تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته كيف الحال؟ إن شاء الله بخير كنتُ و آكا-تشين متشوقتين لطرح هذا الفصل منذ مدة شكر خاص لها للتدقيق و المراجعة [ تنويه ] روايتي لا تلتزم بالضرورة الأساطير الخاصة بالأجناس الخرافية، ربما بعض الأمور الأساسية... لكن غير ذلك فقد أضفت و نقصت كما شئت سأترككم مع الفصل دون إطالة ~ لينا. استيقظت لينا بهزات خفيفة و كلمات ناعمة. لجزء من الثانية شعرت بأنها في الخامسة من جديد، يدا أمها الناعمتان تربت على كتفها بحنان، لكن الصوت ينتمي لرفيقها رايلي، يُخبرها أنهما بلغا محطتهما الأولى. على ما يبدو فإنه قد مرت بضعة ساعات منذ انطلاقهما في رحلتهما نحو العاصمة، كانت لينا قد دفعت لأحد ناقلي البضائع من أجل مكان في عربته التي استيقظت فيها الآن. غلب النعاس لينا خلال الساعات الماضية، فقد أنهكها تعب ليلة التحول و الصباح المشؤوم الذي تلاها، لكن ما اختبرته أبعد ما يكون عن نوم هنيء، ليس مع تلك الصور التي انتهكت أحلامها... صدر غيلاد الذي ثقبه الرمح، أنياب رايلي الخبيثة عندما هاجمها أول مرة، مخالب ذئاب قطيعها تمزق لحم نفسها المراهقة، زئير زوجة أبيها الحاقد، نظرة اللامبالاة القاسية في عيني والدها... خرجت و رايلي من العربة لتقابلهما شمس ما بعد الظهر، كل منهما آخذا الحقيبة التي أحضرها معه. حقيبة لينا احتوت المال و بعض المستلزمات، معطفها الأسود الغالي، بالإضافة لعُدّة الصيد التي أعارتها إياها تريس، هذه الأخيرة تجاهلت حقيقة كون لينا مستذئبة، و لم تعر اهتماما لتذكير جاك إياها بأن بعضا من تلك الأدوات تنتمي للفيلق بشكل حصري. أما بالنسبة لـ رايلي فهو الآخر أخذ ملابس شخص آخر، ذلك الشخص ليس جار لينا هذه المرة و إنما جاك وايفرن -الذي تطوع من تلقاء نفسه بشكل مفاجئ- فقد منح رايلي حُلل لم تره لينا يرتديها مطلقا، بل إنها تعجبت من امتلاكه لها، فعلى حد علمها رداء السحرة ليس طراز جاك، لكنه ناسب رايلي و بشرته الشاحبة بشكل ممتاز. [ رداء رايلي ] : هنا [ رداء لينا ] : هنا مضى الاثنان في طريقهما نحو القرية التي تركهما السائق على عتبتها، عباءة تغطي رأس كل منهما تبدو و كأنها تحميهما من الشمس، إلا أن هدفها الحقيقي هو إخفاء رايلي بقدر المستطاع، فشكوك لينا حول الهدف الحقيقي للهجوم على قريتها قد تأكدت بعد ما تفوهت به تريس قبل رحيلها. -"لقد رأيت قائد التجنيد الإجباري." كانت بياتريس قد قالت قبل بضع ساعات. "إنه جنرال." ثم نظرت نحو جاك بتوتر قبل أن تصرح: -"الجنرال إيليا ناش." عينا جاك قد توسعتا حينها بشكل صادم بينما واصلت تريس: -"لا أدري ما الذي قد يفعله أحد جنرالات المملكة في قرية نائية بينما بلاده في حرب، إلا إذا بالطبع..." -"كان يبحث عن رايلي فان !" أكمل جاك بنفحة ذعر. "من بين كل الأوغاد الذين أمكنهم إرسالهم... ناش... سحقا!" الكلمة الأخيرة كانت بالكاد همسة. إيليا ناش. وجدت لينا ذلك الاسم يتردد في ذهنها الآن بينما تبتاع الطعام الذي ستستهلكه قبل وصولها إلى محطتها القادمة غدا. -"علينا إيجاد مكان للتخييم." نطقت في طريق خروجهما من القرية. أجاب رايلي الذي مشى بجانبها: -"لا يزال الوقت مبكرا على الاستقرار يا آنسة لينا، يمكننا تجاوز قريتين إضافيتين على الأقل قبل غروب الشمس." ردت بسخرية ملوّحة بيدها التي لا تمسك ما اشترته: -"ربما لا تدرك ذلك يا سيد فان، و لكن غيرك من المخلوقات ستشعر بالتعب إن استمرت في الحركة لعدة ساعات متواصلة." اقترح رايلي ببساطة: -"يمكنني أن أحملكِ إن تعبتِ يا آنسة لينا !" -"توقف عن مناداتي بالآنسة." -"يمكنني أن أحملكِ إن تعبتِ يا لينا." كرر في مراعاة. تنهدت لينا ثم شعرت بقلبها يقفز، فقد تذكرت أمرا مهما عندما نطق رايلي اسمها المُجرّد. بحذر التفتت نحوه و تمتمت: -"يايث..." عيناه أصبحت على عينيها في لحظة، مشعتين في لون أحمر قبل أن تبردا من جديد. -"ما كان ذلك؟ !" سأل رايلي في عجلة. أغلقت لينا فمها الذي كان مفتوحا في دهشة، أخذت نفسا قبل أن تتكلم: -"إنها الكلمة التي قُلتها عندما استيقظت في كهفي." وقف كلاهما وسط القرويين الذين يأتون و يذهبون، كل منهما ينتظر إجابة لا يملكها الآخر. -"يبدو لي و كأنه اسم..." -"أجل، إنه اسم." صرح رايلي متيقنا. -هل هذا يعني أنك تتذكر شيئا؟ !" أشاح بنظره و قرر أن يواصل المشي، تبعته لينا لتسمع ما عنده. -"عندما تفوهتِ بالاسم الآن... لقد رأيت شيئا— شخصا في عقلي." التزمت لينا الصمت منتظرة إياه أن يُكمل، و بعد لحظة استطرد: -"رأيتُ لمحة من امرأة، امرأة جميلة و مخيفة، ذات شعر أحمر و عينان تلمعان كعينيّ. و لكن..." هز رأسه نافيا بلطف، "الأحمر هو لون عينيها الطبيعيّ، أنا واثق." -"كيف يمكنك أن تكون واثقا؟" أغلق رايلي قبضته على حقيبة ظهره في إحكام قبل أن يجيب: -"لا أعلم." انتهى الأمر بهما يواصلان المشي كما اقترح رايلي، إلى أن توقفا بعد غروب الشمس للتخييم أمام جدول في طرف الغابة. اختارت لينا المكان عمدا لأنه يُذكرها ببُقعتها أمام الكهف، فمن الأسهل بالنسبة لها البقاء في الأماكن المألوفة بشكل أو بآخر. اتخذت مقعدا من جذع شجرة أُغرقت أغصانها و أوراقها في الماء، رايلي جلس مقابلا إياها على الجانب الآخر من النار التي أشعلتها. شعرت بعدم الارتياح لكونها الوحيدة التي تأكل، لكن رايلي قد أصرّ أنه لا يجب تبذير مؤنهم على مخلوق لا يحتاج للطعام. ما كان منها إلا محاولة كسر الصمت متسائلة: -"هل تذكر أي شيء على الإطلاق؟" ضم رايلي أصابعه ليجيب و عيناه على النار الموقدة: -"لمحات هنا و هناك، ليست بالشيء المفيد." لينا تخالفه الرأي و بشدة، مهما كانت التفاصيل صغيرة فإنها مهمة. -"أتفهم أن لديك أمورا تعتبرها شخصيّة و سريّة..." ابتلعت لقمة كبيرة من الخبز قبل أن تضيف بنوع من السخرية: "لا أعلم ما الذي يدور في عقل الـ فان خاصتك ذاك، لكن انتبه—" أشارت بقطعة الخبز نحوه و انقلبت نبرتها صارمة، "انتبه أن تتأثر أهدافنا لأنك قررت إخفاء أمر تظنه غير مفيد." لحسن الحظ بدا رايلي صادقا عندما قال: -"فهمت." بعد فترة قصيرة خلدت لينا للنوم، و بما أن رايلي لا يحتاج لفعل ذلك فإنه قبع يحرس المكان من حولهما. مجددا، شعرت لينا بعدم الارتياح كونها الوحيدة التي يتسنى لها النوم، كما أنها حذرت رايلي مازحة أن لا يقوم بشيء سخيف كمراقبتها نائمة بدل الانتباه لما حوله. -"أعلم أنني أبدو كالملاك حين أغفو، لكن حاول أن لا تُحدق." كانت قد قالت قبل أن تغط في النوم، رُغم أنها لم تعنِ كلامها، فهي على يقين من أن لعابها سيسيل طوال الليل. بعد مرور بضعة أيام و ليالٍ من الترحال أصبح الأمر طبيعيا بالنسبة لـ لينا، و اختفى شعور الإحراج تماما. لطالما كانت سريعة التعود على روتين جديد، بل إنها أحيانا ما تفكر به على أنه قوقعتها التي تحتمي فيها... مهما تدهورت الأحوال، إن تمكنت من جعلها أمرا اعتياديا بالنسبة لها فستكون على ما يرام. صحيح أن فكرة أنه قد يتم القبض عليها و رايلي في أية لحظة لم تُفارق ذهنها، لكنها لم تكن مستعدة للهجوم أن يأتي من حيث آتاها. خلال يومهما التاسع و بينما ارتاح الاثنان في مؤخرة عربة مكشوفة، لاحظت لينا أن يديّ رايلي قد أخذتهما رعشة خفيفة، كان يجلس و ظهره لظهر الحصان الذي يجرهم، يداه على معدته و عيناه على الأفق، أما لينا فاتكأت على صندوق بضاعة في الجانب، ساقاها مضمومتان إلى صدرها و ذراعاها على ركبتيها. عندما رأت حركة يديه وسط السكون التام لجسمه سألت مقطبة حاجبيها: -"رايلي، هل أنت بخير؟" -"معذرة؟" أشارت نحو يديه اللتين ارتعشتا بقوة أكبر مع مرور كل لحظة، و حينها فقط انتبه لما يحصل له. -"لا أعرف ما خطبي..." نظر نحو لينا بعينين حائرتين، عينان اشتعلتا في ضوء أحمر وجيز. كلا. سحقا ! احتمالية مرعبة تسللت إلى ذهن لينا. -"أوقف العربة يا سيد !" صرخت حتى يسمعها راكب الجواد، صوتها مزعزع. فعل الرجل كما أُمر، و نزلت لينا فورا لتعطيه ما تدين له من مال قبل أن تُرسله بعيدا قائلة: -"ابتعد من هنا بأسرع ما يُمكنك." سمحت لعينيها أن تتحولا أصفرا قاسيا حتى تُظهر له مدى جديتها، و كان لها ما أرادت فقد انطلق الرجل مبتعدا مباشرة بعد أن قفز رايلي من عربته إلى الطريق الخالي. لينا دفعت ذراع هذا الأخير برُفق و حثّته على التوجه نحو الأشجار في طرف الطريق و التغلغل في الغابة، لكنه رفض التحرك دون تفسير. -" أظن أنك تمرّ بنوبة !" أجابته في إحباط، يدها لا تزال تعصر كمّ عباءته. -"نوبة...؟" لكنها قاطعته هذه المرة: -"علينا الابتعاد عن الناس ! فلتتحرك، راي !" في ذلك الوقت لم تفهم لينا الخطأ الذي ارتكبته، لكنها أدركت أنها أخطأت بخصوص أمر ما، لأن رايلي سقط على ركبتيه و أخذ يصرخ تماما مثلما فعل عندما هاجمهما أول مرة، يداه تتشبثان بجنون بشعره، و عيناه صعدت حتى اختفت تاركة ورائها لونا أبيضا و عروقا بارزة. سحقا سحقا سحقا. عليها أن تفكر و تخرج بحل قبل أن يستيقظ الوحش و يمزقها إربا كما كاد يفعل في آخر مرة. نظرت حولها. الطريق خالٍ، لا ترى سوى الجبل المستقر في الأفق خلفها و القرية البعيدة أمامها، مرج على جانب الطريق، تمر في نهايته سلاسل جبلية، و غابة على الجانب الآخر. أقدمت على الأمر الوحيد الذي خطر لها الآن: ركضت بأقصى سرعتها نحو الغابة. قد أتمكن من تضليله بين الأشجار ريثما يستعيد رشده، لكن سحقا، متى سيحدث ذلك؟ لم تسمع صوته في البداية، بل إنها نظرت خلفها لتجده على بعد أمتار منها، عيناه متسعتان بجنون و يده تمتد نحوها بخبث. شعرت لينا أن قلبها سيُقتلع من صدرها، مجازيا و حرفيا. فكّرت بأمر الأغلال الاحتياطية التي رفضت إحضارها، كونها اعتقدت بما أن رايلي يمكنه إبقاءها تحت السيطرة، فإنه من الأفضل تجنب الوزن الإضافي. ما كانت لتُفلح أصلا أيتها الحمقاء، فهذا نفس المخلوق الذي كسر سلاسلك بأرجحة من معصمه. اليأس يجعلها تخرج بأكثر الأفكار غباءً. تركت جسدها يسقط من أعلى غصن الشجرة السميكة التي حطت عليها سابقا مبتعدة عن نطاق رايلي، لكن ليس قبل أن يأخذ هذا الأخير قطعة من خدها بين أصابعه، تاركا خلفه دماءً متطايرة، ألما صاعقا و رعبا متضاعفا. سرعان ما حطت لينا على الأرض، و حوّلت ساقها بالكامل لساق مستذئب لتركل الجذع بقوة جعلت أنيابها و مخالبها تبرز لاإراديا. الجذع انقسم و تداعى، رايلي فقد توازنه و سقط مدفونا في كومة من التراب و النباتات البرية. فرصتي. لم تضيع لحظة في ركل الجذع مرة أخرى ثم القفز فوقه لتُسقطه و تحاصر جسد رايلي تحته. دام ذلك للحظة أو اثنتين، لكن رايلي قد توقف خلالهما عن الحركة و أطلق صرخة ألم، صوت جعل الأمل ينير قلب لينا من جديد. لينا الواقفة فوق الجذع حولت كلتا ساقيها لتقفز بسرعة أكبر نحو أقرب شجرة سميكة، تاركة خلفها وقعا جعل رايلي يئن. لم تسمح لذلك بإيقافها، فثمن الشفقة الآن هو الموت. لا توجد طريقة سهلة و أنيقة لإنجاز ما عليها فعله تاليا، الأدرينالين ساعدها أول مرة، لكن ذلك لن يستمر بالحدوث، و لن تتمكن من تهديم شجرة بذلك السُمك من جديد. لذا اختارت اثنتين أقل خشونة و دمرتهما، مصوّبة إياهما نحو جسد رايلي لتأسره تحتهم. صراخ رايلي علا تدريجيا بنفس الوتيرة التي ضؤلت بها مقاومته. و لأن الرُعب الذي تآكل لينا لم يهدأ تماما بعد، فإنها دمرت شجرة أخرى و تركتها تدفن رايلي فان في ألم أعمق دون رحمة. سينجو و ستختفي معاناته في لحظات. أخبرت نفسها بينما تقف ممسكة بذراعها، تلهث و تشاهد رفيقها يصرخ حتى فقد الوعي. سمحت أخيرا لجسدها أن يسقط متكئا على أقرب جذع، مبقية عينيها على رايلي الذي استحال جثة ساكنة. مررت كفها على وجهها فصُبغ بالأحمر، إصابتها -أي اقتلاع قطعة لحم لعينة كاملة من خدها- لا تزال تُشفى، لذا قررت لينا أن تلبث مكانها لترتاح، و ظلت على تلك الحال لما يقارب الساعة. تفقدت بشرتها لتجدها قد رُقّعت تماما الآن، و فكرت في البحث عن قطعة قماش لتنظيف الدماء من على وجنتيها. هنا تذكرت أمرا غفل عنها... حقيبة رايلي. يدها كانت لا تزال على وجنتها عندما أخذت نظرة خاطفة نحو هذا الأخير قبل أن تنصرف لاسترجاع ما يملكه من البقعة التي تركها فيها وسط الطريق. أول ما رأته عندما تحررت من حصار الأشجار هو رجل وحيد ينزل من على جواده الأبيض، كانت ملابسه ذات طراز مميز، خصلاته الداكنة تجعدت بشكل مرتب، لون شعره يصبح أفتح كلما ابتعد عن جذور رأسه حتى كادت أطرافه تكون بيضاء، و بذلك السيف المعلق على خصره، بدا الغريب كقرصان أنيق. نظر شبيه القرصان نحوها قبل أن تخطر لها أي فكرة أخرى، و مباشرة أسرع نحوها يسألها بفزع خفيف: -"هل أنتِ بخير يا آنسة؟" -"آه، سأكون بخير." أجابت كاشفة إصابتها الملتئمة. "شكرا لك أيها السيد." لم تستطع لينا تحديد فصيلته بالضبط، فاللون الأزرق الصافي في عينيه لا ينتمي لبني البشر بالتأكيد، كذلك رائحته الطبيعية الطيّبة. ربما أحد أجداده من الـ جان... أشار بيديه نحو الحقيبة التي كانت خلفه الآن على جانب الطريق، ثم طرح سؤالا آخر: -"أهذه ملكك؟" -"أمم--" كلا. "أجل." سحقا. دون سابق إنذار التفت و أخذ الحقيبة و قدمها لـ لينا، لكن ما إن مدت هذه الأخيرة يدها لتأخذها حتى أبعدها القرصان. حاجباه كانا مقطبين، لكن لينا واثقة أنه على عكسها، لم يقطبهم في حيرة. أدركت فجأة أن الرائحة التي تنبعث منه غير مألوفة بتاتا، و شعرت بنقرة فزع. نظرت نحو حصانه و لاحظت العديد من الأمور التي لم تلاحظها من قبل، الجمال النادر للجواد و مدى رُقيّ سرجه و عدّة ركوبه، حقيقة أنه على الأرجح خيل أصيل... الاحتمال الذي غُرس في رأس لينا الآن يدعو لفزع حقيقي. اختارت كلماتها التالية بأكبر عناية يسمح بها موقفها: -"هلّا أعدت إليّ حقيبة أخي أيها السيد؟ قد يعود مصاص الدماء الذي هاجمني في أية لحظة..." حاولت أن تبدو في قمة البراءة و العجز، فعادة ما يكسب ذلك عطف الرجال، أو أي أحد حقا. لكن القرصان لم يتزحزح. حتى حاجباه لبثا مقطبين في تعبير غريب. خطا خطوة للخلف ثم تمتم: -"لا يتواجد مصاصو الدماء في هذه المنطقة..." طوت لينا يديها و ردت بسخرية موزونة: -"من الواضح أنهم قرروا الانتقال إذن، الجو جميل في هذه الأنحاء." اعتدلت تعابير الرجل الغريب عندما سأل: -"أين أخوكِ يا آنسة؟" أرادت أن تخترع كذبة مثالية، لكن تحت ضغط اللحظة لم تستطع سوى التفوه بتلك الكلمات المبتذلة: -"لا أعلم..." ترددت قبل أن تضيف: "يلعب في بقعة ما على بعد قريتين من هنا، على ما أعتقد." -"هل أنتِ مستذئبة أيتها الآنسة؟" ظل وجهه عديم التعابير رُغم أن عيناه ارتجفتا في ترقب، و قد بدأ الأمر يثير حنق لينا. حررت يديها و قلبت عينيها في انزعاج حقيقي قبل أن تمد يدها و تقول بعناد: -"أحتاج لاستعادة حقيبتي." خطا خطوتين إضافيتين للخلف مخفضا رأسه و مخفيا عينيه. في البداية اعتقدت لينا أنها تخيلت الصوت، لكن الرجل استمر بالابتعاد و الضحك، عندما رفع رأسه بتلك النظرة المجنونة على وجهه تأكدت حقا من أن الأمر يحصل. -"لا بأس بكِ حقا !" تكلّم بصوت محطم من شدة ضحكه. شعرت باستياء و غضب عارم مُوجه نحو نفسها، نحو هذا الرجل المتعجرف، نحو الكون الذي قرر أن يجمعهما، فقد أدركت بناءً على توسع عينيّ السيد القرصان أمامها أن عيناها هي تحولتا للأصفر الآن، و قد لاحظ الرجل محاولتها الفاشلة في إخفاء أنيابها و مخالبها. -"سلِّم. الحقيبة." قالت ضاغطة على أسنانها الحادة. -"مستذئبة إذن... كما توقعت." ببطء و بسلاسة مخيفة، التوى وجه القرصان في ابتسامة خبيثة، عيناه تلمعان قسوة عندما سخر فاتحا ذراعيه: -"هل سأصيب في توقعي الثاني يا ترى؟" أشار بكفّه نحوها قبل أن يضيف في سخرية دراميّة: -"أيُعقل أنكِ المستذئبة التي قتلت أحد جنودي و هربت مع الـ فان المفقود؟" ترجت لينا سابقا و بكل فؤادها أن تكون مخطئة هذه المرة، لكن رجاءها خاب. ضحك الرجل ضحكة قصيرة ثم أضاف: -"أنتِ هي، أليس كذلك؟ لينا غريم !" . هذا الرجل هو فعلا من تعتقده في النهاية... -"و أنتَ هو الجنرال إيليا ناش." شخصيات ظهرت في الفصول السابقة : ها هو أخيرا محبوب آكا-تشين يظهر ترقبوا الفصل التالي فهو من المفضلين لدي إلى ذلك الحين أتوق لمعرفة رأيكم بخصوص هذا الفصل و بالطبع لا تنسوا تخمين لمن ينتمي العنوان في أمان الله و رعايته ~ |