[ على مشارف الموت ] المؤلف \\ وعامووَ التصنيف \\ طبي، شريحة من الحياة، مدرسي النوع \\ مستمرة عدد الفصول \\ غير محدد ~ الجملة البادئة بـ | - و " | هذه حوار الجملة البادئة بـ | ~ | فهي كلام في قرارة النفس وأحيانًا وصف لنبرة الصوت البقية إما سرد أو وصف .. استمتعوا ~ [ الفصل الثالث ] تفاجأتُ حقًا عندما علمت أن أخي قد إلتحق بكلية الطب، لقد ظننته سيصبح محاميًا وربما شرطي حسب رغباته.. كنتُ متأكدًا من ذلك. علمت بعدها أنه بالفعل كان ينوي أن يُصبح محاميًا، لكن أبي أخبره بأن يصبح طبيبًا فلم يسطع رفض ذلك.. ~ سألتهُ -"أليس الطب مرهقًا؟!" أجاب عبدالله بهدوء -"لا أعلم! لكنني سمعت أنه خمسة أعوام" قلتُ بعنف قليل -"هل تريد الإنتحار؟، ستكون جثة هامدة قبل أن تتخرج.." ببرودةٍ قال -"من يعلم..، لكن! ها أنا بصدد مغامرة جديدة" أضاف بشغف -"لن أعرف مالم أجرب" قلتُ بقوة -"يُمكنك الرفض، أبي لن يقول شيء!!" لكنه فاجأني بردهِ -"لقد إتخذت قراري بالفعل يا زين، فات الآوان على التراجع" صرختُ فيه قائلًا -"ألا تفهم؟ أنت ستفني شبابك بتلك الطريقة.. ستبقى عاكفًا أمام الكتب طوال اليوم، وإن حصلت على عطلة فستذهب في التحضيرات للجامعة.. أنت تقتل ذاتك!" وضع رأسه على المكتب و قال بينما ينظر لي -"لاداعي للحكم على الأشياء بتسرع، أراهن أنك ستلحق بي ذات يوم" أنهى جملته بابتسامة ماكرة.. داهمتهُ قائلًا -"سأصبح مهندسًا.. معماريًا!" عقب ببرود -"جيد، بالتوفيق" ~ تلك كانت آخر محادثة حظيت بها مع عبدالله. قبل أن يسرقه الطب منا، و قبل أن يتسلم الله أمانته. لقد كان محقًا فها أنا قد لحقتُ بهِ.. كان حديثي مؤلمًا، فهاهو جثة هامدة.. كيف تمالكتُ نفسي طوال تلك الأعوام؟، كيف أستطعتُ الدراسة من كتب لطالما حَمِلتْ داخلها رائحة أخي و حفظت خط يداه! كيف أستطعت التخرج من ممراتِ قد حُفر فيها خطوات أخي الغير مكتملة. عندما كان يسألني الناس لماذا أنا هُنا؟ كنتُ أجيبهم :"أريد اللحاق بجثة أخي" ظنًا مني أن الطب قد كان داء أخي، و أنني أصبت بهِ و قد حانت نهايتي. لم أعرف إلا قريبًا أنني كنتُ هنا لأجل أداء واجب مهم، تجاه تلك الأرواح و تجاه أخي ~ { في المشفى } عندما توفي عبدالله، ثارت حفظيتي أردت تحطيم كل شيء، و مقابلة المدير و محاسبته قضائيًا على تلك النتيجة.. لكن، أبي كان هادئًا و قد منعنا من الغضب لأجله، قال "لقد مات، كل ما سنفعله هو مضيعةٌ للوقت، علينا الآن التركيز على جنازته أفضل" بقي زياد مع أمي يهدئها تارة، و أخرى تبكي روحه معها، لم يزعجني شيء بقدر كونهم جعلوا أمي تعاني آلم الفقد و أي فقد هذا؟ إنه وليدها! أوليسوا هم أصحاب المثل الشهير "لا شيء يُضاهي مكانة الطفل لدى أمه"؟ ~ ذهبت مع أبي لجلب تصريح الدفن و التحضير لكل ذلك، بينما كنا نسير في إحدى الممرات قابلنا طبيب الأشعة "سامي" يهم بأعطائنا إياها، أوقفه أبي قائلًا "نشكر حسن تعاملك، لكنها أصبحت بغير أهمية.. لا فائدة من أشعة مات صاحبها" تابعنا المسير، ~لماذا لاتنتهي تلك الممرات!!، و كأنها أطول بفعل الآلآم التي تختزنها، و صرخات الروح، و نزاع بين الموت و الحياة، و أنين مرضى فتك بهم المرض.. كُل ذلك يجعل الممرات طويلة للغاية، حتى تكاد تأن معهم من شدة ما تشعر بهِ و تنتهي مشاعرك في نهاية الممر..~ وصلنا إلى المكتب، لكنهم رفضوا إعطاء لنا تصريح الدفن.. بينما كان أبي يستفسر حول ذلك، دلف إلى الداخل رجلٌ عجوز، خمنت أنه يبلغ عقده الأربعين، شعرٌ أبيض و عينان سوداوتان تحدث بلباقة ماكرة "لايمكن لهذا المريض الخروج من المشفى، حتى وإن كان جثة.. هامدة، هناك كلية مسلوبة، و لن يتحرك جسده حتى نكتشف متى وأين سُلبت.." أنفعلتُ قائلًا -"سندفن أخي مهما تطلب الأمر، تصريحكم هذا يُمكنكم حرقه.. لسنا بحاجة إليه، و تحقيقكم الزائف هذا لندعه للأيام تقرر النتائج.. حتى ذلك الوقت سيكون أخي تحت التراب، أتفهمون؟!" تحدث الرجل الجالس على المكتب إلى الرجل الآخر قائلًا : -"عماد، لابأس سنستكمل التحقيق بعد جنازة الفتى.." سحبني أبي بقوة وهو يرمقني بتلك النظرات التي تقول "يكفي هذا، لندفن أخاك" ~ دفنا عبدالله، أتى الكثير للتعازي، معظمهم من كلية الطب.. الفرقة الثالثة. أستمر العزاء لثلاثة أيام ثم استكملنا حياتنا و في داخلنا فجوة.. ~ { على الجانب الآخر } أحد الأشخاص -"كادوا أن يكتشفوا أمرنا، حمدًا لله لقد تخلصنا من الفتى.." شخصٌ آخر -"لا تتعجل يا سامي! لازالت أمامنا حالات أخرى" أكمل سامي حديثه قائلًا -"ألم تكن تلك فكرتك يا عِماد؟ أنظر إلى شجعك أين أوصلنا!!" ردّ عماد -"و أنظر إلى ما ترتديه وما تأكله، شجعي هو من أوصلك لهذا النعيم، ثم إنني لا أسميه شجع بل تجارة.. تجارة بالأعضاء البشرية." أنهى جملته بابتسامة ساخرة. أجاب سامي بتردد -"إن إستمر ذلك فسينتهي بنا المطاف في السجن" ~ [ في إحدى المكاتب ] تحدث المدير -"هل قدمتم الأوراق المطلوبة للشرطة؟" أحد العاملين -"نعم سيد عاصي، لقد كلفنا ذلك مئة ألف -100 ألف- من المال!" أجاب بتفاخر وهو يضحك -"وهل تعد المئة ألف عددًا وسط الملايين؟ لاعليك لنعتبرها مثل حَسنة ..، ما نكسبه من تجارة المشفى أكبر بكثير مما كنا نتوقع، لقد أصبحنا في مستوى آخر بفعل سرقة الأعضاء و التجارة فيها" شخصٌ آخر - سيد عاصي "بالفعل، لهذا علينا أن نحافظ على سمعتنا، و أن ننفق بعض الأموال حتى تختفي تلك الأنظار من علينا.." ~ [ في مكتب الطبيب عماد ] أحد الأشخاص -"هل علينا إحصاء كُل عملية نقوم بها!، ذلك مزعج للغاية!" أجاب عماد -"يُمكنك العمل بصمت.." يتمتم مع ذاته بصوتٍ عالٍ "خمس عمليات سلب كُلى هذا الشهر، سبع عمليات سرقة أجزاء من الكبد أجريت خلال أسبوع..، لقد قمنا بالكثير خلال هذا الشهر، كانت الحالات كثيرة و كانت فرصتنا جيدة.. ألا توافقني الرأي يا عماد؟" معلومة طبية // كتب: إنفعل عماد غاضبًا وهو يقول -"أخبرتك يا سامي أن تعمل بصمت!" أجاب سامي -"أنفقت المشفى مليون تحت بند الرشاوي و حماية عملياتها، بالمقابل ربحت مئة مليون في الأشهر الثلاثة السابقة، اختلست أيضًا بعض الأموال تحت بند الضرائب و الوحدة العلاجية والخدمات الصحية، بأعداد تقدر بخمسة ملايين ونصف خلال أربعة أشهر، خلال هذا الشهر بالتحديد، قدرت العمليات السوداء بـ خمس و ثلاثين عملية سرقة أعضاء بشرية، تم عشرة منها على جثث رفضت المشفى إخراج تصاريح دفن لهم بحجة التأكد من الأوراق و ثم فعلوا فعلتهم تلك." ~ الفصول السابقة :: [ الفصل الأول ] على مشارف الموت || مِخلب الشر [ الفصل الثاني ] على مشارف الموت || مِخلب الشر التدقيق \\ @جُوري التأليف \\ وعامووَ < برآآآآ |