سمع الليل ذو النجوم أنينا | وهو يغشى المدينة البيضاء |
فانحنى فوقها كمسترق الهمس | يطيل السكوت والإصغاء |
فراى أهلها نياما كأهل الكـ | هف لا جلبة ولا ضوضاء |
ورأى السدّ خلفها محكم البنيان | والماء يشبه الصحراء |
كان ذاك الأنين من حجر في السد | ّ يشكو المقادر العمياء |
أيّ شأن يقول في الكون شأني | لست شيئا فيه ولست هباء |
لا رخام أنا فأنحت تمثا | لا، ولا صخرة تكون بناء |
لست أرضا فأرشف الماء ، | أو ماء فأروي الحدائق الغنّاء |
لست درا تنافس الغادة الحد سناء | فيه المليحة الحسناء |
لا أنا دمعة ولا أنا عين، | لست خالا أو وجنة حمراء |
حجر أغبر أنا وحقير | لا جمالا ، لا حكمة ، لا مضاء |
فلأغادر هذا الوجود وأمضي | بسلام ، إني كرهت البقاء |
وهوى من مكانه ، وهو يشكو | الأرض والشهب والدجى والسماء |
فتح الفجر جفنه... فإذا | الطوفان يغشى ((المدينة البيضاء)) |