أعد حديثك عندي أيّها الرّجل | وقل كما قالت الأنباء والرّسل
|
قد هاج ما نقل الرّاوون بي طربا | ما لأجمل الرّسل في عيني وما نقلوا
|
فاجمع رواياتهم واملأ بها أذني | حتى تراني كأنّي شارب ثمل
|
دع زخرف القول فيما أنت ناقله | إنّ المليحة لا يزري بها العطل
|
فكلّ سمع إذا قلت ((السّلاف)) فم | وكلّ قول، إليهم ينتهي ، عسل
|
لا تسقني الرّاح إلاّ عند ذكرهم | أو ذكر قائدهم أو ذكر ما فعلوا
|
هم المساميح يحي الأرض جودهم | إذا تنكّب عنها العراض الهطل
|
هم المصابيح تستهدي العيون بها | إذا كفهرّ الدّجى واحتارت المقل
|
هم الغزاة بنو الصّيد الغزاة، بهم | وبطشهم بالأعادي، يضرب المثل
|
قوم يبيت الضّعيف المستجير بهم | من حوله الجند والعسّالة الذّبل
|
فما يلم بمن صافاقهم ألم | ولا يدوم لمن عاداهم أمل
|
تدري العلوج إذا هزّوا صوار مهم | أيّ الدّماء بها في الأرض تنهمل
|
أيطلب التّرك أن تعلو | أهلّتهم... ... ... ...
|
((وللغرندق)) رأي مثل صارمه | يزلّ عن صفحتيه الحادث الجلل
|
المقبل الصّدر، والأبطال ناكصة | تحت العجاجة لا يبدو لها قبل
|
والباسم الثّغر ، والأشلاء طائرة | عن جانبيه وحرّ الطّعن متّصل
|
سعد السّعود على السّؤال طالعه | لكنّه في ميادين الوغى زحل
|
في كلّ سيف سوى بتّاره فلل | وكلّ رأي سوى آرائه زلل!
|
يا ابن الملوك الألى قد شاد واحدهم | ما لم تشيّده أملاك ولا دول
|
وقائد الجيش ما للريح منفرج | فيه ، ولكن لها من حولها زجل
|
موهّم الترك لّما حان حينهم | أن الألى وتروا آباءهم غفلوا
|
حتّى طلعت من ((القوقاس)) في لجب | تضيق عنه فجاج الأرض والسّبل
|
فأدركوا أنّهم ناموا على غرر | وأنّك البدر في الأفلاك تنتقل
|
يا يوم صبّحتهم والنّقع معتكر | كأنّه اللّيل فوق الأرض منسدل
|
ليل يسير على ضوء السّيوف به | ويهتدي بالصّليل الفارس البطل
|
بكلّ أروع ما في قلبه خور | عند الصّدام ، ولا في زنده شلل
|
وكلّ منجرد في سرجه أسد | في كفّه خذم، في حدّه الأجل
|
وكلّ راعفة بالموت هادرة | كأنّها الشّاعر المطبوع يرتحل
|
سوداء تقذف من فوهاتها حمما | هي الصّواعق إلاّ أنّها شعل
|
لا تحفظ الدّرع منها جسم لا بسها | ولا ينجي الحصون الصّخر والرّمل
|
فالبيض تأخذ منهم كيفما انفتلت | والذّعر يمعن فيهم كيفما انفتلوا
|
وكلّما وصلوا ما انبتّ باغتهم | ليث يقطع بالفصّال ما وصلوا
|
فأسلموا(( أرضروما)) لا طواعية | لو كان في وسعهم إمساكها بخلوا
|
كم حوّطوها وكم شادوا الحصون بها | حتّى طلعت فلا حصن ولا رجل
|
وفرّ قائدهم لّما عرضت له | كما يفرّ أمام القشعم الحجل
|
ومن يشكّ بأنّ الوعل منهزم | إذا التقى الأسد الضّرغام والوعل؟
|
لم يقصر الزّمح عن إدراك مهجته | لكت حمى صدره وقع الظّبى ، الكفل
|
تعلّم الرّكض حتّى ليس تلحقه | هوج الرّياح ولا خيل ولا إبل
|
يخال من رعبة الأطواد راكضة | معه وما ركضت قدّامه القلل
|
ويحسب الأرض قد مادت مناكبها | كذاك يمسخ عبن الخائف الوجل
|
وبات((أنور)) في ((يلديز)) مختبئا | لأمّه وأبيه الشّكل والهبل
|
يطير، إن صرّت الأبواب ، طائره | ويصرخ ((الغوث))لا إمّا وسوس القفل
|
في جفنه أرق ، في نفسه فرق | في جسمه سقم، في عقله دخل
|
في وجهه صفرة حار الطّبيب بها | ما يصنع الطّبّ فيمن داؤه الخبل؟
|
لم يبق فيه دم كيما يجمعه | في وجهه ، عند ذكر الخيبة ، الخجل
|
يطوف في القصر لا يلوي على أحد | كأنّه ناسك في القفر معتزل
|
لا بهجة الملك تنسيه هواجسه | ولا تروح عنه الأعين النّجل
|
يزيد وحشته إعراض عوّده | وينكأ الجرح في أحشائه العذل
|
إذا تمثّل جيش التّرك مندحرا | ضاقت به، مثلما ضاقت بذا، الحيل
|
يا كاشف الضّرّ عمن طال صبرهم | على النّوائب ، لا مرّت بك العلل
|
أطلقتهم من قيود الظّلم فانطلقوا | وكلّهم ألسن تدعو وتبتهل
|
لو كان ينشر ميتا غير بارئه | نشرت، بعد الرّدى ، أرواح من قتلوا
|
بغى عليهم علوج التّرك بغيهم | لم يشحذوا للوغى سيفا ولا صقلوا
|
خانوهم وأذاعوا أنّهم نفر | خانوا البلاد بما قالوا وما عملوا
|
يا للطّغام ! ويا بهتان ما زعموا | متى أساء إلى المخلب الحمل؟
|
أجدّكم ، كلّما جوّ خلا، ((أسد)) | وجدّكم ، كلّما شبت، وغى، ((ثعل))؟
|
قد جاء من يمنع الضّعفى ويرغمكم | إن تحملوا عنهم النّير الذي حملوا
|
أمّنت (( أرمينيا)) مّما تحاذره | فلن تعيث بها الأوغاد والسّفل
|
ظنّوك في شغل حتّى دهتهم | فأصبحوا ولهم عن ظنّهم شغل
|
مزّقت جمعهم تمزيق مقتدر | على المهنّد ، بعد اللّه، يتّكلى
|
فهم شراذم حيرى لا نظام لها | كأنّهم نور الآفاق أو همل
|
ألسنتهم ثوب عار لا تطهّره | نار الجحيم ولو في حرّها اغتسلوا
|
((جاويد)) فوق فراش الذّلّ مضطجع | و((طلعت)) برداء الخوف مشتمل
|
أتستقر جنوب في مضاجعها | وفي مضاجعها الأرزاء والغيل؟
|
وتعرف الأمن أرواح تروّعها | ثلاثة : أنت والنّيران والأسل؟
|
لو لم تقاتلهم بالجيش قاتلهم | جيش بغير سلاح إسمه الوهل
|
أجريت خوف المنايا في عروقهم | فلن يعيش لهم نسل إذا نسلوا
|
قد مات كهلهم من قبل ميتته | وشاخ ناشئهم من قبل يكتهل
|
وقد ظفرت بهم والرّأس مشتعل | كما ظفرت بهم والعمر مقتبل
|
فتح تهلّت الدّنيا به فرحا | فكلّ ربع، خلا ((أستانة)) جذل
|
الشّعب مبتهج، والعرش مغتبط | وروح جدّك في الفردوس تحتفل!.. |