فديناك ، لو أنّ الردى قبل الفدى ، | بكلّ نفيس بالنفاس يفتدى
|
أبى الموت إلاّ ن ينالك سهمه | و ألا يرى شمل مبدّدا
|
فأقدم لا يبغي سواك و كلّما | درى أنّه عظيما تشدّدا
|
دهاك الردى لكن على حين فجأة | فتبّت يداه غادر صرح النّدى
|
دهاك و لم يشفق عل الصبيّة الألى | تركتهم يبكون مثنى و موحدا
|
فقدت و أوجدت الأسى في قلوبنا | أسى كاد لولا الدمع أن يتوقّدا
|
بكيناك حتى كاد يبكي لنا الصفا | و حتى بكت ممّا بكينا له العدى
|
و ما كاد يرقى الدمع حتى جرى به | غد عندما ، يا ليتنا لم نر غدا !
|
قضت طفلة تحكي الملاك طهارة | و ألحقها الموت الزؤام بمن عدا
|
لقد ظعنت تبغي لقاك كأنّما | ضربت لها قبل التفرّق موعدا
|
كأنّ لها نذرا أرادت قضاءه | كأنّك أنت الصوت جاوبه الصدى
|
مشت في طريق قد مشى فيه بعدها | فتاك الذي أعددت منه المهنّدا
|
فتى طاب أخلاقا و طاب محادا | و طاب فؤادا مثلما طاب محتدا
|
فتى كان مثل الغصن في عنفوانه | فللّه ذاك الغصن كيف تاوّدا
|
تعوّد أن يلقاك في كلّ بكرة | فكان قبيح ترك ما قد تعوّدا
|
فجعنا به كالبدر عند تمامه | و لم نر بدرا قبله الأرض وسّدا
|
فلم يبق طرف لم يسل دمعه دما | و لم يبق قلب في الملا ما تصعّدا
|
كوارث لو نابت جبالا شواهقا | لخرّت لها تلك الشواهق سجّدا
|
و لو أنّها في جلمد صار سائلا | و لو أنّها في سائل صار جلمدا
|
( أفهمي ) إنّ الصبر أليق بالفتى | و لا سيما من كان مثلك ( سيّدا )
|
فكن قدوة للصابرين فإنّما | بمثلك في دفع الملمّات يقتدى
|
لعمرك ما الأحزان تنفع ربّها | فيجمل بالمحزون أن يتجلّدا
|
فما وجد الإنسان إلا ليفقدا | و ما فقد الإنسان إلا ليوجدا
|
و ما أحد تنجو من الموت نفسه | و لو أنّه فوق السماكين أصعدا
|
فلا يحزن الباكي و لا تشمت العدا | فكل امريء ، يا صاح ، غايته الردى |