قبل أيام، نقلت مواقع إخبارية إسرائيلية صورا بثتها قناة "روسيا اليوم" لمراسل لها داخل أنفاق حركة "حماس". تلك الصور كانت الأولى لتلك الأنفاق التي ما زالت إلى اليوم تعمل، وبعد قرابة شهر من انطلاق الحرب ضد القطاع في 7 أكتوبر، تشرين الأول إلى اليوم تثير الكثير من الجدل، وما زالت إسرائيل محتارة في كيفية التعامل معها باعتبارها أقوى الأسباب لدى "حماس" من أجل صد الهجمات الإسرائيلية.
أظهرت روسيا حكمة كبيرة في التعاطي مع مواطنيها الروس المسلمين في دول القوقاز، من بين أولئك الغاضبين من الجرائم الإسرائيلية في غزة، الذين رفضوا لجوء الإسرائيليين إلى مناطقهم (في داغستان وخلافها من الجهوريات في القوقاز)
ظهور مراسل القناة الروسية الرسمية، استفز إسرائيل التي اعتبرتها ما يشبه "التحدي". منذ بداية الحرب في غزة إلى اليوم، سجلت روسيا جملة من المواقف الدبلوماسية والسياسية.
بدت موسكو متقدمة من خلال تلك المواقف على الكثير من الدول العربية والإسلامية، وكذلك على تلك الغربية على السواء. أما تلك المواقف فهي على الشكل التالي:
كانت روسيا السباقة في استقبال وفد حركة "حماس" في موسكو، وذلك في حمأة الحرب، بل في بدايات اندلاعها، وهو ما فسر على أنه دعم صريح للحركة الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، التي ردت مباشرة في الاعلان عن موافقتها على استقبال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بعد أن رفضت استقباله بداية بحجة "التوقيت غير مناسب" (لم تستقبل حتى الآن).
أبدت روسيا تمسكا سريعا وسباقا، للكثير من الدول العربية بـ"حق الدولتين"، وما انفكت تذكر به وتشير إلى تقاعس الولايات المتحدة، على مدى 75 عاما في إنتاج حل العادل والمنطقي. ثم لحقت بها دول كثيرة من بينها الصين ودول عربية وغير عربية أخرى من أميركا اللاتينية وبقية بقاع العالم.
استخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" في جلسات مجلس الأمن، وذلك بدافع تعطيل مشاريع القرارات التي تمنح إسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، في المقابل إنكار حق الفلسطينيين بذلك. ناهيك عن رفض القرارات التي تصنف "حماس" منظمة إرهابية، أو اتهامها باستهداف المدنيين، أو تلك التي تدعو إلى استمرار الحرب وترفض وقف إطلاق النار.
أظهرت روسيا حكمة كبيرة في التعاطي مع مواطنيها الروس المسلمين في دول القوقاز، من بين أولئك الغاضبين من الجرائم الإسرائيلية في غزة، الذين رفضوا لجوء الإسرائيليين إلى مناطقهم (في داغستان وخلافها من الجهوريات في القوقاز) تفهمت موسكو غضب هؤلاء في حينه، وعالجت الأزمة بفائق الهدوء والدبلوماسية، فاستطاعت من خلال ذلك إعادة الإسرائيليين إلى حيث أتوا من دون أن تتعرض لمواطنيها. هذا الموقف انعكس ارتياحا لدى المسلمين الروس الذين شعروا بأن حكومتهم المركزية في موسكو أدت وتؤدي القسط المطلوب منها تجاه القضية الفلسطينية.
استطاعت روسيا وكذلك من بعدها الصين وبقية دول "بريكس"، أن تظهر للرأي العام العالمي بوضوح كامل، أين مكامن الخلل في النظام العالمي الحالي القائم على الهيمنة الأميركية وعلى الأحادية القطبية، التي فتحت الطريق أمام الاستبداد الإسرائيلي في المنطقة عموما، وضد الفلسطينيين خصوصا..
كل هذه المواقف، إن كان في الداخل الروسي أو في الأروقة الدبلوماسية بالأمم المتحدة، أو في المقاربة السياسية لهذا الملف، أكسبت روسيا عطفا عربيا وإسلاميا حول العالم. شعر المسلمون بأن ثم دولة عظمى تمتلك حق النقض "الفيتو" داخل مجلس الأمن تقف خلفهم.
كل ما سبق ذكره، وجه صفعة موجعة للولايات المتحدة، وذلك من خلال انتقال الزخم الإعلامي من أوكرانيا إلى حليفتها الأخرى (بل الأولى) إسرائيل. السلوك الأميركي أظهر واشنطن بأنها لا تصلح لأن تكون "حكما نزيها" قادر على إنتاج الحلول. بل طرفا منحازا بقوة إلى جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين أصحاب الحق المهدور والمنسي.
مواقف موسكو أوجعت إسرائيل أيضا، التي لم تأل جهدا على مدى السنتين الماضيتين من أجل الضغط على روسيا في حربها داخل الأوكرانية منذ 24 فبراير، شباط 2022، خصوصا ملف تسليح أوكرانيا والتهديد المتواصل بمدها بمنظومة القبة الحديدية أو غيرها من الأسلحة النوعية.
من خلال كل ما سبق ذلك، استطاعت روسيا وكذلك من بعدها الصين وبقية دول "بريكس"، أن تظهر للرأي العام العالمي بوضوح كامل، أين مكامن الخلل في النظام العالمي الحالي القائم على الهيمنة الأميركية وعلى الأحادية القطبية، التي فتحت الطريق أمام الاستبداد الإسرائيلي في المنطقة عموما، وضد الفلسطينيين خصوصا.. فتقدمت روسيا خطوة إضافية إلى الأمام من أجل دفع العالم صوب الاقتناع بأن عالما متعدد الأقطاب قادر على حماية الأمن والسلم الدوليين أكثر بكثير من النظام العالمي القائم على الهيمنة الأميركية.
منقول - بقلم: نبيل الجبيلي
أظهرت روسيا حكمة كبيرة في التعاطي مع مواطنيها الروس المسلمين في دول القوقاز، من بين أولئك الغاضبين من الجرائم الإسرائيلية في غزة، الذين رفضوا لجوء الإسرائيليين إلى مناطقهم (في داغستان وخلافها من الجهوريات في القوقاز)
ظهور مراسل القناة الروسية الرسمية، استفز إسرائيل التي اعتبرتها ما يشبه "التحدي". منذ بداية الحرب في غزة إلى اليوم، سجلت روسيا جملة من المواقف الدبلوماسية والسياسية.
بدت موسكو متقدمة من خلال تلك المواقف على الكثير من الدول العربية والإسلامية، وكذلك على تلك الغربية على السواء. أما تلك المواقف فهي على الشكل التالي:
كانت روسيا السباقة في استقبال وفد حركة "حماس" في موسكو، وذلك في حمأة الحرب، بل في بدايات اندلاعها، وهو ما فسر على أنه دعم صريح للحركة الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، التي ردت مباشرة في الاعلان عن موافقتها على استقبال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بعد أن رفضت استقباله بداية بحجة "التوقيت غير مناسب" (لم تستقبل حتى الآن).
أبدت روسيا تمسكا سريعا وسباقا، للكثير من الدول العربية بـ"حق الدولتين"، وما انفكت تذكر به وتشير إلى تقاعس الولايات المتحدة، على مدى 75 عاما في إنتاج حل العادل والمنطقي. ثم لحقت بها دول كثيرة من بينها الصين ودول عربية وغير عربية أخرى من أميركا اللاتينية وبقية بقاع العالم.
استخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" في جلسات مجلس الأمن، وذلك بدافع تعطيل مشاريع القرارات التي تمنح إسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، في المقابل إنكار حق الفلسطينيين بذلك. ناهيك عن رفض القرارات التي تصنف "حماس" منظمة إرهابية، أو اتهامها باستهداف المدنيين، أو تلك التي تدعو إلى استمرار الحرب وترفض وقف إطلاق النار.
أظهرت روسيا حكمة كبيرة في التعاطي مع مواطنيها الروس المسلمين في دول القوقاز، من بين أولئك الغاضبين من الجرائم الإسرائيلية في غزة، الذين رفضوا لجوء الإسرائيليين إلى مناطقهم (في داغستان وخلافها من الجهوريات في القوقاز) تفهمت موسكو غضب هؤلاء في حينه، وعالجت الأزمة بفائق الهدوء والدبلوماسية، فاستطاعت من خلال ذلك إعادة الإسرائيليين إلى حيث أتوا من دون أن تتعرض لمواطنيها. هذا الموقف انعكس ارتياحا لدى المسلمين الروس الذين شعروا بأن حكومتهم المركزية في موسكو أدت وتؤدي القسط المطلوب منها تجاه القضية الفلسطينية.
استطاعت روسيا وكذلك من بعدها الصين وبقية دول "بريكس"، أن تظهر للرأي العام العالمي بوضوح كامل، أين مكامن الخلل في النظام العالمي الحالي القائم على الهيمنة الأميركية وعلى الأحادية القطبية، التي فتحت الطريق أمام الاستبداد الإسرائيلي في المنطقة عموما، وضد الفلسطينيين خصوصا..
كل هذه المواقف، إن كان في الداخل الروسي أو في الأروقة الدبلوماسية بالأمم المتحدة، أو في المقاربة السياسية لهذا الملف، أكسبت روسيا عطفا عربيا وإسلاميا حول العالم. شعر المسلمون بأن ثم دولة عظمى تمتلك حق النقض "الفيتو" داخل مجلس الأمن تقف خلفهم.
كل ما سبق ذكره، وجه صفعة موجعة للولايات المتحدة، وذلك من خلال انتقال الزخم الإعلامي من أوكرانيا إلى حليفتها الأخرى (بل الأولى) إسرائيل. السلوك الأميركي أظهر واشنطن بأنها لا تصلح لأن تكون "حكما نزيها" قادر على إنتاج الحلول. بل طرفا منحازا بقوة إلى جانب إسرائيل ضد الفلسطينيين أصحاب الحق المهدور والمنسي.
مواقف موسكو أوجعت إسرائيل أيضا، التي لم تأل جهدا على مدى السنتين الماضيتين من أجل الضغط على روسيا في حربها داخل الأوكرانية منذ 24 فبراير، شباط 2022، خصوصا ملف تسليح أوكرانيا والتهديد المتواصل بمدها بمنظومة القبة الحديدية أو غيرها من الأسلحة النوعية.
من خلال كل ما سبق ذلك، استطاعت روسيا وكذلك من بعدها الصين وبقية دول "بريكس"، أن تظهر للرأي العام العالمي بوضوح كامل، أين مكامن الخلل في النظام العالمي الحالي القائم على الهيمنة الأميركية وعلى الأحادية القطبية، التي فتحت الطريق أمام الاستبداد الإسرائيلي في المنطقة عموما، وضد الفلسطينيين خصوصا.. فتقدمت روسيا خطوة إضافية إلى الأمام من أجل دفع العالم صوب الاقتناع بأن عالما متعدد الأقطاب قادر على حماية الأمن والسلم الدوليين أكثر بكثير من النظام العالمي القائم على الهيمنة الأميركية.
منقول - بقلم: نبيل الجبيلي