بكيت ولكن بالدموع السخينة | وما نفذت حتى بكيت بمهجتي
|
على كامل الأخلاق والنّدب مصطفى | فقد كان زين العقل زين الفتوّة
|
نعاه لنا الناعي فكادت بنا الدّنى | تميد لّهول الخطب خطب المروءة
|
وذابت قلوب العالمين تلهّفا | وسالت دموع الحزن من كلّ مقلة
|
أجل قد قضى في مصر أعظم كاتب | فخلّف في الأكباد أعظم حسرة
|
ولو كان يفدى بالنفوس من الرّدى | جعلنا فداه كلّ نفس أبية
|
فتى مات غضّ العمر لم يعرف الخنا | ولم ينطوي في نفسه حبّ ريبة
|
وقد كان مقداما جريئا ولم يكن | ليغي الرّدى غير النفوس الجريئة
|
وكان جوادا لا يضنّ بحاجة | لذلك أعطى روحه للمنّية
|
سلام على مصر الأسيفة بعده | فقد أودعت آماله جوف حفرة
|
خطيب بلاد النيل مالك ساكنا | وقد كنت تلقي خطبة إثر خطبة؟
|
تطاولت الأعناق حتى اشرأبّت | فهل أنت مسديها ولو بعض لفظة؟
|
نعم كنت لولا الموت فارج كربها | فيا للرّدى من غاشم متعنّت
|
تفطّرت الأكباد حزنا كأنّما | مماتك سهم حلّ في كلّ مجة
|
وما حزنت أم لفقد وحيدها | بأعظم من حزني عليك ولوعتي
|
تناديك مصر الآن يا خير راحل | ويا خير من يرجى لدفع الملّمة
|
عهدتك تأبى دعوة غير دعوتي | فمالك تأبى( مصطفى) كلّ دعوة؟
|
فقد تك ريانا فيا طول لهفتي | لقد كنت سيفي في الخطوب وجنّتي
|
أجل طالما دافعت عن مصر مثلما | يدافع عن مأواه نحل الخليّة
|
فأيقظها من رقدة بعد رقدة | وأنهضتها من كبوة تلو كبوة
|
وقوّيت في أبنائها الحبّ نحوها | وكنت لهم في ذاك أفضل قدوة
|
رفعت لواء الحقّ فوق ربوعها | فضم إليه كلّ ذي وطنيّة
|
لئن تك أترعت القلوب محبة | فإنّك لم تخلق لغير المحبّة
|
فنم آمنا وفيت قومك قسطهم | فيا طالما ناموا وأنت بيقظة
|
سيبقي لك التاريخ ذكرا مخلدا | فقد كنت خير الناس في خير أمّة
|
عليك من الرّحمن ألف تحية | ومن أرض مصر ألف ألف تحيّة |