بسم الله الرحمان الرحيم
*إلى كل محبي الفصيح اخترت لكلم القصيدة التي يُقال أن المتنبي قُتِل بسببها و السبب الذي جعله يقولها،
كما يعرِفُ الجميع أنه يُقال عن المتنبي بأنه مالىء الدنيا وشاغل الناس لم يعرف التاريخ العربي شاعرا مثله في رصانة الشعر وحبكته..
وسرعة البديهة وقدرته على قرض الشعر بيسر وسهولة ودقة متناهية .. , وشعره
مليء بالمعاني البديعة الآسرة ويمتاز بالكبرياء والأنفة والشموخ ومجانبة الهزل ..
*المتنبي شاعر غنيٌّ عن التعريف في
كـيـف قـُتـل المتنبي:
اختلفت الروايات في كيفية موته لكن الرواية الأقرب إلى الصحة هي ماأجمع عليها
أكثر المؤرخين وهو أن قاتله شخص يدعى (فاتك بن جهل الأسدي) والرواية تقول :
أن ابن أخت فاتك الأسدي ويدعى (ضبه بن يزيد العتـبـي) كان مسافرا إلى الكوفه هو وعائلته
وبينما هو في الطريق اعترض له قوم من الأعراب من قبيلة كلاب ودارت بينهم معركه قُتل على
أثرها والد ضبه وسُبيت أمه .
وكان ضبَّة العتبي مشهورا ببذاءة اللسان وبالغدر حتى بضيوفه ولعل ماحدث له وهو عائد من
الكوفه نوع من الانتقام منه بسبب ذلك , وفي يوم من الأيام مرَّ قوم من أشراف الكوفه من أمام
مضارب ضبة بن يزيد العتبي الذي كان متحاملاً على أهل الكوفه بسبب مقتل والده , فتعرض لهم
يشتمهم بأقذر الألفاظ وجاهر بذلك الشتم وكان لذلك التصرف أسوأ الأثر في نفوس أشراف الكوفة
الذين لجأوا إلى أبي الطيب المتنبي لرد اعتبارهم فأنشد قصيدته المشهوره ((ما أنصف القوم ضبة))
وكانت من أفحش القصائد التي قالها أبو الطيب المتنبي في حياته حتى قيل أن أبي الطيب المتنبي كان
يكره سماعها إذا رويت له وقد تعرض فيها لوالدة ضبة فوصفها بأقذر الصفات وأسوأها
وكانت هذه القصيدة السبب الرأيسي لمقتله :
*طبعا
سنحذِفُ بعض الكلمات في القصيدة نظرا لفحش هذه الكلمات واحتراما للقارىء
الكريم ،و إنما الغرض الأول في هذا المقام هو الإلمام بالأسباب التي أدَّتْ
إلى مقتل شاعرنا إذ قال:
ما أَنصَفَ القَومُ ضَبَّةْ"
"وَأُمَّهُ الطُرطُبَّةْ
رَمَوا بِرَأسِ أَبيهِ"
"وَباكَوا الأُمَّ غُلُبَّةْ
فَلا بِمَن ماتَ فَخرٌ"
"وَلا بِمَن .. رَغبَةْ
وَإِنَّما قُلتُ ما قُلـ"
"ـتُ رَحمَةً لا مَحَبَّةْ
وَحيلَةً لَكَ حَتّى"
"عُذِرتَ لَو كُنتَ تيبَه
وَما عَلَيكَ مِنَ القَتـ"
"ـلِ إِنَّما هِيَ ضَربَةْ
وَما عَلَيكَ مِنَ الغَد"
"رِ إِنَّما هُوَ سُبَّةْ
وَما عَلَيكَ مِنَ العا"
"رِ أنَّ أُمَّكَ ...
وَما يَشُقُّ عَلى الكَلـ"
"ـبِ أَن يَكونَ ابنَ كَلبَةْ
ما ضَرَّها مَن أَتاها"
"وَإِنَّما ضَرَّ صُلبَه
...................
...............
يَلومُ ضَبَّةَ قَومٌ"
"وَلا يَلومونَ قَلبَه
وَقَلبُهُ يَتَشَهّى"
"وَيُلزِمُ الجِسمَ ذَنبَه
لَو أَبصَرَ الجِذعَ شَيئًا"
"أَحَبَّ في الجِذعِ صَلبَه
يا أَطيَبَ الناسِ نَفسًا"
"وَأَليَنَ الناسِ رُكبَةْ
وَأَخبَثَ الناسِ أَصلًا"
"في أَخبَثِ الأَرضِ تُربَةْ
وَأَرخَصَ الناسِ أُمًّا"
"تَبيعُ أَلفًا بِحَبَّةْ
...............
".............
وَما عَلى مَن بِهِ الدا"
"ءُ مِن لِقاءِ الأَطِبَّةْ
وَلَيسَ بَينَ هَلوكٍ"
"وَحُرَّةٍ غَيرُ خِطبَةْ
يا قاتِلًا كُلَّ ضَيفٍ"
"غَناهُ ضَيحٌ وَعُلبَةْ
وَخَوفُ كُلِّ رَفيقٍ"
"أَباتَكَ اللَيلُ جَنبَه
كَذا خُلِقتَ وَمَن ذا الـ"
"ـلَذي يُغالِبُ رَبَّه
وَمَن يُبالي بِذَمٍّ"
"إِذا تَعَوَّدَ كَسبَه
أَما تَرى الخَيلَ في النَخـ"
"ـلِ سُربَةً بَعدَ سُربَةْ
عَلى نِسائِكَ تَجلو"
".................
..............
".................
وَكُلُّ غُرمولِ بَغلٍ"
"يَرَينَ يَحسُدنَ قُنبَهْ
فَسَل فُؤادَكَ يا ضَبـ"
"ـبَ أَينَ خَلَّفَ عُجبَهْ
وَإِن يَخُنكَ لَعَمري"
"لَطالَما خانَ صَحبَهْ
وَكَيفَ تَرغَبُ فيهِ"
"وَقَد تَبَيَّنتَ رُعبَهْ
ما كُنتَ إِلّا ذُبابًا"
"نَفَتكَ عَنّا مِذَبَّه
وَكُنتَ تَفخَرُ تيهًا"
"فَصِرتَ تَضرِطُ رَهبَةْ
وَإِن بَعُدنا قَليلًا"
"حَمَلتَ رُمحًا وَحَربَةْ
وَقُلتَ لَيتَ بِكَفّي"
"عِنانَ جَرداءَ شَطبَةْ
إِن أَوحَشَتكَ المَعالي"
"فَإِنَّها دارُ غُربَةْ
أَو آنَسَتكَ المَخازي"
"فَإِنَّها لَكَ نِسبَةْ
وَإِن عَرَفتَ مُرادي"
"تَكَشَّفَت عَنكَ كُربَةْ
وَإِن جَهِلتَ مُرادي"
"فَإِنَّهُ بِكَ أَشبَه
*حين علم خال ضبة المدعو فاتك بن جهل الأسدي داخلته الحمية لكون القصيدة تعرضت لأخته
بالقبيح فأضمر الشر للمتنبي وأقسم بالانتقام منه .
*وكان المتنبي في ذلك الوقت في مدينة (شيراز) وفي طريق عودته إلى بغداد كانت معه بِغال
محملةٌ بالهدايا والطيب والكتب الثمينة وعندما اقترب من منطقه اسمها (دير عاقول) خرج عليه
فاتك بن جهل ومعه جنده فهاجموا أبا الطيب المتنبي وعمدوا تقتيلا في قومه ،ثم إن أبا الطيب المتنبي
حاول الهرب لما أحس بالهزيمة لولا أن أحد غلمانه جابهه بقوله :
"سيصِفك الناس بالجبنِ لو هربت وأنت القائل" :
الخيل والليل والبيداء تعرفني ........ والسيف والرمح والقرطاس والقلم
*عندها نظر إلى غلامه و قال له "تبا لك أيها الغلام لقد قتلتني" فعاد إلى المعركة فقُتِل مع ولده محمد وكثير من جماعته
ونهُبت جميع أمواله .