الســــــلام عليكم نالت إعجابي تلك المكتبةو أحببت أن أشارككم روايةمذكرات فتاة رصينة تقف هذه الرواية كعدد من أعمال الفيلسوفة
سيمون دو بوفوار الأخرى , في مكان وسط بين الرواية و السيرة الذاتية , لتعكس الحياة
الباريسية و صراع الفرد من أجل حريته الشخصية و قراره المستقل عن رغبات
المجتمع التقليدية , في ظل تراجع هيمنة الطبقات البرجوازية على المجتمع
الفرنسي خلال النصف الأول من القرن العشرين .
تنقسم الرواية عامة إلى ثلاثة فصول تطرح فيها
دو بوفوار قسماً من حياتها الخاصة و نظرتها للحياة و طريقة تفكيرها , فتتطور شيئا ً
فشيئا ً من الطفولة الساذجة في بداية القسم الأول إلى طور النشوء و التشكل
المحدد في الثاني وصولا ً لوضعها مبادئ عامة لحياتها على الأقل في الجزء
الأخير من الكتاب ” المزدوج ” , حيث نرى فيه ( حسب ما أعرف ) مزيجا ً من
الشخصيات الحقيقية و الخيالية المنخرطة بشكل أو بآخر في حياة الكاتبة نفسها
.
… ” .
من جهة أخرى , اختارت
دو بوفوار طريقة المذكرات لكتابة روايتها , و هي طريقة ناجحة جدا ً لرصد العوالم الداخلية
لسيمون صاحبة المذكرات جنبا ً إلى جنب مع الأحداث التي تجري من حولها بمرور الوقت
, إضافة لقدرتها على نقد الآخرين و تحليل نفسية الآخرين و ردود أفعالهم
دون تكلف أو تصنع محتمل في الأنواع الأدبية الأخرى , أما شخصية
زازا الموازية
لسيمون فتتحدث بنفسها عن نفسها غالبا ً على شكل رسائل إلى
سيمون , ما يعكس الأهمية الكبيرة لها كحالة جوهرية في صميم حياة
سيمون أكثر من كونها شخصا ً عابرا ً كالآخرين من حولها .
و في السياق ذاته , يبرز تطور مستوى الكتابة مع التقدم في الصفحات , حيث
تعكس الصفحات الأولى سذاجة في الكلمات و تسرعا ً في الأحكام و انفعالية
شديدة , بينما تنضج النصوص فيما بعد و تصبح الكلمات أشد وقعا ً , و يعود
ذلك في المقام الأول لتطور
سيمون صاحبة المذكرات مع الزمن و نضوجها فكريا ً و عاطفيا ً , ما يعطي الرواية
إحساسا ً عاما ً بالواقعية المحببة و يبعد عنها صفة الكتابة الروائية لغاية
الكتابة الروائية بحد ذاتها .
تطرح
دو بوفوار في الرواية أفكارها
حول الوجودية و المساواة بين الرجل و المرأة , في إطار تحليلها العميق
للحياة بحثا ً عن معنى السعادة الحقيقية , إلى أن تصل فكرة الحياة من أجل
اللحظة و من أجل نفسها دون الآخرين و صولا ً للتوحد مع ذاتها في كينونة
ثنائية بعيدا ً عن الكون , فتقول و هي في أشد لحظات اليأس من الحياة : ”
لم
يكن هناك من يقبلني كما كنت , و لم يكن هناك من يحبني , و لقد عزمت أن أحب
نفسي لأعوض هذا الترك . سوف أزدوج و أنظر إلى أنفسي و أرصد ذاتي , و قد
تحاورت مع نفسي في مذكراتي , و تعلمت الشكوك و التردد و تمتمة الأمل الخفية
. و كنت المنظر و النظر , و لم أكن موجودة إلا بي و من أجلي . و قد سعدت
بمنفى ً أبعدني إلى مثل هذه المباهج الرفيعة و تأخذني الدهشة أن أكون قد
قضيت هذا الوقت الطويل دونها ” .
مذكرات فتاة رصينة كتاب شديد الروعة و
الإتقان : تسلسل منطقي في الأفكار , صياغة رفيعة المستوى , ذاتية تلامس كل
قارئ في مكان ما , انسيابية في الصدق و العفوية و حوادث لا تنتهي , مع
تحليل خصب للحياة من حولنا بدءا ً من الله وصولا ً للتفاصيل الصغيرة التي
تشكل وجودنا في نهاية المطاف .
جدير بالذكر أن الرواية من إنتاج عام
1958 و هي الفترة التي شهدت مجموعة من كتابات
سيمون دو بوفوار التي تعكس حياتها الخاصة و رحلاتها التي قامت بها إلى عدد من دول العالم
كالولايات المتحدة و
الصين , قبل أن يقل إنتاجها الأدبي بانخراطها في العمل السياسي ضمن
الحركة النسائية الليبرالية بداية السبعينيات .
لتحميل الرواية :http://www.4shared.com/office/xRbScy9_/____.html