شهور العام أجمملها " ربيع " | و أبغضها إلى الدنيا " جمادى "
|
و خير المال ما أمسى زكاة | و خير الناس من نفع العبادا
|
بربّك قل لنا و خلاك ذمّ | أعيسى كان يذّخر العتادا ؟
|
تنبّه أيّها الراعي تنبّه | فمن حفظ الورى حفظ العبادا
|
خرافك بين أشداق الضواري | و مثلك من حمى ووقى النقادا
|
تبدّل أمنهم رعبا و خوفا | و صارت نار أكثرهم رمادا
|
لقد أكل الجراد الأرض حتى | تمنّوا أنّهم صاروا جرادا
|
فمالك لا تجود لهم بشيء | وقد رقّ العدوّ لهم وجادا ؟
|
و مالك لا تجيب لهم نداء | كأنّ سواك ، لا أنت ، المنادى ؟
|
...
|
وربّت ساهر في " بعلبك " | يشاطر جفنه النجم السّهادا
|
يزيد الليل كربته اشتدادا | وفرط الهمّ ليلته سوادا
|
إذا مال النعاس بأخدعيه | ثنى الذعر الكرى عنه وذادا
|
به الداءان من سغب وخوف | فما ذاق الطعام و لا الرقادا
|
تطوف به أصيبيه صغار | كأنّ وجوههم طليت جسادا
|
جياع كلّما صاحوا و ناحوا | توهّم أنّ بعض الأرض مادا
|
إذا ما استصرخوه وضاق ذرعا | نبا عنهم و ما جهل المرادا
|
و لكن لم يدع بؤس اللّيالي | طريفا في يديه و لا تلادا
|
و لو ترك الزّمان له فؤادا | لما تركت له البلوى فؤادا
|
...
|
أتفترش الحرير و ترتديه | و يفترش الجنادل و القتادا
|
و يطلب من نبات الأرض قوتا | و تأبى غير لحم الطير زادا
|
و تهجع هانئا جذلا قريرا | و قد هجر الكرى وجفا الوسادا
|
عجيب أن تكون كذا ضنينا | و لم تبصر بنا إلّا جوادا
|
أما تخشى ذي لسان : | أمات الناس كي يحيي الجمادا
|
...
|
لذاتك همّهم نفع البرايا | و همّك أن تكيد و أن تكادا
|
نزلت بنا فأنزلناك سهلا | وزدناك النضار المستفادا
|
فكان حزاؤنا أن قمت فينا | لاتعلّمنا القطيعة و البعادا
|
فلمّا ثار ثائر حرّ | رجعت اليوم تمتدح الحيادا
|
أتدفع بالغويّ إلى التمادي | و تعجب بعد ذلك إن تمادى ؟
|
سكتّ فقام في الأذهان شكّ | و قلت فأصبح الشّكّ اعتقادا
|
تجهّمت القريض ففاض عتبا | و إن أحرجته فاض انتقادا
|
و لولا أن أثرت الخلف فينا | وددنا لو محضناك الودادا |