تُنَـاديـني:
… أَيا وَلَدِي
وأبواقٌ تُغطّي صوتَها الحاني
كأنَّ الصمتَ أضحى من محابِسها
تنـاديـني :
من الشطآنِ والرّملِ الذي فَرغتْ خَوابيهِ
وأحداقٍ وقد ثَكِلَتْ
وصمتٍ في وُجوهِ الدّربِ والصِبْيهْ
وجلادٌ على أبوابِ خَيمتِنا
تُـنادِيـني
من الأكواخِ والجُدُرِ
من الوديانِ والشجرِ
لِنمضى بالثواني من سَواعدِنا
عسى يوماً نذوقُ الطعمَ من زيتٍ عَصرناهُ
تناديني على أملٍ أُلاقيها
على وعدٍ مِنَ القدرِ
وجِئْتُكِ يا جَبينَ الأرضِ من غَسَقي
أَبُلُّ بِكَ الْجُفونَ الحَائراتِ الجاثِماتِ على مَوانيها
وحادَ الحلْمُ يا وطني على مرْأَى مِنِ البشرِ
ونادتني
من الأسوارِ والكفنِ
من الأجداثِ والوهنِ
وقالت هذهِ صُوَرٌ من البلدِ
فلم نَسنِدْ لأَبْراجِ الحماماتِ
وفرخُ العشِّ قد يهلكْ
فلا تدري !
أَصِرْنا مُنْتهَى السِّفْلهْ ؟
أَإِنَّا مرقدُ العِلّهْ ؟
أَكُنّا إخوةً قَتلَهْ ؟
فقد صِرْنا جِرابَ القالِ والقيلِ
وبِتْنا نطلبُ الهَجْرا
من الأرضِ التي كُنّا بها حِلْسا
ونصلُبُ دمعَنا ذِلّهْ
تناديني
لماذا عزْمُنا أمسى وقد رَمِدا
ونزعمُ أننا كنا نسُوسُ الموتَ بالأمسِ
وكنا نغسلُ الأحزانَ بالصبرِ
فهذي بنتُنا عَنَستْ
وهذا طفلُنا يجري على كِسْرهْ
وجيرانٌ على شِبْرٍ من الحقدِ
وإخوةُ بيتِنا صاروا على طُرِقٍ
ومنهم من بَغى عَوداً إلى الـمُرِّ
ومنهم من كَبا وجهاً على أنْفٍ
وآخرُ صارَ مَركِبةً ولا يدري
تُسَيـِّرُهُ دَواليبُ الغَواياتِ
على دربٍ وليس له مناراتٌ
ونادتني
من الشمسِ التي خَبَأَتْ
وألقتْ ضَوءَها خجلاً وفي السرِّ
على كُرهٍ من الفِرَقِ التي نَسِيَتْ أهاليها
ولم تَنْسَ البلايا حين ترْسُمُها
ومن أطفالِنا نُزِعتْ مباهجُنا
أضعْنا دِفْئَنا غَصباً على مرمَى من البصرِ
وقلنا يا بلادي جِئتَنا يوماً
على جرحٍ
ومن أمّ لنا من دمعِها وطنٌ
ومن حزنِ الأيامَى قد نُحاكي قصةً فقَعَتْ
ونسألُ عن بلادٍ كان فيها أُنْسُ سُمّارٍ
وكان الدمعُ فيها يدفعُ الحُزْنا
وقد كُنّا فؤاداً يمتطي شعبا
فجارُ الأمسِ بعد هلاكِ ربّ الدارِ يأتي كي يُواسينا
يزرعُ من مآسينا رفيفَ الجوعِ والقمرِ
ويرسُمنا شُموعاً لم يكنْ يشقَى بها بلدٌ
وخِلُّ أبي يعاني شُّقَّةَ السفرِ
لِيمْسحَ رأسَ إخواني
وما أمٌّ من الجيرانِ إلا أرضعتْ حارَهْ
و لم تمنعْ كرومُ الأرضِ أفواهاً تُناديها
وأطيارُ القُرَى تأتي على بحري تُراقِصُ ماءهُ فَرَحا
تَحُطُّ على شَواطئِهِ وترتحلُ
تناديني
وأسمعُ صوتَها يخبُو
وأُصْغِي عند هَمْستِها وأشتعلُ
على أملٍ بأن تبقَى تناديني
فهذا نجمُها يَبْني أمانيهِ وتندملُ
ويا وطني أجيءُ وفيك مقْبرتي
عسَى يوماً يُؤانسُني ترابُك في مناماتي
وقد يُلقَى على جُرحي ويكتحلُ
شعر:صقر أبو عيدة
… أَيا وَلَدِي
وأبواقٌ تُغطّي صوتَها الحاني
كأنَّ الصمتَ أضحى من محابِسها
تنـاديـني :
من الشطآنِ والرّملِ الذي فَرغتْ خَوابيهِ
وأحداقٍ وقد ثَكِلَتْ
وصمتٍ في وُجوهِ الدّربِ والصِبْيهْ
وجلادٌ على أبوابِ خَيمتِنا
تُـنادِيـني
من الأكواخِ والجُدُرِ
من الوديانِ والشجرِ
لِنمضى بالثواني من سَواعدِنا
عسى يوماً نذوقُ الطعمَ من زيتٍ عَصرناهُ
تناديني على أملٍ أُلاقيها
على وعدٍ مِنَ القدرِ
وجِئْتُكِ يا جَبينَ الأرضِ من غَسَقي
أَبُلُّ بِكَ الْجُفونَ الحَائراتِ الجاثِماتِ على مَوانيها
وحادَ الحلْمُ يا وطني على مرْأَى مِنِ البشرِ
ونادتني
من الأسوارِ والكفنِ
من الأجداثِ والوهنِ
وقالت هذهِ صُوَرٌ من البلدِ
فلم نَسنِدْ لأَبْراجِ الحماماتِ
وفرخُ العشِّ قد يهلكْ
فلا تدري !
أَصِرْنا مُنْتهَى السِّفْلهْ ؟
أَإِنَّا مرقدُ العِلّهْ ؟
أَكُنّا إخوةً قَتلَهْ ؟
فقد صِرْنا جِرابَ القالِ والقيلِ
وبِتْنا نطلبُ الهَجْرا
من الأرضِ التي كُنّا بها حِلْسا
ونصلُبُ دمعَنا ذِلّهْ
تناديني
لماذا عزْمُنا أمسى وقد رَمِدا
ونزعمُ أننا كنا نسُوسُ الموتَ بالأمسِ
وكنا نغسلُ الأحزانَ بالصبرِ
فهذي بنتُنا عَنَستْ
وهذا طفلُنا يجري على كِسْرهْ
وجيرانٌ على شِبْرٍ من الحقدِ
وإخوةُ بيتِنا صاروا على طُرِقٍ
ومنهم من بَغى عَوداً إلى الـمُرِّ
ومنهم من كَبا وجهاً على أنْفٍ
وآخرُ صارَ مَركِبةً ولا يدري
تُسَيـِّرُهُ دَواليبُ الغَواياتِ
على دربٍ وليس له مناراتٌ
ونادتني
من الشمسِ التي خَبَأَتْ
وألقتْ ضَوءَها خجلاً وفي السرِّ
على كُرهٍ من الفِرَقِ التي نَسِيَتْ أهاليها
ولم تَنْسَ البلايا حين ترْسُمُها
ومن أطفالِنا نُزِعتْ مباهجُنا
أضعْنا دِفْئَنا غَصباً على مرمَى من البصرِ
وقلنا يا بلادي جِئتَنا يوماً
على جرحٍ
ومن أمّ لنا من دمعِها وطنٌ
ومن حزنِ الأيامَى قد نُحاكي قصةً فقَعَتْ
ونسألُ عن بلادٍ كان فيها أُنْسُ سُمّارٍ
وكان الدمعُ فيها يدفعُ الحُزْنا
وقد كُنّا فؤاداً يمتطي شعبا
فجارُ الأمسِ بعد هلاكِ ربّ الدارِ يأتي كي يُواسينا
يزرعُ من مآسينا رفيفَ الجوعِ والقمرِ
ويرسُمنا شُموعاً لم يكنْ يشقَى بها بلدٌ
وخِلُّ أبي يعاني شُّقَّةَ السفرِ
لِيمْسحَ رأسَ إخواني
وما أمٌّ من الجيرانِ إلا أرضعتْ حارَهْ
و لم تمنعْ كرومُ الأرضِ أفواهاً تُناديها
وأطيارُ القُرَى تأتي على بحري تُراقِصُ ماءهُ فَرَحا
تَحُطُّ على شَواطئِهِ وترتحلُ
تناديني
وأسمعُ صوتَها يخبُو
وأُصْغِي عند هَمْستِها وأشتعلُ
على أملٍ بأن تبقَى تناديني
فهذا نجمُها يَبْني أمانيهِ وتندملُ
ويا وطني أجيءُ وفيك مقْبرتي
عسَى يوماً يُؤانسُني ترابُك في مناماتي
وقد يُلقَى على جُرحي ويكتحلُ
شعر:صقر أبو عيدة