لما توفي محمد ابن اسماعيل ابن عباد توال ابنة ابوعمرو عباد بن محمد بن اسماعيل وتلقب اولا بفخر الدولة ثم بالمعتضد باللة وكان يوم ولايتة عمرة {26}سنة وكان مولدة في صفر سنة {407هجرية}وافتتح المعتضد عهدة بامور كشفت عن صرامتة وعنف وسائلة ومنها انة قتل حبيب وزير ابية ومنها اضطهاد الزعماء القدمء ونكبهم ولقد كان في مقدمة هولاء الفقية ابو عبدلله الزبيدي وابو محمد عبدلله بن مريم زميلا جدة القاضي ابن عباد في الرياسة وذلك حتي لايقوم لاحد من ذوي العصبيات القوية قائمة وثم وصع خطتة الشاملة للاستيلاء عل قواعد الغرب من امرائها الاصاغر حتي يخلص الغرب كلة من الوادي الكبير الي المحيط لسلطان بني عباد وكانت اولي هذة القواعد مدينة لبلة الواقعة غربي اشبيلية كان ابو العابس احمد بن يحي اليحصبي قد بسط سلطانة عل مدينة ولبلة سنة {414}ايام الفتنة واستمر في حكم دولتة الصغيرة زهاء {20}سنة ثم توفي واوصي بالحكم من بعدة الي لاخية ابو عبدلله محمد بن يحي اليحصبي الملقب بعز الدولة حتي بدا المعتضد ابن عباد يرهقة بمطالبة وغاراتة ثم كشف المعتضد القناع وهاجم لبلة بقواتة فاستغاث ابن يحي بصديقة المضفر ابن الافطس صاحب بطليوس فلبئ نداة وسار الي نجدتة وحرك في نفس الوقت ابن الافطس بعض حلفائة البربر الي مهاجمة اشبيلية وبادر المعتضد في الوقت الذي سارت فية قوات ابن الافطس الي انجاد ابن يحي فارسل قواتة لمهاجمة ارضي ابن الافطس فعاثت فيها وخربتها وثم سار المعتضد بنفسة الي لبلة ووقعت بين الفريقين معارك شديدة وهزم فيها ابن الافطس اولا ثم دارت الدائرة بعد ذلك عل المعتضد وقتل عدد كبير من جندة وكانت في سنة {439 هجرية}راي ابن يحي في النهاية ان يعقد الصلح مع المعتضد ابن عباد ولكن ذلك لم يرض المضفر ابن الافطس وكان ابن يحي قد اودع اموالة عند ابن الافطس فابي ان يرد اموالة لة ثم هاجم ابن الافطس لبلة فاستغاث ابن يحي بالمعتضد فارسل الية الامداد واستمرت المعارك بين الفريقين حينا ثم عادت الحرب فاضطرمت بين المعتضد وابن الافطس في سنة {442}وعاث المعتضد في اراضي ابن الافطس وافتتح منها عدة حصون ضمها الي مملكتة واتلف الزروع وخرب كثيرا من القري وقتل الكثير من جند ابن الافطس ونضبت مواردة فانتهئ الي الاعتصام بحاضرتة بطليوس واخيرا تدخل الوزير ابن جهور بين الفريقين واستمر في مساعية الحثيثة حتي عقد الصلح بين المعتضد وابن الافطس في ربيع الاول في سنة {443هجرية}والتفت المعتضد الي لبلة فضيق الخناق عليها وفي النهاية اضطر اميرا عزالدولة ان يتنازل عن حكمها لابن اخية ابي نصر بن خلف عل ان يعقد السلم مع المعتضد وان يودي لة جزية سنوية وانتقل عز الدولة باهلة واموالة الي قرطبة ليعيش هناك في كنف الوزير ابي الوليد بن جهور وذلك في سنة {443} عل ان المعتضد لم يقنع بهذا الحل ولم يمض سوئ القليل حتي نقض السلم المعقود وبعث قواتة فهاجمت لبلة اميرها نصر بن خلف الملقب ناصر الدولة ان يدفع عن نفسة واستمرت الحرب بينهما حينا حتي خربت بسائط لبلة وقتل كثير من جندها وسبئ كثير من اهلها وذلك بالرغم مما بذلة ناصر الدولة من جهود يائسة للدفاع عن ملكة وماقام بة من غارات متعددة عل اراضي اشبيلية وفي النهاية اضطر ناصر الدولة ان ينزل عل حكم القوة القاهرة وان يسلم لبلة الي خصمة القوي وان يغادرها الي قرطبة وكان سقوط لبلة في يد المعتضد ابن عباد في سنة {445}وعني المعتضد في الوقت نفسة بالاستيلاء عل امارتين صغيرتين من امارات ولاية الغرب امارة ولبة وجزيرة شلطيش الواقعة جنوب غربي لبلة وامارة شنتمرية الغرب في غربها فاما امارة ولبة وجزيرة شلطيش كان اميرها ابي زيد عبدالعزيز البكري اخذ المعتضد يضيق الخناق عل ثغر ولبة ويرهقة بغاراتة ويقطع السبل الية فساءت احوال الامارة الصغيرة ولم يجد البكري سبيلا الامفاوضة المعتضد ابن عباد في عقد الصلح عل ان يسلم الية ثغر لبة ويكتفي هو {البكري}بجزيرة شلطيش فوافق المعتضد ابن عباد عل ذلك ولكنة مالبث ان اخذ في مضايقة {البكري}في جزيرتة وفرض علية نوعا من الحصار وعندئذ اضطر البكري ان يتنازل عن جزيرة شلطيش وانتهي الي ان باعة املاكة وسفنة واثقالة {بعشرة الاف مثقال من الذهب }وغادر الجزيرة باهلة واموالة الي قرطبة في سنة {443} ليعيش في كنف ابن جهور اسوة بزميلة ابن يحي امير ولبة واما امارة شنتمرية الغرب الصغيرة الواقعة عل المحيط في جنوبئ البرتغال كان اميرها ابوعبدلله محمد بن سعيد بن هارون بدا المعتضد في مضياقتة ومحاربتة والفي ابن هارون ان لاقبل لة بمقاومة المعتضد فنزلة عن امارة شنتمرية في سنو {443}ولم يبق من امارات الغرب بعد ذلك سوي امارة شلب وكانت من اهم امارات الغرب بعد اشبيلية وكانت تشملا كورة شلب وكورة باجة وكان الحاجب عبسي بن محمد قد تغلب في اعقاب الفتنة عل هذة المنطقة النائية واقام بها دولة واستمر مسيطر عليها حتي توفي في سنة {432} فخلفة في حكمها ولدة محمد بن عيسي الملقب {عميد الدولة}واضطر عميد الدولة في اتقاء لعدوان ابن عباد ان ينزل لة عن مدينة باجة وان يكتفي بحكم شلب وكان ابن عباد قد استولئ قبل ذلك عل ميرتلة قاعدتها الجنوبية من يد صاحبها ابن طيفور في سنة {436}واصبحت باجة تحت رحمتة وااستمر عميد الدولة في حكم شلب حتي توفي في سنة {440}وعندئذ ثار بها القاضي عيسي بن ابي بكر بن مزين فبايعة اهلها وبسط حكمة عليها وتلقب {بالمضفر}واستمر حكمة {5} سنوات وابن عباد دائب عل مهاجمتة وشن الغارات علية وهو يردة ماستطاع حتي قتل في اواخر سنة {445}مدافعا عن مدينتة فخلفة ولدة محمد بن عيسي وتلقب {بالناصر} وحكم حتي توفي في سنة{450}فخلفة ولدة عيسي وتلقب {بالمضفر}بدا المعتضد في كرر حملاتة عل شلب ثم ضرب الحصار حولها وقطع عنها سائر الامداد حتي اشتد لامر عل اهلها وانتهي بان اقتحمها بعد ان هدم اسوارها ودخل القصر وقتل عيسي المضفر وذلك في شوال من سنة{455}وهكذا استطاع المعتضد بن عباد في نحو {20}سنة ان يقضي عل سائر امارات الغرب الصغيرة وان يبسط سلطانة عليها واصبحت مملكة بني عباد تشمل سائر الاراضي الممتدة من شاطئ نهر الوادي الكبير غربا حتئ المحيط الاطلنطئ كان المعتضد يضع الخطط في نفس الوقت للقضاء عل الامارات البربرية الصغيرة القائمة في شرقئ الوادي الكبير في جنوبئ الاندلس حتي يقضئ عل خططهم واطماعهم وحتي يؤمن جناحة الدفاعي في تلك الناحية ويغدو حرا في العمل والحركة في اتجاة الشمال والشرق كانت الامارات البريرية من غير مملكة بنئ حمود في مالقة والجزيرة ومملكة باديس بن حبوس في غرناطة تنحصر في اربع امارات وهي امارة بني يفرن في رندة وامارة بني دمر في مورور وامارة بني خزرون في شذونة واركش وامارة بني برزال في قرمونة وكان بني عباد في بداية امرهم يخطبون ود هولاء الزعماء البربر ويعتمدون عل محالفتهم كما حدث عندما تحالف القاضي ابن عباد مع امير قرمونة عل قتال بني الافطس وثم عل قتال يحي بن حمود فيما بعد وكان المغتضد ابن عباد يبعث الي الامراء بالهدايا والصلات الجزيلة وكل ذلك لكي يكسب حيادهم ومودتهم وهو في اعماق نفسة يضمر لهم غاية الكيد والشر ويتحين الفرص للايقاع بهم وفي سنة {445}دبر المعتضد كمينة لاولئك الامرء فدعاهم الي زيارتة باشبيلية فلئ الدعوة ثلاثة منهم وهم ابو نور بن ابي قرة صاحب رندة ومحمد بن نوح الدمري صاحب مورور وعبدون بن خزرون صاحب اركش وقد ساروا الي اشبيلية فاستقبلهم المعتضد احسن استقبال ونزل الامراء بقصر من قصورة وفي اليوم الثالث استدعاهم الي مجلسة واخذ يونبهم على تقصيرهم في محاربة اعدائة ولما هموا بالرد علية امر بالقبض عليهم وتكبيلهم بالاغلال ووضعهم في السجن واستولى عل سائر متاعهم وخيلهم وسلاحهم وبعد مدة من اعتقالهم امر بادخالهم الحمام وبناء منافذة واضرام النار فية حتي هلكو واستمر المعتضد بعد ذلك في سعية للاستيلاء عل املاك اولئك الامراء وملك ا المعتضد ابن عباد اركش وشذونة وسائر هذة المنطقة في اواخر سنة {458}وما مورور قد ملكها ابن عباد في سنة {458}ام رندة قد ملكها ابن عباد في سنة {457}ام قرمونة قد ملكها ابن عباد في سنة {459}وهكذا اضحت مملكة اشبيلية تضم من اراضي الاندلس القديمة رقعة شاسعة تشمل المثلث الجنوبي من شبة الجزيرة وارض الفرنتيرة شمالا حتي شواطئ الوادي الكبير ثم تمتد بعد ذلك من عند منحى الوادي الكبير غربا حتي جنوبى البرتغال وشاطئ المحيط الاطلنطى وكان المعتضد يدفع الجزية الي ملك قشتالة {فرناندو الاول في سنة444}وغيرة من ملوك الطوئف مثل المامون ابن ذي النون امير طليطلة وكان المعتضد قد قتل ابنة وولي عهد اسماعيل الملقب{بالمنصور} في سنة {450}واما عن شخص المعتضد ابن عباد {كان قد اوتي من جمال الصورة وتمام الخلقة وفخامة الهئة وسباطة البيان وثقود الذهن وحضور الخاطر وما فاق بة ايضا عن نضرائة }وكان المعتضد ابن عباد لة حديقة الرؤوس المحنطة {وهي رؤوس اعدائة الذين سقطوا في ساحة الحرب او قتلو غيلة وحملت الية رؤوسهم كان لة بهذة الحديقة التي تملا قلوب البشر ذعرا مباهاة اكرم لدية من خزانة جواهر مكنونة وقد اودعها هام الملوك الذين ابادهم بسيفة منها راس محمد بن عبدلله البرزالي والحجاب ابن خزرون وابن نوح وكانت تحمل الي المعتضد في ليالي انسة وسرورة ويشاهدها وهويترع كؤوس الخمر فترتاح نفسة لمعاينتها والخلق يذعرون من التماحها و لما افتتحت اسبيلية عل يد المرابطون وخلعو المعتمد ابن عباد عثرو عل هذة الرؤوس في جوالق واوعية ضنو في البداية انها اموال او جواهر فهالهم الامروسلم كل راس منها لمن بقئ من عقب اصحابها }وقد اشتهر المعتضد بشغفة بالنساء كان لدية من الجواري البارعات في الحسن والسحر نحو {70}وكان المعتضد شاعر وقال لم استولى عل رندة وهو مما يتفق مع عنفة وصرامتة
{لقد حصلت يارندة فصرت لملكنا عقدة }
{سافى مدة الاعداء ان طالت بي المدة}
{وتبلى بي ضلالهم ليزداد الهوى جدة }
{فكم من عدة قتلت منهم بعدها عدة }
{نضمت رؤوسهم عقدا فحلت لبة السدة}
توفي المعتضد ابن عباد في الثانى من جمادى الاخرة من سنة {461}
{لقد حصلت يارندة فصرت لملكنا عقدة }
{سافى مدة الاعداء ان طالت بي المدة}
{وتبلى بي ضلالهم ليزداد الهوى جدة }
{فكم من عدة قتلت منهم بعدها عدة }
{نضمت رؤوسهم عقدا فحلت لبة السدة}
توفي المعتضد ابن عباد في الثانى من جمادى الاخرة من سنة {461}
