تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الفصل الرابع : كذبة أخرى - مرت خمس سنوات منذ انتقل التوأمان للعيش مع ماكوتو، خلال هذه الفترة لم يسمعا عن أبيهما أية أخبار، على حد علمهما هو يعالج قضية عمل هامة خارج البلاد، مازالا يصدقان بأنه سيعود يوما ما، هذه الفكرة كانت تُشعر ماكوتو بالذنب، هو يعرف أنه لن يعود، بالطبع فهو السبب في عدم تمكن والدهم من العودة، لم يعد يستطيع تحمل ذلك الشعور الذي ينتابه كلما فوجئ بأمل الأخوين في عودة أبيهما، عليه أن يضع حدا لهذا الأمل، هذا ما يريده الآن. لا يزال يتذكر محادثته مع ماتسودا حول هذا الموضوع، حيث قال له العجوز : -لا يمكنك تصحيح كذبتك بكذبة أخرى، ألن يزيد هذا من شعورك بالذنب؟ لكن ماكوتو كان مصرا و رد عليه بحزم : -ما يشعرني بالذنب هو رؤيتهما يأملان عودته و أنا اعرف بأنه لن يفعل، أنا آسف ماتسودا-سان، لن استمع إليك هذه المرة.. -حسنا إذا كان هذا رأيك، لن احاول منعك فأنا اعلم كم أنت عنيد. اتخذ ماكوتو قرارا و لن يعدل عنه فعناده لا مثيل له، ماتسودا فضل أن لا يناقشه لأنه عجوز خادم و ليس مروّضا في السيرك حتى يحاول السيطرة على نمر جامح مثل ماكوتو. في صباح يوم خريفي، و على غير العادة، ماكوتو أيقظ ناتسو و هارو، لم يكن الوقت مبكرا جدا، لكنه أبكر من المعتاد، بالطبع انزعج الولدان لأنه يوم عطلة لكن ما باليد حيلة، اجتمع ثلاثتهم بعد قليل على مائدة الإفطار، أول من تفوه بكلمات كان ناتسو فقال بتذمر : -إذن ماكوتو-سان، لماذا ايقظتنا في هذا الوقت في يوم عطلة؟ فرد عليه ماكوتو بهدوء : -آسف، لكن هناك ما يجب أن أطلعكما عليه، إنه أمر يخص والدكما. انتفض التوأمان و مُسحت تعابير الانزعاج من وجهيهما فجأة، و سألت هارو في أمل : -أبي؟ ! هل سيعود أخيرا؟ ! أحس ماكوتو بإحساس فظيع عند سماعه لكلماتها، عليه أن ينهي أملهما في عودته الآن و إلا لن يختفي ذلك الشعور، بصوت يكاد لا يكون مسموعا قال : -لا، لن يعود. رغم صوته المنخفض إلا أن ناتسو و هارو سمعاه، تغيرت تعابيرهما من جديد، و هذه المرة كانت تظهر الصدمة، "ما الذي يتفوه به هذا الرجل؟" و بعد لحظات خطر لهما أنه يمزح "ماكوتو-سان..هذا ليس مضحكا"، واصل ماكوتو كلامه دون أن ينظر إلى الأخوين حتى : -بينما كان تاكويا خارج البلاد..تعرض لحادث مرور..ثم..لم ينقلوه إلى المشفى في الوقت المناسب لذا... نهض الأخوان من مقعديهما بسرعة و اتجها نحو ماكوتو، أخذا يشدّان ملابسه بيأس و يرددان : -هذا كذب ! كذب ! لم يصل إلى المشفى في الوقت المناسب؟ ! غير صحيح ! لا بد ان الأطباء لم يبذلوا كل جهدهم ! عليهم أن يحاولوا مرة أخرى ! أبي سينجو ! أرجوك أن تأخذنا لرؤيته !!! أصبح شعور ماكوتو أفظع من ذي قبل، من الطبيعي ان لا يقتنع الولدان بكلامه حاليا، ذلك ليس إلا تأثير الصدمة. قبل ان يحاول منع نفسه حتى، ضمّ التوأمين إليه بقوة و قال بصوت يائس : -أنا آسف ! جعلتكما تنتظران خمس سنوات ! لكنه لن يعود ! آسف جدا !!! لم يتفوه أحدهم بكلمة لمدة طويلة، كانت الدموع تملأ عيون الأخوين، كانا عاجزين عن الكلام ، يبدو انهما قد قررا أخيرا تصديق ما قاله ماكوتو، لو كانت مزحة فعلا لما استمر فيها حتى و هما يبكيان، والدهما..لن يعود. عندما توقف الاثنان أخيرا عن البكاء تركهما ماكوتو، عندما التقت أعينهم ظهرت تعابير المفاجأة على وجه هارو و ناتسو ، فسأله هذا الأخير بسرعة : -ماكوتو-سان ! هل كُنتَ...؟ ! لكن قبل أن يكمل سؤال ضربته أخته على رأسه و رمقته بنظرة مخيفة فصمت من فوره و لم يعاود السؤال. هارو كانت تدرك ان ذلك السؤال محرج لذلك اوقفت أخاها و هي متأكدة من الجواب، أراد ناتسو أن يسأل : " هل كُنتَ تبكي؟ ! "، و هو بالطبع سؤال محرج من عدة نواح، فـ ماكوتو شخص بالغ بالإضافة إلى أنه رجل. بعد أن ضربت هارو أخاها عادت إلى غرفتها مباشرة دون إضافة كلمة و تبعها هذا الأخير تاركين ماكوتو في غرفة الطعام، على الأرجح كانا سيمضيان بقية اليوم يذكران والدهما و يذرفان الدموع، ماكوتو شعر بالأسى عليهما، و لكن ليس بقدر شعوره بالأسى عندما يراهما يأملان في عودة أبيهما و هو يعرف أنه لن يعود... - جميع الفصول سـر بين ثنايا الظلام | فـهـرس | The Hunters - |