السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف حالكم في الامتحانات^^ أنا أعلم إنه عندكم امتحانات ولذلك ليس هناك ردود كثيرة وأنا متفهمة لذلك جدا وآمل أن تنتهي امتحاناتكم على خير لتأتوا وتكملوا روايتي (5) اتسعت عينا عثمان في ذهول وارتجفت شفتاه وهو يهمس: أبي.. مـ.. ن، قـال . . ذلك؟ صرخ فيه عمير الذي كان منفعلا جدا: ولماذا تعتقد أن أحدًا ما قالها؟ ألا يكفي هذه الأدلة التي سمعتها ورأيتها؟ وفوق ذلك سألتك فأجبتني بكذبة جديدة! هل أنت عثمان حقا؟ ابني الذي لطالما افتخرت به؟ يتستر على صديقه المجرم ويكذب على والده! تلعثم عثمان وهو يشعر بإحباط شديد وصدمة تجعل قلبه يسقط من مكانه، وغمغم في محاولة للدفاع عن نفسه: أبي.. انتظر حتى أُفهمك يا أبي أنا.. قاطعه المفتش عمير بلكمة قوية في أنفه جعلته يفقد توازنه ويسقط لولا أن والده أمسكه بعنف، وألصقه في الجدار بقوة وهو يصرخ فيه: هل ستكذب مرة ثانية علي؟ هل ستفسر لي ملابس بهابيهو المليئة بالدماء وأثر الرصاصة المرمية في نفس الزقاق أنها نزلت من السماء؟ وهل ستفسر لي الرصاصة التي استخرجناها من بهابيهو وتطابق رصاص الشرطة أن بهابيهو كان يحمل معه مسدس شرطة؟ إذا كان ذلك لماذا يضطر لإرغامك على وضع سلاحك ثم يضرب بسلاحه هو؟ من المنطقي أن يضربكما معا بسلاحه ويهرب! حاول عثمان أن يمسح الدماء التي كانت غزيرة من أنفه، وهو يقول في إحباط وتوسل: أبي أرجوك اهدأ.. أعترف بأنني كذبت عليك، ولكنني سأشرح لك الأمر، أرجوك اسمعني فقط. صرخ عمير في غضب: وتعترف أيضا بذلك؟ كنتما تكذبان علي أنت وصديقك؟ وتضحكان على بلاهتي في تصديقكما والثقة بكما مادام أنكما شابان صالحان! شعر عثمان بحزن وإحباط شديد لمعرفة أبيه أنه يكذب بهذه الصورة، كان يريد أن يعترف له ولكن بعد أن تستقر الأمور قليلا ويجد بهاء دليلا على براءته، ولكن هكذا والأمور مشتعلة وعمير رجل عنيف جدا عندما يغضب وخصوصا عندما يتم استغفاله بهذه الطريقة المزرية من ابنه وصديقه! وزفر عمير بقوة وهو يقول بحزن بالغ مع غيظ كبير: لماذا يا بني خيّبت أملي فيك؟ لماذا صدمتني بك بهذه الطريقة؟ تتستّر على مجرم وتكذب على والدك؟ لا أزال غير مصدق لما أراه. حاول عثمان أين يُفهّم والده قائلا: أبي.. أرجوك اسمعني، بهاء صديقي ليس هو بهابيهو اللص وإنما هو بهابيهو آخر شريف، لأنهما اثنان في الحقيقة، بهابيهو الشريف وبهابيهو اللص، وبهاء صديقي هو.. قاطعه عمير بلكمة أخرى على أنفه كادت أن تُسقطه لولا أنه استند إلى الحائط، وعمير يقول بحدة: إيّاك أن تكذب مرة أخرى علي! تحاول معالجة الأمور بالكذب؟ أهذا ما علّمتك؟ اعترف بالصدق أفضل لك! ابتلع عثمان ريقه الذي امتلأ بالدم قائلا وهو دامع العينين بصوت مرتعش: أبي أعلم أنك لن تصدقني هذه المرة، ولكنني فعلا أقول الحقيقة، بهابيهو اللص ليس بهاء! دفعه عمير في غضب وانصرف مسرعا وهو يقول عابسًا: سأتركك وكذبك، لقد فقدت ثقتي فيك. وظل عثمان يراقب والده وهو يمشي بعصبية حتى اختفى من ناظريه، فتهاوى على الأرض مصدوما! كان يعذر والده في لحظات غضبه، وغالبًا ما كان عثمان يحتوي والده حينها، ولكن هذه المرة تحطّم قلب عثمان تمامًا، فليس الضرب آلمه بقدر كلامه القاسي. استند على الجدار وهو يقوم واقفا ويمشي بتثاقل إلى غرفة بهاء، وهو يتساءل في نفسه من الذي جعل والده يغضب هكذا؟ لابد أن أحدا ما أثار في عقله هذه الدلائل البعيدة! دخل إلى غرفة بهاء في بطء، التفت بهاء إليه بلهفة ثم شهق شهقة خافتة وهو يهتف: عثمان.. ماذا حصل لك؟ لكن عثمان كان واجمًا ولم يرد، ظل يمشي حتى وصل إلى سرير بهاء وجلس بجانبه شاردًا. نظر له بهاء بقلق بالغ وهو يقول: عثمان، أنفك ينزف بغزارة! ماذا حدث؟ هل سقطت على وجهك أيها الأخرق؟ لم يردّ عثمان وهو يتأمل الأرضية دون اهتمام، في حين سحب بهاء منديلا وأمسك بذقن عثمان ثم مسح الدم أسفل أنفه، وهو يسأله في إلحاح والقلق يتفجر في أحشائه لمّا رأى عينا عثمان الكئيبتين: عثمان أخبرني بالله عليك! أخذ عثمان نفسا عميقا، ثم أمسك يد بهاء الذي يمسح دمائه، وغمغم بصوت خافت حزين: بهاء، لقد عرف أبي، أنك بهابيهو! واتسعت عينا بهاء في ذهول. في تلك اللحظة، وقف كل شيء في غرفة بهاء، حتى خّيل إلى عثمان أن الهواء لم يعد يجري في الغرفة، وأنهما لم يعودا يتنفسان، وأن قلبيهما قد توقفا عن النبض وأصبحا ساكنين، وأن كل من في المستشفى قد التزم الصمت التام فجأة! فقد سقط المنديل من يد بهاء المصدوم وهو يُحدّق إلى عثمان بنظرات غير مصدقة، فأطرق عثمان برأسه في خيبة أمل، وهو يقول: لقد عرف ذلك من أدلة مختلفة كانت توضح الحقيقة، ويبدو أنه ناقشها مع أحد المحققين المهرة فقد جاء إلي وهو واثق تماما من كلامه وأدلته! وردّد بعد دقائق مريرة من الصمت: الحقيقة أننا نستحق هذه العاقبة، لقد حاولنا تصليح الأمور بالكذب، ما أسوأ هذا، كان يجب علينا أن نصارح الجميع بالحقيقة منذ البداية! تنهد بهاء بحرارة بعد أن استوعب الأمر، ثم غمغم بابتسامة باهتة: لقد كان قلبي قلقا منذ البداية وغير مطمئن لما نفعله، والآن تأكدت لماذا حصل هذا؟ إنه.. كما يردد الصالحون دائما، حبل الكذب قصير، لم نكن لننجح ونحن كاذبان.. نظر بهاء بإحباط إلى فم عثمان الذي كان به جرح صغير في شفته، وقد فهم الأمر قائلا في ضيق وإحباط: إذن فقد ضربك والدك؛ لأنه اكتشف كذبك! مضت لحظات قصيرة من الصمت دون أن يرد عثمان ولكنه قال في أسف: صدقني يا بهاء، لم أكن أقصد الكذب أبدا، وحاولت أن أتجاوزه دون مشاكل وفي نفس الوقت دون أن يشك أحد بك، ولكن لم أجد بدَّا من الكذب الذي كنتُ أقوله لأبي وقلبي ينبض بعنف.. خشية أن يكتشفه في أي لحظة، أنا مخطئ أعلم.. وبدل أن أساعدك يا بهاء! ورطتك معي أكثر بكذبي، يا لي من غبي! التفت إليه بهاء قائلا في جدية: لا عليك يا عثمان، أنت مخطئ، وأنا مخطئ لأنني ساعدتك على خطئك! وإذا كنّا نادمين حقا، فعلينا أن نصلح كذبتنا! لا أن نقف ونتحسر على خطئنا دون فعل أي خطوة في الاتجاه الصحيح. قال عثمان مبتسما بمرارة: كيف نصلح كذبتنا يا بهاء؟ أنت سهل عليك ذلك لأن أباك يعلم بحقيقتك، أما أنا فقد اعتقد والدي أنني كاذب تماما ولن يصدقني أبدا إلا بمعجزة! وضع بهاء يده على كتفه قائلا بابتسامة حازمة: لا بأس يا عثمان فلتحاول، ولا تنس أنك كذبت عليه أي أنك أخطأت، اعتذر منه وأرجوه أن يتقبل اعتذارك ويعفو عنك، ليس المهم أن يصدقك، المهم أن يسامحك ولا يغضب منك، فأنت تعلم كما أعلم أنا، أن غضب الوالدين من غضب الله! لا أريدك أن تكذب لأجلي إذن فصداقتنا كاذبة مبنية على الخداع والكذب ونحن بالتأكيد لا نريد هذا، لم أرد أن أخبرك من البداية أنني كرهتُ ما نفعله، فقد ظننت أن الأمور ستسير على ما يرام إن سكتُّ وأكملتُ كذبتك بهدوء ولكنني كنتُ مخطئا! تنهد عثمان براحة بعد سماعه لهذا الكلام من بهاء، وقال: اقتنعت بكلامك يا بهاء، سأحاول الاعتذار من أبي، فمهما كان الشخص الذي أثار هذه الأدلة في عقله المهم أن الحقيقة ظهرت، ونحن يجب أن نتحمل نتائج إخفاقنا في قول الصدق. ثم قام واقفا بعزم وهو يقول: سأذهب للاعتذار منه، لن أتركه الليلة إلا وقد سامحني! ابتسم بهاء راضيا بصدق وهو يقول: نعم، هذه هي الصداقة التي أعتزّ بها معك. إياك أن تزورني غدا وأنت لم تعتذر من والدك بعد! ابتسم عثمان بوهن وهو يهزّ رأسه إيجابًا، بطريقة جعلت بهاء يشعر بالشفقة الشديدة عليه، في الحقيقة لطالما أشفق بهاء عليه لأنه لا يملك والدًا حنونا متفهما مثل طارق، وخصوصا في الأزمات فإن عثمان يُصبح أشد أهل الأرض كآبة لأن والده يُصبح في أوج عصبيته، تنهد بهاء أخيرًا وهو يهمس له في سره: رعاك الله وشرح صدر أبيك. أخذ عثمان كتبه وحقيبته وخرج من الغرفة بصمت، وإن كانت على وجهه ملامح الجد والعزم، والندم والأسف في نفس الوقت، وعندما خرج من غرفة بهاء فوجئ برجلي شرطة يقفان عند الباب يتحاوران، قد أصبح بهاء متهما بالسرقة ولن تمضي عدة أيام قبل أن يُشفى ويُحاكم بتهمة بهابيهو المزيف التي يحملها على عاتقه ظُلما، وبعدها الله أعلم بما قد يحصل له ولوالديه الذين لا يملكان غيره، فهذا الابن الوحيد لديهما! _ بعد أن خرج عثمان من غرفة بهاء، قام بهاء من سريره متثاقلا، وهموم الدنيا يشعر بها كلها على رأسه، فقد كان يحاول أن يخفف على عثمان، رغم أنه في داخله كان محبطا ومصدوما ومرتجفا! فتح الخزانة التي بجانب سريره، ووجد فيها بعض الملابس النظيفة العادية له، ومبلغًا نقديا متواضعًا، ابتسم بهدوء ثم قام ليمشي متحاملا على نفسه إلى الخزانة الأكبر حجما منها في نهاية الغرفة، فتحها متلهفا وابتسم بتوتر عندما رأى بغيّته، والتمعت عينيه راضيا بعض الشيء، ثم تنهد براحة وهو يعود إلى سريره بنفس الصعوبة، وارتمى عليه وهو يلهث، وهمس لنفسه: ليس الآن يا بهاء.. ليس الآن! __ أشاح عمير بوجهه في ضيق وهو يتناول الطعام مع زوجته، التي ما إن رأت عثمان يدخل إلى المنزل؛ سألته بقلق: عثمان، لم تأخرت يا بني! أجابها بتوتر وهو ينظر إلى والده الهادئ: آسف يا أمي، كنتُ مشغولا. ثم جلس يأكل وهو يفكر كيف سيعتذر من والده الآن؟ فلم ينظر عمير لعثمان أي نظرة منذ جاء، ولم يُكلمه بكلمه واحدة. سمع أمه تقول بتساؤل: عثمان، هناك جرح في شفتيك، ماذا حصل؟ قال عثمان: لا بأس يا أمي، لم يحصل شيء. وجد والده عمير يقوم من الطعام وهو يحمد الله بصوت خافت، وهو يتجه لغرفة مكتبه الصغيرة، فقام عثمان من فوره ليلحق به، وقد خشي أن يغلق الباب في وجهه. لم ينتبه عثمان لنداء أمه عليه، وإنما نادى والده وهو يدلف إلى الغرفة خلفه مباشرة، ويقول في توسل: أبي.. اسمعني، أرجوك. لم يرد عمير وتجاهله تماما وهو يجلس خلف مكتبه، فأغلق عثمان الباب واستند عليه قائلا: أبي، أنا كاذب وأقر وأعترف بذلك، وكم أنا نادم بشدة على ذلك الآن! ولكن سامحني. قال عمير ببرود وهو لا ينظر إليه: اخرج من الغرفة فلدي عمل. اقترب عثمان من المكتب مغمغما: لا يا أبي، لن أدعك حتى أتأكد بأنك قد سامحتني، تعلم أنني لن أنام مطمئن البال وأنتَ غاضب علي بهذه الطريقة، ولن أستطيع أن أعيش بهناء ما دمت مني مغتاظا وغاضبا. قال عمير وقد بدأ الغضب يتسلل إليه: وأين كان شعورك النبيل هذا وأنت تكذب؟ اقترب عثمان منه أكثر وهو يقول: يا أبي كانت هفوة مني وزلة وقع بها لساني ولن أعود لها مجددا وقد ندمت عليها كفاية الآن وسأخبرك بالقصة الحقيقية دون كذب! قال عمير بعصبية وهزء: أية قصة ستخبرني بها؟ أن بهابيهو كان معه مسدس شرطة؟ أو أن بهابيهو منه اثنان أحدهما طيب والآخر شرير؟ هيا كف عن كذبك ذلك.. واغرب عن وجهي، الكذاب سيظ...! وهدأ عمير متفاجأ عندما وجد عثمان يقبله على رأسه ويمسك بيديه ويشد عليهما مبتسما بعينين دامعتين، يقول بصوت متألّم: أبي أرجوك اهدأ.. لستُ أنوي الكذب عليك بعد الآن، فلا تنفعل علي بهذه الطريقة، أعلم أن اعتذاري لا يكفي ولكن هذا كل ما يمكن تقديمه! هدأ عمير وهو يرى لمعة الدموع في عين عثمان، لقد عرف بأن ابنه هذه المرة صادق تماما، ويسعى لإرضائه.. فلماذا يظل على عصبيته وغضبه؟ ظل عمير يستمع إليه صامتا، وعثمان يحاول إرضائه والاعتذار إليه بكل الطرق، وإقناعه بأن عثمان قد أخطأ خطأ كبيرا وهو يعترف بذلك ويجب على عمير مسامحته، حتى لان عمير وهو يقول بجفاء: حسنا اقتنعت بمنطقك، الآن سامحتك، اذهب! قال عثمان مبتسما: ولكنني لم أتأكد بعدُ من مسامحتك لي! سأله عمير: وكيف تتأكد من ذلك؟ اتسعت ابتسامة عثمان وهو يعانق والده قائلا في حنان: هكذا يا أبي! لم يستطع عمير أن يمنع ابتسامة متأثرة انفرجت على شفتيه، وتنهد براحة وهو يضم ابنه إلى صدره أكثر، ثم أبعده وهو يحاول إخفاء ابتسامته، وأمره بالذهاب إلى النوم، فابتسم عثمان وهو يخرج من غرفته راضيا، وينام في فراشه مرتاحا وهو يشعر بأن ثقلا كبيرا انزاح من رأسه! __ في اليوم التالي الساعة الثالثة عصرا، انطلق طارق في ممرات المستشفى وخلفه تهرول غدير وهديتها المتواضعة لابنها الوحيد.. وأنفاسها المضطربة، ابتسم طارق وهو يلاحظ توتر زوجته وانفعالها، فقال لها وهو يلتفّ في الممر الأخير الذي يوصل إلى غرفة بهاء: اهدأي قليلا يا غدير. صدقيني بهاء بخير كبير والحمد لله وإصابته تتماثل للشفاء سريعا.. وسيخرج بعد أسبوع على الأكثر! أجابته بقلق: ولكن لم يمض إلا يومان فقط على إصابته، المفترض أن يجلس مرتاحا لمدة شهر على الأقل كي يصبح بعافيته كاملة! همّ طارق بالضحك على قلقها المبالغ فيه، ولكنه عقد حاجبيه بقلق وهو ينظر إلى رجلي الشرطة الواقفين عند غرفة بهاء، وعثمان يقف معهم منفعلا، ويبدو أن صوته يعلو وهو يوبخهم. شهقت غدير بهلع كعادتها وهي تضع يدها على فمها وتهتف مذعورة: ما الأمر، لماذا يقف هذين الرجلين هنا؟ أشار لها طارق بالبقاء في نهاية الممر، فأطاعته بصمت، وهو يقترب من عثمان قائلا في حزم: عثمان.. ما الأمر؟ التفت له عثمان في راحة وكأنه وجد من ينقذه، وقال بأنفاس سريعة: أستاذ طارق، إنهم لا يريدون أن يدخلوني على بهاء! التفت إليهم طارق وهو يقول: من أنتم؟ ولماذا تمنعونا من الزيارة؟ أجابه أحد الشرطيين: نحن نحرس هذا المتهم بناء على أوامر المفتش عمير. اتسعت عينا طارق في دهشة وهو ينظر إلى عثمان الذي أشار له أن يفهمه الأمر لاحقا، فيما الشرطي الآخر يتابع: ونحن لم نمنعكم من الزيارة.. ولكن الطبيب المختص بمعالجة بهاء في الداخل يفحصه! التفت طارق إلى عثمان متسائلا، فقال له عثمان بانفعال: وماذا فيها لو كنت معه والطبيب يفحصه؟ أهناك أي مشكلة في ذلك؟ لقد كنت أدخل في أي وقت قبل مجيئكم! قال أحد الشرطيين مُدافعًا عن منطقه: ربما هناك ما يدعو لــ ... وسكت وهو يرى الباب يُفتح فجأة ويظهر من خلفه الطبيب المختص بمعالجة بهاء، وهو يقول مستغربا: أين بهاء؟ كانت مفاجأة حقيقية للأربعة وهم ينظرون إليه بدهشة كبيرة، أما عثمان فمجرد سماع ذلك انتفض وهو يدخل سريعًا دون أن يأبه بالشرطيين الذين حاولا منعه وطارق الذي ناداه ثم زفر بحرارة وهو يلتفت إلى الطبيب سائلا: ماذا تعني؟ فأجاب الطبيب بسرعة متوترا: لقد دخلتُ فلم أجده، فانتظرت بعض الوقت لعله يكون في الحمام، فتحت الحمام بحذر مناديا عليه وكانت المفاجأة أنه لم يكن موجودا، بحثتُ عنه في الغرفة كلها ولكن ...! ظهر على وجه طارق الهمّ والغم وهو يتبع الرجلين الذين دخلا دون أن يأبها للطبيب. دخل عثمان يبحث في الغرفة الفارغة بسرعة، التفت إلى النافذة المفتوحة واندفع إليها فرأى حبلا قصيرا بعض الشيء ينزل منها بعد أن رُبط بقوة بأحد المسامير البارزة من إفريز النافذة، قد تكوّن من ملاءتين بيضاويتين للسرير، لُفت الملاءتين ووصلتا ببعضهما حتى أصبحتا تشبه الحبل الغليظ الضخم.. فضرب إفريز النافذة بيده غاضبا وهو يقول: تبا.. لماذا فعلتها يا بهاء؟ لماذا هربت؟ وجد رجلي الشرطة يقفان بجانبه وهما يتأملان النافذة، وأحدهما يقول: لقد هرب بهابيهو باستخدام هذا الحبل المكون من الملاءتين.. يجب علينا إبلاغ المفتش. وجاوبه الثاني ساخرا: لم نكن نتخيل أن مريضا كهذا سيتمكن من القفز من نافذة في الدور الثالث! ثم سكتا وهما ينشغلان بالاتصال بوالده، أما عثمان فقد ابتعد عن النافذة متألما وهو يقول في داخل نفسه: حمقى.. لن تتخيلوا كم عانى بهاء فقط ليصنع الحبل، إنه مثابر لدرجة تفوق تصورّكم! ورأى الأستاذ طارق يقف بصمت عند السرير، رفع طارق نظره إليه عندما اقترب، وقال: ما الأمر يا عثمان؟ لماذا هرب بهاء؟ قال عثمان وهو يُطرق رأسه مُحبطًا: أستاذ طارق لقد حدثت أمور كثيرة بالأمس أريد أن أخبرك عنها! ولكن ليس هنا! |