غزة شاهدة وشهيدة وقفت وحدها علامة فارقة أحرجت العالم كله وأجبرته على قلب الرواية (وكالة الأناضول)
طفلان يلقن أحدهما لرفيقه الشهادة، في قلب المستشفى الأهلي المعمداني، حيث المعمودية ليست بالماء، ولكن بروح الطهارة، والقذائف المنهالة نارا على هذه الأرواح الطاهرة النقية، فالنجاة مرهونة بمسار الإيمان والعمل الصالح، طال العمر أم قصر، وغزة شاهدة، وشهيدة على كل ما جرى، وسيجري.
غزة شاهدة، وشهيدة على عجز الإنسان عن صون كرامة أخيه الإنسان، وحفظ حياته، وروحه، غزة شاهدة، وشهيدة على ضعف الإرادة القيمية، والقانونية أمام المصالح الدنيوية، وفي الوقت ذاته، على هزيمة العدو رغم بطشه، وعجزه رغم جبروته، وفشله رغم مضيه قدما في مساره راسما طريق آلام ينقي، ويطهر تلك الأرواح التي تسير فيه قدما هي الأخرى لمسارها السماوي، تاركة هذه الأرض تموج، وتمور.
غزة شاهدة، وشهيدة، ثبتت، واختارت طريقها، ومضت فيه قدما، ومن قلب مستشفياتها، وبيوتها، ومساجدها، وحاراتها قامت، قامت لتعيد للحق نصابه، صرخت بالحق في البرية، ولم يستجب أحد
غزة تعمدت بالدم، عندما اختارت التعمد بالروح، والمرور بالتعمد بالنار، جربت كل المعموديات، ففي الإنجيل عمد يوحنا بالماء، والمسيح كذلك سلام الله عليهما، وبشرا بقادم يعمد بروح القدس، وبالنار، نار الشرع الذي ذكرته ذات مرة كتب العهد القديم، وغزة تمر بكل ذلك، لتمر بالاستشهاد الكافي وحده برهانا على الإيمان، فمداد العلماء يوازي دماء الشهداء، فإذا كان العلماء يعلمون، ويعلمون غيرهم، فالشهداء رأت بصائرهم الحق فثبتوا، فصاروا حاملين لثمرة العلم ذاتها.
غزة شاهدة، وشهيدة، ثبتت، واختارت طريقها، ومضت فيه قدما، ومن قلب مستشفياتها، وبيوتها، ومساجدها، وحاراتها قامت، قامت لتعيد للحق نصابه، صرخت بالحق في البرية، ولم يستجب أحد، لم يواف أحد الهارب بمائه، ولا بخبزه كما يخبرنا سفر إشعياء، ولكن القوس المشدودة للحرب منصوبة في الطرق كلها.
غزة شاهدة، وشهيدة، وقفت وحدها علامة فارقة أحرجت العالم كله، وأجبرته على قلب الرواية، والقول بأن ما جرى خطيئة، لكن عالمنا ليس بريئا من الخطايا حتى يرجم المجرم بحجر، فالكل مذنب، والكل يدرك أن الملفات لو فتحت فلن تغلق، فنكسوا رؤوسهم، ونظروا لقوانينهم التي قدسوها، وطالما جرموا، وحاكموا دولا، وأمما، وأديانا على أساسها، واكتشفوا أن هذه القوانين لا تنطق، فقالوا لغزة: أنت تعلمين أن قوانيننا لا تنطق.
غزة شاهدة، وشهيدة على موت الضمير، لكن قصف المستشفى الأهلي أحرج الجميع، ووخز الضمير، وجعله يستيقظ، ويتساءل، ما الذي فعلته بنا غزة هذه المرة؟
غزة شاهدة، وشهيدة أحرجت العالم، وهي شهيدة، ودمها يجري، فعلت بالعالم ما لم يفعله المنتصرون، ولا المتبجحون، ما أعظم أن تنتصر وأنت قتيل، ما أعظم أن تعلو وأنت مدفون في الأرض
مزجت غزة في مأساتها بين قيم الأديان جميعها، وردت الإنسان لفطرته، وذكرته بكرامة الإنسان المستحقة له بأصل خلقته، فهرعت جماعة من اليهود للكونغرس غاضبة، وخرجت جماهير في أوروبا، وأمريكا مختلطين مسيحيين، ويهودا، ومسلمين، وربما كثير منهم ملحدون أيضا، ولكن الكل خرج لأن شيئا ما خدش الإنسانية، وهزها في أعماقها، وجعلها تتساءل: حتى متى؟
لا يجدي الآن الإنكار، ولا التجاهل، لا يجدي تلاعب المؤسسات الإعلامية بالحقائق، ولا جري المسؤولين الكبار وراء هذه الترهات، لم يعد منطقيا كل ما يجري، سكت الشوفار، والناقوس، ارتفع الآذان قائلا: حي على الفلاح..
غزة شاهدة، وشهيدة أحرجت العالم، وهي شهيدة، ودمها يجري، فعلت بالعالم ما لم يفعله المنتصرون، ولا المتبجحون، ما أعظم أن تنتصر وأنت قتيل، ما أعظم أن تعلو وأنت مدفون في الأرض، فالظاهر خلاف الباطن، والموت في سبيل الحق حياة كما قال شاعر السودان قبل مائة عام:
الموت حق والحياة كفاح .. والموت من أجل الإله حياة
منقول - بقلم: مختار خواجة
طفلان يلقن أحدهما لرفيقه الشهادة، في قلب المستشفى الأهلي المعمداني، حيث المعمودية ليست بالماء، ولكن بروح الطهارة، والقذائف المنهالة نارا على هذه الأرواح الطاهرة النقية، فالنجاة مرهونة بمسار الإيمان والعمل الصالح، طال العمر أم قصر، وغزة شاهدة، وشهيدة على كل ما جرى، وسيجري.
غزة شاهدة، وشهيدة على عجز الإنسان عن صون كرامة أخيه الإنسان، وحفظ حياته، وروحه، غزة شاهدة، وشهيدة على ضعف الإرادة القيمية، والقانونية أمام المصالح الدنيوية، وفي الوقت ذاته، على هزيمة العدو رغم بطشه، وعجزه رغم جبروته، وفشله رغم مضيه قدما في مساره راسما طريق آلام ينقي، ويطهر تلك الأرواح التي تسير فيه قدما هي الأخرى لمسارها السماوي، تاركة هذه الأرض تموج، وتمور.
غزة شاهدة، وشهيدة، ثبتت، واختارت طريقها، ومضت فيه قدما، ومن قلب مستشفياتها، وبيوتها، ومساجدها، وحاراتها قامت، قامت لتعيد للحق نصابه، صرخت بالحق في البرية، ولم يستجب أحد
غزة تعمدت بالدم، عندما اختارت التعمد بالروح، والمرور بالتعمد بالنار، جربت كل المعموديات، ففي الإنجيل عمد يوحنا بالماء، والمسيح كذلك سلام الله عليهما، وبشرا بقادم يعمد بروح القدس، وبالنار، نار الشرع الذي ذكرته ذات مرة كتب العهد القديم، وغزة تمر بكل ذلك، لتمر بالاستشهاد الكافي وحده برهانا على الإيمان، فمداد العلماء يوازي دماء الشهداء، فإذا كان العلماء يعلمون، ويعلمون غيرهم، فالشهداء رأت بصائرهم الحق فثبتوا، فصاروا حاملين لثمرة العلم ذاتها.
غزة شاهدة، وشهيدة، ثبتت، واختارت طريقها، ومضت فيه قدما، ومن قلب مستشفياتها، وبيوتها، ومساجدها، وحاراتها قامت، قامت لتعيد للحق نصابه، صرخت بالحق في البرية، ولم يستجب أحد، لم يواف أحد الهارب بمائه، ولا بخبزه كما يخبرنا سفر إشعياء، ولكن القوس المشدودة للحرب منصوبة في الطرق كلها.
غزة شاهدة، وشهيدة، وقفت وحدها علامة فارقة أحرجت العالم كله، وأجبرته على قلب الرواية، والقول بأن ما جرى خطيئة، لكن عالمنا ليس بريئا من الخطايا حتى يرجم المجرم بحجر، فالكل مذنب، والكل يدرك أن الملفات لو فتحت فلن تغلق، فنكسوا رؤوسهم، ونظروا لقوانينهم التي قدسوها، وطالما جرموا، وحاكموا دولا، وأمما، وأديانا على أساسها، واكتشفوا أن هذه القوانين لا تنطق، فقالوا لغزة: أنت تعلمين أن قوانيننا لا تنطق.
غزة شاهدة، وشهيدة على موت الضمير، لكن قصف المستشفى الأهلي أحرج الجميع، ووخز الضمير، وجعله يستيقظ، ويتساءل، ما الذي فعلته بنا غزة هذه المرة؟
غزة شاهدة، وشهيدة أحرجت العالم، وهي شهيدة، ودمها يجري، فعلت بالعالم ما لم يفعله المنتصرون، ولا المتبجحون، ما أعظم أن تنتصر وأنت قتيل، ما أعظم أن تعلو وأنت مدفون في الأرض
مزجت غزة في مأساتها بين قيم الأديان جميعها، وردت الإنسان لفطرته، وذكرته بكرامة الإنسان المستحقة له بأصل خلقته، فهرعت جماعة من اليهود للكونغرس غاضبة، وخرجت جماهير في أوروبا، وأمريكا مختلطين مسيحيين، ويهودا، ومسلمين، وربما كثير منهم ملحدون أيضا، ولكن الكل خرج لأن شيئا ما خدش الإنسانية، وهزها في أعماقها، وجعلها تتساءل: حتى متى؟
لا يجدي الآن الإنكار، ولا التجاهل، لا يجدي تلاعب المؤسسات الإعلامية بالحقائق، ولا جري المسؤولين الكبار وراء هذه الترهات، لم يعد منطقيا كل ما يجري، سكت الشوفار، والناقوس، ارتفع الآذان قائلا: حي على الفلاح..
غزة شاهدة، وشهيدة أحرجت العالم، وهي شهيدة، ودمها يجري، فعلت بالعالم ما لم يفعله المنتصرون، ولا المتبجحون، ما أعظم أن تنتصر وأنت قتيل، ما أعظم أن تعلو وأنت مدفون في الأرض، فالظاهر خلاف الباطن، والموت في سبيل الحق حياة كما قال شاعر السودان قبل مائة عام:
الموت حق والحياة كفاح .. والموت من أجل الإله حياة
منقول - بقلم: مختار خواجة