فصل
[
منافع الحجامة
]
وأما منافع الحجامة فإنها
تنقي سطح البدن
أكثر من الفصد والفصد لأعماق البدن أفضل والحجامة تستخرج الدم من نواحي الجلد . قلت : والتحقيق في
أمرها
وأمر الفصد أنهما
يختلفان باختلاف الزمان
والمكان والأسنان والأمزجة فالبلاد الحارة والأزمنة الحارة والأمزجة الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج الحجامة فيها
أنفع من الفصد بكثير فإن الدم ينضج ويرق ويخرج إلى سطح الجسد الداخل فتخرج الحجامة ما لا يخرجه الفصد ولذلك
كانت
أنفع للصبيان من الفصد ولمن لا يقوى على الفصد وقد
نص الأطباء على أن البلاد الحارة الحجامة فيها
أنفع وأفضل من الفصد وتستحب في وسط الشهر وبعد وسطه . وبالجملة في الربع
الثالث من أرباع الشهر لأن الدم في أول الشهر لم يكن بعد قد هاج وتبيغ وفي
آخره يكون قد
سكن .
وأما في وسطه وبعيده فيكون في نهاية التزيد .
قال
صاحب "
القانون
"
: ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت
وهاجت ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط
هائجة بالغة في تزايدها لتزيد النور في جرم القمر . وقد روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه
قال
خير ما تداويتم به الحجامة
والفصد
وفي حديث
خير الدواء الحجامة والفصد
. انتهى .
[
الإشارة بالحجامة إلى أهل
]
[
مواضع الفصد ونفعها
]
وقوله
صلى الله عليه وسلم
خير ما تداويتم به الحجامة
إشارة إلى
أ
هل الحجاز
والبلاد الحارة لأن
دماءهم رقيقة وهي أميل إلى ظاهر أبدانهم لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح
الجسد واجتماعها في نواحي الجلد ولأن مسام أبدانهم واسعة وقواهم متخلخلة
ففي الفصد لهم خطر والحجامة تفرق اتصالي إرادي يتبعه استفراغ كلي من
العروق وخاصة العروق التي لا تفصد كثيرا ولفصد كل واحد منها نفع خاص ففصد
الباسليق : ينفع من
حرارة الكبد والطحال والأورام الكائنة فيهما من الدم وينفع من أورام الرئة
وينفع من الشوصة وذات الجنب وجميع الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة
إلى الورك .
الحجاز
و
البلاد الحارة لأن دماءهم رقيقة وهي أميل إلى
ظاهر أبدانهم لجذب الحرارة الخارجة لها إلى سطح الجسد واجتماعها في نواحي الجلد ولأن مسام أبدانهم
واسعة وقواهم متخلخلة ففي الفصد لهم خطر والحجامة تفرق
اتصالي إرادي يتبعه استفراغ كلي من العروق وخاصة العروق التي لا تفصد
كثيرا ولفصد كل واحد منها نفع خاص ففصد الباسليق : ينفع من حرارة الكبد والطحال والأورام الكائنة فيهما من الدم وينفع من أورام
الرئة وينفع من الشوصة وذات الجنب وجميع الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك .
وفصد الأكحل ينفع من الامتلاء العارض في جميع البدن إذا
كان دمويا وكذلك إذا
كان الدم قد فسد في جميع البدن .
وفصد القيفال ينفع من العلل العارضة في الرأس والرقبة من
كثرة الدم أو فساده .
وفصد الودجين ينفع من وجع الطحال والربو
والبهر ووجع الجبين .
والحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق .
والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس وأجزائه كالوجه والأسنان والأذنين والعينين والأنف والحلق إذا
كان حدوث ذلك عن
كثرة الدم أو فساده أو عنهما جميعا .
قال أنس
رضي الله تعالى عنه
كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل
وفي " الصحيحين " عنه
كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يحتجم ثلاثا :
واحدة على كاهله واثنتين على الأخدعين .
وفي الصحيح عنه أنه
احتجم وهو محرم
في رأسه لصداع
كان به
وفي "
سنن
ابن
ماجه
" عن
علي
نزل جبريل على النبي
صلى الله عليه وسلم بحجامة الأخدعين والكاهل
وفي "
سنن
أبي
داود
" من حديث جابر أن النبي
صلى الله عليه وسلم
احتجم في وركه
من وثء
كان به
فصل
[
اختلاف الأطباء في الحجامة على نقرة
القفا
]
واختلف الأطباء في الحجامة على نقرة
القفا وهي القمحدوة .
وذكر
أبو نعيم
في كتاب
الطب
النبوي
حديثا مرفوعا
عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة فإنها
تشفي
من خمسة أدواء
ذكر منها الجذام
وفي حديث آخر
عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة فإنها شفاء من اثنين وسبعين داء
فطائفة منهم استحسنته
وقالت إنها تنفع من جحظ العين والنتوء العارض فيها وكثير من أمراضها ومن ثقل الحاجبين والجفن وتنفع من جربه . وروي أن
أحمد بن حنبل
احتاج إليها فاحتجم في جانبي
قفاه ولم يحتجم في النقرة وممن كرهها صاحب "
القانون
"
وقال إنها تورث النسيان حقا كما
قال سيدنا ومولانا وصاحب شريعتنا محمد
صلى الله عليه وسلم فإن مؤخر الدماغ موضع الحفظ والحجامة تذهبه انتهى كلامه .
ورد عليه آخرون
وقالوا : الحديث لا يثبت وإن
ثبت فالحجامة إنما تضعف مؤخر الدماغ إذا استعملت لغير ضرورة فأما إذا استعملت لغلبة الدم عليه فإنها نافعة له طبا وشرعا فقد
ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه احتجم في
عدة
أماكن من
قفاه بحسب ما اقتضاه الحال في ذلك واحتجم في غير
القفا بحسب ما دعت إليه حاجته .