مثلما يكمن اللّظى في الرّماد | هكذا الحبّ كامن في فؤادي
|
لست مغرى بشادن أو شاد | أنا صبّ متيّم ببلادي
|
يا بلادي عليك ألف تحيّة
|
هو حبّ لا ينتهي والمنيّة | لا ولا يضمحلّ والأمنيّة
|
كان قبلي وقبل الشّجيّه | كان من قبل في حشا الازليّه
|
وسيبقى ما دامت الأبديّه!
|
خلّياني من ذكر ليلى وهند | واصرفاني عن كل قدّ وخدّ
|
كلّ حسناء غير حسناء عندي | أو أرى وجدها بقومي كوجدي
|
لا حياء في الحبّ والوطنيّه
|
كلّ شيء في هذه الكائنات | من جماد وعالم ونبات
|
وقديم وحاضر أو آت | صائر للزوال أو للممات
|
غير شوقي إليك يا سوريّه
|
أنت ما دمت في الحياة حياتي | فإذا ما رجعت للظلمات
|
واستحالت جوارحي ذرّات | فلتقل كلّ ذرة من رفاتي
|
عاش لبنان ولتعش سوريّه
|
ولتقل كلّ نفحة من ندّ | ولتقل كلّ دمعة في خدّ
|
ولتّقل كلّ غرسة فوق لحدي | وليقل كلّ شاعر من بعدي
|
عاش لبنان ولتعش سوريّه
|
ربّ ليل سهرته للصبّاح | حائرا بين عسكر الأشباح
|
ليس لي مؤنس سوى مصباحي | ونداء الملاّح للملاّح
|
وصراخ الزّوارق اللّيليّة
|
تتهادى في السّير كالملكات | أو كسرب النّعام في الفلوات
|
مقبلات في النّهر أو رائحات | تحت ضوء الكواكب الزّاهرات
|
فوق ماء كالبردة اليمنيّه
|
تتمشّى في صفحتيه النّسائم | فترى الموج فيه مثل الأراقم
|
يتلوّى ،وتارة كالمعاصم | كلف الماء بالنّسيم الهائم
|
ليتني كنت نسمة شرقيّه
|
هجع النّاس كلهم في المدينه | وتولّت على ((نويورك))السّكينة
|
وجفوني، بغمضها، مستهينه | لا ترى غير طيف تلك الحزينه
|
لست أعني بها سوى سوريّه
|
ذاك ليل قطعته أتأمّل | رسمها الصّامت الذي ليس يعقل
|
وبناني مع خاطري تتنقل | بين هذا الحمى وذاك المنزل
|
والرّبى والخمائل السّندسيّه
|
ههنا رسم منزل اشتهيه | ههنا مربع أحبّ ذويه
|
ههنا رسم معهد كنت فيه | مع رفاقي أجرّ ذيل التّيه
|
في الضّحى ، في الأصيل، بعد العشيّه
|
كم تطلعت في الخطوط الدّقيقه | ولثمت الطّرائق المنسوقه
|
قنعت بالخيال نفسي المشوقه | ليت هذا الخيال كان حقيقه
|
فعذابي في لذّتي الوهميّه
|
يا رسوما قد هيّجت اشواقي | طال ، لو تعلمين، عهد الفراق
|
أين تلك الكؤوس ، أين السّاقي؟ | أين تلك الأيّام، أين رفاقي؟
|
أيا أحلامي الحسان البهيّه؟
|
يارسوم الرّبوع والأصحاب | بحياتي عليك بالأحباب
|
أخبرني فقد عرفت مصابي | أترى عائد زمان التّصابي
|
أم طوته عنّا الأبديّه؟
|
سبقتني دنيا أرادت لحافي | فأنا الآن آخر في السّباق
|
نصف عمري نصفي الباقي | كرثاء الأوراق للأوراق
|
يبس الأصل والفروع نديّه
|
ما تراني إذا تغنّى الشّادي | ومضى في الغناء والإنشاد
|
فأطار الأسى عن الأكباد | أحسب العود في يديه ينادي
|
أيّها القوم أنقذوا سوريّه!
|
وإذا ما جلست تحت الظّلام | أرقب البدر من وراء الغمام
|
رنّ في مسمعي فهزّ عظامي | شبه صوت يقول للنوّام
|
أيّها القوم أنقذوا سوريّه!
|
وإذو ما ذهبت في البستان | بين زهر الخزام والأقحوان
|
أسمع الهاتفات في الأفنان | قائلات وللكلام معان
|
أيّها القوم أنقذوا سوريّه!
|
وإذا ما وقفت عند الغدير | حيث تمشي الطّيور خلف الطّيور
|
خلت أنّ الأمواه ذات الخرير | قائلات معي لأهل الشّعور
|
أيّها القوم أنقذوا سوريّه!
|
ما لقومي وقد دهتها الدّواهي | بالذي يطفىء النّجوم الزّواهي
|
ويثير (الحماس) في الأمواه | قعدوا بين ذاهل أو لاه
|
أين أين الحفيظة العربيّه؟
|
هي أمّ لكم وأنتم بنوها | حفظت عهدكم فلا تنكروها
|
أنتم أهلها وأنتم ذووها | لا تعينوا بالصّمت من ظلموها
|
ذاك علم على النّفوس الأبيّه
|
كن نبيا يستنزل الإلهاما | كن مليكا يصدر الأحكاما
|
كن غنيا ، كن قائدا ، كن إماما | كن حياة،كن غبطة، كن سلاما
|
لست مني أو تعشق الحريّه!!!
|
شوق يروح مع الزّمان ويغتدي | والشّوق ، إن جدّدته يتجدّد
|
دع عنك نصحي بالتّبلّد ساعة | يا صاح، قد ذهب الأسى بتبلّدي
|
ما زاد في أسف الحزين وشجوه | شيء كقولك للحزين تجلّد
|
ما زلت أعصيه إلى أن هاجني | ذكر الحمى فعصيت كلّ منفّد
|
وأطار عن جفني الكرى وأطارني | عن مرقدي مشي الهموم بمرقدي
|
في جنح ليل مثل حظّي حالك | كالبحر ساج ... مقفر كالفدفد
|
أقبلت أنظر في النّجوم مصعدا | عيني بين مصوب ومصعد
|
أو واجف أو راجف مترجرج | أو ظافر أو حائر متردّد
|
يمشين في هذا الفضاء وفوقه | وكأنّما يمشين فوق الأكبد
|
والبدر منبعث الشّعاع لطيفه | صاف كذهن الشّاعرالمتوقّد
|
ما زال ينفذ في الدّجى حتّى استوى | فيه ، فيا لك أبيضا في أسود
|
والشهب تلمع في الرّفيع كأنّها | أحلام أرواح الصّغار الهجّد
|
ينظرون عن كثب إليه خلسة | نظر الملاح إلى الغرير الأمرد
|
فعجبت مّمن نام ملء جفونه | والكون يشهد مثل هذا المشهد
|
ورأيتني فوق الغمام محلقا | في الأفق ما بين السّهاوالفرقد
|
فسمعت صوتا من بعيد قائلا | يا أيّها السّاري مكانك تحمد
|
ما دمت في الدّنيا فلا تزهد بها | فأخو الزّهادة ميت لم يلحد
|
لا تقنطنّ من النّجاح لعثرة | ما لا ينال اليوم يدرك في غد
|
كم آكل ثمرا سقاه غيره | دمه ، وكم من زارع لم يحصد
|
لو كان يحصد زرعه كلّ امرىء | لم تخلق الدّنيا ولم تتجدّد
|
بالذكر يحيا المرء بعد مماته | فانهض إلى الذكر الجميل وخلّد
|
فلئن ولدت ومتّ غير مخلّد | أثرا فأنت كأنّما لم تولد
|
حتّى م في لا شيء يقتتل الورى | إنّ الحمام على الجميع بمرصد
|
طاشت حلوم المالكين ، فذاهل | لا يستفيق وحائرلا يهتدى
|
وأفقت ، إذ قطع الكلام مكلّمي | فنظرتني فإذا أنا لم أصعد
|
ما للكواكب لا تنام ولا تني | قد طال سهدك يا كوكب فارقدي
|
كم تنظرين إلى الثّرى من حالق | ما في الثّرى لأخي الأسى من مسعد
|
أو تريني عندما اشتّدّ الدّجى | واشتدّ دائي نام عني عوّدي
|
حتّى لقد كاد القريض يعقّني | ويصون عنّي ماءه وأنا الصّدى
|
أمسي أهمّ به ويظلع خاطري | فكأنّما أنا ماتح من جلمد
|
لا تسألني لم سهدت فإنّني | لو كان في وسعي الكرى لم أسهد
|
صرفت يد البلوى يدي عن أمرها | ما خلت أمري قطّ يخرج من يدي
|
في أضلعي نار أذابت أضلعي | ومشت إلى كبدي ولّما تخمد
|
أخشى على الأحشاء من كتمانها | وأخاف أن أشكو فيشمت حسّدي
|
ومليحة لا هند من أسمائها | كلاّ، وليست كالحسان الخرّد
|
نشز الجواري والإماء تمردّدت | وونت فلم تنشز ولم تتمرّد
|
في النّفس منها ما بها من دهرها | أزكى السّلام عليك أرض الموعد
|
يا ليت شعري كم أقول لها انهضي | وتقول أحداث الزّمان لها اقعدي
|
ليس الذي لاقته هينا إنّما | حمل الأذى هين على المتعوّد! |