في غابة بلا أزهار أزهرت وردة
في ليلة بدرية ممطرة غطى فيها السحاب نور القمر
دخلت قافلة من الرحالة الغابة المشهورة بظلمتها بخوف وحذر وبينما كانوا يعبرونها سقطت وردة من إكليل كان على رأس طفلة صغيرة وداسته أقدام الخيول
سكبت عليه الطفلة بعض الدموع ومضوا في طريقهم إلى المدينة البعيدة
رغم أنها حادثة عادية مؤسفة للطفلة إلا أنها كانت للغابة أقرب للمعجزة
فبعد أيام قليلة من توقف المطر وذهاب الطين واختفاء الوحل نبتت وردة لونها يخالف الأشجار والأعشاب وحتى الحيوانات
تجمع حولها كل الحيوانات ودار بينهم ألف سؤال وسؤال
البومة الحكيمة لا تستيقظ في النهار فلن نعرف ماهية هذا المخلوق حتى تستيقظ
اقترح الحمار أن يأكلها ليعرف من طعمها حقيقتها ولكن - والحمد لله - منعته بقية الحيوانات
أما القرد فاقترح أن يقتلعها ويفصل عنها كل بتلة حتى يحلل أجزاءها وأيضًا رفضت الحيوانات
والفأر يريد أن يقضم منها قطعة والنحل يريد أن يشرب من رحيقها وحتى النمل يريد أن يحفر تحتها
تصدت لكل تلك الآراء الغزالة وعلمت أنهم لن يرضوا إلا بإفساد الوردة ففكرت بحيلة تؤخرهم حتى تستيقظ البومة
فقالت : ما يدريكم ، ربما هذه الوردة مسمومة ألا تذكر يا قرد حين كدت تموت من قضمة واحدة من الفطر المسموم
خافت كل الحيوانات من كلام الغزال وقررت الانتظار للمساء حين تبين الحال
إلا الأفعى ملكة السموم قالت لن يضرني السم ولو كان من أقوى فطر مسموم
ولفت جسدها حول الوردة وفتحت فمها لتأكلها في لحظة
زأر الأسد بغضب وأظهر للكل الكثير من الحنق
كيف تحاول أفعى في غابتي أن تحكم على وردة ولدت في أرضي
فقرر أن يحمي الوردة لغروره لا لحبه لها ونجت الوردة حتى أتى المساء
استيقظت البومة وحولها الكثير من الحيوانات وفهمت في الحال وجود بعض المعضلات
قالت قبل أن يتكلموا: لن أحكم بشيء إلا لو وعدتموني بعدم الاعتراض
وافق الكل مجبرًا ووافق الأسد أخرًا ليثبت أهمية رأيه
سمعت البومة من الجميع وفكرت وهي تدور حول الوردة وهي تهمس بصوت خفيف لا يسمعها غيرها
ثم قالت: أصدرت حكمي ، هذا مخلوق دخيل لن يعرف نوعه إلا الحمام الآتي في الخريف
عين الأسد القرد حارسًا للوردة حتى الربيع وعاشت الوردة بدون إزعاج حتى وصل الخريف
أتى الحمام مع الخريف وقدم تحياته للأسد وبقية مستشاريه
وعرضت عليهم المسألة في اجتماع مغلق بين البومة والأسد وقائد قطيع الحمام
قالت الحمامة: الوردة مخلوق نراه في الشمال ولم نعلم أنه ينبت عندكم
يرافق الورد الأمن والسلام والماء والإنسان
فإن أردتم اقلعوه ؛ فتنجوا من شر الإنسان عليكم
أو اتركوه ؛ لتنعموا بالأمان لديكم
احتار الأسد والبومة بين شر الإنسان وخير الأمان
وتذكروا الصيادين ورماحهم وقاطعي الأشجار ومناشيرهم
وبعد حيرة طويلة وخوف من الوردة الغريبة
قرروا أن تحملها حمامة لطرف الغابة
وأُمرت الأفعى
بأكل الوردة
حين تطأ قدم الإنسان
طرف الغابة