مـخاوفٌ بدأتُ تهيمنَ علىَّ ، تُسيطرُ على روحى ، رحتُ هُنا وهُناكْ ، هِمتُ كـ المجنونْ .. أضعُ يدىَّ على أذناى وأنادى بملئ فاهى " أُسـامه ، أُسـامه " وأركضْ ولكـنْ لقد أسمعتُ لو كنتُ حياً ولكنْ لا حياةَ لمنْ تُنادى .. تحتَ إحدى النوافذِ العملاقه جلستُ مُسنداً رأسى للحائطْ ماداً إحدى قدمىَّ وأسند على ركبة الأخرى يدى ، نـظرتُ للسماءْ النجومُ تلمعُ هُنا أكثرُ مِنْ أىِّ مكانٍ آخر ... أسمعُ صـوتَ حركه قـريبه قـادمه مِنْ ذاكَ الزقاقِ البعيد ... أسترقُ السمعَ لأتأكد منَ الصوتْ أتخبط فـى قيامى .... أُسرع .. أسقطُ وأكملُ نحوَ الزقاق مُـنادياً بإسمِ أسامه .. مكتوبٌ على الحائطِ بالصلصه الحمراء " لا توافق ، وسيكونُ بيشور التالى " . تقعُ عينى على أسامه ، صدرهُ الصغير قدْ صارَ أحمراً قانى ويتحدثُ بصعوبه قائلاً " صَصصصـ...درى " "شششششش ، ستكونُ بخير " قلتْ .. تجاهلنى وأكملَ " يووو يوجع فيا " وانسابتْ دمعه مِن عينه وتقلصت عـضلاتِ وجهه ... إحتضنته على صدرى وإنخرطتُ فى بُكاءٍ حار .... منْ قتلَ أُسـامه ؟ أنـا قتلتُ أُسـامه .. لحظه ، الرسـاله التى كتبها .. حملتُ صغيرى بينَ يدىَّ وقرأتُ الرسالةَ مُجدداً إنهُ متعاطى الماريجوانا بلا شكْ ... لا أحدَ يقولُ بيشورُ غيره .. صـوتُ أقدامٍ مُسرعةٍ تقتربْ ، تـقتربْ ، وتقتربْ ، كـانَ فيشرْ عـارِ الصدرِ يرتدى سروال الثوبْ كسروالِ السندبادِ البحر وقفَ يلهث ويتحدثُ بصوتٍ متقطع "أيش .... صار ؟ " تسألُ مـاذا حدث ؟ هاه .. أدرتُ وجهى عنهُ وعضضتُ على شفتىَّ وتركتُ لدمعىَّ العنانْ ، أما آنَّ للماقئى أنْ تجفْ ؟ .. إستلمْ منى الصغير بهدوءٍ ومزَّق قميصهُ الأحمر ونظرِ للطعنات فى صدرِ الصغير ... ضغطَ أسنانه " ألديكَ فكره عمنْ فعلَ هذا به ؟" .... منْ قتل أُسامه تقصدْ ! صـامتٌ وداخلى كَـدَوّىِّ الرُعبِ يومَ المعمعه ، أمَّا هوَ فباردٌ لا أحدَ يعلمْ فيمَّ يُفكرْ . صرخْ " " ألديكَ فكره عمنْ فعلَ هذا به قلتُ لكْ ؟" ... رددتُ "مُدمنُ المخدراتْ" ... لماذا أشعـرُ بأننى كاذبْ .. لماذا لمْ أفعلْ مثلما يفعلُ فيشر عندما يتعلقْ الأمرُ بالمبادئ .. ألمْ يعلمنى أبى أن المبادئ لا تتجزأ ... لماذا جزأتُ مبادئى فى أول فرصه لى للحصول على عملٍ مؤقتْ وفى قريةٍ سياحيه .. أحتقرُ نفسى كثيراً سأقتل ذلك المارايجوانى الحقير ، سأقتلع قلبه و أمضغُ أحشائه وأريهُ قوة الإنتقامْ .. تجمدتُ عندما إلتفتُ يميناً ، كـانتَ عينا فيشر تلمعانِ ببريق الغضبْ وإبتسامه شريره تُظهر أسنانه التى أصفرَّ مُعظمهآ جرَّاءَ كثرة شُربْ الشاى "الزرده" ... سيكونُ الإنتقامُ أسهلَ بوجوده .. أجلْ سأنتقمُ لكْ يا أُسامه .. سأنتقمْ لكْ هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها ، كمْ هوَ مؤلم هذا الشعورُ بالضعفْ . .. يحملُ فيشر أُسامه وأمشى خلفه أجرُ أذيالَ الخيبه وأجرجرُ حملاً لا طاقة لى بهِ .. عاطل وقتلتُ أخى .. قتلتُ أخى منِ أجلِ عمل .. عذرٌ أقبحُ مِنْ ذنبْ . فى الصباحْ لمْ يذهبْ فيشر لسوقِ الجُمعه وعندما سألواْ عليهِ أخبروهمْ أنَّ له أخاً قدْ ماتْ .. كانتْ الجنازه كبيره وأكادُ أجزمُ أنهم يُجاملونَ فيشر لا أكثر ولا أقلْ ، أبناءْ الداعره وتُجارِ المحرمات ، كيفَ لا يأتونَ مِنْ أجلِ طفلاً برئٍ قُتلْ .. تباً لهمْ ... صفُ العزاءِ صغيرٌ جداً أنا وفيشر فقطْ ، لا عائلة لنا سوى المسكينه فاطمه .. أمى توفتْ بعدَ فطامها لفاطمه بأمراضِ الشيخوخةِ والفراشْ ، وكانَ الإنسانُ ضعيفاً . "منْ حضر فقدْ عزَّى ، شكرَ الله سعيكمْ" نادىَ بصوتهِ الجهورى ومستقبلاً التعزيات بوجهٍ متجهمْ . يسلمُ على الأيدى دونَ أنْ ينظرَ للوجوه "البقاء لله بيشور" تركَ يدَ فيشرْ وقالْ "البقاءْ لله ياصغيرى" .. البقاء لله وحـ..... ، فجأةً كأنما أبوابَ الجحيم فتحتْ مصراعيها وألقتْ علينا لهباً ، زادت حرارة جسدى وأحسستُ أنَّ الأرضَ تدورُ وتدورُ ... يقتلُ القتيلَ ويمشى فى جنازته ، ألا يستحى ! فعلاً إذا لم تستحى فإفعلْ ما شئتْ . تعجبتَ كيفَ لفيشر أن يتركهُ يذهب هكذا ، كانُ شبحُ إبتسامتهِ التى رأيتها ليلةَ البارحه يُطاردنى فألتفتُ إليهِ لأجدَ وجههُ متجهماً ، خالٍ منْ أيةِ تعابير ... ذهبنا بخطواتٍ متثاقله صوبَ منزلنا ، صامتينِ لا نلوِ على شئْ ... "سلامُ عليكمْ " دخل فيشر البيتْ وسلمْ ودخلتْ فسلمتْ .. عادةُ أهلِ مدينتى . "وعليكمْ السلامْ " ردتْ فاطمه بصوتٍ مُنتحبْ ، عينيها السوداوينْ قدْ إنتفختا وزادَ إحمرارهما . " لا تطبخى اليومْ ، لسنا موجودين وقتَ الغداء .. سأطلبُ لكِ طعاماً " قالَ فيشر دونَ أنْ ينظر إليها . تعجبتْ ، اليوم جُمعه وهذا اليومُ يوم السوقِ فى الصباح وباقيه يقضيه جُلُّ أهلِ المدينه فى الراحةِ والإستجمامْ . مالذى ينويه فيشر فى هذا اليومِ المُقدس ، يـاإلهى هل ينوى الذهابَ للإنتقامِ مِنْ متعاطى الماريجوانا . إسترها ياالله . - يُـتبعْ - كـالعاده ستجدونَ كلماتٍ ربما لن تفهـونها أو أشياءٍ لا تعرفونَ مقصدها ، لذا لا تترددواْ بالسؤالْ عنها . لقراءةِ الفصلِ السادسْ مِنْ هُنا : الأغبياءُ وحدهمُ هُمُ الذينَ لا يُصيبهمُ الشكُ (الفصلُ السادس) دُمتمْ بخـير |