ما للهموم الطارقات ومالي | أسهرنني ورقدن عن أوجالي
|
أمسين ملء جوانحي ما نابني | خطب ولا خطر الغرام ببالي
|
أهوى وقد عبث المشيب بمفرقي | ليس الغواية للكبير البالي
|
ما ثم داء يستطار له الكرى | ما ثم غير كآبة وملال
|
أرعى الشواقب في الظّلام كأنها | زهر الحدائق أو نثير لآلي
|
وكأنّما شوك القتاد بمضجعي | وكأنّ حشو وسادتي بلبالي
|
حتى إذا عكفت علّي وساوسي | ونبا الفراش نزعت للتّجوال
|
فخرجت كالمنشور بعد مماته | وركبت متن اللّيل غير مبال
|
وذهبت أخترق المسالك مدلجا | وكأنما أطلقت من أغلال
|
أسعى وما غاية أسعى لها | سعيي إلى أمل من الآمال
|
فاستوقفتني ضجة في حانة | حبست مقاعدها على الجهّال
|
حلموا على الصّهباء يرتشفونها | كالطّير حول مصفّق سلسال
|
في غفلة العذّال في غسق الدّجى | إنّ السعادة غفلة العذّال
|
نهب الكؤوس عقولهم ونضارهم | نهب المدير الخادع الختّال
|
أمسى يسوق إليهم آجالهم | وحتوفهم في صورة الجريال
|
شرّ الشراب الخمر يصبح صبّها | قيد الضّنى ويبيت رهن خبال
|
يا سالب الأرواح بعض ترفّق | يكفيك أنّك سالب الأموال
|
لا تدفعنّ تلك النفوس إلى الرّدى | إنّ النفوس وإن صغرن غوالي
|
وإذا بمخمور يتيه معربدا | خبل به ما ذاك تيه دلال
|
حيران مضطرب الخطى فكأنما | قد راح يمشي فوق جمر صال
|
متخمّط في سيره، متأوّد | كالغصن بين صبا وبين شمال
|
عقد الشراب لسانه ولقد يرى | طلقا وفك مجامع الأوصال
|
فكبا كما يكبوا الجواد على الثّرى | شدّت عليه فوادح الأثقال
|
وتقدّم الشّرطي يمشي نحوه | مشي الفخور بنفسه المختال
|
متلفتّا عن جانبيه كعاشق | متلفّت حذر الرقيب القالي
|
ورأيته وبنانه في جيبه | فعلمت سرّ تلفّت المحتال
|
لا تعجبوا مما أحدثكم به | كم تحت ذاك الثّوب من نشّال
|
ثمّ انثنى متبسّما وإذا فتى | غضّ الإرهاب ممزّق السّربال
|
وافى فحرّكه فألقى جثة | همدت فأجفل أيّما إجفال
|
وحتى عليه يضمّه ودموعه | تنهلّ مثل العارض الهطّال
|
وأتى ذويه نعيه فتألّبوا | والغيد تعول أيّما إعوال
|
أرخصن ماء الجفن ثمّ أذلته | ولقد يكون الدّمع غير مذال
|
ولقد شهدت صغاره في حيرة | من أمرهم، لهفي على الأشبال
|
لا يفقهون الحزن غير تأوّه | ما الحزن غير تأوه الأطفال
|
ما كنت أعلم قبلما حفوا به | أنّ الشقيّ الجدّ ربّ عيال
|
أسفي عليه مضرّجا لم تمتشق | يده الحسام ولم يسر لقتال
|
أودى ضحية جهله كم بائس | أودى شهيد الجهل والاهمال
|
فرجعت مصدوع الفؤاد أبثكم | شجوي وأندب حاله العمّال
|
باتوا من الأرزاء بين مخالب | من دونهن مخالب الرئبال
|
خطران من جهل وفقر ماالردى | غير اجتماع الجهل ولاقلال
|
فخذوا بناصرهم فإنّ حياتهم | في مأزق حرج من الأهوال
|
ما أجدر الّجهلاء أن يتعلّموا | فالعلم مصدر هيبة وجلال
|
فاسعوا لنشر العلم فيهم إنّما | فضل الغمام يبين في الامحال
|
إنّ الجهول إذا تعلّم واهتدى | بثّ الهدى في صحبه والآل
|
يا قوم إن لم تسعفوا فقراءكم | فلم ادّخاركم إذن للمال
|
هلاّ رضيتم بالمحامد قنية | إنّ المحامد قنية المفضال
|
أو لستم أبناء من سارت بهم | في المكرمات روائع الأمثال
|
جودا فغير الحمد غير ملّد | ما المال إنّ المال طيف خيال
|
هيهات ما يبقى ولو عدد الحصى | أنّى يدوم وربه لزوال |