"نلتفت يمنة ويسرة.. فنزداد إيمانًا بجمال القسوة!"
نزلنا من السيارة بعدما ركناها عند البوابة الامامية للمنزل ثم دخلنا منزل يوكي مروراً بالحديقة، كنا هادئين للغاية، كما لو أننا نحاول استكشاف المكان بطريقة ما، لم يكن هنالك أحد في طريقنا لذا اغلقنا الباب بهدوء ثم تابعنا طريقنا صعودًا إلى الطابق العلوي .. "غريب، لا أحد هنا" همست ليوكي بتلك العبارة ولكنه بقي يحدق بباب الغرفة التي انام فيها مع آتسو، توجه اليها بصمت فتبعته، بخفة فتح يوكي الباب وانا من خلفه لنجد آتسو يلاعب كلب يوكي على الأرض بهدوء، تنهد كلانا بعمق ثم دخل يوكي الغرفة ورمى نفسه على سرير آتسو بقوة لينتبه هذا الآخر لوجودنا ..
- آخخخ، كاد قلبي أن يتوقف! أبي ليس هنا، يالراااااااااحة ~
- راحة مؤقتة ..
- لا تعكر صفو سعادتي الآن ~
- آتسو .. أين السيد براون، هل خرج ..؟
- أجل.. لقد خرج مع عمي ..
- لا تنادي ذلك السمين بعمي!! مجرد التفكير به يجعلني اشعر بالاشمئزاز!!
صمت أتسو لثوان ثم قال:
- ي- يقول اتصل به ..
- أنـا أم شيجيرو؟
لم يجب آتسو عليه ففهمنا على الفور أن الكلام موجه إلى متجمدنا، تأفف هذا الآخر بتذمر وأخرج هاتفه من جيبه، قام بتشغيله بهدوء واتصل بوالده بينما الصمت يخيم على المكان برمته
"أوووه أبي، صباح الخير .. متى وصلت إلى اليابان؟! لقد أخبرني شيجيرو للتو أنه التقاك يوم أمس! .. أنا؟ .. ما أزال في الجامعة، سأعود إلى المنزل بعد نصف ساعة .. حسناً، سأكون في انتظارك، وداعاً!" .. فور أن أغلق ذلك الاتصال القصير حدقت به مستنكرًا فعلته:
- مـاذا؟ لمَ تنظر إليَّ؟!
- لمَ تكذب حتى في الأمور الصغيرة؟ ماذا إن كان عند المنزل كما في المرة الماضية؟!
- هو يعلم أني أكذب لذا لن يغير هذا الأمر شيئاً ~
- وتقولها بفخر!
- دعك من ذلك، كيف سأتصرف الآن؟
- ماذا قال والدك؟!
- تكلم كما لو لم يحدث أي شيء، هذا يعني أنه غاضب للغاية، اوففف، لم عاد إلى اليابان أصلاً! اخبرني أنه سيقضي سنتين في ألمانيا =="
- ربما اشتاق لك ..
- مضحك للغاية ..!
- بالمناسبة، كيف ادخلت هذا الرجل إلى القبو؟
- قصة طوييييييلة ..
- اخبرنا بها اذًا..! لقد صدمت فعليًا عندما رأيته.. لم نشعر بوجوده حتى!
- هذا لأنه كان فاقد الوعي وقتها، اخبرتك سابقًا ان الشرطة اتصلت بي.. في الواقع قابلت ذلك الرجل حينها واصطحبته إلى المنزل ثم أفقدته الوعي هناك! لم يكن الأمر صعبًا، أضف إلى ذلك أن دارك ساعدني ~
- ولمَ فعلت ذلك؟!
- بلا سبب، شعرت برغبة في فعلها فحسب ~
- يوكي!! لا يمكنك ضرب شخص حتى الموت لمجرد أنك ترغب في ذلك!
- أوه، حقًا! قل ذلك الكلام له!! رجل بمثل ضخامته يعتدي بالضرب على طفل بالكاد يقف على رجليه من هزالة جسده!! أبغض هذا النوع من الأشخاص!! ولو أعادت الأيام نفسها وقابلته في موقف مماثل لفعلت الشيء ذاته .. وربما أشنع!
- أتعني أنه ...
- ليس وحده! حتى تلك المرأة المختلة ساعدته!! أنت لا تفهم كم أمقتها، ولو حدث وشفيت مما أصابها فسأجعلها تتمنى الموت أكثر من أي شيء آخر ..
- أخبرني يا فتى، ألا تتمنى الأمر ذاته؟!
- ........................
- أنــا أتحدث إليك يا ... مهلاً .. ماذا كان اسمك؟!
- آخخ يا يوكي! لو سمعتَ ما قاله والدك عنك الليلة الماضية لتوقفت عن فعل هذا على الفور .. اترك الفتى وشأنه وركز على مصيبتك، ألست نادمًا على فعلتك!
- ولا حتى واحداً بالمئة! أنت أصلاً لا تعرف شعور الراحة الذي ارتابني حينها ~
حلَّ ذلك الصمت الفظيع مجدداً على المكان، لا أخفيكم أني نوعاً ما أؤيد ما فعله يوكي به! ولكني واثق أنني لو كنت مكانه لما تجرأت حتى على التفكير بفعلها! إنه يقدم على أفعاله متجاهلًا كل العواقب، فقط ليرضي روحه المضطربة!!
- اذًا ما الذي ستقوله لوالدك؟!
- اتساءل ~ هذا يعتمد على ما سيقوله، ويعتمد ايضا على ما إن كان ذلك الرجل سيأتي معه أم لا!
تنهد ذلك الفتى مجدداً واستلقى على سرير أتسو قبل أن يقول "المشكلة العظمى أن الجميع علموا أنه زوج تلك العفريتة وأن الفتى هو ابنها..!! والآن سيبقى ذلك السمين يتحجج بكونه والد الطفل وما إلى ذلك!!" انتبهت عندها انني لم أخبره عما حدث بالتفصيل في تلك المحاكمة المزيفة!
- لا دليل على ذلك يا يوكي!
- ما الذي تعنيه يا عبقري زمانك؟
- لا شيء يثبت انه زوجها .. لا خاتم الزواج ولا أية اوراق ثبوتية ..
فور سماع ذلك جلس يوكي على عجل ثم نظر لي وأكمل:
- وهل اعترف أنه لا دليل معه على الزواج ..؟
- أجل، بقي يتعذر بأعذار واهية فحسب ..
- هـ - كذا إذًا ..؟!
- وأضف إلى ذلك أن أتسو أنكر معرفته به!
اتسعت عينا يوكي من الصدمة ولم أعي إلى وتلك الوسادة تضرب وجهي بعنف:
- أحمق! لمَ لم تقل هذا سابقًا؟!
- وماذا ستستفيد؟!
- إن أنكر الفتى معرفته به فلن يستطيع أحد الضغط عليه، لا الشرطة ولا غيرهم!
- و – إذاً ..؟!
- بمعنى آخر يمكنني زعم أن ذلك الرجل هو هاجمني دون أي سبب وأنا دافعت عن نفسي فحسب!
- وماذا عن والدك؟
- افف، نسيت أمره .. أتعلم شيئاً .. لا يهم، أصلاً لا مفر من إخباره حقيقة ما حصل، هذا إن لم يكن قد عرف كل شيء بالفعل، لن يكترث لأمر مصيبتي على أي حال، واثق أن أكبر همه حـالياً هو التخلص من ذلك السمين فقط ..
- كلامك به بعض المنطق ..
- كل ما عليك فعله هو تأييدي في كل ما أقوله ..
- حسـناً ~