أقامت لدى مرآتها تتأمّل | على غفلة مّمن يلوم ويعدل
|
وبين يديها كلّما ينبغي لمن | يصوّر أشباح الورى ويمثّل
|
من الغيد تقلي كلّ ذات ملاحة | كما بات يقلي صاحب المال مرمل
|
تغار إذا ما قيل تلك مليحة | يطيب بها للعاشقين التغزّل
|
فتحمرّ غيظا ثمّ تحمرّ غيرة | كأنّ بها حّمى تجيء وتقفل
|
وتضمر حقدا للمحدّث لو درى | به ذلك المسكين ما كاد يهزل
|
أثار عليه حقدها غير عامد | وحقد الغواني صارم لا يفلل
|
فلو وجدت يوما على الدّهر غادة | لأوشك من غلوائه يتحوّل
|
فتاة هي الطاووس عجبا وذيلها ، | ولم يك ذيلا ، شعرها المتهدّل
|
سعت لاحتكار الحسن فيها بأسره | وكم حاولت حسناء ما لا يؤمّل
|
وتجهل أنّ الحسن ليس بدائم | وإن هو إلاّ زهرة سوف تذبل
|
وأنّ حكيم القوم يأنف أن يرى | أسير طلاء بعد حين سينصل
|
وكلّ فتّى يرضى بوجه منمّق | من الناعمات البيض فهو مغفّل
|
إذا كان حسن الوجه يدعى فضيلة | فإنّ جمال النّفس أسمى وأفضل
|
ولكنّما أسماء بالغيد تقتدي | وكلّ الغواني فعل أسماء تفعل
|
فلو أمنت سخط الرّجال وأيقنت | بسخط الغواني أوشكت تترّجل
|
قد اتخذت مرآتها مرشدا لها | إذا عنّ أمر أو تعرّض مشكل
|
وما ثمّ من أمر عويص وإنّما | ضعيف النّهى في وهمه السهل معضل
|
تكتّم عمّن يعقل الأمر سرّها | ولكنّها تفشيه ما ليس يعقل
|
فلو كانت المرآة تحفظ ظلّها | رأيت بعينيك الذي كنت تجهل
|
وزاد بها حبّ التبّرج أنّه | حبيبّ إلى فتيان ذا العصر أوّل
|
ألمّوا به حتى لقد أشبهوا الدّمى | فما فاتهم،واللّه ، إلا التكحّل
|
فتى العصر أضحى في تطّريه حجة | تقاتلنا فيها النساء فتقتل
|
إذا ابتذلت حسناء ثمّ عذلتها | تولّت وقالت كلّكم متبذّل |