يستعمل بعض الأشخاص كلمة صداع الشقيقة لوصف حدّة الألم الذي يشعرون به – لكن الصداع الاعتيادي هو مجرد صداع، فيما الصداع السيء فعلاً هو صداع الشقيقة. والواقع أن هذا الأمر صحيح نوعاً ما. فصداع الشقيقة يمكن أن يكون مؤلماً جداً. إلا أن صداع الشقيقة هو في الواقع نوع محدد من الصداع له خصائص محددة تميزه عن باقي أنواع الصداع. وبين هذه الخصائص نذكر الأعراض التي ترافق الألم غالباً. ونذكر منها الغثيان، والتقيؤ، والحساسية للضوء والصوت. وفي أغلب الأحيان، تزداد حدة الألم حين تكون نشطاً جسدياً لكنها تخف حين ترتاح في غرفة هادئة ومظلمة.
ثمة ميزة أخرى مهمة في صداع الشقيقة وهي طبيعته العَرَضية – فالأشخاص المصابون بصداع الشقيقة يعانون عادة من أنواع عدة من الصداع على مرّ السنوات، لكن كل نوبة تكون مميزة وتشكل حدثاً منفصلاً ضمن السلسلة. أما تواتر النوبات فيختلف بين شخص وآخر. فإذا كنت مريضاً عادياً بصداع الشقيقة، يحتمل أن تعاني من نوبة واحدة أو اثنتين خلال الشهر.
حسب المعاهد الوطنية للصحة، يصيب صداع الشقيقة نحو 28 مليون أميركي، علماً أن 75 في المئة منهم من النساء. يبدأ الأشخاص عادة بالمعاناة من صداع الشقيقة بين عمر 10 أعوام و46 عاماً. وقد خضع صداع الشقيقة للدراسات أكثر من أي نوع آخر من الصداع، مما يفسر وجود الكثير من المعلومات عن صداع الشقيقة.
أنواع صداع الشقيقة
حسب التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع، يفترض أن تعاني من خمسة نوبات صداع على الأقل تلبي المعايير التالية حتى يجري تشخيص مرضك بصداع الشقيقة:
1. تعاني نوبات تدوم من أربع ساعات إلى 72 ساعة
2. يكشف ألم رأسك عن اثنتين على الأقل من هذه الخصائص:
● إنه يصيب جهة واحدة من الرأس.
● له ميزة نابضة.
● تراوح كثافته بين المعتدلة إلى الوخيمة.
● يتفاقم نتيجة النشاط الجسدي الروتيني.
3. ثمة واحد على الأقل من هذه الأعراض مرافق للصداع:
● غثيان أو تقيؤ أو الاثنان معاً.
● حساسية غير عادية للصوت والضوء.
4. الفحوصات للعثور على سبب كامن للصداع طبيعية، ولا يمكن اعتبار أي مرض آخر سبباً له.
والواقع أن أنواع الصداع المصنفة على أنها صداع شقيقة يمكن توزيعها إلى عدة أنواع، علماً أن الأكثر شيوعاً بينها هو صداع الشقيقة مع الحسّ الشخصي المسبق (المعروف رسمياً بصداع الشقيقة الكلاسيكي)، وصداع الشقيقة من دون حسّ شخصي مسبق (المعروف رسمياً بصداع الشقيقة الشائع). كما توجد أشكال أخرى أقل شيوعاً.
صداع الشقيقة مع حسّ شخصي مسبق
يشعر 30 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة بما يعرف بالحس الشخصي المسبق. والحس الشخصي المسبق هو مجموعة منوعة من الأحاسيس التي تأتي قبل نوبة صداع الشقيقة، وترافقها في بعض الأحيان. وكما هي حال كلمة الصداع النصفي، وتأتي كلمة هالة، أي الحس الشخصي المسبق، من لغة الإغريق القدامى. وهي تعني “الريح”. فمثلما يشير الريح غالباً إلى عاصفة قريبة، ينذر الحس الشخصي المسبق بنوبة صداع شقيقة قريبة. أما خصائص الحس الشخصي المسبق فقد تشمل بقعاً سوداء أو أضواء ساطعة في مجالك البصري، وإحساساً بالخدر أو الوخز في بشرتك، وضعفاً في العضلات. وقد تكون هناك مشاكل أيضاً في استعمال اللغة أو فهمها.
يرتبط الحس الشخصي المسبق عن كثب بصداع الشقيقة. بمعنى آخر، إذا لاحظت أي واحد من الأعراض السابقة قبل نوبة الصداع، ثمة احتمال كبير أنك تعاني من صداع الشقيقة.
فيما يأتي المعايير المستخدمة لتشخيص صداع الشقيقة المترافق مع حس شخصي مسبق:
1. عانيت من نوبتيّ صداع على الأقل سبقهما حس شخصي مسبق.
2. يكشف الحس الشخصي المسبق عن ثلاث خصائص على الأقل من الخصائص التالية:
● تختفي الأعراض تماماً بين النوبات.
● تنشأ الأعراض تدريجياً على مدى خمس دقائق أو أكثر.
● تدوم الأعراض أقل من 60 دقيقة.
● يبدأ الصداع خلال 60 دقيقة من اختفاء الحس الشخصي المسبق، ولا تشهد أية أعراض أبداً في الفترة الفاصلة بين الحس الشخصي المسبق والصداع. لكن على نحو أقل تواتراً، يبدأ الصداع خلال الحس الشخصي المسبق.
3. إن الفحوصات الهادفة إلى العثور على سبب كامن لصداعك طبيعية، ولا يمكن اعتبار أي مرض آخر سبباً له.
يختفي الحس الشخصي المسبق أحياناً مع التقدم في العمر. كما أنه قد يبدأ في مرحلة متأخرة من الحياة، حتى لو لم تشهد في الماضي أي حس شخصي مسبق قبل نوبة صداع الشقيقة. فعلى سبيل المثال، قد تبدأ المرأة المصابة بصداع الشقيقة بالشعور بالحس الشخصي المسبق بعد شروعها في استعمال حبوب منع الحمل.
صداع الشقيقة من دون حس شخصي مسبق
إن صداع الشقيقة غير المترافق مع حس شخصي مسبق لا تسبقه أية علامات إنذار، رغم قول بعض الأشخاص إنهم يشعرون باقتراب نوبة صداع الشقيقة. فقد يلاحظون مثلاً تبدلات في المزاج أو فقداناً للشهية. والواقع أن صداع الشقيقة من دون حس شخصي مسبق هو أكثر شيوعاً من صداع الشقيقة المترافق مع حس شخصي مسبق.
وكما ذكرنا قبلاً، يمكن أن تتغير طبيعة نوبات صداع الشقيقة خلال حياة الشخص. فبعض الأشخاص يبدأون بنوع معين من صداع الشقيقة يتطور مع الوقت ليتحول إلى نوع آخر. وقد يعاني أشخاص آخرون من نوعين من صداع الشقيقة في الوقت نفسه. ونظراً للطبيعة المتقلبة لأنواع الصداع هذه، يتساءل العلماء ما إذا كانت أنواع صداع الشقيقة هي في الواقع اضطرابات مختلفة أم أنها مجرد أشكال مختلفة لاضطراب واحد.
صداع الشقيقة القاعدي
إنه صداع شقيقة مع حس شخصي مسبق يعتقد أنه ينشأ في قاعدة دماغك (جذع دماغك). قد يبدأ الحس الشخصي المسبق باضطرابات بصرية في كلا العينين، ما يؤدي إلى عمى مؤقت. يلي ذلك مشاكل في التنسيق، ودوار، وطنين في الأذنين، ورؤية مزدوجة، وغثيان أو تقيؤ، وحركة سريعة ولاإرادية في العينين (رأرأة)، وصعوبات في الكلام، وأحاسيس بالوخز في جهتيّ الجسم، وفقدان للوعي. وتشير بعض الدراسات إلى أن صداع الشقيقة القاعدي هو الأكثر شيوعاً بين النساء الشابات. وتحدث النوبات وفق فترات فاصلة تمتد أسابيع أو أشهراً وقد ترتبط بدورة الطمث أو التوتر أو استعمال حبوب منع الحمل. وعلى مرّ السنوات، تميل النوبات إلى التضاؤل.
صداع الشقيقة الارتباكي
هذا الصداع المصحوب بحس شخصي مسبق يؤثر في مراكز الوعي في مخك. ويجد الأشخاص المصابون بصداع الشقيقة الارتباكي سهولة في شرود الذهن ويواجهون صعوبة في الكلام ومهارات الحركة. والواقع أن هذه الحالة من الارتباك الشامل قد تسبق الصداع أو تليه، رغم أن الألم نفسه قد يكون غير مهم.
صداع الشقيقة الشبكي
هذا النوع من صداع الشقيقة هو شكل نادر من الصداع ويترافق مع حس شخصي مسبق. والواقع أن الاضطرابات البصرية والبقع السوداء تنشأ في شبكية عينك، أي البطانة الداخلية للعين – على عكس الأشكال الأخرى من صداع الشقيقة المترافقة مع حس شخصي مسبق، حيث تكون مراكز الدماغ المسؤولة عن الرؤية هي وراء الاضطرابات. يدوم الحس الشخصي المسبق لصداع الشقيقة الشبكي عدة دقائق عادة ويحدث في عين واحدة بدل العينين معاً.
صداع الشقيقة الفالجي
تشير كلمة فالج إلى شلل في نصف الجسم. وينطوي صداع الشقيقة الفالجي على نشوء تدريجي لأعراض شبيهة بالسكتة مصحوبة بشلل. يترافق هذا الصداع عادة مع أعراض مثل الارتباك، ومشاكل في الكلام، وطنين في الأذنين ودوار. وقد يحدث هذا الصداع مع حس شخصي مسبق أو من دونه. قد تكون الأعراض جزءًا من الحس الشخصي المسبق كما أنها قد تلي الصداع.
تبدأ المشكلة غالباً في الطفولة وقد تتوقف النوبات في سن الرشد.
متممات صداع الشقيقة في مرحلة متأخرة من الحياة
في هذا الشكل من صداع الشقيقة، تحدث الاضطرابات البصرية للحس الشخصي المسبق ولكن من دون ألم في الرأس. وتنشأ هذه الحالة غالباً عند كبار السن الذين لديهم تاريخ من صداع الشقيقة. لكنه قد يحدث أيضاً عند كبار السن ممن لم يعانوا أبداً من صداع الشقيقة قبلاً. وثمة ميزة أساسية لصداع الشقيقة الحاصل في مرحلة متأخرة من الحياة وهي وجود بقع سوداء تنتشر ببطء في مجالك البصري، على رغم إمكانية حدوث صعوبات حسية وحركية أخرى، فضلاً عن الإحساس بالوخز أو الخدر. ولا تعتبر متممات صداع الشقيقة في مرحلة متأخرة من الحياة خطيرة، لكن يُنصح عموماً بمراجعة الطبيب لحذف إمكانية وجود مشاكل أخرى خطيرة.
صداع الشقيقة المستمر
يعتبر هذا الصداع، الذي قد يكون مصحوباً أو غير مصحوب بحس شخصي مسبق، مضاعفة نادرة بدل كونه نوعاً من صداع الشقيقة. والواقع أن صداع الشقيقة المستمر هو مشكلة مؤلمة جداً تدوم لأكثر من 72 ساعة، وتمتد أحياناً على أسبوع كامل. يكون الألم والغثيان قويين جداً عادة بحيث تبرز الحاجة ربما إلى دخول المستشفى. ويكون هذا الصداع خطيراً عموماً إذا أصبت بالتجفاف نتيجة التقيؤ أو الإسهال.
صداع الشقيقة المرافق لشلل العين
رغم أن هذه المشكلة كانت تعتبر نوعاً من صداع الشقيقة في الماضي، فإن الخبراء الطبيين يعتقدون الآن أنها مشكلة التهاب في الأعصاب. وفي الإصدار الأخير من التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع، جرى اعتبار هذه المشكلة بمثابة صداع ثانوي.
أطوار صداع الشقيقة
ينطوي صداع الشقيقة عادة على أكثر من مرحلة واحدة يؤلمك فيها رأسك. وعند الراشدين، قد تدوم النوبة بين 4 ساعات و72 ساعة. بالفعل، تعرف الأطباء إلى أطوار تتالى في شكل سلسلة مع نشوء صداع الشقيقة. وليس ضرورياً أن تشهد كل الأطوار حتى يعتبر صداعك صداع شقيقة، لكن معظم الأشخاص يشهدون أكثر من طور واحد.
تشمل النوبة النموذجية لصداع الشقيقة طوراً منذراً، وطور الحس الشخصي المسبق، وطور الصداع، وطور ما بعد الصداع. ويحاول بعض الخبراء توزيع التسلسل إلى مزيد من الأطوار، فيما يحاول آخرون تبسيط التسلسل إلى أطوار أقل.
الطور المنذر
يعاني بعض المصابين بصداع الشقيقة من علامات وأعراض – يمكنك تسميتها إنذارات مسبقة – تنذر باقتراب صداع الشقيقة. والواقع أن هذه التطورات ليست مثل الحس الشخصي المسبق تماماً الذي يميل إلى الحدوث مباشرة قبل بداية الصداع ويدوم لدقائق معدودة فقط. فالطور المنذر، المعروف أيضاً بالبادرة، يبدأ على نحو تدريجي عادة وقد يدوم لعدة ساعات أو لغاية يومين قبل طور الصداع. ولا يعرف تماماً عدد مرضى صداع الشقيقة الذين يشهدون الطور المنذر، لكن يعتقد أن هذا الطور أكثر شيوعاً بين المرضى الذين يشهدون الحس الشخصي المسبق، وهو أكثر شيوعاً عند النساء مما هو عند الرجال.
تبقى علامات وأعراض الطور المنذر غير ملحوظة غالباً. ويمكنك الاعتقاد بسهولة أنك تواجه يوماً سيئاً. فالأعراض الأكثر شيوعاً مثلاً للطور المنذر هي مشاعر الاكتئاب، والتعب أو الضعف، والصعوبة في التركيز، وتصلب العنق. فأي شخص يمكن أن يشهد هذه الأعراض بين الحين والآخر وقد لا يربطها بنوبات صداع الشقيقة. ثمة أعراض أخرى قد تشمل التثاؤب المتواتر، والتهيج، والألم في العضلات، واحتباس السوائل، ومشاكل عدة في المعدة والأمعاء. وفي المقابل، يكشف بعض المصابين بصداع الشقيقة عن ازدياد في الطاقة والشهية (وخصوصاً للحلويات)، إضافة إلى وضوح في التفكير وزيادة الرغبة في العمل. واللافت أن أعراض الطور المنذر لا يليها الصداع دوماً أو قد ينشأ أحياناً صداع خفيف لا تعتبره صداع شقيقة.
طور الحس الشخصي المسبق
قبل بدء ألم صداع الشقيقة، قد تشاهد نجوماً أو أنماطاً متعرجة ومتلألئة أمام عينيك أو قد تلاحظ وجود بقع سوداء في مجالك البصري. تحدث هذه الظاهرة، المعروفة بالحس الشخصي المسبق لصداع الشقيقة، خلال الستين دقيقة التي تسبق صداع الشقيقة عادة. ولم يتأكد كيف يشهد العديد من مرضى صداع الشقيقة طور الحس الشخصي المسبق. فبعض الأشخاص يشعرون بالحس الشخصي المسبق قبل كل نوبة، فيما يشهد أشخاص آخرون هذا الحس مرات قليلة فقط في حياتهم. ويبدو أنه أكثر شيوعاً عند الراشدين مما هو عند الأولاد.
قد تكون مشاعر الحس الشخصي المسبق خفيفة أو قوية، وقد تختلف بين نوبة وأخرى. يبدأ الحس الشخصي المسبق عادة قبل 20 دقيقة من بداية الصداع ويدوم عموماً من 10 دقائق إلى 25 دقيقة قبل أن يختفي. ورغم أن الحس الشخصي المسبق يأتي قبل الصداع عادة، فإن الأمرين يحدثان أحياناً في الوقت نفسه. وقد يحدث الحس الشخصي المسبق من دون صداع، وإن على نحو أقل شيوعاً.
في الواقع إن الاضطرابات البصرية هي الميزة الأكثر شيوعاً للحس الشخصي المسبق لصداع الشقيقة.
وتختلف أوصاف هذه الاضطرابات:
● نجوم أو بقع عديمة اللون أو أضواء وامضة أو خطوط متعرّجة تظهر أمام عينيك وترتج أو ترتعش في أغلب الأحيان.
● بقع سوداء تنتشر عبر حقلك البصري.
● رؤية مرتجة وضبابية.
● أشياء في محيطك تبدو وكأنها ترتعش في الحرارة
● بقعة سوداء على شكل هلال مع حافة متعرجة ومرتعشة باللون الأبيض أو الرمادي.
ثمة أنواع أخرى من أعراض الحس الشخصي المسبق قد ترافق الاضطرابات البصرية. فقد تكون هناك مشاعر من الخدر أو الوخز في أنحاء معينة من جسمك. وعلى سبيل المثال، يشهد الشخص غالباً وخزاً في جهة واحدة من الفم وفي يد الجهة نفسها. قد تستغرق هذه الأحاسيس 30 دقيقة تقريباً حتى تنشأ بالكامل. وفي بعض الأحيان النادرة، قد يصبح نصف الجسم مشلولاً مؤقتاً لبضع دقائق، وقد تحدث أيضاً صعوبات في النطق إضافة إلى الدوار.
في بعض الأحيان، قد يشعر الشخص بإدراك شاذ لمحيطه – فالأشخاص والأشياء تبدو له مشوهة أو كبيرة أو صغيرة على نحو مفرط. يطلق أحياناً على هذه التشوهات في الشكل أو الحجم اسم تناذر “أليس في بلاد العجائب” نظراً للتشابه مع الوصف الخيالي الذي وضعه المؤلف لويس كارول في كتاب “مغامرات أليس في بلاد العجائب”.
وبين نهاية الحس الشخصي المسبق وبداية ألم الرأس، تكون هناك فترة من عدة دقائق عادة تعرف بالفاصلة الحرة. خلال هذا الوقت، قد لا تعاني من أية اضطرابات بصرية، لكنك تشعر بالدوار أو النعاس أو الغثيان. وقد تعاني أيضاً من بعض القلق وتواجه صعوبة في التكلم أو التفكير بوضوح.
طور الصداع
يمتاز طور الصداع في الشقيقة بألم نابض وكبير في الرأس، يكون عادة معتدلاً إلى وخيماً ويتفاقم نتيجة الحركة الجسدية. وفي 60 في المئة تقريباً من النوبات، يحدث الألم في جهة واحدة من الرأس (أحادي الجانب). وفي الأربعين في المئة الأخرى من النوبات، يكون الألم في جهتيّ الرأس (ثنائي الجانب).
رغم أن صداع الشقيقة قد يبدأ في أي وقت من النهار، فإنه يبدأ عموماً في الصباح في شكل وجع كليل وثابت يتراكم تدريجياً خلال بضع دقائق أو ساعات. وعند بعض الأشخاص، يصبح الألم معيقاً فعلاً. لكن عند أغلبية المصابين بصداع الشقيقة، يستمر الصداع لأقل من يوم واحد.
قد تجد أن كثافة الألم تختلف وأن الألم لا ينشأ دوماً في الموقع نفسه. وقد ينتقل الألم من جهة في الرأس إلى جهة أخرى بين نوبة وأخرى أو قد ينتقل من أحادي الجانب إلى ثنائي الجانب. يتركز الألم عادة في جبينك، لكن يمكن لأية مساحة من رأسك أن تتأثر.
ثمة علامات وأعراض أخرى ترافق ألم الرأس غالباً، ومنها:
● الغثيان. يصاب 90 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة بالغثيان، ويحدث التقيؤ عند ثلث إلى نصف الراشدين المصابين بصداع الشقيقة.
● عدم القدرة على تحمل الضوء. يشعر أكثر من ثلثيّ المصابين بصداع الشقيقة بعدم القدرة على تحمل الضوء (رهاب الضوء)، تترافق مع ألم في العين وشعور مبالغ فيه بالسطوع أو الوهج.
● الحساسية للضجيج. يشهد أكثر من 70 في المئة من مرضى صداع الشقيقة حساسية غير اعتيادية للضجيج (رهاب الصوت)، مثل التكلم على الهاتف أو زحمة السير أو حتى أصوات مثل الخطى القريبة، مما يسبب الانزعاج والألم.
وتشير المساحة الضبابية إلى توسع البقعة السوداء في حقلك البصري.
● كره للروائح. يشعر 40 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة بنفور من بعض الروائح، مثل العطور أو عوادم الديزل أو روائح الطعام.
قد تترافق نوبة صداع الشقيقة أيضاً مع شحوب في البشرة، ونوبات برد، وإفراز للعرق، وبرد وارتعاش في اليدين والقدمين، وزيادة في الوزن نتيجة احتباس السوائل. وقد تنشأ أيضاً مشاكل في المعدة والأمعاء، مثل الإسهال، والإمساك، والانتفاخ، والتجشؤ. وهناك أيضاً علامات وأعراض أخرى تشمل التورم أو الانتفاخ في فروة الرأس أو الوجه، وانتفاخ الأوعية الدموية في الصدغين، وتصلب العنق، وصعوبة التركيز والتفكير بوضوح، والشعور بالاكتئاب، والتعب، والقلق والتهيج، والدوار.
خلال مرحلة الصداع، ينسحب العديد من المرضى إلى غرفة هادئة ليكونوا لوحدهم ويرتاحوا. وبما أن الألم يميل إلى الزيادة مع الحركة – حتى لو تمثل ذلك في انحناء بسيط للرأس – يجد معظم الأشخاص أنه من الأفضل الاستلقاء أو الجلوس بسكون قدر الإمكان إلى حين اختفاء الألم.
ورغم أن طور الصداع يعتبر عموماً الميزة الأكثر بروزاً لصداع الشقيقة، فإنه ليس الميزة الوحيدة. بالفعل، قد لا يشعر بعض مرضى صداع الشقيقة بطور الصداع.
طور ما بعد الصداع
تختلف طريقة انتهاء صداع الشقيقة بين شخص وآخر وبين نوبة وأخرى. لكن علامات وأعراض صداع الشقيقة تختفي كلها خلال طور ما بعد الصداع، مما يتيح لك استئناف روتينك الاعتيادي. وبالنسبة إلى العديد من مرضى الشقيقة، يشير النوم إلى نهاية النوبة، سواء تمثل ذلك في قيلولة قصيرة أو في ساعات عديدة من النوم العميق. وبالنسبة إلى أشخاص آخرين، ينتهي الألم بعد التقيؤ. ومع خمود الألم، قد تشعر بالضياع، والاكتئاب، والإرهاق العاطفي والجسدي خصوصاً إذا عانيت من التقيؤ والإسهال. وقد يحدث تورم في فروة الرأس ليوم واحد تقريباً بعد النوبة. ويشعر بعض الأشخاص بالكسل ويحتاجون إلى برهة للوقوف على قدميهم، فيما يشعر أشخاص آخرون بانتعاش أو سرور غير اعتيادي.
مسببات صداع الشقيقة
يجد العديد من المصابين بصداع الشقيقة أن النوبة تحدث استجابة لحدث أو وضع معين – مثل شيء تناولوه للتو أو رائحة قوية جداً أو تغير في الطقس أو بيئة مسببة للتوتر. ولا تكون هذه العوامل بالضرورة سبب صداع الشقيقة، لكن يبدو أنها تحفز سلسلة الأحداث التي تفضي إلى الصداع.
ويبدو أن الشخص الذي له استعداد وراثي لصداع الشقيقة يصاب بحساسية تجاه شيء في البيئة أو في جسمه يسبب النوبة. ورغم أن صداع الشقيقة قد ينتقل في العائلة، فإن مختلف أفراد العائلة قد يكشفون عن منبهات مختلفة أو لا منبه محدد على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، قد تحتاج الحساسية لعامل معين إلى عدة سنوات حتى تنشأ.
لزيادة الأمور تعقيداً، لا يكون مجرد وجود المنبه كافياً دوماً لإحداث صداع الشقيقة – بل على العكس، قد يكون المنبه جزءًا واحداً من مجموعة عوامل وراثية، وبيولوجية، ونفسية وبيئية. فعلى سبيل المثال، قد يسبب لك تناول الشوكولا نوبة صداع شقيقة يوماً ما، ولا تشعر بأي شيء حين تتناوله في المرة التالية بسبب غياب أحد العوامل الأخرى.
إن العثور على مسبب صداع الشقيقة يحتاج إلى الوقت والجهد، وقد لا تتمكن أبداً من التعرف إلى مسبب واضح بشكل أكيد. لكن إذا لاحظت تطابقاً بين شيء تفعله وبين صداعك، تكون قد تعرفت على الأرجح إلى مذنب محتمل. والواقع أن تفادي هذا العامل قد يساعد في خفض عدد نوبات الشقيقة التي تعاني منها.
إن لائحة مسببات صداع الشقيقة طويلة جداً. لكن المسببات الأكثر شيوعاً تشمل التوتر، والنظام الغذائي، والنشاط الجسدي والتغيرات الهرمونية.
التوتر
التوتر هو أحد مسببات صداع الشقيقة الأكثر شيوعاً. فثمة تفاعل معقّد بين تكوينك البيولوجي والنفسي، وقد يسهم التوتر في استهلال نوبة صداع شقيقة أو قد يطيل صداعاً موجوداً.
ثمة نوعان أساسيان من التوتر: أحداث رئيسية في الحياة ومشاحنات يومية. وتشمل أحداث الحياة الرئيسية موت شخص محبوب أو تغير في المهنة أو طلاق. إنها أحداث كبيرة تستلزم تعديلات كبيرة. وتكون ربما معتاداً أكثر على المشاحنات اليومية، التي تراوح من البحث عن مفاتيح ضائعة إلى مواجهة زحمة السير أو تحمل الكثير من الإزعاجات في العمل. كما أن الالتزامات الاجتماعية والمالية قد تسهم في التوتر اليومي.
يعتقد العلماء أن المشاكل الصغيرة اليومية قد يكون لها تأثير أكبر في الصداع من أحداث الحياة الكبيرة. فجسمك يعتمد على احتياطات مجهولة من الطاقة لمواجهة أزمة، فيما تستطيع الأحداث الروتينية التافهة أن تتلف قدرتك على التحمل. وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، يؤدي عدم القدرة على التحمل إلى توليد صداع.
يعاني بعض الأشخاص من نوبة صداع شقيقة بعد انتهاء المرحلة الأولى الأساسية من التوتر، كما بعد الانتهاء من مشروع أو أثناء وجودهم في عطلة. يفضي ذلك إلى ما يعرف بصداع الشقيقة المذلّ. ثمة شكل مختلف لهذا الصداع هو صداع شقيقة نهاية الأسبوع، الذي قد يحصل بعد أسبوع مجهد من العمل. وثمة عوامل أخرى قد تسهم في صداع شقيقة نهاية الأسبوع، مثل النوم لساعات أطول.
النظام الغذائي
على رغم قول بعض الأشخاص إن بعض الأطعمة تسبب لهم نوبات صداع الشقيقة، ثمة دراسات علمية قليلة تثبت وجود علاقة مباشرة. فصداع الشقيقة قد يستلزم التفاعل بين عوامل عدة، فيما يعتبر النظام الغذائي مجرد واحد من هذه العوامل. فيما يأتي لائحة بالأطعمة التي تعتبر عموماً أنها تسبب صداع الشقيقة:
● الأطعمة المحتوية على مادة التيرامين الكيميائية الموجودة طبيعياً، مثل الجبن المعتّق، وسمك الرنكة المجفف، وبعض النقانق، واللفت المخمر، وخلاصة الخميرة، والخل الأحمر.
● الشوكولا
● الفاكهة الحمضية
● الاستعمال المفرط للمنتجات المحتوية على الكافيين.
● معزز النكهة غلوتامات أحادي الصوديوم الموجود في ماركات معينة من صلصة الصويا، ورقاقات البطاطا المقلية، والأملاح والتوابل، والعديد من الوجبات السريعة.
● الأطعمة المحتوية على حافظات النيترات، بما في ذلك اللحوم المعالجة مثل الهوت دوغ، والسلامي، والنقانق.
● المحلي الاصطناعي المعروف بالأسبارتام في بعض ماركات الصودا.
قد يكون صداع الشقيقة ناجماً عن حذف وجبات طعام أو عدم تناول كمية كافية أو ممارسة الحمية أو الصوم. ويعتقد العلماء أن الجوع المترافق مع النشاط المفرط أو التوتر قد يسبب صداع الشقيقة. كما أن تفويت المأخوذ اليومي الاعتيادي من الكافيين قد يكون مسبباً.
النوم
تشيع نوبات صداع الشقيقة خصوصاً خلال ساعات النوم العادي. فقد وجدت دراسة معينة أن 48 في المئة من نوبات صداع الشقيقة تحدث بين الرابعة فجراً والتاسعة صباحاً. في الواقع إن الكثير أو القليل من النوم قد يساعد في توليد هذه النوبات. وقد يسهم ذلك فيما يعرف بصداع نهاية الأسبوع إذا تغير روتين نومك خلال عطلات نهاية الأسبوع. لذا، فإن الحصول على المقدار نفسه من النوم كل ليلة من الأسبوع قد يساعد في تخفيف النوبات.
النشاط الجسدي
يمكن للنشاط الجسدي والإرهاق أن يحفز نوبات صداع الشقيقة عند الأشخاص الذين لديهم تاريخ من صداع الشقيقة. وفي معظم الحالات، يكون صداع الشقيقة نتيجة نشاط مجهد أكثر من العادة أو طويل على نحو مفرط. ثمة عوامل أخرى مساهمة مثل ممارسة التمارين من دون التحمية أولاً، وعدم شرب كمية كافية من السوائل، وممارسة التمارين في مواقع موجودة في مرتفعات عالية أو في درجات حرارة مرتفعة أكثر مما أنت معتاد عليه.
وقد يحفز النشاط الجنسي صداع شقيقة عند بعض الأشخاص، ولاسيما الرجال. يبدأ الألم غالباً بشكل مفاجئ خلال هزة الجماع أو قبلها وقد يكون مصحوباً بالغثيان والتقيؤ. ثمة أنواع أخرى من الصداع، وليس بالضرورة صداع الشقيقة، قد تنجم أيضاً عن النشاط الجنسي.
التغيرات الهرمونية
تم ربط التغيرات الهرمونية عند النساء بصداع الشقيقة. فنحو 60 في المئة من النساء اللواتي يصبن بصداع الشقيقة يشعرن بالنوبة مباشرة قبل دورة الطمث أو خلالها أو بعدها، حين تتقلب مستويات الهرمونات.
وعند بعض النساء، يميل الحمل إلى تحسين الوضع فيجعل النوبات تختفي بالكامل أو تصبح أخف أو أقل تواتراً – خصوصاً خلال الفصلين الأخيرين. وبالطريقة نفسها فإن استعمال حبوب منع الحمل قد يؤثر في نوبات صداع الشقيقة، إما بتحسينها أو بجعلها أسوأ. ولا شك في أن بعض النساء المصابات بصداع الشقيقة لا يتأثرن بالتغيرات الهرمونية.
تغيرات الطقس
يقول 78 في المئة من المصابين بصداع الشقيقة إن تغيرات الطقس قد تحفز صداع الشقيقة. وتشمل هذه التغيرات الانتقال من مكان بارد إلى مكان دافئ، والعواصف الرعدية، وارتفاع الرطوبة، والرياح الجافة أو الانخفاض في الضغط الجوي (الذي قد يحدث خلال التحليق في الجو أو خلال رحلة إلى الجبال). ويشعر بعض الأشخاص بتزايد نوبات صداع الشقيقة خلال مواسم معينة من السنة.
المسببات البصرية
يؤدي ضوء الشمس والوهج القوي إلى توليد الصداع عند 30 إلى 45 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة. وقد يكون انعكاس الشمس عن الثلج أو الماء أو الزجاج مزعجاً جداً. لذا، يضع العديد من مرضى صداع الشقيقة نظارات شمسية لحماية عيونهم من هذا النوع من التوهج. كما أن الأضواء المتقطعة، والمصابيح الفلورية، وفلاشات الكاميرا والقيادة خلال الليل يمكن أن تسبب أيضاً صداع الشقيقة.
المسببات السمعية
إن التعرض الطويل الأمد لضجيج قوي ناجم عن زحمة سير أو معدات بناء أو آليات أو أدوات أو حفلات موسيقية قد يسبب صداع الشقيقة. وحتى الضجة في مراكز التسوق المزدحمة والحفلات الكبيرة يمكن أن تسبب الصداع عند بعض الأشخاص.
المسببات الشمية
يمكن للروائح القوية أن تزعج المصابين بصداع الشقيقة وتسبب لهم الصداع. في الواقع تشمل الروائح المزعجة مبدئياً دخان السجائر والسيجار، وروائح الدهان والعوادم، ومواد التنظيف والمنظفات الكيميائية، والمطبوعات، والعطور وعطور ما بعد الحلاقة. كما أن عطور مستحضرات النظافة الشخصية قد تكون مزعجة في مصعد مزدحم أو في قطار مزدحم. وغالباً ما تكشف الحمامات العامة عن روائح قوية لمستحضرات التنظيف.
دوار الحركة
يبدو أن صداع الشقيقة يرتبط بدوار الحركة، خصوصاً عند الأولاد. وفي أغلب الأحيان، يكشف الراشدون المصابون بصداع الشقيقة عن تاريخ من دوار الحركة منذ الطفولة. كما يبدو أن الأشخاص الذين يعانون من صداع شقيقة مترافق مع حس شخصي مسبق أنهم أكثر عرضة لدوار الحركة. ويقول العديد من الأولاد إن صداع الشقيقة يبدأ لديهم حين يسافرون.
العوامل البيئية
تعتبر العوامل البيئية أحياناً مسببات لصداع الشقيقة. وتشمل هذه العوامل مكيفات الهواء، والآلات المكتبية، والمواد البلاستيكية، والفينيل والعديد من المنتجات الأخرى.
الأدوية الموصوفة من الطبيب
يمكن لبعض الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب أن تسبب صداع الشقيقة أو تفاقم صداعاً موجوداً. ومن الأمثلة على ذلك:
● أدوية القلب وضغط الدم، مثل النيتروغليسرين
● أدوية المعدة والأمعاء، مثل قامعات الحمض
● الهرمونات المركبة، مثل حبوب منع الحمل والاستروجينات
● بعض المضادات الحيوية
● بعض العقاقير غير الستيرودية المضادة للالتهاب
تحدث إلى طبيبك إذا شعرت أن أياً من أدويتك يحفز لك ربما نوبات صداع الشقيقة. فقد تتمكن من العثور على دواء بديل لا يسبب لك الصداع.
صدمة خفيفة على الرأس
بات معروفاً أن الإصابات الجسدية أو الضربات على الرأس، كما قد يحدث في الرياضة، تسبب صداع الشقيقة. يحدث الصداع عادة بعد دقائق معدودة من الصدمة ويترافق عموماً مع غثيان وتقيؤ. وقد يكون مسبوقاً بحس شخصي.
ألم العنق
قد يسبب ألم العنق، نتيجة إصابات الوثء مثلاً، صداع الشقيقة حتى عند شخص لم يعرف هذا الصداع قبلاً. بالفعل، وجد خبراء الصداع أن مواقع معينة في عنقك وعضلات كتفك يمكن أن تزيد ألم صداع موجود في حال تعرضها للضغط.
مشاكل طبية
تم ربط مشاكل طبية متنوعة بإحداثها أو مفاقمتها نوبات صداع الشقيقة. ويميل مرضى صداع الشقيقة الذين يعانون أيضاً من تناذر التعب المزمن أو التهاب العضلات الليفية إلى المعاناة من نوبات صداع أكثر تواتراً أو وخامة. وقد يعاني الأشخاص، الذين لديهم تاريخ من صداع الشقيقة، من صداع الشقيقة عند خضوعهم لغسل الكلى لمعالجة مشاكل في الكلى.
علاقة معقدة
العلاقات بين مختلف العوامل الوراثية، والبيولوجية، والنفسية والبيئية معقّدة جداً. ورغم أن فهم صداع الشقيقة لا يزال غير كامل، تم إحراز تقدم في التخفيف من الأعراض الوخيمة لهذا النوع من الصداع.
ثمة ميزة أخرى مهمة في صداع الشقيقة وهي طبيعته العَرَضية – فالأشخاص المصابون بصداع الشقيقة يعانون عادة من أنواع عدة من الصداع على مرّ السنوات، لكن كل نوبة تكون مميزة وتشكل حدثاً منفصلاً ضمن السلسلة. أما تواتر النوبات فيختلف بين شخص وآخر. فإذا كنت مريضاً عادياً بصداع الشقيقة، يحتمل أن تعاني من نوبة واحدة أو اثنتين خلال الشهر.
حسب المعاهد الوطنية للصحة، يصيب صداع الشقيقة نحو 28 مليون أميركي، علماً أن 75 في المئة منهم من النساء. يبدأ الأشخاص عادة بالمعاناة من صداع الشقيقة بين عمر 10 أعوام و46 عاماً. وقد خضع صداع الشقيقة للدراسات أكثر من أي نوع آخر من الصداع، مما يفسر وجود الكثير من المعلومات عن صداع الشقيقة.
أنواع صداع الشقيقة
حسب التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع، يفترض أن تعاني من خمسة نوبات صداع على الأقل تلبي المعايير التالية حتى يجري تشخيص مرضك بصداع الشقيقة:
1. تعاني نوبات تدوم من أربع ساعات إلى 72 ساعة
2. يكشف ألم رأسك عن اثنتين على الأقل من هذه الخصائص:
● إنه يصيب جهة واحدة من الرأس.
● له ميزة نابضة.
● تراوح كثافته بين المعتدلة إلى الوخيمة.
● يتفاقم نتيجة النشاط الجسدي الروتيني.
3. ثمة واحد على الأقل من هذه الأعراض مرافق للصداع:
● غثيان أو تقيؤ أو الاثنان معاً.
● حساسية غير عادية للصوت والضوء.
4. الفحوصات للعثور على سبب كامن للصداع طبيعية، ولا يمكن اعتبار أي مرض آخر سبباً له.
والواقع أن أنواع الصداع المصنفة على أنها صداع شقيقة يمكن توزيعها إلى عدة أنواع، علماً أن الأكثر شيوعاً بينها هو صداع الشقيقة مع الحسّ الشخصي المسبق (المعروف رسمياً بصداع الشقيقة الكلاسيكي)، وصداع الشقيقة من دون حسّ شخصي مسبق (المعروف رسمياً بصداع الشقيقة الشائع). كما توجد أشكال أخرى أقل شيوعاً.
صداع الشقيقة مع حسّ شخصي مسبق
يشعر 30 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة بما يعرف بالحس الشخصي المسبق. والحس الشخصي المسبق هو مجموعة منوعة من الأحاسيس التي تأتي قبل نوبة صداع الشقيقة، وترافقها في بعض الأحيان. وكما هي حال كلمة الصداع النصفي، وتأتي كلمة هالة، أي الحس الشخصي المسبق، من لغة الإغريق القدامى. وهي تعني “الريح”. فمثلما يشير الريح غالباً إلى عاصفة قريبة، ينذر الحس الشخصي المسبق بنوبة صداع شقيقة قريبة. أما خصائص الحس الشخصي المسبق فقد تشمل بقعاً سوداء أو أضواء ساطعة في مجالك البصري، وإحساساً بالخدر أو الوخز في بشرتك، وضعفاً في العضلات. وقد تكون هناك مشاكل أيضاً في استعمال اللغة أو فهمها.
يرتبط الحس الشخصي المسبق عن كثب بصداع الشقيقة. بمعنى آخر، إذا لاحظت أي واحد من الأعراض السابقة قبل نوبة الصداع، ثمة احتمال كبير أنك تعاني من صداع الشقيقة.
فيما يأتي المعايير المستخدمة لتشخيص صداع الشقيقة المترافق مع حس شخصي مسبق:
1. عانيت من نوبتيّ صداع على الأقل سبقهما حس شخصي مسبق.
2. يكشف الحس الشخصي المسبق عن ثلاث خصائص على الأقل من الخصائص التالية:
● تختفي الأعراض تماماً بين النوبات.
● تنشأ الأعراض تدريجياً على مدى خمس دقائق أو أكثر.
● تدوم الأعراض أقل من 60 دقيقة.
● يبدأ الصداع خلال 60 دقيقة من اختفاء الحس الشخصي المسبق، ولا تشهد أية أعراض أبداً في الفترة الفاصلة بين الحس الشخصي المسبق والصداع. لكن على نحو أقل تواتراً، يبدأ الصداع خلال الحس الشخصي المسبق.
3. إن الفحوصات الهادفة إلى العثور على سبب كامن لصداعك طبيعية، ولا يمكن اعتبار أي مرض آخر سبباً له.
يختفي الحس الشخصي المسبق أحياناً مع التقدم في العمر. كما أنه قد يبدأ في مرحلة متأخرة من الحياة، حتى لو لم تشهد في الماضي أي حس شخصي مسبق قبل نوبة صداع الشقيقة. فعلى سبيل المثال، قد تبدأ المرأة المصابة بصداع الشقيقة بالشعور بالحس الشخصي المسبق بعد شروعها في استعمال حبوب منع الحمل.
صداع الشقيقة من دون حس شخصي مسبق
إن صداع الشقيقة غير المترافق مع حس شخصي مسبق لا تسبقه أية علامات إنذار، رغم قول بعض الأشخاص إنهم يشعرون باقتراب نوبة صداع الشقيقة. فقد يلاحظون مثلاً تبدلات في المزاج أو فقداناً للشهية. والواقع أن صداع الشقيقة من دون حس شخصي مسبق هو أكثر شيوعاً من صداع الشقيقة المترافق مع حس شخصي مسبق.
وكما ذكرنا قبلاً، يمكن أن تتغير طبيعة نوبات صداع الشقيقة خلال حياة الشخص. فبعض الأشخاص يبدأون بنوع معين من صداع الشقيقة يتطور مع الوقت ليتحول إلى نوع آخر. وقد يعاني أشخاص آخرون من نوعين من صداع الشقيقة في الوقت نفسه. ونظراً للطبيعة المتقلبة لأنواع الصداع هذه، يتساءل العلماء ما إذا كانت أنواع صداع الشقيقة هي في الواقع اضطرابات مختلفة أم أنها مجرد أشكال مختلفة لاضطراب واحد.
صداع الشقيقة القاعدي
إنه صداع شقيقة مع حس شخصي مسبق يعتقد أنه ينشأ في قاعدة دماغك (جذع دماغك). قد يبدأ الحس الشخصي المسبق باضطرابات بصرية في كلا العينين، ما يؤدي إلى عمى مؤقت. يلي ذلك مشاكل في التنسيق، ودوار، وطنين في الأذنين، ورؤية مزدوجة، وغثيان أو تقيؤ، وحركة سريعة ولاإرادية في العينين (رأرأة)، وصعوبات في الكلام، وأحاسيس بالوخز في جهتيّ الجسم، وفقدان للوعي. وتشير بعض الدراسات إلى أن صداع الشقيقة القاعدي هو الأكثر شيوعاً بين النساء الشابات. وتحدث النوبات وفق فترات فاصلة تمتد أسابيع أو أشهراً وقد ترتبط بدورة الطمث أو التوتر أو استعمال حبوب منع الحمل. وعلى مرّ السنوات، تميل النوبات إلى التضاؤل.
صداع الشقيقة الارتباكي
هذا الصداع المصحوب بحس شخصي مسبق يؤثر في مراكز الوعي في مخك. ويجد الأشخاص المصابون بصداع الشقيقة الارتباكي سهولة في شرود الذهن ويواجهون صعوبة في الكلام ومهارات الحركة. والواقع أن هذه الحالة من الارتباك الشامل قد تسبق الصداع أو تليه، رغم أن الألم نفسه قد يكون غير مهم.
صداع الشقيقة الشبكي
هذا النوع من صداع الشقيقة هو شكل نادر من الصداع ويترافق مع حس شخصي مسبق. والواقع أن الاضطرابات البصرية والبقع السوداء تنشأ في شبكية عينك، أي البطانة الداخلية للعين – على عكس الأشكال الأخرى من صداع الشقيقة المترافقة مع حس شخصي مسبق، حيث تكون مراكز الدماغ المسؤولة عن الرؤية هي وراء الاضطرابات. يدوم الحس الشخصي المسبق لصداع الشقيقة الشبكي عدة دقائق عادة ويحدث في عين واحدة بدل العينين معاً.
صداع الشقيقة الفالجي
تشير كلمة فالج إلى شلل في نصف الجسم. وينطوي صداع الشقيقة الفالجي على نشوء تدريجي لأعراض شبيهة بالسكتة مصحوبة بشلل. يترافق هذا الصداع عادة مع أعراض مثل الارتباك، ومشاكل في الكلام، وطنين في الأذنين ودوار. وقد يحدث هذا الصداع مع حس شخصي مسبق أو من دونه. قد تكون الأعراض جزءًا من الحس الشخصي المسبق كما أنها قد تلي الصداع.
تبدأ المشكلة غالباً في الطفولة وقد تتوقف النوبات في سن الرشد.
متممات صداع الشقيقة في مرحلة متأخرة من الحياة
في هذا الشكل من صداع الشقيقة، تحدث الاضطرابات البصرية للحس الشخصي المسبق ولكن من دون ألم في الرأس. وتنشأ هذه الحالة غالباً عند كبار السن الذين لديهم تاريخ من صداع الشقيقة. لكنه قد يحدث أيضاً عند كبار السن ممن لم يعانوا أبداً من صداع الشقيقة قبلاً. وثمة ميزة أساسية لصداع الشقيقة الحاصل في مرحلة متأخرة من الحياة وهي وجود بقع سوداء تنتشر ببطء في مجالك البصري، على رغم إمكانية حدوث صعوبات حسية وحركية أخرى، فضلاً عن الإحساس بالوخز أو الخدر. ولا تعتبر متممات صداع الشقيقة في مرحلة متأخرة من الحياة خطيرة، لكن يُنصح عموماً بمراجعة الطبيب لحذف إمكانية وجود مشاكل أخرى خطيرة.
صداع الشقيقة المستمر
يعتبر هذا الصداع، الذي قد يكون مصحوباً أو غير مصحوب بحس شخصي مسبق، مضاعفة نادرة بدل كونه نوعاً من صداع الشقيقة. والواقع أن صداع الشقيقة المستمر هو مشكلة مؤلمة جداً تدوم لأكثر من 72 ساعة، وتمتد أحياناً على أسبوع كامل. يكون الألم والغثيان قويين جداً عادة بحيث تبرز الحاجة ربما إلى دخول المستشفى. ويكون هذا الصداع خطيراً عموماً إذا أصبت بالتجفاف نتيجة التقيؤ أو الإسهال.
صداع الشقيقة المرافق لشلل العين
رغم أن هذه المشكلة كانت تعتبر نوعاً من صداع الشقيقة في الماضي، فإن الخبراء الطبيين يعتقدون الآن أنها مشكلة التهاب في الأعصاب. وفي الإصدار الأخير من التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع، جرى اعتبار هذه المشكلة بمثابة صداع ثانوي.
أطوار صداع الشقيقة
ينطوي صداع الشقيقة عادة على أكثر من مرحلة واحدة يؤلمك فيها رأسك. وعند الراشدين، قد تدوم النوبة بين 4 ساعات و72 ساعة. بالفعل، تعرف الأطباء إلى أطوار تتالى في شكل سلسلة مع نشوء صداع الشقيقة. وليس ضرورياً أن تشهد كل الأطوار حتى يعتبر صداعك صداع شقيقة، لكن معظم الأشخاص يشهدون أكثر من طور واحد.
تشمل النوبة النموذجية لصداع الشقيقة طوراً منذراً، وطور الحس الشخصي المسبق، وطور الصداع، وطور ما بعد الصداع. ويحاول بعض الخبراء توزيع التسلسل إلى مزيد من الأطوار، فيما يحاول آخرون تبسيط التسلسل إلى أطوار أقل.
الطور المنذر
يعاني بعض المصابين بصداع الشقيقة من علامات وأعراض – يمكنك تسميتها إنذارات مسبقة – تنذر باقتراب صداع الشقيقة. والواقع أن هذه التطورات ليست مثل الحس الشخصي المسبق تماماً الذي يميل إلى الحدوث مباشرة قبل بداية الصداع ويدوم لدقائق معدودة فقط. فالطور المنذر، المعروف أيضاً بالبادرة، يبدأ على نحو تدريجي عادة وقد يدوم لعدة ساعات أو لغاية يومين قبل طور الصداع. ولا يعرف تماماً عدد مرضى صداع الشقيقة الذين يشهدون الطور المنذر، لكن يعتقد أن هذا الطور أكثر شيوعاً بين المرضى الذين يشهدون الحس الشخصي المسبق، وهو أكثر شيوعاً عند النساء مما هو عند الرجال.
تبقى علامات وأعراض الطور المنذر غير ملحوظة غالباً. ويمكنك الاعتقاد بسهولة أنك تواجه يوماً سيئاً. فالأعراض الأكثر شيوعاً مثلاً للطور المنذر هي مشاعر الاكتئاب، والتعب أو الضعف، والصعوبة في التركيز، وتصلب العنق. فأي شخص يمكن أن يشهد هذه الأعراض بين الحين والآخر وقد لا يربطها بنوبات صداع الشقيقة. ثمة أعراض أخرى قد تشمل التثاؤب المتواتر، والتهيج، والألم في العضلات، واحتباس السوائل، ومشاكل عدة في المعدة والأمعاء. وفي المقابل، يكشف بعض المصابين بصداع الشقيقة عن ازدياد في الطاقة والشهية (وخصوصاً للحلويات)، إضافة إلى وضوح في التفكير وزيادة الرغبة في العمل. واللافت أن أعراض الطور المنذر لا يليها الصداع دوماً أو قد ينشأ أحياناً صداع خفيف لا تعتبره صداع شقيقة.
طور الحس الشخصي المسبق
قبل بدء ألم صداع الشقيقة، قد تشاهد نجوماً أو أنماطاً متعرجة ومتلألئة أمام عينيك أو قد تلاحظ وجود بقع سوداء في مجالك البصري. تحدث هذه الظاهرة، المعروفة بالحس الشخصي المسبق لصداع الشقيقة، خلال الستين دقيقة التي تسبق صداع الشقيقة عادة. ولم يتأكد كيف يشهد العديد من مرضى صداع الشقيقة طور الحس الشخصي المسبق. فبعض الأشخاص يشعرون بالحس الشخصي المسبق قبل كل نوبة، فيما يشهد أشخاص آخرون هذا الحس مرات قليلة فقط في حياتهم. ويبدو أنه أكثر شيوعاً عند الراشدين مما هو عند الأولاد.
قد تكون مشاعر الحس الشخصي المسبق خفيفة أو قوية، وقد تختلف بين نوبة وأخرى. يبدأ الحس الشخصي المسبق عادة قبل 20 دقيقة من بداية الصداع ويدوم عموماً من 10 دقائق إلى 25 دقيقة قبل أن يختفي. ورغم أن الحس الشخصي المسبق يأتي قبل الصداع عادة، فإن الأمرين يحدثان أحياناً في الوقت نفسه. وقد يحدث الحس الشخصي المسبق من دون صداع، وإن على نحو أقل شيوعاً.
في الواقع إن الاضطرابات البصرية هي الميزة الأكثر شيوعاً للحس الشخصي المسبق لصداع الشقيقة.
وتختلف أوصاف هذه الاضطرابات:
● نجوم أو بقع عديمة اللون أو أضواء وامضة أو خطوط متعرّجة تظهر أمام عينيك وترتج أو ترتعش في أغلب الأحيان.
● بقع سوداء تنتشر عبر حقلك البصري.
● رؤية مرتجة وضبابية.
● أشياء في محيطك تبدو وكأنها ترتعش في الحرارة
● بقعة سوداء على شكل هلال مع حافة متعرجة ومرتعشة باللون الأبيض أو الرمادي.
ثمة أنواع أخرى من أعراض الحس الشخصي المسبق قد ترافق الاضطرابات البصرية. فقد تكون هناك مشاعر من الخدر أو الوخز في أنحاء معينة من جسمك. وعلى سبيل المثال، يشهد الشخص غالباً وخزاً في جهة واحدة من الفم وفي يد الجهة نفسها. قد تستغرق هذه الأحاسيس 30 دقيقة تقريباً حتى تنشأ بالكامل. وفي بعض الأحيان النادرة، قد يصبح نصف الجسم مشلولاً مؤقتاً لبضع دقائق، وقد تحدث أيضاً صعوبات في النطق إضافة إلى الدوار.
في بعض الأحيان، قد يشعر الشخص بإدراك شاذ لمحيطه – فالأشخاص والأشياء تبدو له مشوهة أو كبيرة أو صغيرة على نحو مفرط. يطلق أحياناً على هذه التشوهات في الشكل أو الحجم اسم تناذر “أليس في بلاد العجائب” نظراً للتشابه مع الوصف الخيالي الذي وضعه المؤلف لويس كارول في كتاب “مغامرات أليس في بلاد العجائب”.
وبين نهاية الحس الشخصي المسبق وبداية ألم الرأس، تكون هناك فترة من عدة دقائق عادة تعرف بالفاصلة الحرة. خلال هذا الوقت، قد لا تعاني من أية اضطرابات بصرية، لكنك تشعر بالدوار أو النعاس أو الغثيان. وقد تعاني أيضاً من بعض القلق وتواجه صعوبة في التكلم أو التفكير بوضوح.
طور الصداع
يمتاز طور الصداع في الشقيقة بألم نابض وكبير في الرأس، يكون عادة معتدلاً إلى وخيماً ويتفاقم نتيجة الحركة الجسدية. وفي 60 في المئة تقريباً من النوبات، يحدث الألم في جهة واحدة من الرأس (أحادي الجانب). وفي الأربعين في المئة الأخرى من النوبات، يكون الألم في جهتيّ الرأس (ثنائي الجانب).
رغم أن صداع الشقيقة قد يبدأ في أي وقت من النهار، فإنه يبدأ عموماً في الصباح في شكل وجع كليل وثابت يتراكم تدريجياً خلال بضع دقائق أو ساعات. وعند بعض الأشخاص، يصبح الألم معيقاً فعلاً. لكن عند أغلبية المصابين بصداع الشقيقة، يستمر الصداع لأقل من يوم واحد.
قد تجد أن كثافة الألم تختلف وأن الألم لا ينشأ دوماً في الموقع نفسه. وقد ينتقل الألم من جهة في الرأس إلى جهة أخرى بين نوبة وأخرى أو قد ينتقل من أحادي الجانب إلى ثنائي الجانب. يتركز الألم عادة في جبينك، لكن يمكن لأية مساحة من رأسك أن تتأثر.
ثمة علامات وأعراض أخرى ترافق ألم الرأس غالباً، ومنها:
● الغثيان. يصاب 90 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة بالغثيان، ويحدث التقيؤ عند ثلث إلى نصف الراشدين المصابين بصداع الشقيقة.
● عدم القدرة على تحمل الضوء. يشعر أكثر من ثلثيّ المصابين بصداع الشقيقة بعدم القدرة على تحمل الضوء (رهاب الضوء)، تترافق مع ألم في العين وشعور مبالغ فيه بالسطوع أو الوهج.
● الحساسية للضجيج. يشهد أكثر من 70 في المئة من مرضى صداع الشقيقة حساسية غير اعتيادية للضجيج (رهاب الصوت)، مثل التكلم على الهاتف أو زحمة السير أو حتى أصوات مثل الخطى القريبة، مما يسبب الانزعاج والألم.
وتشير المساحة الضبابية إلى توسع البقعة السوداء في حقلك البصري.
● كره للروائح. يشعر 40 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة بنفور من بعض الروائح، مثل العطور أو عوادم الديزل أو روائح الطعام.
قد تترافق نوبة صداع الشقيقة أيضاً مع شحوب في البشرة، ونوبات برد، وإفراز للعرق، وبرد وارتعاش في اليدين والقدمين، وزيادة في الوزن نتيجة احتباس السوائل. وقد تنشأ أيضاً مشاكل في المعدة والأمعاء، مثل الإسهال، والإمساك، والانتفاخ، والتجشؤ. وهناك أيضاً علامات وأعراض أخرى تشمل التورم أو الانتفاخ في فروة الرأس أو الوجه، وانتفاخ الأوعية الدموية في الصدغين، وتصلب العنق، وصعوبة التركيز والتفكير بوضوح، والشعور بالاكتئاب، والتعب، والقلق والتهيج، والدوار.
خلال مرحلة الصداع، ينسحب العديد من المرضى إلى غرفة هادئة ليكونوا لوحدهم ويرتاحوا. وبما أن الألم يميل إلى الزيادة مع الحركة – حتى لو تمثل ذلك في انحناء بسيط للرأس – يجد معظم الأشخاص أنه من الأفضل الاستلقاء أو الجلوس بسكون قدر الإمكان إلى حين اختفاء الألم.
ورغم أن طور الصداع يعتبر عموماً الميزة الأكثر بروزاً لصداع الشقيقة، فإنه ليس الميزة الوحيدة. بالفعل، قد لا يشعر بعض مرضى صداع الشقيقة بطور الصداع.
طور ما بعد الصداع
تختلف طريقة انتهاء صداع الشقيقة بين شخص وآخر وبين نوبة وأخرى. لكن علامات وأعراض صداع الشقيقة تختفي كلها خلال طور ما بعد الصداع، مما يتيح لك استئناف روتينك الاعتيادي. وبالنسبة إلى العديد من مرضى الشقيقة، يشير النوم إلى نهاية النوبة، سواء تمثل ذلك في قيلولة قصيرة أو في ساعات عديدة من النوم العميق. وبالنسبة إلى أشخاص آخرين، ينتهي الألم بعد التقيؤ. ومع خمود الألم، قد تشعر بالضياع، والاكتئاب، والإرهاق العاطفي والجسدي خصوصاً إذا عانيت من التقيؤ والإسهال. وقد يحدث تورم في فروة الرأس ليوم واحد تقريباً بعد النوبة. ويشعر بعض الأشخاص بالكسل ويحتاجون إلى برهة للوقوف على قدميهم، فيما يشعر أشخاص آخرون بانتعاش أو سرور غير اعتيادي.
مسببات صداع الشقيقة
يجد العديد من المصابين بصداع الشقيقة أن النوبة تحدث استجابة لحدث أو وضع معين – مثل شيء تناولوه للتو أو رائحة قوية جداً أو تغير في الطقس أو بيئة مسببة للتوتر. ولا تكون هذه العوامل بالضرورة سبب صداع الشقيقة، لكن يبدو أنها تحفز سلسلة الأحداث التي تفضي إلى الصداع.
ويبدو أن الشخص الذي له استعداد وراثي لصداع الشقيقة يصاب بحساسية تجاه شيء في البيئة أو في جسمه يسبب النوبة. ورغم أن صداع الشقيقة قد ينتقل في العائلة، فإن مختلف أفراد العائلة قد يكشفون عن منبهات مختلفة أو لا منبه محدد على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، قد تحتاج الحساسية لعامل معين إلى عدة سنوات حتى تنشأ.
لزيادة الأمور تعقيداً، لا يكون مجرد وجود المنبه كافياً دوماً لإحداث صداع الشقيقة – بل على العكس، قد يكون المنبه جزءًا واحداً من مجموعة عوامل وراثية، وبيولوجية، ونفسية وبيئية. فعلى سبيل المثال، قد يسبب لك تناول الشوكولا نوبة صداع شقيقة يوماً ما، ولا تشعر بأي شيء حين تتناوله في المرة التالية بسبب غياب أحد العوامل الأخرى.
إن العثور على مسبب صداع الشقيقة يحتاج إلى الوقت والجهد، وقد لا تتمكن أبداً من التعرف إلى مسبب واضح بشكل أكيد. لكن إذا لاحظت تطابقاً بين شيء تفعله وبين صداعك، تكون قد تعرفت على الأرجح إلى مذنب محتمل. والواقع أن تفادي هذا العامل قد يساعد في خفض عدد نوبات الشقيقة التي تعاني منها.
إن لائحة مسببات صداع الشقيقة طويلة جداً. لكن المسببات الأكثر شيوعاً تشمل التوتر، والنظام الغذائي، والنشاط الجسدي والتغيرات الهرمونية.
التوتر
التوتر هو أحد مسببات صداع الشقيقة الأكثر شيوعاً. فثمة تفاعل معقّد بين تكوينك البيولوجي والنفسي، وقد يسهم التوتر في استهلال نوبة صداع شقيقة أو قد يطيل صداعاً موجوداً.
ثمة نوعان أساسيان من التوتر: أحداث رئيسية في الحياة ومشاحنات يومية. وتشمل أحداث الحياة الرئيسية موت شخص محبوب أو تغير في المهنة أو طلاق. إنها أحداث كبيرة تستلزم تعديلات كبيرة. وتكون ربما معتاداً أكثر على المشاحنات اليومية، التي تراوح من البحث عن مفاتيح ضائعة إلى مواجهة زحمة السير أو تحمل الكثير من الإزعاجات في العمل. كما أن الالتزامات الاجتماعية والمالية قد تسهم في التوتر اليومي.
يعتقد العلماء أن المشاكل الصغيرة اليومية قد يكون لها تأثير أكبر في الصداع من أحداث الحياة الكبيرة. فجسمك يعتمد على احتياطات مجهولة من الطاقة لمواجهة أزمة، فيما تستطيع الأحداث الروتينية التافهة أن تتلف قدرتك على التحمل. وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، يؤدي عدم القدرة على التحمل إلى توليد صداع.
يعاني بعض الأشخاص من نوبة صداع شقيقة بعد انتهاء المرحلة الأولى الأساسية من التوتر، كما بعد الانتهاء من مشروع أو أثناء وجودهم في عطلة. يفضي ذلك إلى ما يعرف بصداع الشقيقة المذلّ. ثمة شكل مختلف لهذا الصداع هو صداع شقيقة نهاية الأسبوع، الذي قد يحصل بعد أسبوع مجهد من العمل. وثمة عوامل أخرى قد تسهم في صداع شقيقة نهاية الأسبوع، مثل النوم لساعات أطول.
النظام الغذائي
على رغم قول بعض الأشخاص إن بعض الأطعمة تسبب لهم نوبات صداع الشقيقة، ثمة دراسات علمية قليلة تثبت وجود علاقة مباشرة. فصداع الشقيقة قد يستلزم التفاعل بين عوامل عدة، فيما يعتبر النظام الغذائي مجرد واحد من هذه العوامل. فيما يأتي لائحة بالأطعمة التي تعتبر عموماً أنها تسبب صداع الشقيقة:
● الأطعمة المحتوية على مادة التيرامين الكيميائية الموجودة طبيعياً، مثل الجبن المعتّق، وسمك الرنكة المجفف، وبعض النقانق، واللفت المخمر، وخلاصة الخميرة، والخل الأحمر.
● الشوكولا
● الفاكهة الحمضية
● الاستعمال المفرط للمنتجات المحتوية على الكافيين.
● معزز النكهة غلوتامات أحادي الصوديوم الموجود في ماركات معينة من صلصة الصويا، ورقاقات البطاطا المقلية، والأملاح والتوابل، والعديد من الوجبات السريعة.
● الأطعمة المحتوية على حافظات النيترات، بما في ذلك اللحوم المعالجة مثل الهوت دوغ، والسلامي، والنقانق.
● المحلي الاصطناعي المعروف بالأسبارتام في بعض ماركات الصودا.
قد يكون صداع الشقيقة ناجماً عن حذف وجبات طعام أو عدم تناول كمية كافية أو ممارسة الحمية أو الصوم. ويعتقد العلماء أن الجوع المترافق مع النشاط المفرط أو التوتر قد يسبب صداع الشقيقة. كما أن تفويت المأخوذ اليومي الاعتيادي من الكافيين قد يكون مسبباً.
النوم
تشيع نوبات صداع الشقيقة خصوصاً خلال ساعات النوم العادي. فقد وجدت دراسة معينة أن 48 في المئة من نوبات صداع الشقيقة تحدث بين الرابعة فجراً والتاسعة صباحاً. في الواقع إن الكثير أو القليل من النوم قد يساعد في توليد هذه النوبات. وقد يسهم ذلك فيما يعرف بصداع نهاية الأسبوع إذا تغير روتين نومك خلال عطلات نهاية الأسبوع. لذا، فإن الحصول على المقدار نفسه من النوم كل ليلة من الأسبوع قد يساعد في تخفيف النوبات.
النشاط الجسدي
يمكن للنشاط الجسدي والإرهاق أن يحفز نوبات صداع الشقيقة عند الأشخاص الذين لديهم تاريخ من صداع الشقيقة. وفي معظم الحالات، يكون صداع الشقيقة نتيجة نشاط مجهد أكثر من العادة أو طويل على نحو مفرط. ثمة عوامل أخرى مساهمة مثل ممارسة التمارين من دون التحمية أولاً، وعدم شرب كمية كافية من السوائل، وممارسة التمارين في مواقع موجودة في مرتفعات عالية أو في درجات حرارة مرتفعة أكثر مما أنت معتاد عليه.
وقد يحفز النشاط الجنسي صداع شقيقة عند بعض الأشخاص، ولاسيما الرجال. يبدأ الألم غالباً بشكل مفاجئ خلال هزة الجماع أو قبلها وقد يكون مصحوباً بالغثيان والتقيؤ. ثمة أنواع أخرى من الصداع، وليس بالضرورة صداع الشقيقة، قد تنجم أيضاً عن النشاط الجنسي.
التغيرات الهرمونية
تم ربط التغيرات الهرمونية عند النساء بصداع الشقيقة. فنحو 60 في المئة من النساء اللواتي يصبن بصداع الشقيقة يشعرن بالنوبة مباشرة قبل دورة الطمث أو خلالها أو بعدها، حين تتقلب مستويات الهرمونات.
وعند بعض النساء، يميل الحمل إلى تحسين الوضع فيجعل النوبات تختفي بالكامل أو تصبح أخف أو أقل تواتراً – خصوصاً خلال الفصلين الأخيرين. وبالطريقة نفسها فإن استعمال حبوب منع الحمل قد يؤثر في نوبات صداع الشقيقة، إما بتحسينها أو بجعلها أسوأ. ولا شك في أن بعض النساء المصابات بصداع الشقيقة لا يتأثرن بالتغيرات الهرمونية.
تغيرات الطقس
يقول 78 في المئة من المصابين بصداع الشقيقة إن تغيرات الطقس قد تحفز صداع الشقيقة. وتشمل هذه التغيرات الانتقال من مكان بارد إلى مكان دافئ، والعواصف الرعدية، وارتفاع الرطوبة، والرياح الجافة أو الانخفاض في الضغط الجوي (الذي قد يحدث خلال التحليق في الجو أو خلال رحلة إلى الجبال). ويشعر بعض الأشخاص بتزايد نوبات صداع الشقيقة خلال مواسم معينة من السنة.
المسببات البصرية
يؤدي ضوء الشمس والوهج القوي إلى توليد الصداع عند 30 إلى 45 في المئة تقريباً من مرضى صداع الشقيقة. وقد يكون انعكاس الشمس عن الثلج أو الماء أو الزجاج مزعجاً جداً. لذا، يضع العديد من مرضى صداع الشقيقة نظارات شمسية لحماية عيونهم من هذا النوع من التوهج. كما أن الأضواء المتقطعة، والمصابيح الفلورية، وفلاشات الكاميرا والقيادة خلال الليل يمكن أن تسبب أيضاً صداع الشقيقة.
المسببات السمعية
إن التعرض الطويل الأمد لضجيج قوي ناجم عن زحمة سير أو معدات بناء أو آليات أو أدوات أو حفلات موسيقية قد يسبب صداع الشقيقة. وحتى الضجة في مراكز التسوق المزدحمة والحفلات الكبيرة يمكن أن تسبب الصداع عند بعض الأشخاص.
المسببات الشمية
يمكن للروائح القوية أن تزعج المصابين بصداع الشقيقة وتسبب لهم الصداع. في الواقع تشمل الروائح المزعجة مبدئياً دخان السجائر والسيجار، وروائح الدهان والعوادم، ومواد التنظيف والمنظفات الكيميائية، والمطبوعات، والعطور وعطور ما بعد الحلاقة. كما أن عطور مستحضرات النظافة الشخصية قد تكون مزعجة في مصعد مزدحم أو في قطار مزدحم. وغالباً ما تكشف الحمامات العامة عن روائح قوية لمستحضرات التنظيف.
دوار الحركة
يبدو أن صداع الشقيقة يرتبط بدوار الحركة، خصوصاً عند الأولاد. وفي أغلب الأحيان، يكشف الراشدون المصابون بصداع الشقيقة عن تاريخ من دوار الحركة منذ الطفولة. كما يبدو أن الأشخاص الذين يعانون من صداع شقيقة مترافق مع حس شخصي مسبق أنهم أكثر عرضة لدوار الحركة. ويقول العديد من الأولاد إن صداع الشقيقة يبدأ لديهم حين يسافرون.
العوامل البيئية
تعتبر العوامل البيئية أحياناً مسببات لصداع الشقيقة. وتشمل هذه العوامل مكيفات الهواء، والآلات المكتبية، والمواد البلاستيكية، والفينيل والعديد من المنتجات الأخرى.
الأدوية الموصوفة من الطبيب
يمكن لبعض الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب أن تسبب صداع الشقيقة أو تفاقم صداعاً موجوداً. ومن الأمثلة على ذلك:
● أدوية القلب وضغط الدم، مثل النيتروغليسرين
● أدوية المعدة والأمعاء، مثل قامعات الحمض
● الهرمونات المركبة، مثل حبوب منع الحمل والاستروجينات
● بعض المضادات الحيوية
● بعض العقاقير غير الستيرودية المضادة للالتهاب
تحدث إلى طبيبك إذا شعرت أن أياً من أدويتك يحفز لك ربما نوبات صداع الشقيقة. فقد تتمكن من العثور على دواء بديل لا يسبب لك الصداع.
صدمة خفيفة على الرأس
بات معروفاً أن الإصابات الجسدية أو الضربات على الرأس، كما قد يحدث في الرياضة، تسبب صداع الشقيقة. يحدث الصداع عادة بعد دقائق معدودة من الصدمة ويترافق عموماً مع غثيان وتقيؤ. وقد يكون مسبوقاً بحس شخصي.
ألم العنق
قد يسبب ألم العنق، نتيجة إصابات الوثء مثلاً، صداع الشقيقة حتى عند شخص لم يعرف هذا الصداع قبلاً. بالفعل، وجد خبراء الصداع أن مواقع معينة في عنقك وعضلات كتفك يمكن أن تزيد ألم صداع موجود في حال تعرضها للضغط.
مشاكل طبية
تم ربط مشاكل طبية متنوعة بإحداثها أو مفاقمتها نوبات صداع الشقيقة. ويميل مرضى صداع الشقيقة الذين يعانون أيضاً من تناذر التعب المزمن أو التهاب العضلات الليفية إلى المعاناة من نوبات صداع أكثر تواتراً أو وخامة. وقد يعاني الأشخاص، الذين لديهم تاريخ من صداع الشقيقة، من صداع الشقيقة عند خضوعهم لغسل الكلى لمعالجة مشاكل في الكلى.
علاقة معقدة
العلاقات بين مختلف العوامل الوراثية، والبيولوجية، والنفسية والبيئية معقّدة جداً. ورغم أن فهم صداع الشقيقة لا يزال غير كامل، تم إحراز تقدم في التخفيف من الأعراض الوخيمة لهذا النوع من الصداع.