أبو غازي السلام عليك منّا | و عفوا أيّها الملك الهمام
|
فما ضاق الكلام بنا ، و لكن | وجدنا الحزن أرخصه الكلام
|
و خطبك لا يفيه دمع باك | فموتك من بني العرب يبكي الغمام
|
و نحن أحقّ أن نبكي و نرثى | فموتك من بني العرب انتقام
|
خبا نبراسنا ، و اللّيل داج ، | و كنت حسامنا ، فنبا الحسام !
|
كأنّك قد وترت الموت قدما | وهابك في كنانتك السّهام
|
فدبّ إليك مثل اللّصّ ليلا | و كان الموت ليس له ذمام
|
طوى الدنيا نعيّك في ثوان | فريع البيت و البلد الحرام
|
و " دجلة " كالطّين له أنين | و في " بردى " التياع و اضطرام
|
ورحنا بين مصعوق وساه | كمن صرعت عقولهم المدام
|
كأنّ الأرض قد قد مادت و فضّت | عن الموتى الصفائح و الرّجام
|
فمن للبيض و الجرد المذاكي ؟ | و " فيصل " بات يحويه الرّغام
|
و من للحقّ ينشره لواء | به للنّاس هدي و اعتصام
|
توارى المجد في كفن و لحد | و غابت في التراب منّى عظام
|
مضى وحديثه في الناس باق | كعمر الشّمس ليس له انصرام
|
فيا جدثا حواه لست قبرا | و لكن أنت في الدنيا وسام
|
***
|
حياتك " يا أبا غازي " حياة | كفصل الصّيف : زهر و ابتسام
|
وقد تحصى الكواكب و الأقا | حي و لا تحصى أياديك الجسام
|
مددت إلى منى العرب الغوافي | يدا ، فتفتّقت عنها الكمام
|
و أمسى بندهم و له خفوق | و أمسى عقدهم و له نظام
|
و كم أسقمت جسمك كي يصحّوا | و حالفت السّهاد و هم نيام
|
و كم جازيت عن شرّ بخير | و كم جازاك بالغدر الأنام
|
خذلت فما عتبت على صديق | و لم تحنق وقد كثر الملام
|
و كم قد فزت في حرب و سلم | فلم يلعب بعطفيك العرام
|
خلائق من له عرق كريم | و خطّة من له قلب عصام
|
خذوا الخلق الرفيع من الصحا | ري ، فإنّ النفس يفسدها الزحام
|
و كم فقدت جلالتها قصور | و لم تفقد مروءتها الخيام
|
***
|
و قالوا اندك عرشك في دمشق | كأنّ العرش أخشاب تقام
|
و كيف تهدّ سدّتك العوالي | و لم يسلبكها الموت الزؤام ؟
|
فما كان انتصارهم علاء | و لا كان انكسارك فيه ذام
|
إذا لم تنصر الأرواح ملكا | فأحسن ما حوى جثث وهام
|
و ما زالت لك الأرواح فيها | و ما زالت عشيرتك الشآم
|
تصفّق لاسمك الأمواه فيها | و يهتف في خمائلها الحمام
|
و بذكر أهلها تلك السجايا | فيشرق من تذكّرها الظلام
|
و ليس أحبّ من حرّ مؤاس | إلى شعب يساء و يستضام
|
***
|
فقل للساخطين على اللّيالي | و من سكنوا على يأس و ناموا
|
سينحسر الضباب عن الروابي | و يبدو الورد فيها فيها و الخزام
|
و يصفو جوّنا بعد انكدار | و يسقى أرضنا المطر الرّهام
|
و نرجع أمّة ترجى و تخشى | و إن كره الزعانف و الطّغا |