The Best
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

The Bestدخول
●● إعلانـات ●●
إعلانك هنا إعلانك هنا إعلانك هنا
إعـلانـات المنتـدى

إحصائيات المنتدى
أفضل الاعضاء هذا الشهر
آخر المشاركات
أفضل الاعضاء هذا الشهر
361 المساهمات
268 المساهمات
190 المساهمات
102 المساهمات
86 المساهمات
78 المساهمات
64 المساهمات
51 المساهمات
25 المساهمات
24 المساهمات
آخر المشاركات

[قصة قصيرة]: بين الأنقاض

replyإرسال مساهمة في موضوع
+5
Akatsuki
either
EagleEyeJoker
Burns Brad
Dalia~
9 مشترك



×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية

description[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 Empty[قصة قصيرة]: بين الأنقاض

more_horiz
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 S4mDTyH
[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 Tb3mE3l
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبًا جميعًا، أتمنى تكونوا بأفضل حال
بدأت هوايتي في كتابة القصص القصيرة في المهرجان الشتوي عام 2021
مررت بالكثير منذ ذلك الوقت، وها أنا أعود للمشاركة في المهرجان الصيفي لعام 2024
حين دخلتُ المنتدى و وجدته قائمًا فكرتُ أن السنين تجري حقًا
لذا شعرتُ برغبةٍ شديدة في المشاركة مرة أخرى
حينها، خطر على بالي مشهد معين لم استطع الهروب منه
فأحدثتُ من هذا المشهد قصةً كاملة، أتمنى أن تليق بالمهرجان I love you
أيضًا، كنتُ في غاية السعادة أن أول طقمٍ لي بعد العودة من صنع اليس
(انا حقًا حقًا من أشد المعجبين بتصميماتك منذ سنين بشكلٍ خاص)
شكرًا على الطقم الجميل I love you   @THE KNAVE
أطلتُ عليكم، جومين ><
[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 FRHgEJ1
اليساندرا... اسمٌ يملك سحره الخاص، اسمٌ إذا سُمع تركَ أثرًا عميقًا وكأنه قصيدةٌ في الجمال.
هذا اسم مدينتي التي ترعرعتُ فيها وسط حدائقها الخلابة. كانت يومًا رمزًا للجمال في بلادنا
حتى اجتاحتها نيران العدو فأُولِيَت جميع شجيراتها إلى الذبول. كانت اليساندرا منبعًا للفن ومكانًا للحب،
كانت أرضًا تبعث بالانتعاش لمجرد السير بها... والآن ما هي إلا أنقاضٌ فوق أنقاض،
دَخان الحرائق لا يُفارق هواءَها. بدلًا من بتلات الزهور التي كانت تزين شوارعها،
أصبح حطام المباني زينتها الوحيدة والدماء لونُها المفضل. وكل هذا كان خطيئَة جشع الامبراطورية!
دفعت الحرب فرساننا الشجعان للمثابرة في محاولة للدفاع عن بلادنا العزيزة.
كانت بلادًا صغيرة تؤتي قوت يومها وتُرفه عن شعبها بهدوء دون أن تُحاول خدش صخرةٍ على حدود أرضها،
كانت بلادًا مسالمة كبحيرةٍ ضحلةٍ في أرضٍ لا يغزوها الهواء حتى أُتيت بعاصفةٍ هيّجت تيارها
وأودَت بأسماكها للعيش في مياهٍ تُعكرها رمال اليابسة.
أعيش الآن مع والدتي في حطام المدينة بعد انتهاء الحرب. فارقنا والدي ليُدافع عن موطنه دون عودة
فلعل روحه أسيرةً بين لهب الحرب الآن. بعد خسارتنا الحرب، انضمت بلادُنا المسالمة
لتكون جزءًا من الامبراطورية العظمى فباشر ولي العهد في حملة الجولات التفقديه منذ فترة
وأظنه قد حان الوقت لوصولهم لاليساندرا العزيزة المحطمة.
نحن الآن نعيش في مجاعةٍ بين الأنقاض لا نملك خبزًا لينًا ولا ماء نظيفًا.
غمرنا اليأسُ مع القليل من الأوبئة وكأننا في نهاية العالم. تؤرقنا الحياة انسيابًا بين الليل والنهار
لكن يجمعنا شعورٌ أوحد وهو مقتُ شعب الامبراطورية حتى النخاع.
إذ ذُكر اسمها بين ثنايا الحديث، تُرى وجوهنا ممتعضةً مُظلمة.
ذات يوم، كنتُ أسير بحثًا عن طعامٍ لوالدتي حتى سمعتُ صهللة الخيول وتصادم الدروع...
علمتُ حينها أن شر رجال الأرض وصلوا إلى اليساندرا. ذهبتُ إلى حدود المدينة حيث سمعت أصواتهم،
حاولتُ الاختباء وفي يدي رغيف خبزٍ عثرتُ عليه. وقفت أُشاهد دروعهم اللامعة وأعدادهم الفائقة،
وقفتُ وفي عيناي شرارة الكره التي احرقت قلبي على خسارة والدي وفي عقلي جملة واحدة
"لعل أحدهم هو من سلب أنفاس أبي الأخيرة".
كلما ترددت تلك الكلمة داخلي، تزداد رغبتي في الانقضاض على هؤلاء الوحوش منعدمي الإنسانية.
بدأ شخصٌ يظهر عليه الترف في التحدث إلى الجنود المجتمعين قائلًا:
- لقد وصلنا إلى هذا الحد بفضلكم، وها قد شارفت رحلتنا على انتهائها.
أود أن أُذكركم أننا نقوم بهذه الحملة احتفالًا بانتصارنا، لكنها أيضًا لفرض سيطرتنا على تلك المدن
حيث يأسُ الناس قد يصل إلى أفعالٍ متهورة تضر بنا. لا تترددوا في القبض على من قد يشكل خطرًا بحرص،
وحاولوا كسب ثقةٍ الناس بأفعالكم المعتدلة. نحنُ هنا أبطال حربٍ لكننا في الآن ذاته أعداءهم.
بالتوفيق للجميع، فلنباشر العمل على مخططاتنا.

صرخ الجنود باحترامٍ لقائدهم بينما ارتعش قلبي حقدًا تجاهه. وقفت أُراقبهم لبرهةٍ دون أن ألحظ
أن أحدهم كان يحدق بي منذ فترة. حين التقت أعيننا، ذهبتُ مهرولًا داخل المدينة
وصوتٌ يتردد ي أُذناي "لا تترددوا في القبض على من قد يُشكل خطرًا"... فأنا حقًا أُريد مجابهتهم
ولكن ليس في معركةٍ خاسرة! فأنا بالكاد في عقدي الثاني لا حيلة لي في مواجهة هؤلاء العمالقة!
دون أن أُدرك، فقدتُ خبز والدتي وأنا مشغولٌ بالهروب. التقطه هذا الجندي محدقًا في تفاصيله المتعفة
وكأنه يتساءل في طيات قلبه عمن قد يرضى أن يُدخل هذا الخبز العفن إلى معدته...
ليس وكأنه اختياري حتى فلقد كان أول ما حصلت عليه منذ أيام.
حاولتُ الاختباء بداخل المباني المتهالكة إثر الحرب وأنا أراقبه يبحث عني يمينًا ويسارًا.
رجعتُ للخلف بحرصٍ وأنا أُراقبه حتى جاءني هذا الإهتزاز من حوائط المبنى.
كانت أحجار المبنى ترتعش صارخةً أنني في عداد الموتى، فهذا المبنى واقعٌ لا محالة.
صرخت بأعلى صوتي بينما أبت قدماي الحركة حتى أمسكني ملمسٌ غاية في البرود
وهو يجري بي إلى خارج المبنى.
- أأنتَ بخيرٍ أيها الفتى؟
كنتُ أرتعشُ خوفًا من الموت بينما أرفع عيناي لوجهه محدقًا له بكرهٍ
- تفضل بعض الماء، حاول التنفس بهدوء حتى تتخلص من هولِ الموقف.
رفضتُ مساعدته بينما أبتعد عنه محدقًا.
- أنا أعتذر، لم أقصد إخافتك حين لحقت بك. لقد أسقطت هذا الخبز وكنتُ أنوي إعطاؤك إياه لا أكثر.
- أنا- أنا لا أريد مساعدتك. أهونُ عليّ موتي بين الأنقاض على أن أقبل مساعدةً من جندي الامبراطورية.

صمت الجندي قليلًا لا يعلم ما يقول فهممتُ بالذهاب حتى استوقفني...
- لقد نسيت الخبز.
نظرتُ إليه بطرف عيني قائلًا:
- لا احتاجه بعد الآن، سأقوم بتوفير غيره. فلقد بات غير صالحٍ للأكل بعد أن تعكر بأيديكم.
ذهبتُ مسرعًا لا أدري إذا كنتُ سأُقتل على أيدي هذا الجندي. لكن ما أفقدني عقلي
هو أنني لم استطع منح والدتي الطعام اليوم أيضًا.
ظل الجندي واقفًا حيث تركته محدقًا في الخبز والطريق الذي سلكته متسائلًا عما يجب فعله مع هذا الصبي الغاضب.
يدور بذهنه كلمات قائده "نحنُ هنا أبطال حربٍ لكننا في الآن ذاته أعداءهم"...
(لا سموك، نحن ليسنا مجرد أعداء، وإنما نذيز شؤمٍ كغربان طائرة تحوم حول المدينة
تاركين إياهم في يأسٍ قد يقود للجنون في لحظة)
. استقطعه أحد رفاقه عن أفكاره...
- دانيال، ماذا تفعل هنا؟ ولي العهد كان يبحث عنك منذ فترة.
امسكَ الجندي الخبز في قبضته والتفت إلى رفيقه قائلًا:
- آسف فلقد جذبني الفضول للتجول هنا.
ذهبتُ حيث كانت أمي، مستلقيةً بين الأنقاض يلتهمها الوباءُ من كل ناحية.
جلستُ بجانبها خجلًا من عدم استطاعتي توفير المأكل والمشرب لتلك المريضة الهزيلة.
دخلت سيدةٌ كانت صديقةً لعائلتي، جارتنا العمة ماري. سيدةٌ فقدت ولديها في الحرب
بينما كان زوجها راقدًا في سريره بإعاقةٍ جراء مناوشةٍ مفاجئة اشعلت فتيل تلك الحرب.
تعيش معه الآن بين الأنقاض لكنها تأتي بين الحين والآخر تطمئنُ على حالنا.
- كيف حال والدتك الآن، أيها الفتى؟ وكيف تُبلي أنت؟
- ما تزال كما هي، عمة ماري. أما أنا فأُحاول العثور على ما قد تأكله أو تشربه لعلني أُساعد في نهوضها.

أخرجت من جيب فستانها البالي خبزًا وقنينة ماءٍ صغيرة
- خذ، هذا كل ما استطعتُ توفيره لكَ يا صغيري، واحترس فلقد دخل الجنود إلى المدينة.
ابق في مكانٍ آمنٍ حتى ينزاحوا من مرأى أعيننا. أتمنى لوالدتك الشفاء العاجل.
- أشكركِ جزيلًا، أيتها العمة. لن أنسى فضلكِ أبدًا.
- لا تقل هذا، فأنت كولدي تمامًا، اميليو.

غادرت العمة بينما شرعتُ في اذابة الخبز بالماء حتى يتسنى لي اطعامه لوالدتي.
ظللتُ على هذا الحال ليومان لم أبرح مكاني حتى لا اُواجه أحدًا من الجنود. في اليوم الثالث،
جلبت لي العمة المزيد من الخبز والماء. أطمعتُ أمي بينما أكلتُ بعض الأعشاب كما العادة
حين لا يتوفر القدر الكافي من الطعام. ذهبتُ إلى أعلى مبنى صامد في المدينة أُشاهد ما حل بها
وماذا يفعل هؤلاء الجنود. وجدتُهم يُعمرّون بعض الأماكن من جديد كجزءٍ من خطة تعمير الامبراطورية
ويعملون في نشاط وسعادة بينما يختبؤ سُكان المدينة في ظلال الحطام يُراقبونهم بحذرٍ ورعب.
فشتانٌ بين حال هذا وذاك، كان مشهدًا اقشعر له قلبي المحروق.
في طريق عودتي لوالدتي، وجدتُ فتاةً صغيرةً من المدينة تلتقط بعض الحجارة وترميها مباشرةً
على جنديين واقفين بكل جرأة وكأنها لم تعلم معنى الخوف قط.
- ابتعدوا عن مدينتنا أيها القتلة! فلتخرجوا من هنا!
صرخت بهم وهي ترمي الحجارة حتى أتاها جنديٌ من الخلف ممسكًا بها.
- ما هذا الشيء الصغير الذي يصدر ضجيجًا.
ضحك الآخران بينما يقتربان.
- إنها فتاة جريئة للغاية، لعلها تريد لعب بعض الألعاب معنا.
- يجب أن أُحذركِ أيتها الصغيرة، فنحنُ أقوياء للغاية، ستُصابين باللعب معنا.

لم أشعر إلا بقدماي تقودانني إليهم ممسكًا بخشبةٍ وأضرب مفصل هذا الجندي حيث لا وجود للدرع.
أثرت ضربتي بفقدانه لاتزانه فأوقع الطفلة أرضًا.
- اهربي، ايفا! اذهبي حيث آباؤنا حالًا!
كانت الفتاة مذعورة لكنها قوية كفاية حتى ساعدتها قدماها للسير بعيدًا فلحُسن الحظ
قد وقعت بعيدةً عن أيدي الجنديان الآخران. بينما كنتُ أتاكد من هروبها، أمسكني احدهما رافعًا إياي للأعلى.
- حقًا أطفال هذه البلدة في غاية الإزعاج. ماذا يُريدون بينما لا يملكون من القوة إلا قليلا؟
- أتظننا سنُسلمه للقائد؟
- أو لربما نلعب معه قليلًا؟

بدأوا في الضحك والمزاح حتى استوقفهم صوتٌ شديد الصرامة من الخلف. فزعوا كفارٍ أُمسك بصوتِ قطٍ جائع.
- أتظنون أنفسكم جنودًا فخورين؟
- سيدي، هذا-
- لقد شاهدتُ ما يكفي. لا أُريد سماع صوتِ أنفاسكم حتى فعارٌ على الامبراطورية رؤيتكم تتنفسون هواءها.
- نعتذر سيدي، لم نقصد إيذاءهم. هم من بدأوا بافتعال المشاجرة، وكنا نحاول تقليل الضرر.
- مالي أسمع هذا الحديث من جنديٍ كالجبل بينما يمسك بطفلٍ بهذه الهذالة.
اترك هذا الطفل وانتظروني في الثكنات حتى أُعطيكم العقاب اللازم.

تركوني أرضًا بينما ذهبو مذلولةً رؤوسهم. التفتُ لأرى هذا القائد فإذ به يكون الجندي الذي تبعني منذ أيامٍ سبقت.
- آه، لقد كان أنت ذاك الفتى صاحب الخبز!
كانت نبرته هادئة حنونة عن تلك التي تحدث بها مع الجنود.
- يبدو أنك جيدٌ في إيقاع نفسك في المشاكل، أيها الصغير.
قالها بابتسامة ثم عم الصمت قليلًا...
- حسنًا، سأذهبُ حتى لا تشعُر بالضيق من وجودي. أعتذر عما حدث من الجنود سابقًا،
سأتأكد من جعلهم يتحملون ثمن خطاياهم فما كان لهم أن يُعاملوكم هكذا أبدًا.

انحنى بمقدارٍ ضئيل تعبيرًا عن أسفه وهمّ بالذهاب حتى استوقفته...
- أنا لا أُحب أن أكون مدينًا لأحد لذا... أخبرني ماذا تُريد حتى أُسدد دينك بمساعدتي.
التفتَ مبتسمًا...
- إذا كان هذا هو الحال، فماذا عن أخذي في جولةٍ جول مدينتك؟ أُريد مرشدًا يعلم المدينة جيدًا.
ذهبنا سيرًا بين المدينة وأنا ممتعضٌ فمالي أسير بجوار عدوي وجميع السكان يروننا، كيف أبدو في أعينهم؟
كيف أبدو في أعيني أنا؟ كنتُ أشعر بكثيرٍ من الاشمئزاز ولكني مضظرٌ على هذا الوضع الغير مريح.
- هنا حيث اعتادت الخيّالون التسابق بالخيل، وهنا كانت حديقةً للتنزه.
أظن أن هناك بعض الشجيرات المتبقية بعد الحريق.
- ماذا عن هذه الساحة؟
- آه، كانت ساحةً لعرض الفنون. كان يتجمع بها الرسامون والراقصون والموسيقيون من جميع أنحاء العالم
ليعرضوا فنهم. بينما كان هذا المسرح لآداء المسرحيات التي يٌقدمها الكاتبون في المسابقات.
كانت تعرض المسرحيات على مدار العام جامعةً بين فن الكتابة والتمثيل.
هذه البقعة من المدينة كانت بقعةً للفن بجميع أنواعه حيث كانت ملاذًا لكل الموهوبين.

بدأتُ أتحدث بإشراقٍ عن مدينتي العزيزة بينما ينظر الجندي إلى المكان بابتسامةٍ شغوفة.
قاطعنا صوت العمة ماري قادمةً من الخلف بهرولة.
- اميليو! ماذا تفعل أيها الوقح لاميليو؟! ماذا تريد من طفلٍ صغيرٍ؟!
- اهدإي، سيدتي. أنا حقًا لا أنوي له شرًا. هو كان يُريني أرجاء المدينة فقط لا غير.

ابتعد خطواٍ للخلف ليُقلل من ذعرها معلنًا عن نيته السليمة بينما كانت تحتضنني العمة وهي ترتجف.
وضعتُ يدي على كتفيها لتهدأتها.
- هو محقٌ، عمة ماري. لقد طلب مني أن أُريه أرجاء المدينة، أنا بخير.
- لكن- لكن- ما الذي جعلك تسير مع إحدى الجنود؟ أعرضوا عليكَ شيئًا مريبًا؟ أهددوك؟
لا تخف فأنا سأحميكَ وسأُعطيك كل ما تتمناه لذا لا تسير على خطاهم، اميليو!

كانت تتحدث لي بصوتٍ خافت بينما ترتجف قلقًا عليّ. فلا ألومها على فعلها بل نفسي
على جعل فؤادِ تلك الأم منزوعةَ الأطفال يرتجف هكذا.
- أنا أعتذر، أيتها العمة. هو فقط قام بمساعدتي من أيدي الجنود الآخرين وأنا أردُ له الدين لا أكثر.
- أنا حقًا لم أقصد إخافة السيدة. لكِ كلُ الحق بالاعتراض على هذا الوضع.

وقفت العمة تأخذ أنفاسها بينما تحدق فيه بكره. ابتعدتُ عنها قليلًا
مخبرًا إياها ألا تقلق وأكملتُ الطريق سيرًا معه.
- أكانت تلك والدتُك؟
- ألم تسمعني أُناديها عمتي؟

ضحك وأكمل...
- أجل أجل، أنت محق. كنتُ أنا ضعيف الاستيعاب. يبدو أنها تحبكَ كثيرًا.
- آه، أجل. هي شخصٌ مقربٌ لنا.

أكملنا طريقنا صامتين لفترة حتى اخترق هذا الصمت صوت ايفا.
- اميليو، اميليو! والدتُك استيقظت!
وصلت إلينا وهي تلتقط أنفاسها بعد الجري حتى رأت الجندي فقفزت مذعورة.
- لا تقلقي، ايفا. لن يؤذينا. الأهم الآن، ماذا تقولين؟ ماذا عن والدتي؟
- آه، ذهبتُ لأطمئن عليكَ منذ قليل بعد حادثة الجنود فما وجدتُك بل والدتُك هناك
تُنادي عليكَ فلقد استيقظت. أخبرتها أني سأذهب لإيجادكَ وركضت في أرجاء المدينة باحثة عنك.

انطلقتُ فور سماعي لكلماتها التي اخترقتني، هرولتُ محاولًا الوصول إلى هناك في أسرع وقتٍ ممكن.
- انتظرني أيها الفتى!
ذهبتُ لأرى والدتي مستلقيةً كما تركتُها. محاولًا محادثتها لكن لا فائدة.
ركعتُ أرضًا آخذ أنفاسي بعد الركض كل هذا الطريق إلى هنا وخلفي الجندي يفعل الأمر ذاته.
- كانت تلك إنطلاقةً سريعةً منك، أيها الصغير. أهذه والدتُك؟
أومأتُ بالإيجاب بينما ألتقط أنفاسي.
- أهي مريضة؟ ماذا حدث لها؟
- هذا... هذا شيءٌ لا يعني حضرة القائد ليسأل عنه.

جاوبته بجفاء فساد الصمتُ في المكان حتى قطعه...
- اميليو؟ أهذا أنت يا بُني؟
- أمي! أجل، إنه أنا! كيف تشعرين؟ أتريدين شيئًا ما؟ سأجلب لك كل ما تشتهين فقط أخبريني!

لم تفتح والدتي عينيها بعد فلعلها كانت مرهقةً حتى تستطيع فتحهما...
- لقد سمعتُ صوتَ رجُلٍ بالجوار، أهذا والدُك؟ أعاد أخيرًا؟
أصررتُ على أسناني حسرةً من عدم مقدرتي على إجابتها بالحقيقة فقُلت...
- لا أمي، لم يعُد حتى الآن.
- إذًا، من يكون صوت هذا الرجل؟

سألَت والدتي بقلق. كنتُ أستعد للإجابة حتى سبقني...
- لقد أرسلني السيد للتأكد من سلامو اميليو وسلامتكِ، سيدتي. أعتذر على إزعاجك.
- حقًا؟ هل أرسلك زوجي حقًا؟ أهو بخير؟ أيأكُل جيدًا؟
- فلتستريحي قليلًا الآن، أمي. سأُخبرك بكل شيءٍ حين تستعدين عافيتك.

أخذتُ الجندي خارجًا بعيدًا عن مسمع والدتي...
- لماذا قلت هذا؟
سألته غاضبًا عن كيف يعطي أملًا زائفًا لوالدتي طريحة الفراش بينما أجاب...
- أعتذر إن تدخلتُ فيما لا يعنيني لكني لم أستطع ترككَ تُقلق راحتها بينما هي تُصارع المرض.
- وهذا بتقديم أملٍ زائفٍ لها؟ أتعلم ما يعنيه أن تُصدق أن والدي حيٌ يُرزق
بينما قد قُتل على أيديكم المجرمة؟!
- أنا لا أملك مبررًا كافيًا لفعلتي، أنا فقط رأيتُ من خلالها شخصٌ عزيزٌ عليّ ولم أستطع منع نفسي.
فإخباروها بكذبةٍ كتلك ستكون دافعًا لمقاومتها المرض حيث لا مجال للعلاج سوى أن تُكافحه بذاتك.

أدركتُ الموقف حيث كان على حق، فكيف ستكون حين أُخبرها أن زوجها وشريكها قُتل بينما يقف أمامها قاتله؟
كيف سيكون أن أُخبرها بهذا بعد أن استيقظت أخيرًا من سُباتٍ طويل؟
أدركتُ أني كنتُ قاسيًا معه و وقحًا حيث وبختُ من هو أكبر مني.
- أنا أعتذر منك، فلقد فقدتُ أعصابي دون مبرر. لم أقصد أن أكون وقحًا. بل ويبدو أنك ساعدتني ثانيةً.
- لا بأس، فلقد شعرتُ أن ثمن الدين الأول كان أكبر من الدين ذاته فأعدتُ لكَ بعضه.

ابتسم ثم سار خطوتين أمامي محدقًا في غروب الشمس...
- أعلم كم تكرهنا وكم أن وجودنا هنا والآن تمقتوه جميعًا حيث أنه يُثبت ما فقدتم سابقًا كان واقعًا لا مفر منه.
لا ألومكم ولا ألوم مقتكم، فأنا أُشارككم ذاتُ المقتِ على هذا الحال.

صمتنا بينما ننظر للغروب يتلألأ وأنا أُفكر فيما يجب أن أشعر حتى أكمل...
- لعل تلك الحرب أحدثت شقًا بيننا لا يمكنه الالتئام، لعله لن يلتئم إلا بعد عدة أجيال حين تُنسى
تلك التضحيات من الناحيتين. لا أملك الحق في اعتبار تلك الحرب قرارًا خاطئًا، فمالي أحكمُ
من منظوري المتواضع على قرار بلادٍ بينما صدر من حاكمها وراعيها؟ فأنا لستُ في وضعٍ يسمحُ لي بالحُكم...
لكننا مثلكم، لم نُرِد خسارة أحبابنا وسط نيران الدماء...
فمن سيُحب أن يرقد حثةً هامدة بعيدًا عن أحضان والديه وأعزائه؟ أُقسم لكَ أني أُريد لهذه البلاد من السلام ما تُريده،
وكم كنتُ أتمنى أن أرى اليساندرا بلادًا خلابة كما زُعم عنها.
كنتُ أنوي أن آتي إلى هنا في رحلةٍ مع ابني وزوجتي نتمتع بوجباتكم الغير مألوفة
بينما نمضي الوقت في رفاهية لكن دائمًا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن، أليس كذلك؟
عش طويلًا أيها الفتي، وتأكد من إعمارها جيدًا حتى يستطيع أحفادي التمتع بمناظرها الجميلة
فلا أنا ولا إبني سيكون مرحبًا بنا.

التفت وأعطاني قنينة دواءٍ قائلًا...
- خذ هذا. اعتبره دينٌ مدفوع الأجر. فلتعطها لوالدتَك لعلها تُصبح أفضل حالًا.
وإن حدث و وطأت أقدامُك أراضي العاصمة، ابحث عن "القائد دانيال".
سأتأكد من جعلك تدين لي باستضافتي الكريمة هناك.

ذهب الجندي دون إلتفات هذه المرة بينما وقفتُ محدقًا في ظهره متمتمًا...
- أشكرك، إلى اللقاء.
بقيتُ في المنزل بجانب والدتي التي تستعيد عافيتها بينما تزورنا العمة ماري لمساعدتنا.
علمتُ منها أن الجنود قد ذهبوا تاركين الكثير من المأكل والمشرب مساعدةً لأهل المدينة
واعدين بالعودة بعد شهرٍ لجلب المزيد من الاحتياجات.
جلستُ على قمة المدينة أُشاهدهم يغربون عن مرأي عيناي بينما أُفكر بحالنا
وكم كان هذا الشق مرهقًا لنا جميعًا... كم كان الأمر مستنزفًا لمشاعرنا...
وكم كانوا بشرًا أهلكتهم الخسائر مثلنا.
[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 CzKvlzK
[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 ZuaZ7gB

description[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 Emptyرد: [قصة قصيرة]: بين الأنقاض

more_horiz
أهلا داليا 
بمجرد أن عدت أنا للمنتدى اختفيتي
أين أنت يا فتاة؟ XD


كنت قد قرأت القصة من قبل ولم أرد عليها
ولذا عاودت قراءتها  


دوما ما يقع الموطنون ضحايا لاطماع الاباطرة 
وفقط ينظرون لروعة الانتصارات ولا يدركون 
كم من روح وكم من حلم سلبته هذه الحربز


جذبتني طرقة سردك ولأني غالبا شخص كسول
اتعجب من قراءتي لها كاملة
هذا يدل على مدى روعتها



وكم كانوا بشرًا أهلكتهم الخسائر مثلنا.


جذبتني هذه الجملة فغالبا حتى الجنود يكونون مرغمين على القتال
حماية لمن يحبونهم مضطرين لذلك 
مازال فيهم بعض الأشخاص الطيبين
كذلك الجندي الذي ساعد اميليو


شكرا لك مجددا على الرواية الجميلة 
استمتعت بقراءتها

description[قصة قصيرة]: بين الأنقاض - صفحة 2 Emptyرد: [قصة قصيرة]: بين الأنقاض

more_horiz
مرحبـا بكاتبتنا المبدعة داليـا ~
مر وقت طويل لم أقرأ فيه من قصصكِ ، فاتني جزء من روايتكِ لم أقرأه حتى الآن
لذا بتصفحي الآن لمواضيع القسم سيعود لي الحماس لقراءة ما أجلته بالتأكيد !
موضوع قصتكِ هذه المرة يثير تساؤلات عميقة ، عن ماهية الاسباب التي يبررها المعتدين لأنفسهم عند خوض حرب
فبعضهم يرى الامر كمجرد هدف سياسي واقتصادي متبنين ايديولوجيات تجعلهم يعتقدون بأنهم على صواب و مايفعلوه هو مجرد واجب مفروض عليهم
وربما هذا ما كان يفكر به هذا القائد دانيال ، فأين كانت انسانيتكم عند الحرب ؟
تلك المؤن والدعم لن يعيد القتلى ولن يشفي الجرحى لا من جراح اجسادهم ولا روحهم .
لذا أجد الأمر هذا ايضًا ضمن محاولاتهم لتخفيف عذاب الضمير بعد ما حدث
شكرًا جزيلًا لكِ على القصة المعبرة ، سأحب قراءة المزيد  منك بنفس النمطية
 KonuEtiketleri عنوان الموضوع
[قصة قصيرة]: بين الأنقاض
 Konu BBCode BBCode
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
replyإرسال مساهمة في موضوع
remove_circleمواضيع مماثلة