الفصل الأول : القاتل المأجور - عقارب الساعة تشير إلى العاشرة ليلا، الناس يخلدون إلى النوم و الأضواء تنطفئ واحدة تلو الأخرى، و في ذلك البيت حيث يعيش الأب تاكويا، رجل أشقر عيناه رماديتان جذابتان و توأمان في الخامسة من العمر، ناتسو الفتى الصغير الأصهب ذو العينان العسليتان و أخته هارو التي تشاركه نفس المواصفات،كان الثلاثة متواجدين في غرفة نوم الأطفال، مزركشة باللونين الأزرق و الوردي، يقبع في زاويتها سرير لشخصين ملون بنفس ألوان الغرفة حيث يستلقي الصغيران،و بجانبه كرسي خشبي حيث يجلس تاكويا و بيده كتاب ذو غلاف ملون، ففتحه ليقرأ على ولديه محتوى صفحاته و هما ينتظرانه بشوق، ولكن سرعان ما استسلما للنوم بعدقراءته لبضعة أسطر، فغطاهما، و هـمّ بتقبيل جبين كل منهما، و لكن ما كاد يفعل حتى سمع صوت نافذة الغرفة تُفتح و شعر بالبرد يتسلل إلى الداخل، و عندما التفت ليتفقد الأمرلمح هالة رجل طويل واقف على النافذة، لم يميز ملامحه بسبب الظلام الدامس. أي شخص مكان تاكويا كان ليرتعب و يفقد اعصابه، لكن هذا الأخير اتصف بهدوء جليدي حتىو هو يشاهد الرجل يقفز إلى داخل الغرفة، و بدون أي خلل في صوته قال : -كان عليك استعمال الباب. و لكن الرجل لم يجب، و إنما أخرج من جيبه مسدسا و وجهه نحوه و قال بكل هدوء: -المخططات. فرد عليه تاكويا بهدوء مماثل : -و ماذا لو رفضت؟ -إذا كُنتَ ذكيا فلن ترفض. أجابه الرجل و هو ينظر إلى السرير الذي يحمل الصغيرين. أخذ تاكويا نفسا عميقا ليمنح نفسه وقتا قصيرا للتفكير، لكنه لم يجد حلا سوى قبول ما طلبه ذلك الرجل. -حسنًا. سأدلك على مكانها، اتبعني. فهدده الرجل المجهول و هو يلصق مسدسه في ظهره : -لا تحاول القيام بأية خدع. -لا تقلق، لن أخاطر بحياة ولديّ. في طريقهم إلى غرفة المعيشة، فكر تاكويا مطولا ثم سأل : -ما علاقتك بتلك العصابة؟ -لا تربطني بهم علاقة خاصة و لا أهتم بمخططاتهم، ما يهم هو إنجاز مهمتي. فارتسمت على وجه تاكويا ابتسامة استفزاز و قال : -هكذا إذن، أنت قاتل مأجور. لم يبالي الرجل بسؤاله و بقي هادئا إلى أن وصلا إلى القاعة المقصودة، أبعد تاكويا أحد اللوحات المعلقة في الغرفة ليكشف عن وجود خزنة خلفها ففتح القفل و أخرج مجموعة من اللفافات، فاشترط : -سأسلمك المخططات حالما تعيدني إلى غرفة ولديّ. ران الصمت لمدة إلى أن كسره القاتل بأمره : -تحرّك. عندما وصلا إلى غرفة ناتسو و هارو سلم تاكويا المخططات إلى الرجل المجهول دون مقاومة، فقال هذا الأخير ببرود : -أنت تدرك جيدا بأنه لا يمكنني الإبقاء على حياتك. -نيّتك كانت واضحة منذ البداية، لن تخاطر تلك العصابة بتركي حيّا فأنا اعرف الكثير عنهم. التفت تاكويا ليرى صغيرين النائمين ثم وجه نظره مجددا إلى القاتل و سأله : -أخبرني، ما هي مهمتك بالتحديد؟ بعد تفكير دام مدة قصيرة، قرر القاتل أن يجيب على سؤاله، فهو سيقتله على أية حال و معرفة ماهية مهمته لن تغير شيئا. -استعادة المخططات و قتلك، كما اشترط زعيم العصابة أن أفجّر هذا المكان في حالة كنت تخفي أدلة تدينهم. حاول تاكويا الحفاظ على هدوءه لكنه لم يستطع أن يخفي تعابير القلق الشديد الظاهرة على وجهه، ثم اضاف القاتل : -و بما أنك قد عرفت بشأن تفجير المكان لن أسمح لك بالهرب. -إنتظـ.. ! ما كاد تاكويا يكمل كلامه حتى سقط جاثيا على ركبتيه ممسكا ببطنه و قد بصق قطرات من الدم، لقد أطلق عليه القاتل النار بمسدسه،و لم يُحدث ذلك جلبة لأن المسدس مزود بكاتم للصوت، و قال القاتل ببروده الذي لا مثيل له : -ستفقد وعيك بعد قليل فلا تحاول الهرب. وقف تاكويا بصعوبة متجاهلا ما قاله الرجل الآخر و مشى بخطوات بطيئة إلى سرير ناتسو و هارو، و عندما وصل إليه جثى على ركبتيه مرة اخرى.فقبّل جبين ناتسو ثم جبين هارو مثلما يفعل كل ليلة قبل النوم، ثم استدار ناحية القاتل، و انحنى حتى لامست جبينه الأرض. -أنا لن أقاوم، و لن أحاول الهرب، لكن رجاءً أتوسل إليك أن تًخرج ولديّ من هنا قبل الانفجار ! تغيرت تعابير وجه القاتل لأول مرة، فقد كان واضحا أنه تفاجئ قليلا لكنه حافظ على الهدوء في كلامه : -لو كُنت مكانك لما فكرت بأن قاتلا سيقبل بطلب كهذا. رجل مثلك تورط سابقا مع مجموعة من المجرمين لن سيصعب عليه معرفة هذا الأمر، إذن ما الذي جعلك تطلبه رغم ذلك؟ رفع تاكويا رأسه و نظر إليه مع ابتسامة خفيفة على شفتيه. - عندما طلبت منك أن تعيدني إلى غرفة أبنائي، كان قلبي يخفق بسرعة، فقد كان بإمكانك قتلي عندئذ و الاستحواذ على المخططات، و لكنك نفذت طلبي، و بذلك حققتُ هدفي... فسأل القاتل رغم أن الحيرة لم تبد عليه: - أي هدف؟ فردّ تاكويا : -لا تتظاهر و كأنك لا تعرف، لو لم تعرف هدفي لما نفذت طلبي منذ البداية، أدركت بأنك ستقتلني عاجلا أم آجلا لهذا أردت العودة إلى هنا..حتى أودّع أبنائي.. ثم انحنى الرجل مرة أخرى. -أرجوك، ولداي الصغيران لا علاقة لهما بهذا الموضوع و لا يعرفان عنه شيئا... بصق تاكويا مزيدا من الدم و قد شعر بالدوار ، أدرك بانه سيغمى عليه بعد لحظات لا محالة. ما الذي سيفعله؟ رؤيته بدأت تتشوش شيئا فشيئا، المكان سينفجر و ولداه لا يزالان في الداخل. لم يعد قادرا على المقاومة فقد استلقى على الأرض مستسلما و لكنه قاوم رغبة إغلاق عينيه، رغم أن سمعه كان ضعيفا حاليا إلا أنه تمكن من سماع صوت خطوات تقترب منه،ثم توقف صوت الخطوات فجأة و سمع صوتا آخر: -أغلق عينيك. أراد تاكويا أن يقول كلمة، في الواقع قالها و لكن لم يصدر عنه حركة شفتيه اي صوت، السبب هو أنه قد اغمي عليه تماما الآن، و لكن القاتل فهم مقصده. ثم أخرج هذا الأخير من جيب سترته جهاز تحكم صغير و ضغط على الزر الأحمر الذي توسطه،فظهرت ارقام على الشاشة الصغيرة ( 00:00:10 ) إنها التي تشير إلى الوقت المتبقي لانفجار القنبلة، عشر ثوان. لم يضيع القاتل وقته، أخذ الصغيرين و قفز من النافذة مبتعدا عن المكان أكبر مسافة ممكنة، و بعد ثوان قليلة شوهد المنزل يحترق بكل ما فيه. - جميع الفصول سـر بين ثنايا الظلام | فـهـرس | The Hunters - |