إن أقصر طريق لنعيم الدنيا وعزة الدنيا وسعادة الآخرة ، أن يكون الإنسان من أهل الله الذين يأخذون بأيدي الخلق إلى حضرة الله جلَّ في علاه ، لماذا دعوة العارفين والصالحين اكتسبت مصداقية عند الناس؟
لأن هؤلاء القوم يقولون : أن الطبيب لا يحتاج الأصحاء ولكنه محتاج إلى المريض ، فالمسجد الذي نحن فيه الآن من الذي سيدخله؟ الأصحاء رُوحَانياً وقلبياً ، والمرضى لن يأتوا إلى هنا فنذهب نحن إليهـم
فلا مانع أن نذهب للمقاهي ونجلس عليها لنردّ الناس إلى الله ، ولا مانع من أن أذهب للناس في مكان جلوسهم لأذكرهم بالله ولا تأخذهم العزة بالإثم أو العظمة ؛ لأنهم يريدون أن يردوا الخلق إلى الله عز وجل
وأذكر في هذا المجال أخاً من إخواني الصالحين السابقين وكان اسمه الشيخ عبدالسلام الغريب - رحمة الله عليه - وكان من النجباء في عهد الإمام أبي العزائم ، وأرسله الإمام إلى بور سعيد في شهر رمضان في الثلاثينيات فوجد إخوانه واضعين جدول لأداءه دروساً بالمساجد - كل يوم مسجد - فقال لهم :
لا حاجة لي بإلقاء الدروس فى المساجد ولكني أريد جدولاً بالمقاهي ويأتي معي واحد ، وبعد أن يصلي العشاء والتراويح في المسجد يذهب إلى المقهى ويجلس ويتكلم مع من معه بصوت عالٍ ، فيشد الحديث من حولـه فيتركون الطاولة ويسـمعون ويتركون الدمينو ويسمعون ويتركون الكوتشينة ويسمعون
وبعد قليل يسمع من بالمقهى بالكامل فيصعد على منضدة ويقف ويكمل الدرس إلى وقت السحور ثم يقول لهم هيا إلى السحور ، وهكذا يأخذهم من المقهى إلى الجامع لأن المريض يريد من يذهب إليه ، وكيف يأخـــذه؟ فلو قال له: ستدخل جهنم وسيحصل لك كذا وكذا ؛ فسيرد عليه بأنه ليس لك شأن بذلك
ولكن المريض يحتاج من يقول له : إن ربك رءوف ورحيم وكريم وحليم وعظيم وهذه مهنة الصالحين يأخذون الناس بالمودة والرحمة واللين إلى رب العالمين عز وجل ، وكان بعض الصالحين يجازف ويذهب لبعض العصابات التي تقطع الطريق ويتوب الله عليهم على يديه ويرجعون إلى الله على الرغم أن الناس في ذلك الوقت كانت تخاف أن تقترب من هذه الطرق خوفاً من هذه العصابات
لماذا يصنعون هذا الموضوع؟ لأنهم كانوا يريدون أن يأخذوا بأيدي هؤلاء الناس ليردوهم إلى الله : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} فصلت33
فيعملون الأعمال الصالحة من أجل أن يكون كلامهم مؤثراً ؛ لأن الدعوة بالحال فوق الدعوة بالمقال ويؤثرون ويردون الشاردين والهاربين وفي النهاية يقولون : {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فصلت33
حتى أنه لا يرى في نفسه أنه مؤمن ولكن بالكـاد مسلم ويرى أنه ما زال في أول الطريق لأنه يرى أن التوفيق من الله وكذلك يرى في نفسه أنه مؤذنٌ ، فالمؤذن الذي يؤذن لصلاة العشاء هل هو الذي يأتي بالناس؟ أم الله ؟ إنه يؤذن ، لكن من الذي يجمع الناس على المسجد ؟ الله ، فالمؤذن ينطق لكن من الذي يدعو؟ نسأل القرآن : {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ} لماذا يدعونــــا؟ {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم} إبراهيم10
هل يريد الله شيء منا؟ أبداً ولكنه يدعونا ليغفر الذنوب ويستر العيوب ولكي يصحح لنا أحوالنا ويوجد لنا كل مطلوب ، وهذه عناية الله بعباده المؤمنين في كل وقت وحين ، ولذلك فكلُ المطلوب منَّا أن نذكّر عباد الله بنعم الله ، لأنها هي التي ستحبَّبهم في حضرة الله ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :{ أَحبُّوا اللهَ لما يغذُوكمْ بهِ منْ نعمِهِ}{1}
فأي إنسان ولو كان في عنفوان القوة أو في شدة الظلم والقسوة عندما يذكره أحد بنعم الله عليه تخضع جوارحه ويهتز قلبه ويلين فؤاده ويرجع إلى الله ، ولا تذكّره بالظلمات التي يرتكبها إلا بعد أن تذكره أولا : بأن نعم الله عليك كذا وكذا وكذا ، فيستحي من نفسه ؛ إذ كيف يواجه هذه النعم بهذه المعاصي التي تغضب مولاه عز وجل وهذا هو طريق الصالحين رضي الله عنهم أجمعين
فلو نظرنا لدين الإسلام من الذي نشره في كل بقاع الأرض؟ هؤلاء القوم ، فمن الذي ســافر إلى السـنغال وإلى الصومـال والسودان ومن سافر إلى نيجيريا وتنزانيا وغيرهـا من البلاد؟ من الذي سافر إلى هذه البلاد؟ هل سافر إليها من يريد عقد عمل؟ أو من يريد تحديد مرتبه ؛ كم سيأخذ في الشهر؟ بل إنهم كانوا يذهبون لله
وعندما يأتي الليل يبيت على أرض الله ويغطِّــيه الله بغطاءه وهنا تحدث الكرامات ، فلو نام في أرض ومكان به برد فيكيِّف الله له هذا المكان ويجعله وكأنه ينام في مدفأة ربانية إلهية ، ولو كان في وسط السباع والنمور وغيرها يحرسه الله بحراسته ويرسل إليه كتائباً من ملائكته يحرسونه من أمر الله فلا تقترب إليه هذه الأشياء وإذا اقتربت منه فيكون لالتماس بركته ورضاء الله
وذلك كما كان يحدث من الصالحين أجمعين في كل وقت وحين لأنه ذاهب لله وهو لا يريد هذه الكرامة ولا تخطر له على البال ولكنه يريد أن يؤدي الرسالة بأي وسيلة ، فلا يحمل معه بضاعة يتاجر فيها ويتكسب منها ولكن كل بضاعته هي الله ورسوله فليس معه بضاعة إلا كتاب الله
فهل ينفع أن يحمل واحد كتاب الله ومعه بضاعة أخرى؟ لا ينفع ، لأن بضاعة كتاب الله لا يوجد أغلى منها ولا ينفع حتى أن يبيعها لأنه مهما غلى الثمن فإنه يخشى قول الله : {يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} آل عمران199
حتى إنه لا يريد من الناس أن تمشي وراءه لأنهم سيغرُّوه ويشيِّخُوه ، وهو يرى أن كل الأمر من الله وإلى الله وبفضل الله يجمع الخلق على حضرة الله ، هذا اسمه التجريد ، والذي كان عليه النبي المجيد وعلَّم عليه أصحابه ؛ حتى أن الواحد منهم عندما كان يذهب لأي أمر من الأمور لا يريد أن يعرفه أحد
لأن هؤلاء القوم يقولون : أن الطبيب لا يحتاج الأصحاء ولكنه محتاج إلى المريض ، فالمسجد الذي نحن فيه الآن من الذي سيدخله؟ الأصحاء رُوحَانياً وقلبياً ، والمرضى لن يأتوا إلى هنا فنذهب نحن إليهـم
فلا مانع أن نذهب للمقاهي ونجلس عليها لنردّ الناس إلى الله ، ولا مانع من أن أذهب للناس في مكان جلوسهم لأذكرهم بالله ولا تأخذهم العزة بالإثم أو العظمة ؛ لأنهم يريدون أن يردوا الخلق إلى الله عز وجل
وأذكر في هذا المجال أخاً من إخواني الصالحين السابقين وكان اسمه الشيخ عبدالسلام الغريب - رحمة الله عليه - وكان من النجباء في عهد الإمام أبي العزائم ، وأرسله الإمام إلى بور سعيد في شهر رمضان في الثلاثينيات فوجد إخوانه واضعين جدول لأداءه دروساً بالمساجد - كل يوم مسجد - فقال لهم :
لا حاجة لي بإلقاء الدروس فى المساجد ولكني أريد جدولاً بالمقاهي ويأتي معي واحد ، وبعد أن يصلي العشاء والتراويح في المسجد يذهب إلى المقهى ويجلس ويتكلم مع من معه بصوت عالٍ ، فيشد الحديث من حولـه فيتركون الطاولة ويسـمعون ويتركون الدمينو ويسمعون ويتركون الكوتشينة ويسمعون
وبعد قليل يسمع من بالمقهى بالكامل فيصعد على منضدة ويقف ويكمل الدرس إلى وقت السحور ثم يقول لهم هيا إلى السحور ، وهكذا يأخذهم من المقهى إلى الجامع لأن المريض يريد من يذهب إليه ، وكيف يأخـــذه؟ فلو قال له: ستدخل جهنم وسيحصل لك كذا وكذا ؛ فسيرد عليه بأنه ليس لك شأن بذلك
ولكن المريض يحتاج من يقول له : إن ربك رءوف ورحيم وكريم وحليم وعظيم وهذه مهنة الصالحين يأخذون الناس بالمودة والرحمة واللين إلى رب العالمين عز وجل ، وكان بعض الصالحين يجازف ويذهب لبعض العصابات التي تقطع الطريق ويتوب الله عليهم على يديه ويرجعون إلى الله على الرغم أن الناس في ذلك الوقت كانت تخاف أن تقترب من هذه الطرق خوفاً من هذه العصابات
لماذا يصنعون هذا الموضوع؟ لأنهم كانوا يريدون أن يأخذوا بأيدي هؤلاء الناس ليردوهم إلى الله : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} فصلت33
فيعملون الأعمال الصالحة من أجل أن يكون كلامهم مؤثراً ؛ لأن الدعوة بالحال فوق الدعوة بالمقال ويؤثرون ويردون الشاردين والهاربين وفي النهاية يقولون : {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فصلت33
حتى أنه لا يرى في نفسه أنه مؤمن ولكن بالكـاد مسلم ويرى أنه ما زال في أول الطريق لأنه يرى أن التوفيق من الله وكذلك يرى في نفسه أنه مؤذنٌ ، فالمؤذن الذي يؤذن لصلاة العشاء هل هو الذي يأتي بالناس؟ أم الله ؟ إنه يؤذن ، لكن من الذي يجمع الناس على المسجد ؟ الله ، فالمؤذن ينطق لكن من الذي يدعو؟ نسأل القرآن : {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ} لماذا يدعونــــا؟ {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم} إبراهيم10
هل يريد الله شيء منا؟ أبداً ولكنه يدعونا ليغفر الذنوب ويستر العيوب ولكي يصحح لنا أحوالنا ويوجد لنا كل مطلوب ، وهذه عناية الله بعباده المؤمنين في كل وقت وحين ، ولذلك فكلُ المطلوب منَّا أن نذكّر عباد الله بنعم الله ، لأنها هي التي ستحبَّبهم في حضرة الله ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :{ أَحبُّوا اللهَ لما يغذُوكمْ بهِ منْ نعمِهِ}{1}
فأي إنسان ولو كان في عنفوان القوة أو في شدة الظلم والقسوة عندما يذكره أحد بنعم الله عليه تخضع جوارحه ويهتز قلبه ويلين فؤاده ويرجع إلى الله ، ولا تذكّره بالظلمات التي يرتكبها إلا بعد أن تذكره أولا : بأن نعم الله عليك كذا وكذا وكذا ، فيستحي من نفسه ؛ إذ كيف يواجه هذه النعم بهذه المعاصي التي تغضب مولاه عز وجل وهذا هو طريق الصالحين رضي الله عنهم أجمعين
فلو نظرنا لدين الإسلام من الذي نشره في كل بقاع الأرض؟ هؤلاء القوم ، فمن الذي ســافر إلى السـنغال وإلى الصومـال والسودان ومن سافر إلى نيجيريا وتنزانيا وغيرهـا من البلاد؟ من الذي سافر إلى هذه البلاد؟ هل سافر إليها من يريد عقد عمل؟ أو من يريد تحديد مرتبه ؛ كم سيأخذ في الشهر؟ بل إنهم كانوا يذهبون لله
وعندما يأتي الليل يبيت على أرض الله ويغطِّــيه الله بغطاءه وهنا تحدث الكرامات ، فلو نام في أرض ومكان به برد فيكيِّف الله له هذا المكان ويجعله وكأنه ينام في مدفأة ربانية إلهية ، ولو كان في وسط السباع والنمور وغيرها يحرسه الله بحراسته ويرسل إليه كتائباً من ملائكته يحرسونه من أمر الله فلا تقترب إليه هذه الأشياء وإذا اقتربت منه فيكون لالتماس بركته ورضاء الله
وذلك كما كان يحدث من الصالحين أجمعين في كل وقت وحين لأنه ذاهب لله وهو لا يريد هذه الكرامة ولا تخطر له على البال ولكنه يريد أن يؤدي الرسالة بأي وسيلة ، فلا يحمل معه بضاعة يتاجر فيها ويتكسب منها ولكن كل بضاعته هي الله ورسوله فليس معه بضاعة إلا كتاب الله
فهل ينفع أن يحمل واحد كتاب الله ومعه بضاعة أخرى؟ لا ينفع ، لأن بضاعة كتاب الله لا يوجد أغلى منها ولا ينفع حتى أن يبيعها لأنه مهما غلى الثمن فإنه يخشى قول الله : {يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} آل عمران199
حتى إنه لا يريد من الناس أن تمشي وراءه لأنهم سيغرُّوه ويشيِّخُوه ، وهو يرى أن كل الأمر من الله وإلى الله وبفضل الله يجمع الخلق على حضرة الله ، هذا اسمه التجريد ، والذي كان عليه النبي المجيد وعلَّم عليه أصحابه ؛ حتى أن الواحد منهم عندما كان يذهب لأي أمر من الأمور لا يريد أن يعرفه أحد