السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الظاهر إنها صارت عادة لي أنزل الجزء كل يوم أحد بس إن شاء الله المرة القادمة هحاول أنزلها في أول اليوم عشان ما أجيش آخر اليوم وأتكاسل قرأت ردودكم على الأجزاء وسعيدة بها جدا وسوف أرد عليها قريبا إن شاء الله _ (26) كان بلال مازال في نفس حالته، نظر زيْد إلى رقية المتأثرة جدا بمنظره مُشفقًا عليها في داخله، لكن بكر قاطعه قائلا وهو يُجبره على النظر إليه: زيْد، بم تفسر ما حدث الآن؟ تنهد زيد بحيرة وهو يرفع نظره إلى الدكتور بكر: لا أعلم حقا! يبدو بلال وكأنه شخصية هامّة في هذه المستشفى الخاصة، لقد تمّ دفع حسابه، ووضع رجل أمام غرفته للحراسة، ولا أعلم ماذا سيفعلون له أيضا! أعتقد أن هناك سرًّا. أومأ بكر برأسه موافقا في جدية وهو يُكمل: نعم، هناك سر، لقد حاولت التحدث مع هذا الشاب في الخارج، لكنّه لم يفدني بأية معلومات.. أخبرني أن هذه الأوامر من رئيس المستشفى وإذا كنت أريد استفسارًا فعليّ توجيهه إليه، لذلك أريد الذهاب إلى رئيس المستشفى.. قال زيد: فلتذهب إذن! نظر بكر إلى الفتاتين نظرة ذات معنى، فقال زيد وكأنه يندب حظه: لا لا تقل لي أنك مثل هذا الفتى الراقد على السرير لا تثق بي؟ ابتسم بكر ابتسامة خفيفة وهو يهزّ كتفيه: لا أعلم عمّ تتكلم، ربما ونحن خارجون من هنا نقوم بالحديث معه. نظر زيد إلى ساعته قائلًا بهلع: الساعة الحادية عشرة والنصف! يا إلهي سيُعاقبني أبي على تأخري. نظر بكر نظرة دهشة وهو يمسك برأسه في انهيار، كان يبالغ في تمثيل المشهد، لديه طريقة غريبة في المزاح! قبل أن يخرج توقف للحظة ثم التفت إلى بكر بجدية قائلا: أتمنى أن تعطي هذا لرقية. وقبل أن يُخرج محفظته منعه بكر بهدوء قائلا: لا تفعل. قال زيد بحسم: لكنها تحتاج.... قاطعه بكر بابتسامة: أنت ما تزال شابا جامعيًّا يا زيد، على الأرجح أن إنقاذك لهما والحرص على دفع المبلغ المطلوب قد دمّر ميزانيتك تماما لهذا الشهر، فحاول إعادة كل شيء كما كان ولا تقلق عليها. حاول زيد الاعتراض فأنهى بكر النقاش قائلا: إنها أمانة في عنقي أنا، إلا إذا لم تكن تستطيع الثقة بي فهذا موضوع آخر. تنهد زيد بقلة حيلة أمام كلمات بكر، ولم يستطع المراوغة وهو يعيد محفظته إلى جيبه قائلا بابتسامة: إذن أرجو أن تُخبرني إذا ما احتجت أي مصاريف أخرى. أومأ بكر برأسه موافقا ببساطة، وهو يقول في داخله "وكأنني سأخبرك إذا احتجت".. التفت بكر إلى بلال النائم في هدوء وتنهد في إرهاق وهو يغمغم: لا أمل في بلال أن يفيق الليلة، لكن كيف سأقنع أخته بالعودة معنا إلى البيت؟ فالوقت قد تأخر كثيرا ولا يمكننا نحن الثلاثة أن نبيت معه في نفس الغرفة، وأيضا لا يمكنني ترك رقية تبيت معه لوحدها وهناك شاب يحرس الغرفة في الخارج. كانت رقية جالسة على كرسي صغير وأمامها عبير واقفة تتحدثان، يبدو أنهما يتكلمان عن بلال، همس بكر لنفسه في إحباط "لديّ اثنتان مهوستان به هنا! كيف سأقنعهما بهذه البساطة؟!" استعان بالله وبدأ بالحديث معهما، في البداية تفاجآ كثيرا ورفضا العودة للمنزل وبلال على هذه الحالة، اقتنعت عبير مبدئيا بالأمر ثم حاولت رقية المراوغة بأنها ستبيت هي بمفردها، لكن بكر أقنعها بوجهة نظره في رفق مع وعده أنهما سيعودان إليه بعد الفجر على الفور وانتهت المحادثة بتهنيدة حارّة من بكر وهو يركب سيارته ووراءه البنتين وعلى وجهيْهما علامات البؤس كأنما جرّهما بكر جرًّا من المشفى. _ فتحتُ عيني فجأة وأنا أشعر بالضيق، لم أعلم السبب، علمتُه بعدما نظرتُ إلى جسدي. لقد كان قناع الأكسجين يشكّل ضغطًا على وجهي وأنفي، وسبب لي جفافا مؤلمًا في الحلق، وكذلك تلك الأسلاك المتنوعة التي تلتصق بصدري، وددتُ لو أقوم بتقطيعها جميعا ونزع هذا القناع الغبي. لكن جسدي كان ثقيلا لدرجة لم أتمكن من رفعه، حاولتُ تحريكَ يدي بوهن ووضعتها على قناع الأكسجين، ثم سحبته بكل ما أملك من طاقة! هاجمني الهواء الخارجيّ وأنا أحاول أخذ أنفاسي، اختنقتُ، وظللت أسعل بقوة، دخل الغرفة بسرعة شابّ ما بسبب صوت سعالي، نظر إلي بدهشة وأنا دامع العينين بسبب السعال.. ثم هتف: لقد استيقظ! دون أن أشعر أعاد وضع القناع على أنفي، مبتسما: ليس بهذه الطريقة نقوم بخلعه، اهدأ أنت فقط ريثما أحضر لك الطبيب. سوف نقوم بإزالة كل تلك الأشياء التي تضايقك، لا تقلق! شعرتُ بالهواء يعود لي مجدّدا، تنفستُ بسرعة لكن جفاف الحلق زاد للضعف مع الدماء.. أول مرة أتعرض لموقف هائل كهذا! ثم.. أين رقية؟ شعرتُ بقلق رهيب وأنا أرى الباب يُغلق ويختفي الشاب، ماذا حصل لها؟ تبًّا كم أنا غبي! لماذا غبتُ عن وعيي؟ لماذا لم أشعر بنفسي كل هذه المدّة؟ كان عليّ السيطرة على نفسي حتى آخذ بالي من أختي. ولكن لأنني أحمق مهمل. أخٌ سيء! _ سعلتُ بخفّة والممرضة تعدّل وضع إبرة المغذي في يدي، نظرتْ إلي في هدوء وقالت مبتسمة: هل تتنفس جيدًا؟ أخبرنا رجاء إذا شعرتَ بأي مشكلة! هززتُ رأسي إيجابًا بهدوء وأنا أتأمل سقف الغرفة، إنها هوايتي المفضّلة كما تعلمون! لقد نُقلت إلى غرفة أخرى مُريحة أكثر وخالية من كل تلك الأجهزة التي كانت في الغرفة الأولى، وألبسوني بدلة قطنية ناعمة في باطنها فرو دافئ من أجل الشتاء، بالطبع أزُيلت كل تلك الأسلاك وذلك القناع المزعج، الآن أنام على سرير أبيض في غرفة واسعة جميلة الأثاث بشكل مذهل، هذه هي مزايا المستشفيات الخاصة! أشعر براحة كبيرة وقد تحررتُ من كل ذلك.. فقط إبرة المغذي هذه تُزال وسأكون قادرًا على الهرب للبحث عن رقيّة! سألتُ الممرضة فجأة: كم الساعة الآن؟ قالتْ مبتسمة: الساعة الآن السادسة صباحًا، لن ترى أجمل من منظر الشروق في هذه الغرفة، وأشعة الشمس توشك أن تخترق الستائر البيضاء.. إنها فعلا مُتعة الأطباء لتفحص المرضى في هذا الوقت! عقدتُ حاجبيّ باهتمام: علي إذن أن أقوم لأصلّي! رفعت حاجباها بدهشة: تصلّي؟ أجبتُ بصوت مبحوح وأنا أحاول الجلوس: نعم.. سوف أصلّي جميع الصلوات التي فاتتني منذ البارحة، ألم تقولي إنني ظللتُ غائبًا عن الوعي عشرين ساعة؟ هزّت رأسها إيجابًا، فأكملتُ وأنا أبذل جهدي في الجلوس: ولهذا السبب عليّ أن أصلّيها جميـ.. قطعتُ جملتي ورأسي يسقط إلى الوسادة ثانية، بدأت زخّات العرق تسيل على وجهي، الجلوس؟ يا لها من مهمة صعبة! هتفتْ الممرضة بقلق: لا. لن تستطيع الجلوس في حالتك هذه، للتوِّ استيقظت! لا ترهق نفسك أرجوك! نظرتُ إليها بحدّة، حسنًا ما الحلّ؟ هل عليّ الصلاة وأنا راقد مجددًّا؟ قالتْ هي بلهفة: لديّ فكرة. أنصتتُ إليها، ولكنها نزلتْ إلى أسفل السرير، بعد ثوان لاحظتُ أن النصف الأمامي من السرير الذي أستند برأسي إليه قد ارتفع حتى أصبحتُ وكأني جالس.. رفعتْ رأسها مبتسمة: ما رأيك؟ هكذا أصبحتَ جالسًا دون إجهاد نفسك، في الحقيقة هذه الطريقة نستخدمها حين تأتي وجبة الطعام، لكن بالتأكيد يمكنك استخدامها للصلاة. لم أعلّق على جملتها الأخيرة وأنا أبدأ في صلاة الظهر، ثم العصر، حتى صلّيت فجر اليوم! وبالطبع لم أنسَ الوضوء بزجاجة مياه أحضرتْها لي الممرضّة. آه الحمد لله قلبي اطمئنّ الآن، فوجئت بتلك الممرضة تراقبني وهي تهتف بإعجاب: ما شاء الله، يا لك من شاب! تحافظ على صلاتك حتى وأنت في هذه الحالة؟! نظرتُ إليها نظرة جافة رادعة، ماذا تحاول أن تقول؟! لم تنتبه لنظرتي وهي تخرج ورقة ثم تقول بحماس: الآن حان وقت الاختبار! همستُ باستغراب: اختبار؟ أي اختبار؟ رفعتْ إلي إصبعين من أصابعها قائلة: كم هاذان؟ شعرت بالسخافة وأنا أقول من بين أسناني: ماذا تظنين؟ طفل في الابتدائية أنا؟ قالتْ هي بدهشة وحسم: ماذا تعني؟ بالتأكيد لا، جاوب فحسب أرجوك. إننا نحاول معرفة مدى ثبات مهارات عقلك بعد العملية التي خضتها. نحاول معرفة الآثار الجانبية لها! قلتُ وأنا أشيح بوجهي: إنهما اثنان! ظلّت تسألني عدّة أسئلة لا تختلف عن الأول في التفاهة، وأنا أجيب بكل صبر حتى هتفت هي بسرور: رائع، أنت طبيعي تمامًا، ولم تفقد الذاكرة، عقلك سليم مئة بالمئة! قامت واقفة وهي تقول بلطف: أتمنى ألا أكون قد أزعجتك، لكن الطبيب المسؤول عن حالتك سيأتي بعد ساعة لبقية الفحص، وكذلك طعام الإفطار سيأتي الساعة السابعة، أتمنى أن تغفو قليلا حتى هذا الوقت! قلت في داخلي ساخرًا" أغفو؟ بل قولي أنه وقت مناسب للهرب والبحث عن أختي" بعد خروجها حاولت تحريك قدمّي لإنزالهما، فتلك الممرضة لم تعدّل السرير وهذا شيء جيد سيساعدني على الوقوف بسهولة! مضتْ عدة دقائق وأنا ألهث، جسدي لا يتحرك! يداي فقط تتحركان بصعوبة. مستحيل! هل أُصبتُ بالشلل أم ماذا؟ _ هتف بكر بدهشة عندما فتح الغرفة: أين بلال؟ قالت رقية بخوف: كذلك الشاب الذي كان هنا البارحة غير موجود أيضًا! وجدا ممرضة تخرج من إحدى الغرف تتجه نحوهما، سألها بكر بلهفة: هل تستطيعين معرفة أين ذهب هذا المريض من فضلك؟ نظرتْ بانتباه إلى رقم الغرفة ثم ابتسمت قائلة: آه المريض صاحب الغرفة 217 نُقل إلى الغرفة رقم 220، إنها الغرفة التي خرجتُ منها للتوّ! سأل بكر بقلق: ولماذا نُقل من غرفته؟ قالت الممرضة بابتسامة رقيقة: لقد استعاد وعيه، وأصبح حاله مطمئنًا، بل إنه طبيعي تماما. انشرح صدور الثلاثة بفرحة وهم يسمعون تلك الأخبار، وقالتْ رقية بسعادة غامرة: هل نستطيع رؤيته الآن؟ قالت الممرضة بتأكيد: بالطبع يا حبيبتي، تستطيعين الذهاب إليه الآن! لم تصدّق رقية خبرًا وهي تركض إلى الغرفة، التي كان يجلس أمامها نفس الحارس السابق يتابع كتابًا بتركيز ويُلقي نظرة هادئة على من يدخل الغرفة، ابتسم بكر بسرور وهو يلحقها مع عبير بخطوات هادئة بعض الشيء، كان بكر يرددّ في داخله بامتنان "الحمد الله، يا الله، يا له من كرم" اقتحمت رقيّة الغرفة وهي تصرخ: بلال! نظر إليها بلال بصدمة، لم يتمكن من قضاء مزيد من الوقت في صدمته لأنها كانت قد طارتْ وارتمتْ في حضنه ضاحكة بفرحة كبيرة: لقد اشتقتُ إليك، وقلقتُ عليك كثيرا! الحمد لله! _ |