انقسم السودانيون بين مؤيد لمصر او الجزائر اللتين تلتقيان بعد غد الاربعاء في قمة حاسمة لتحديد المتأهل الى نهائيات كأس العالم في جنوب افريقيا 2010 ضمن المباراة الفاصلة عن المجموعة الثالثة من التصفيات الافريقية.
وتكتسي المباراة أهمية كبيرة بالنسبة للسودانيين لانها اهم مباراة تقام في البلاد في اكثر من اربعين عاما. ويعد هذا الموعد التاريخي اهم بكثير من لقاء السبت بين الفريقين في القاهرة الذي اسعد خلاله المهاجم عماد متعب المصريين عندما سجل الهدف الثاني للمنتخب المصري في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع فارضا الاحتكام الى مباراة فاصلة حدد الاتحاد الدولي مدينة ام درمان لتكون مسرحا لها.
لكن اذا كانت الاحتفالات عمت المقاهي المصرية في العاصمة الخرطوم، فان رهانات السودانيين لا تزال مفتوحة وولاءهم منقسم بين المنتخبين.
وقال احمد وهو احد المشجعين لنادي المريخ السوداني الذي سيكون ملعبه الذي يتسع لاربعين الف متفرج مسرحا لمباراة الاربعاء "بالنسبة لي، اتمنى ان تتاهل الجزائر".
اما رئيس القسم الرياضي في صحيفة الراي العام عبد المجيد عبد الرازق فقال "برأيي السودانيون سيشجعون المنتخب المصري نظرا للعلاقات التاريخية التي تربط البلدين وكذلك لان مصر هي التي طلبت اقامة المباراة الفاصلة في السودان". واضاف "على الرغم من هذه الاعتبارات، فان العديد من المشجعين الجزائريين سيحضرون المباراة".
وقال صحافي من وكالة فرانس برس في العاصمة الجزائرية ان المشجعين الجزائريين تهافتوا على وكالات الخطوط الجوية الجزائرية من اجل حجز تذكرة سفرهم لحضور المباراة التي يتراوح عدد مشجعي الجزائر فيها بين خمسة الاف وعشرة الاف متفرج.
وقال رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم محمد راوراوة في تصريح للاذاعة الجزائرية "في الخرطوم، سنكون على ارضنا. السودان بلد صديق ولن نستقبل بالحجارة كما حصل في القاهرة".
وكتبت صحيفة "ليبرتي" الاثنين "لم نخسر اي شىء حتى الان، هناك مباراة الخرطوم، وهو ملعب محايد بعيد عن الشتائم والافعال الكيدية والرخيصة والقذرة".
اما جاسم خالد عن الصحيفة الرياضية السودانية "الهلال" فكان له رأي معارض قائلا "الجمهور السوداني سيشجع المصريين الذين سيلعبون وكانهم في القاهرة. لن يكون هناك اي فرق".
سلامة المنتخبين ستكون مؤمنة
وكان نحو مئتي مشجع سوداني استقبلوا المنتخب الجزائري لدى وصوله الى مطار الخرطوم، فيما حظيت البعثة المصرية باستقبال حافل لدى وصولها فيما بعد.
واكد مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد السوداني لكرة القدم ان "سلامة المنتخبين ستكون مؤمنة مثل اي مباراة دولية". وفي هذا الاطار عززت سلطات العاصمة السودانية الاجراءات الامنية استعدادا للمباراة وقال والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر "لقد وضعنا قواتنا الامنية في اعلى درجات الاستعداد".
واضاف ان 15 الف شرطي سيكونون على اهبة الاستعداد للتدخل في حال وقوع اي احداث قبل او اثناء او بعد المباراة. واكد ان ستاد ام درمان يسع 41 الف متفرج ولكن السلطات ستسمح بحضور 35 الف متفرج فقط لاسباب امنية. موضحا انه سيتم تخصيص تسعة الاف مكان في الاستاد لمشجعي كل من البلدين اي 18 الف مقعد في الاجمال. وتابع "ننتظر وصول 48 طائرة من الجزائر و18 طائرة من مصر" مشيرا الى ان الفي مشجع مصري سيأتون بسياراتهم.
وتوقع المسؤول السوداني ان يكون هناك عجز في عدد غرف الفنادق في الخرطوم وهي مدينة غير معتادة على هذا النوع من اللقاءات الدولية. لكنه قال ان المشجعين الذين سيصلون يوم المباراة نفسه سينامون في مكانين مختلفين احدهما مخصص للجزائريين والاخر للمصريين.
وكانت احداث عنف وقعت في القاهرة قبل وبعد مباراة السبت الماضي كما وقعت اعمال عنف في الجزائر امس الاحد واليوم الاثنين. والسودان، اكبر بلد في افريقيا، لم يتأهل لنهائيات كأس العالم في تاريخه، لكنه
يملك في سجله الفوز بكأس امم افريقيا عام 1970.
91 مصريا يعودون من الجزائر غداة اعمال عنف
في الأثناء عاد 91 مصريا من العاملين في الجزائر وخصوصا في شركات مصرية مع اسرهم الى القاهرة الاثنين غداة اعمال العنف التي وقعت ضد الجالية المصرية على خلفية معلومات خاطئة نشرتها صحف جزائرية عن مقتل مشجعين جزائريين في العاصمة المصرية مساء السبت.
وقال المصريون العائدون وغالبيتهم من العاملين في شركات المقاولين العرب (للمقاولات والانشاءات) والسويدي (للتجهيزات الكهربائية) واوراسكوم تليكوم للاتصالات انهم غادروا الجزائر خوفا من تعرضهم للاذى بسبب الدعوات للانتقام التي اطلقت بعد نشر تقارير صحفية عن مقتل جزائريين في مصر.
وأكد ابرهيم مهند وهو محاسب بشركة المقاولين العرب "فوجئت اثناء وجودي بالمنزل مع 25 من زملائي بعدد من الجزائريين الذين يحملون الاسلحة البيضاء يهاجمون المنزل فاضطررنا الى الفرار بالقفز الى اسطح المنازل المجاورة".
واضاف ان الشرطة الجزائرية قامت بتجميع حوالي 400 مصري يعملون في شركة المقاولين العرب في المركز الرئيسي للشركة وان رجال امن جزائريين يتولون حمايتهم.
وقال احمد المصري ان "الوضع الحالي لا يسمح بتواجد المصريين في الجزائر لذلك يجب ان تقوم الحكومة المصرية بالجهد اللازم لتأمينهم او اخراجهم من هناك".
واكد مهندس بشركة اوراسكوم طلب عدم ذكر اسمه ان "المصريين اصبحوا مهددين لاسيما بعد ما نشرته خصوصا صحيفتا الشروق والهداف عن مقتل جزائريين في القاهرة بعد المباراة التي جرت السبت الماضي في استاد القاهرة".
وفي العاصمة الجزائرية، اعلن مدير الاتصالات في شركة اوراسكوم تليكوم الجزائر حميد جرين الاثنين في مؤتمر صحفي ان مشجعين جزائريين هاجموا الاحد نحو 15 فرعا لشركته التابعة لمجموعة اوراسكوم المصرية ملحقين بها خسائر مادية تقدر بخمسة ملايين دولار.
واوضح ان اوراسكوم الجزائر قررت الاحد اغلاق فروعها وخاصة في العاصمة الجزائرية. وتعد اوراسكوم تليكوم الجزائر التي تعمل تحت العلامة التجارية "جيزي" اول شركة اتصالات للهاتف المحمول في الجزائر مع 14 مليون مشترك. ويعمل فيها 4500 شخص معظمهم من الجزائريين وفقا لجرين.
من جهة اخرى هاجم مشجعون جزائريون غاضبون بعد ظهر الاثنين مجددا مكتب شركة مصر للطيران الواقع في ساحة اودين في وسط العاصمة الجزائرية. وحطم مشجعون شبان يحملون الاعلام الجزائرية الواجهة الزجاجية للمكتب وما به من اثاث ومعدات. وسبق ان تعرض المكتب لهجوم المتظاهرين الاحد.
الخارجية المصرية تستدعي السفير الجزائري
وفي هذا الاطار استدعت وزارة الخارجية المصرية الاثنين السفير الجزائري في القاهرة عبد القادر حجار. وقال مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية عبد الرحمن صلاح للصحافيين انه التقى السفير الجزائري "للتأكد من ان السلطات الجزائرية تقوم بالواجب المطلوب منها لتأمين المواطنين المصريين الموجودين بالجزائر وحماية المصالح المصرية في اعقاب التقارير التي وردت الينا من سفارتنا هناك والتي تفيد بتعرض بعض مواطنينا وبعض مصالحنا هناك لاعتداءات".
من جانبه صرح السفير الجزائري للصحفيين انه "لم يتلق معلومات حتى مساء الاحد عن اصابة مصريين بالجزائر". واوضح انه "تم اتخاذ عدة اجراءات لتأمين الاماكن التي يتواجد بها المصريون كما تم نقل بعض المصريين المتواجدين بالقرب من مناطق شعبية الى مناطق اكثر امنا وهناك حماية امنية حول بعض المساكن التي يقيم بها مصريون"،
واكد انه تم الاحد "رجم بعض مقار الشركات المصرية بالجزائر مثل شركة مصر للطيران ولكن لم يصب اي مصري حتى مساء امس".
وارجع السفير الجزائري التصعيد الاخير الى "الشحن" الاعلامي مؤكدا ان "العلاقات المصرية-الجزائرية اكبر من كل ما حدث ولكن للاسف قامت الفضائيات بشحن الجمهور لمستوى تجاوز الحدود".
وكان ثلاثة من لاعبي الجزائر اصيبوا مساء الخميس عندما تعرضت الحافلة التي كانت تقلهم من صالة الوصول بمطار القاهرة الى فندق مجاور لرشق بالحجارة. كما وقعت مشاجرات بين مشجعين جزائريين ومصريين مساء السبت في القاهرة اسفرت، حسب وزارة الصحة المصرية عن اصابة 32 شخصا من بينهم 20 جزائرايا و12 مصريا.
وجاءت هذه المشاجرات عقب مبارة الفريقين التي انتهت بفوز مصر 2-0 ما اتاح لها الابقاء على فرصتها في الصعود الى نهائيات كاس العالم لكرة القدم التي ستجرى في جنوب افريقيا في 2010.
لموشية: إذا كان الفيفا يفضل المصريين فليعلنها
وعلى صعيد آخر، عبر خالد لموشية لاعب المنتخب الجزائري لكرة القدم اليوم الاثنين عن استيائه واندهاشه من الاتحاد الدولي للعبة "الفيفا" لتقصيره في حماية بعثة المنتخب الجزائري أثناء تواجدها بالقاهرة لمواجهة المنتخب المصري في ختام التصفيات المؤهلة لنهائيات كاس العالم 2010.
وعبر لموشية في حوار لصحيفة "ليكيب" الفرنسية عن اندهاشه لموقف "الفيفا" في حادثة الاعتداء على "اتوبيس"المنتخب الجزائري الذي كان متجها إلى
الفندق محل إقامته مباشرة بعد وصوله إلى القاهرة مساء الخميس الماضي. لموشية واحد من ثلاثة لاعبين جزائريين أصيبوا في حادثة الاعتداء ، بحسب تأكيدات "الفيفا".
وكان "الفيفا" طلب من الاتحاد المصري لكرة الجمعة الماضي تعهدات كتابية بتوفير كل الحماية لبعثة المنتخب الجزائري خلال تواجدها بالقاهرة. وقال لموشية " إذا كان (الفيفا) يفضل المصريين علينا في نهائيات كأس العالم فليعلنها صراحة .. كان يتعين على الاتحاد الدولي اتخاذ إجراءات عقابية ضد مصر ومنع إقامة المباراة". وتابع " أربع لاعبين رشقوا بالحجارة وتعرضوا لإصابات بالغة ولكن لا احد في الهيئات الدولية تحرك. يبدو أن هناك انطباعا وكأن شيئا لم يحدث..لعبنا مباراة هادئة في حين الخوف كان حاضرا وشعرنا به" مشيرا الى أن بعض
زملائه كانوا "مشلولين" فوق أرضية الميدان. وأكد لموشية انه لو حدث العكس و تعرض المنتخب المصري للاعتداء بالجزائر فان" الفريق كان سيعود أدراجه في حينها ويطالب باعتباره فائزا بنقاط المباراة وكان سينال ذلك" مضيفا " حاليا لا يوجد أي رد فعل وبعد مرور شهرين أو ثلاثة (في حال خروجنا من التصفيات) سوف تدخل هذه الأحداث طي النسيان" متسائلا في نفس الوقت " هل هذه هي الرياضة ؟".