أَلِي أُمٌّ أُناجِيها وتَأْوِيني ؟
لِتُبكيني عَلَى خِلٍّ مَضَى في الغُرْمِ يَكْويني
… وتذْرِفُ في بَرارينا زُهوراً كُنتُ أَسْقيها
علَى عَطشٍ وبئرٍ عُطِّلتْ فيها أَوَانيها
بِرَبّكِ هل تنامينَ اللَّيَاليَ والصِّغارُ جثَوا ؟
ولم يدرُوا بأنَّ الموتَ خاطبَهم
أَجِيبيني أَيَا أَمَةً لها عِشرونَ جارِيَةً وثِنتانِ
فكَمْ منْ قريةٍ لَبِستْ ثِياباً لَمْ تُحَكْ فيها ؟
وأينَ الإخوةُ العَلاّتُ والأَبُ قادَهُ الغَلَسُ
لقدْ رحلُوا منَ الأحضانِ وانْدَرسُوا
أَمِنْ خَوْفٍ؟
أَمِ الأَقْداحُ يسلبُ برقُها المهَجَا ؟
فَناديهم
فقدْ سمِعوا دُموعاً تشخَبُ الوَدَجا
ألَيْسُوا منْ شِغافِ القلبِ قدْ وُلِدُوا ؟
بِإسْفينِ اللَّيَالي أطْفأُوا السُرُجَا
وما تَركوا جُلودَ الضرعِ والشجرِ
ودسُّوا شوكَهم فينا وعاثُوا في حَشَى التّينِ
أَتَرْضَينَ الهُمومَ تمورُ في عسلِ البساتينِ ؟
وتشربُ منْ مَآقيها
فَلا نامتْ لهمْ عينٌ ولا سَكنتْ لهم قدَمُ
فقدْ غَبُّوا منَ الشهداءِ والجرحَى
وما رقَّ الفؤادُ لهم ولا نَدمُوا
وسَنُّوا رُمحَهم في هُدْبِ عينيكِ
فهلْ حزنُوا لِخُبزٍ صارَ يقتلُنا؟
على سكّينِ مسغبةٍ تلوحُ لنا بها أُممُ
فقُومي إنهم ناموا ولم يدْروا بأنَّ السّيلَ جَرّارُ
فصمتُكِ كادَ يُنْسينا بِأَنَّا إِخْوةٌ شرِبوا
منَ الثّديِ الّذِي صَرمُوا
أَذِيقيهمْ سَوافيَ منْ تُرابِكِ واطْمُسِي العَيْنا
وحتى أُهدِيَ اللّوزاتِ أُغنيةً تَحِنُّ إلى بلابلِها
سَليهم عنْ قَوادمِ خَيلِنا تكْبُو وتَرتطمُ
أَلَمْ تَلِدِي رجالاً يمتطُون البأسَ منَ عدَمِ
أَمِ الأُسْدُ ارْتَقَى في عرشِها ضَبُّ
بلِ الأشباهُ قدْ رَكبُوا عناوينَ الْمَحَطّاتِ
إلى دفْءٍ منَ الوهمِ
وقد مَطرُوا على وطنٍ لكِ الدّمْعَا
فَقُومي وامْسَحِي الغَبَشا
وناديهم
فكيفَ ترينَهم فعلُوا
وقدْ ناخُوا عنِ الهِممِ
فيا ليتَ السّماءَ قَضَتْ ولم تلدِي
أَإِنْ هجمَ الصّقيعُ على جدارِ البيتِ والسّررِ
وقدْ طُفِئتْ لكِ النيرانُ في كانونِ مشْتاكِ
فهلْ تمضينَ للعَجَمِ؟
وزارتْ فجرَكِ الأسْواطُ والشّرَطُ
وبلُّوا في ذَرارِينا خَناجِرَهم
فهلْ تَبقينَ ماضيةً إلى الفزَعِ؟
وإِنْ عثَرَتْ بنا الطّرقاتُ والنّفَسُ
ولم يشمخْ لنا ظِلٌّ نلوذُ بهِ
فهلْ تشقينَ للولدِ؟
وها أَنَذا سنامُ القبرِ أحملُهُ
وأحملُ فوقَ أكْتافي سويعاتِ المساجينِ
فهَلاّ قُمْتِ ترْوِينَ النُّجَيماتِ
فَشُقِّي غَيمةَ البلدِ
لأَشْعُرَ أنَّ رَحْلي قدْ تَوَقَّفَ تحتَ زيتوني
إلى ما أنتِ جالِسةٌ ؟
أَرَيتِ الدّمعَ في الوحْلِ؟
وعطرَ الوردِ يهربُ منْ معاطفِهِ
ألمْ تدرِي بأنَّ الجوعَ ينخُرُ في عراقيبِ الملايينِ
فإنْ لمْ ترغَبي رُؤْياهُ غَلِّقِ حائطَ القلبِ
ولا تصْغِي لأحزانٍ ولا تئِدِي
إلَيكِ عِنادُ فقْري وابْتهالاتُ المجانينِ
إليكِ دفاترُ الأبناءِ منْ وردٍ على الطينِ
إليكِ سنابلُ القمحِ
فلا موتٌ على الوتدِ
ولا عيشٌ بهِ أمضي
دَعيني أنْكُشِ الأرضَ التي اشْتاقَتْ إلى قُرصِ الطّواحينِ
خُذيني ماءَ جذرٍ للريَاحينِ
أسيرُ على جبيني وارْتعاشاتٌ على عضُدِي
ومازالتْ صِراعاتُ الدّواوينِ
على عشرينَ جاريةً وثنتينِ
فلا رجلٌ ولا شبَهُ
ألم تلدي ؟
شعر: صقر أبوعيدة
لِتُبكيني عَلَى خِلٍّ مَضَى في الغُرْمِ يَكْويني
… وتذْرِفُ في بَرارينا زُهوراً كُنتُ أَسْقيها
علَى عَطشٍ وبئرٍ عُطِّلتْ فيها أَوَانيها
بِرَبّكِ هل تنامينَ اللَّيَاليَ والصِّغارُ جثَوا ؟
ولم يدرُوا بأنَّ الموتَ خاطبَهم
أَجِيبيني أَيَا أَمَةً لها عِشرونَ جارِيَةً وثِنتانِ
فكَمْ منْ قريةٍ لَبِستْ ثِياباً لَمْ تُحَكْ فيها ؟
وأينَ الإخوةُ العَلاّتُ والأَبُ قادَهُ الغَلَسُ
لقدْ رحلُوا منَ الأحضانِ وانْدَرسُوا
أَمِنْ خَوْفٍ؟
أَمِ الأَقْداحُ يسلبُ برقُها المهَجَا ؟
فَناديهم
فقدْ سمِعوا دُموعاً تشخَبُ الوَدَجا
ألَيْسُوا منْ شِغافِ القلبِ قدْ وُلِدُوا ؟
بِإسْفينِ اللَّيَالي أطْفأُوا السُرُجَا
وما تَركوا جُلودَ الضرعِ والشجرِ
ودسُّوا شوكَهم فينا وعاثُوا في حَشَى التّينِ
أَتَرْضَينَ الهُمومَ تمورُ في عسلِ البساتينِ ؟
وتشربُ منْ مَآقيها
فَلا نامتْ لهمْ عينٌ ولا سَكنتْ لهم قدَمُ
فقدْ غَبُّوا منَ الشهداءِ والجرحَى
وما رقَّ الفؤادُ لهم ولا نَدمُوا
وسَنُّوا رُمحَهم في هُدْبِ عينيكِ
فهلْ حزنُوا لِخُبزٍ صارَ يقتلُنا؟
على سكّينِ مسغبةٍ تلوحُ لنا بها أُممُ
فقُومي إنهم ناموا ولم يدْروا بأنَّ السّيلَ جَرّارُ
فصمتُكِ كادَ يُنْسينا بِأَنَّا إِخْوةٌ شرِبوا
منَ الثّديِ الّذِي صَرمُوا
أَذِيقيهمْ سَوافيَ منْ تُرابِكِ واطْمُسِي العَيْنا
وحتى أُهدِيَ اللّوزاتِ أُغنيةً تَحِنُّ إلى بلابلِها
سَليهم عنْ قَوادمِ خَيلِنا تكْبُو وتَرتطمُ
أَلَمْ تَلِدِي رجالاً يمتطُون البأسَ منَ عدَمِ
أَمِ الأُسْدُ ارْتَقَى في عرشِها ضَبُّ
بلِ الأشباهُ قدْ رَكبُوا عناوينَ الْمَحَطّاتِ
إلى دفْءٍ منَ الوهمِ
وقد مَطرُوا على وطنٍ لكِ الدّمْعَا
فَقُومي وامْسَحِي الغَبَشا
وناديهم
فكيفَ ترينَهم فعلُوا
وقدْ ناخُوا عنِ الهِممِ
فيا ليتَ السّماءَ قَضَتْ ولم تلدِي
أَإِنْ هجمَ الصّقيعُ على جدارِ البيتِ والسّررِ
وقدْ طُفِئتْ لكِ النيرانُ في كانونِ مشْتاكِ
فهلْ تمضينَ للعَجَمِ؟
وزارتْ فجرَكِ الأسْواطُ والشّرَطُ
وبلُّوا في ذَرارِينا خَناجِرَهم
فهلْ تَبقينَ ماضيةً إلى الفزَعِ؟
وإِنْ عثَرَتْ بنا الطّرقاتُ والنّفَسُ
ولم يشمخْ لنا ظِلٌّ نلوذُ بهِ
فهلْ تشقينَ للولدِ؟
وها أَنَذا سنامُ القبرِ أحملُهُ
وأحملُ فوقَ أكْتافي سويعاتِ المساجينِ
فهَلاّ قُمْتِ ترْوِينَ النُّجَيماتِ
فَشُقِّي غَيمةَ البلدِ
لأَشْعُرَ أنَّ رَحْلي قدْ تَوَقَّفَ تحتَ زيتوني
إلى ما أنتِ جالِسةٌ ؟
أَرَيتِ الدّمعَ في الوحْلِ؟
وعطرَ الوردِ يهربُ منْ معاطفِهِ
ألمْ تدرِي بأنَّ الجوعَ ينخُرُ في عراقيبِ الملايينِ
فإنْ لمْ ترغَبي رُؤْياهُ غَلِّقِ حائطَ القلبِ
ولا تصْغِي لأحزانٍ ولا تئِدِي
إلَيكِ عِنادُ فقْري وابْتهالاتُ المجانينِ
إليكِ دفاترُ الأبناءِ منْ وردٍ على الطينِ
إليكِ سنابلُ القمحِ
فلا موتٌ على الوتدِ
ولا عيشٌ بهِ أمضي
دَعيني أنْكُشِ الأرضَ التي اشْتاقَتْ إلى قُرصِ الطّواحينِ
خُذيني ماءَ جذرٍ للريَاحينِ
أسيرُ على جبيني وارْتعاشاتٌ على عضُدِي
ومازالتْ صِراعاتُ الدّواوينِ
على عشرينَ جاريةً وثنتينِ
فلا رجلٌ ولا شبَهُ
ألم تلدي ؟
شعر: صقر أبوعيدة