من أسود تسربلت بالحديد | و من الجنّ في رواء الجنود
|
ينشدون الوغى و ما ينشد | الحسناء غير المتيّم المعمود
|
كلّ قرم درع من الصبر | و درع مسرودة من حديد
|
تحته أجرد أشدّ حنينا | و اشنياقا ألى الوغى من نجيد
|
سابح عنده العسير يسير | و القصيّ القصيّ غير بعيد
|
و صبا للنجوم من قد علاه | أصبح الجوّ تحته كالصعيد
|
تحسب الأرض قد جرت يجرى | و تراه كأنّه في ركود
|
إنّما يركب الجواد جواد | و يصون الذمار غير بليد
|
و خميس يحكي النجوم انتظاما | عجبا من كواكب في بيد
|
أوقع الرّعب في قلوب الضواري | فاستكانت كأنّها في قيود
|
أصبحت تهجر المياه و كانت | لا ترى الماء غير ماء الوريد
|
خافقات أعلامه ، أرأيتم | كقلوب العشّاق عند الصدود
|
قاده ذلك الغضنفر ( نوجي ) | و يناط الحسام بالصنديد
|
رجل دونه الرجال مقاما | مشبه في الأنام بيت القصيد
|
كلّ سيف في غير قيضة نوجي | فهو عند السيوف غير سعيد
|
يا يراعي سل ( بورت أرثور ) عنه | إنّ تلك الحصون خير شهود
|
معقل أصبحت جحافل هيتو | حوله كالعقود حول الجيد
|
هجموا هجمة الضراغم لمّا | حسبوها فريسة للأسود
|
و تعالى الضجيج للأفق حتى | كاد ذاك الضجيج بالأفق يودي
|
و توالى هجومهم و المنايا | ضاحكات ، فيا لها من صيود
|
كم جريح مضرّج بدماه | و قتيل على الثرى ممدود
|
و أسير إلى أسير يساقون | تباعا إلى الشقاء العتيد
|
أسطرهم مدافع الروس نارا | أصبحوا بعدها بغير جلود
|
دامت الحرب أشهرا كلّما قيل | خبت نارها ذكت من جديد
|
و المنايا تحوم السرايا | حومة العاشقين حول الغيد
|
حيث حظّ المقدام مثل سواه | و كحظّ الكبير حظّ الوليد
|
صبر الروس صبر أيوب للبلوى | على ذلك العدوّ العنيد
|
غير أنّ االأيّام ( وستوسل ) | يمني أجفانه بالهجود
|
فتولاهم القنوط من النصر | فردّوا أسيافهم للغمود
|
كان هذا للصّفر عيدا و عند | الروس ضربا من الليالي السود
|
قلعة صانها الزمان فلولا | كيد نوجي لبشرّت بالخلود |