سألت: وقد مرّت الشمأل | تنوح وآونه تعول |
إلى أيما غاية تركضين ؟ | ألا مستقر ؟ ألا موئل؟ |
وكم تعولين، وكم تصرخين، | كعصفورة راعها الأجدل؟ |
لقد طرح الغصن أوراقه | من الذعر ، واضطرب الجدول |
وضلّ الطريق ألى عشه | فهام على وجهه البلبل |
وغطى السّهى وجهه بالغمام | كما يتزوى الخائف الأعزل |
وكادت تخرّ الهضاب | وتركض قدّامك الأجبل |
أبنت الفضاء أضاق الفضاء | فأنت ألى غيره أميل؟ |
أغاظك أنّ الدجى لا يزول | وأن الكواكب لا تأقل؟ |
أتبكين آمالك الضائعات ؟ | هل الريح مثل الورى تأمل؟ |
أيعدو وراءك جيش كثيف؟ | أمثلك يرهبه الجحفل؟ |
وما فيك عضو ولا مفصل | فتقطع أوصلك الأنصل |
فجاوبني عاتف في الظلام: | غلطت فما هذه الشمأل |
ولكنها أنفس الغابرين | تجوس الديار ولا تنزل |
فقلت: أينهض من القبور | وفوقهم الترب والجندل؟ |
أجاب الصدى ضاحكا ساخرا | إلى كم تحار، وكم تسال؟ |
وترفع عينيك نحو السماء | وليست تبالي ولا تحفل؟ |
من البحر تصعدي هذي الغيوث | وتهطل في البحر إذ تهطل |
وفي الجوّ إن خفيت نسمة | وفي الأرض إن نضب المنهل |
لقد كان في أمس ما قبله | وفي غده يومك المقبل |
عجبت لباك على أوّل | وفي الآخر النائح الأول |
هم في الشراب الذي نحستي | وهم في الطعام الذي نأكل |
وهم في الهواء الذي حولنا | وفي ما نقول وما نفعل |
فمن حسب العيش دنيا وأخرى | فذا رجل عقله أحول |