في وحي القلم يقول الرافعي ( إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك ) أن تضع الجداول ، وتهتم بترتيب مكتبك ، وأدواتك ، وعملك . ثم تذهل عن النظر إلى بنائك الداخلي لتنظف ما علق به من شوائب ، فهذا شيء يستحق العجب وإعادة النظر . فمع زحمة الحياة وتوالي الأحداث على صفحة الكون غدت لحظة التأمل ، والنظر إلى الوجدان ، واستشفاف القصور والعيوب لعلاجها عادة انفرد بها النبهاء والأذكياء وأصحاب الضمائر الحية فقط . أنظر حولك ترى العالم في سباق محموم ، وأكاد أجزم أن من حولنا أشخاص لم يقفوا ولو لبرهة واحدة كي يراجعوا مشوار حياتهم ويقيموا الجيد والحسن من سلوكهم وأفكارهم . حياتك تستحق منك أن توليها كثير من الجهد والاهتمام ، تحتاج منك أن تقف بعد كل محطة في رحلتها لتقيم فيها نتائج المرحلة من مغنم ومغرم ، ولتثبيت الفؤاد الذي قد يضطرب من سرعة وقوة تلك الحياة المائجة الجامحة . إن عُقد حياتنا ما يلبث ينفرط منا حبة حبة إذا ما لفنا ثوب الغفلة . خاصة وأن معظم البشر يرهب مواجهة النفس ، ومراجعة المبدأ ، وتغيير السلوك والعادة . ولا يدرك أن قوته تكمن في قدرته على كسر شوكة عاداته السيئة ، وتحطيم صنم أفكاره ومعتقداته الفاسدة ، والإنابة إلى جادة الطريق المستقيم . وهذا لن يكون إلا بتلك النظرة الموجهة إلى الداخل ، تلك النظرة الصارمة الحازمة التي لا تلين لسعادة دنيئة خاطفة ، ولا تغض الطرف عن مكسب سريع لا يتوافق مع فطرتها . أنظر داخلك ، وأزل بيد طهور شوائب وعلائق ضارة .. وأرو بماء الحماسة واليقين بذور الخير والجمال والتقدم . ولا يزهدنك في رحلة المكاشفة قلة الصاحب ووحشة الطريق .. فهكذا دروب الحق ! . قال انديرا غاندي: جدي قال لي يوماً أن هناك نوعان من البشر: نوع يقوم بالعمل ونوع يحصل على التقدير... وقد قال لي أن أحاول أن أكون من النوع الأول حيث أن المنافسة فيه قليلة جداً... |