإمساك به . جلس عثمان بجانبه ، وقال وعلى شفتيه طرف ابتسامة : _ لا أظنّه سيعود للظهور مجددا في هذه الأيام ! دخلت أم عثمان قائلة وهي تحمل طبقين من الحساء : _ السلام عليكم . ردّ الانثان التحية وأخذ عثمان منها طبقا وساعدها بوضعه على المائدة ، في حين ابتسمت الأم وهي تقول : _ أما زلتما منشغلين بقصة بهبوهو هذا ؟ ضحك عثمان مرددا : _ بهبوهو .. يا أمي ، إن اسمه بهابيهو .. رددت الأم في غير مبالاة : _ بهبوبهو ، بهابيهو ، فليكن اسمه ( مهبب ) حتى ، ولكن مالنا وماله !! ضحك عثمان بينما قال الأب عمير في تضايق : _ إنه لص يقتحم بعض الشركات والمكاتب ، وأحيانا بعض المنشآت العامة ، ومدير قسمي يكلفني بالقبض عليه ! شعر عثمان بمعاناة والده في القبض على بهابيهو ، وتمنى لو أنه يخبره بأن بهاء صديقه هو بهابيهو ، ولكنه لم يفعل ، لأجل الوعد الذي وعده إياه قبل خروجه من المستشفى ، فـبهاء إلى الآن في المستشفى لذلك هو قال لعثمان أنه حين خروجه سيحاول تصليح الأمور ويحاول أن يُفهمه سوء الظن الذي وقع للناس على بهابيهو.. ولكن ، والد عثمان _ عمير _ متحمس جدا للقبض على بهابيهو الوغد الذي أصاب بهاء برصاصة !! _ والدة بهاء ( غدير 37سنة) ووالد بهاء ( طارق 42سنة) غدير تقول بتضايق: ياله من ولد .. لقد غاب يوما كاملا عن المنزل ، دون أن يخبرنا بأي شيء .. ألا تعتقد أننا من المفترض أن نُخبر الشرطة ؟ أليست هذه المدة طويلة حتى على ولد متهور مثله ؟ طارق : بالتأكيد لا نخبر الشرطة ، إنني أعرف ولدي جيدا ، لا يحصل له أي أمر مقلق ، سيعود بعد أن ينتهي من مغامراته الفاسدة بزجاجة عصير وطبق فشار مدعيا أنه نسي نفسه في السينما . حاولت غدير الابتسامة ، ولكن القلق مازال يعصف بكيانها . كذلك طارق الذي كتم قلقه في نفسه ، وأقرّ بصحة كلام زوجته من ضرورة الاتصال على الشرطة . ولكن لا يدري لمَ هو قلق من مسألة الاتصال على الشرطة تلك .! ويبدو أن قلقه زاد حين سمع رنين هاتفه النقّال فأخرج الهاتف وهو يقول : السلام عليكم ، أها .. هذا أنت يا جابر ..نعم ، بخير ، ... ثم سكت قليلا وبدا على ملامحه أنه يستوعب معلومات هامّة ومفاجئة ، ثم قال : حسنا إذًا .. سأذهب إليه هناك ، أشكرك يا أستاذ جابر ، كنتُ قلقا بالفعل ! ثم أغلق المكالمة ، وهتفت زوجته غدير قائلة : ما الأمر يا طارق ، ماذا قال لك الأستاذ جابر ؟ أجابها : تعلمين ، لقد حجزت الشرطة بهاء . صرخت : ماذا ؟ ولماذا ؟ ماذا فعل ذلك المهمل ؟ قال لها : اهدئي يا غدير ، فلم يفعل أي شيء ، لقد كان شاهدا على جريمة ، لذلك احتجزوه في .. ثم صمت قليلا وكأنه يهيء زوجته لاستقبال ذلك الخبر ، فقالها بتردد : لقد حجزوه في المستشفى ، لإصابته . شهقت غدير بهلع ، ثم سألت بلهفة : إصابته بماذا ؟ أجاب : لقد أصيب برصاصة ، في جنبه . رددت غدير : رصاصة .. في جنبه ؟ إصابة ؟ وشعرت بالدوار ، خرّت مغشي عليها . ___ |