تَشْدُو القُلُـوبُ وَ مِلْؤُهَـا اطْمِئْنَـانُ فِي حَمْـدِ خَالِقِهَـا، هُـوَ الرَّحْمَـنُ |
وَتَزِيدُ بَعْـدَ الحَمْـدِ مِـنْ صَلَوَاتِهَـا فِي حَقِّ مَـنْ خُتِمَـتْ بِـهِ الأَدْيَـانُ |
فَكَـأَنَّ أَحْرُفَهَـا شُمُـوسٌ جُمِّعَـتْ فِـي خَيْـرِ قَـوْلٍ قَالَـهُ إِنْـسَـانُ |
وَإِذَا تَـرَنَّـمَ بِـالفَصِيـحِ لِسَـانُـهُ رَقَـصَ الفُـؤَادُ وَغَـرَّدَ الوُجْـدَانُ |
وَتَمَايَلَـتْ أَنْغَـامُ حُـبٍّ صَــادِقٍ فِـي عِيدِنَـا وَانْسَابَـتِ الأَلْـحَـانُ |
وَتَأَلَّّقَـتْ حُلَـلُ الفَصِـيحِ بِشِـعْـرِهِ وَغَـدَتْ بِسِحْـرِ جَمَالِـهِ تَــزْدَانُ |
إِنَّ القَصِيـدَ لَوَاحَـةٌ فِـي ظِلِّـهَـا تَشْـدُو القُلُـوبُ وَتَـطْـرَبُ الآذَانُ |
ذَهَبَتْ شَوَاغِلُنَا وَ أَمْسَـتْ مَـا لَهَـا فِي مُنْتَدَى الشِّعْرِ الفَصِيـحِ مَكَـانُ |
ذَهَبَـتْ، وَفِـي أَعْمَاقِنَـا لِجَمِيـلِـهِ شُكْـرٌ وَمِـلْءُ قُلُوبِـنَـا عِـرْفَـانُ |
تَاجُ المَعَالِي مِنْ رِحَـابِ الدُّوسَـرِي عَلَـمٌ يَــرُفُّ وَقَـائِـدٌ سُلْـطَـانُ |
هَذِي الدَّيَارُ فَمَـنْ يُتَـوِّجُ عَرْشَهَـا إلا يَــدَاهُ وَطِـيـبُـهُ الـهَـتَّـانُ |
وَمِنِ اسْمِهِ قَدْ صَاغَ أَحْجُـرَ أَسِّهَـا أَبَدِيَّـةً، فَعَلَـتْ بِـهَـا الأَرْكَــانُ |
قَدْ أَسَّسَ الـدَّارَ التِّـي مِـنْ دِفْئِهَـا يَهْفُـو إِلَيْهَـا الشِّـيـبُ والشُّـبَـانُ |
هُـوَ خَالِـدٌ بِالذّكْـرِ فِـي أَذْهَانِنَـا مَهْمَـا يَمُـرَّ الدَّهْـرُ وَالأَزْمَــانُ |
وَ"مُحَمَّدٌ" لِلْشِّعْـرِ وَالأَدَبِ العَـلِـيْـ ـيِ مُـرَاقِـبٌ وَمُـدَافِـعٌ رُبَّـــانُ |
وَإِمَـارَةُ البَيْـتِ العَظِيـمِ عَظِيمَـةٌ والمُشْرِفُـونَ جُهُـودُهُـمْ بُـرْهَـانُ |
فَعَطَاءُ إِشْرَافِ الخَوَاطِـرِ قَـدْ غَـدَا بَحْـراً يَمُـدُّ فَتُغْـمَـرُ الشُّـطْـآنُ |
وَانْظُر إِلَى الشَّعْبـيِّ َمَـنْ أَُمَـرَاؤُهُ قَدْ فَـاضَ سِحْـرًا وَالعَطَـاءُ بَيَـانُ |
وَبِمَوْطِنِ القِصَصِ القَصِيرَةِ أَزْهَـرَتْ أَوْرَاقُ وَرْدٍ نَـاضِـرٍ وَجِـنَــانُ |
وَقَفَـتْ عَلَيْهَـا سَاعَـةً لِصَفَائِـنَـا سَاعِةْ صَفَـا، فَتَرَنَّمَـتْ أَسْـوَانُ |
بَاتت لَيـَالِي فِـي اللَّيَالِـي مُؤْنِسًـا وأَنِيسُهَـا مِـنْ بَدْرِهَـا الأَجْفَـانُ |
وَ اسْتَقْبَلَتْ بِنـْتُ الأُصُـولِ نُجُومَهَـا نَجْمًـا مُضِيئًـا حَالِمًـا وَ بِيَـانُـو |
عَطَفَتْ عَلَيْـهِ يَـدٌ لأَحْـمَدَ فَانْثَنَـتْ مِـنْ لَحْنِـهِ الأَزْهَـارُ وَ الأَفْـنَـانُ |
وَ اليَاسَمِـيـنُ جَمِيـعُـهُ مُتَحَـيِّـرٌ فِـي يَـاسَمِينَتِنَـا ، لَــهُ إِذْعَــانُ |
كَمْ ذَا تَغَنَّـى فِـي رُبَاهَـا عَاشِـقٌ لِهُمُومِـهِ، فَــإذَا يَــدَاهُ كَـمَـانُ |
فَشَـذَاهُ فِـي نَثْـرِ القَصَائِـدِِ دَائِمًـا أَمَّـا فَبِالشَّعْبِـيِّ هُــوْ الرَّيْـحَـانُ |
وأَخُـوهُ فَهْـدٌ عَـالِـمٌ بِـوِهَـادِهِ وبِبَـحْـرِهِ، فَبِكَـفِّـهِ الـشُّـطْـآنُ |
أَمَّا ابْنُ فَهْدٍ نَايِـفُ انْصَاعَـتْ لَـهُ لمَـاَ طَوَتْـهَـا كَـفُّـهُ نَـجْـرَانُ |
مَـا مِثْلُـهُ فِـي الْمُنْتَـدَى إِلاَّ فَتًـى نَمِـرٌ بِـأُرْدُنَ غَازَلَـتْـهُ عُـمَـانُ |
أَمَّا الـذِّي حَمَـدَ الزَّمَـانُ فَدَوْحَـةٌ قَطَرِيَّـةٌ تَـشْـدُو بِـهَـا مَــرَّانُ |
يَحْمُـونَ تَارِيـخَ العُرُوبَـةِ والأُلَـى شَـادُوا فَبَـارَكَ ذَاكُــمُ الـدَّيَّـانُ |
فَالسَّيْفُ إِنْ فَـرَقَ البُحُـورَ تَفَرَّقَـتْ مِنْهَـا قَصَائِـدُ سِحْـرِهِ وجُـمـانُ |
فِـي كِبْرِيَـاءِ بُنَيَّـةٍ سَاحَاتُـهَـا عِنْـدَ المُحَـرَّقِ فَوْتُهَـا عِصْـيَـانُ |
إِلاَّ إِذَا صَـارَ الـمُـرَادُ فَـرَاشَـةً مَـا قَتْلُهَـا لِلصَّائِـدِيـنَ يُــدَانُ |
وبِـذَاكَ إِلْيَـاسٌ سَيَشْهَـدُ مُوفِـيًـا بِالعَـهْـدِ، إِنَّ عُـهُـودَهُ أَيْـمَـانُ |
بِمَعَالِمِ القِصَـصِ القَصِيـرَةِ مِنْهُـمُ أَشْرَافُ قَوْمٍ فِـي الحِسَـابِ ثَمَـانُ |
مَجْنُونَةُ اللّيـْلِ الكَحِيـلِ كَطَرْفِهَـا وفَتَـى الرّيَـاضِ، كَنَـيْتُـهُ مِيـلاَنُ |
مِنْ عَمَّةِ الحُسْـنِ اسْتَقَـى إِبْـدَاعَهُ قِصَصًـا عُمُـورِي مَا لَـهُ صِنْـوَانُ |
والصَّيْدَلاَنِـيُّ الحَبِـيـبُ مَـنَـارَةٌ ورَنَـا لِأَوبَـةِ غَـائِـبٍ شُـطْـآنُ |
وانْظُرْ لِعَاشِقَةٍ لَهَا قِصَـصُ الهَـوَى تُسليـكَ حَتَّـى تَبْسِـمَ الأَحْـزَانُ |
مِـنْ ثَغْـرِ بَاسِمَـةٍ بِـدَارِ مَحَبَّـةٍ دَارُ الرّوَايَـةِ نُـورُهَـا البُـرْهَـانُ |
أَلْقَـى بِهَـا ال"أَمُّـورُ" ثَـمَّ رِحَالَـهُ فَعَنَـتْ لَـهُ الكَلِمَـاتُ والأَلْـحَـانُ |
وَانْسَابَ دَمْعٌ لِلسَّمَـاءِ عَـلاَ بِـهِ بَشَّـارُ، لَيْـثٌ هَابَـهُ الشُّجْـعَـانُ |
مَا كَـانَ عَنْـهُ تَحَـوُّلٌ لَـوْلاَ فَتًـى بُو مُطْلَقُ النَّجْـدِيُّ لَيْـسَ يُشَـانُ |
والفَجْرُ أَبْعَدُ مَـا يَكُـونُ بِجُـدَّةٍ وَبٍأَكْرَمٍ أَنْـوَارُهَـا تَـــزْدَانُ |
والعُرْسُ مُكْتَمِلٌ بِهَـا مَـا إِنْ أَتَـى يَخْتَـالُ خَالِـدَ والخِـيَـامُ جِـنَـانُ |
وارْدِفْهُ عَائِضَ واحْتَفِلْ بِهِمَـا مَعًـا أَخَــوَانِ، إِنَّ أَبَاهُـمَـا قَحْـطَـانُ |
وَسِرَاجنـا نَبـُّوسُ قَلْـبٌ نَابِـضٌ فِـي لِيبِيَـا فَيُجِيـبُـهُ الظَّـهْـرَانُ |
مِنْ رُوحٍ ظَْبيٍ شَارِدٍ عَـنْ سِرْبِـهِ شَبَـحٌ سَبَـاهَـا َبْيَـضٌ فَـتَّـانُ |
فِي مُنْتَهَى الصَّمْتٍ الرَّهِيبِ جَـلاَؤُهُ حَسَنُ الشُّمُـرِّي مَـا بِـهِ شَنَـآنُ |
مَجْنُونَةُ اللَّيْـل المُضِـيءِ بِنُورِهَـا فِـي رَأْيِهَـا التَّدْبِيـرُ وَ الرُّجْحَـانُ |
والبَـدْرُ عَبْـدُ الله أَوْعَـبَ حُسْنَـهُ فَـوْقَ الفُـرَاتِ، ودِجْلَـةُ العُنْـوَانُ |
تِلْكَ القَصِيدَةُ مَـنْ سَيَرْسُـمُ وَجْهَهَـا إِلاَّ الـذِّيـنَ عَبِيـرُهُـمْ إِيـــذَانُ |
أَصْحَابُ فَضْلٍ، فِي الفَصِـيـحِ لِقَاؤُهُـمْ أَروَى لِمَنْ هُو فِـي الفَـلاَ ظَمْـآنُ |
فَخِصَالُهُمْ فِـي كُـلِّ رُكْـنٍ حَدَّثَـتْ عَنْهُـمْ وَ مِـلْءُ حَدِيثِهَـا إِحْسَـانُ |
وَفَصِيحُنـا ذَاكَ المُتَـوّجُ بِاسْمِـهِـم وَطَـنٌ بِـهِ قَـدْ أُسِّسَـتْ أَوْطَـانُ |
لاَ يَبْخَـلُـونَ بِوَقْتِـهِـمْ وَلِأَجْـلِـهِ سَهِـرُوا فَـلاَ تَغْفُـو لَهُـمْ أَجْفَـانُ |
أُرْجُوحَةُ الأَفْـرَاحِ سَاحِـرَةُ الرُّبَـى أَهْـلٌ لِكُـلِّ المَكْرُمَـاتِ حَـصَـانُ |
يَسْبِيـكَ مِنْهَـا فِعْلُـهَـا ومَقَالُـهَـا ولِـكُـلِّ أَمْــرٍ بَـيْـنَ ذَاكَ أَوَانُ |
لمَ يُلْفَ مِنْهَا فِي الحَدِيثِ سِوَى الرِّضَا فَالشُّـكْـرُ دُرٌّ والـمَـلاَمُ جُـمَـانُ |
وَلَهَـا بِأَفْئِـدَةِ الفَصِـيـحِ مَـعَـزّةٌ ثَبُتَـتْ فَلَيْـسَ يَهُزُّهَـا الـخِـذْلانُ |
فَهِيَ المَلِيكَةُ عَرْشُهَـا دَمْـعٌ جَـرَى تُـرْوَى بِــهِ الأَرْوَاحُ وَالأَبْــدَانُ |
بِالحُـبِّ تَبْذُلُـهُ بِغَـيْـِر مَضَـنَّـةٍ وَكَـذَا يَضِـنّ بِـنَـزْرِهِ الظَّـنَّـانُ |
وَاسْأَلْ رُبُوعَ فَصِيحِنَا عَنْ عَاصِـف تُخـبِـرْكَ عَـنْـهُ بِـأَنَّـهُ فـنّـانُ |
فَـإِذَا سَمِعْـتَ حَدِيـثَـهُ مُتَمَعِّـنًـا ونَظَـرْتَـهُ يُنْسِيـكَـهُ الإحْـسَـانُ |
لاَ غَرْوَ إِنْ أَضْحَـى كَرِيـمَ أَكَـارِمٍ سَمْحًـا، وَأَوَّلُ عَـفْـوِهِ النِّسْـيَـانُ |
وَمِـنَ الكِنَانَـةِ وَالحَضَـارَةِ حَـازِمٌ عَبِقَـتْ بِـرُوحِ بِـلاَدِهِ الأَرْكَــانُ |
تَـشْـدُو ِلأَهْلاَوِيِّـنَـا أَشْـعَـارُنَـا وَتَغِيبُ عِنْـدَ حُضُـورِهِ الأَحْـزَانُ |
ذَاكَ الفَتَى يُغْرِي القَصَائِدَ أَنْ تَشِـي بِالـوَرْدِ كَيْمَـا تُـورِقَ الأَغْصَـانُ |
فََلِكُـلِّ غُصْـنٍ لِلْـوُرُودِ مَوَاضِـعٌ ولِـوَرْدَةِ القَمَـرِ الـرُّبَـى أَفْـنَـانُ |
حَـوْرَاءُ عَيْـنِ كَالفُـؤَادِ نَقَـاؤُهَـا تَخْضَـرُّ حِيـنَ مُرُورِهَـا الكُثْبَـانُ |
والفَـارِسُ الحَلَـبِـيُّ عَـبْـدُ الله لاَ يُنْسَـى لَـهُ ذِكْــرٌ وَلاَ إِحْـسَـانُ |
هُـوَ فِـي تَجَلُّـدِهِ عَصِـيُّ دَمعُـه وَدُمُوعُـنَـا لِفِـرَاقِـهِ وِدْيَـــانُ |
لَـمْ يُلْـفِ جُرْمًـا آثِمًـا مُتَعَـمِّـدًا فَفُـؤَادُهُ عَـنْ ذَا القِـرَى وَسْـنَـانُ |
نَحْنُ الّذِينَ إِلَـى الفَصِيـحِ تَطَلَّعُـوا أَعْـضَـاؤُهُ وَحُمَـاتُـهُ الفُـرسَـانُ |
وَإِذَا أَرَدْنَـا فِـي القَصِيـدِ إِبَـانَـةً نَمْضِـي فَـلاَ يَخْفَـى لَنَـا تِبْيَـانُ |
فمِثَالُنَـا عَبْـدُ العَزِيـزِ وفَخْـرُنَـا قَـدْ أَقْسَمَـتْ بِحَنَانِـهِ الأَرْكَــانُ |
ومُحَارِبٌ فِي البُّعْـدِ نَشْعُـرُ قُرْبَـهُ وَبْـذَاكَ صَـارَ غَرِيمَنَـا النِّسْيَـانُ |