The Best
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

The Bestدخول
●● إعلانـات ●●
إعلانك هنا إعلانك هنا إعلانك هنا
إعـلانـات المنتـدى

إحصائيات المنتدى
أفضل الاعضاء هذا الشهر
آخر المشاركات
أفضل الاعضاء هذا الشهر
94 المساهمات
77 المساهمات
73 المساهمات
49 المساهمات
23 المساهمات
19 المساهمات
18 المساهمات
16 المساهمات
15 المساهمات
11 المساهمات
آخر المشاركات




×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية

description خاتم النبيين  Empty خاتم النبيين

more_horiz
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:


فمرحبًا بكم أيها الكِرام في برنامجكم خاتم النبيِّين، ففيما سبق أيها الأكارم ذكرنا غزوة بني قريظة، وكيف شاركت الملائكة الكرام في بثِّ الرعب في قلوب اليهود؟ وكيف تعامل معهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ وبماذا أيضًا حكم فيهم؟ وما آثار ذلك الحكم العادل، وذكرنا أيضًا فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه.


 


وأيضًا ذكرنا قدوم وَفْد من أشجع على النبي عليه الصلاة والسلام، وإسلامهم، ووصايا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لهم، وذكرنا أيضًا غير ذلك مع ما هو مستفاد من الدروس والعِبَر، وفي حلقتنا هذا الأسبوع نتعرَّض لعددٍ من السرايا والبعوث التي حدثت بعد غزوة الخندق؛ حيث كانت تلك السرايا في العام السادس من الهجرة، فقد قويَتْ شوكةُ المسلمين، وعزَّ شأنُهم، وخافهم القاصي والداني، فحيث فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحزاب وبني قريظة، انكسرت شوكة اليهود وقريش، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الحملات الدعويَّة للقبائل، وأيضًا هي كذلك تأديبية لبعض القبائل التي كانت قد عزمت على غزو المدينة والإغارة عليها، فمن ذلك سرية محمد بن مسلمة في ثلاثين رجلًا بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى القرطاء، وهم بطن من بني بكر، فخرجوا إليهم وقد آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فلمَّا وصلوا إليهم أغاروا عليهم خفيةً، فما كان من هذا البطن إلا أن هربوا وقُتِل منهم عددٌ من الرجال، وأخَذَ الصحابةُ الإبلَ والغنم والشياه غنيمةً، وكان عددُها مائة وخمسين بعيرًا وثلاثة آلاف شاة، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المقاتلين، فإن الله عز وجل سدَّدهم وسلمهم في غزوتهم من أن يُقتَل منهم أحد أو يُؤسَر.


 


ومن ذلك أيضًا تلك السرية العجيبة وهي قد حدثت في جُمادى الأولى من السنة السادسة؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قد زوَّج ابنته زينب زوجها أبا العاص بن الربيع، وذلك في مكة قبل البعثة، وكان أبو العاص آنذاك مشركًا؛ حيث كان في مبدأ الأمر جواز نكاح المشركة للمسلم؛ كما ذكر ذلك ابن كثير، فهاجرت زينب إلى المدينة وتركت زوجها المشرك؛ وهو أبو العاص بن الربيع، فلما كان في السنة السادسة بعث النبي صلى الله عليه وسلم سريَّةً تعدادها مائة وسبعون رجلًا، وهدفها اعتراض عِيْر لقريش يقودُها أبو العاص بن الربيع، وكان حينها على شركه، فأدركوها وأخذوها وما فيها من أموال، وكانت تلك الأموال لأُناسٍ من قريش، وهرب بعضُهم وأسروا آخرين، ومنهم قائد العير أبو العاص بن الربيع، وكان أبو العاص من التجار المعدودين، ومن المعروفين بالأمانة، فلما أتوا بأبي العاص إلى المدينة مأسورًا وقد سلب ما معه من المال، ومكث في المدينة ذهب إلى زوجته السابقة؛ وهي زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلب منها الإجارة، فاستجار بها، وطلب أن تجيره فأجارته، وسألها أن تطلب من أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه ماله، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح صرخت زينب رضي الله عنها قائلةً: أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع، فلما سَلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاة الصبح، قال: ((أيُّها الناس، هل سمعتم ما سمعتُ؟))، قالوا: نعم، قال: ((أما والذي نفسي بيده، ما علمتُ بشيءٍ من ذلك حتى سمعتُ ما سمعتم، إنه يجير على المسلمين أدناهم))، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم فدخل على ابنته زينب رضي الله عنها، فقالت له: "إن أبا العاص ابن عم وأبو ولد- تعني: ابن عمها وأبًا لأولادها- فإني أجرته" وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرُدَّ إليه أمواله التي سُلِبَتْ منه، فقَبِل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استشار السريَّة في ردِّ المال عليه، فقَبِلوا ذلك، فرَدُّوا عليه كل ما أخذوا منه، ثم رجع أبو العاص إلى مكة، وأدَّى إلى كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، ثم قال: يا معشر قريش، هل بقي لأحدٍ منكم عندي شيء؟ قالوا: لا، فقد وجدناك وفيًّا كريمًا، ثم قال بعد ذلك: أمَّا أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرًا في المحرم من سنة سبع من الهجرة، ثم رد إليه النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها على النكاح الأول، ولم يحدث شهادة ولا صَداقًا، فقد ورد ذلك عند الإمام أحمد بسند حسن.


 


وقد كانت زينب رضي الله عنها أسلمت قبله بستِّ سنوات، فإذا أسلم الكافر رجع إلى زوجته بلا عقدٍ ولا صَداق ما دام النكاح صحيحًا بحيث لم يكن بينهما محرمية؛ كالأخت، أو الخالة، أو العَمَّة، ونحو ذلك، وقد أسلم الجَمُّ الغفير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم بتجديد عقودهم، وقد ذكر ابن عبد البرِّ رحمه الله الإجماعَ على ذلك، وقال ابن القيِّم: ولا نعلم أحدًا جدَّد للإسلام نكاحه البتة، وقد ولدت زينب رضي الله عنها من أبي العاص عليًّا وأمامة فقط.


 


ومن السرايا التي بعثها النبي صلى الله عليه وسلم سرية عبدالله بن عتيك رضي الله عنه لقتل سلام بن أبي الحقيق؛ وهو أبو رافع، وقد رواها البخاري في صحيحه، وذلك في شهر رمضان من السنة السادسة من الهجرة، وكان سلام ممَّن أعان الأحزاب على المسلمين في الخندق بالمال والعتاد، وكان يُؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغوا من الأحزاب استأذن الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق؛ لشدة إيذائه للإسلام وأهله؛ لا سيما وأن الأوس قد قتلوا سيدًا من سادات اليهود؛ وهو كعب بن الأشرف، فأرادت الخزرج أن يفعلوا مثلهم في قتل أحد ساداتهم؛ وهو سلام بن أبي الحقيق أبو رافع، فأذِنَ لهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فخرج ستة رجال من الخزرج لتنفيذ تلك المهمة، وكان أميرهم عبدالله بن عتيك رضي الله عنه، فخرجوا إلى خيبر حيث حصن أبي رافع سلام بن أبي الحقيق، فلما قربوا من الحصن وقد غربت الشمس، قال عبدالله بن عتيك لأصحابه: اجلسوا مكانكم؛ فإني منطلق إلى بوَّاب الحصن، ومتلطِّف له، لعلي أدخل، فجلسوا وذهب هو إلى الحصن، فلما أقبل على الحصن ودنا منه جلس متنكِّرًا كأنه يقضي حاجته، وقد أظلمت الدنيا قليلًا، وقد دخل الناس إلى الحصن ولم يعلم به البوَّاب، فظنَّه رجلًا منهم، فقال: هيَّا ادخل؛ فإني سأغلق الباب، يقول عبدالله: فتنكَّرتُ ودخلتُ الحصن، ثم اختفيت في مكان الدوابِّ، فلما تكامل الناس داخلين أغلق الباب ووضع مغاليق الأبواب على الحائط، قال عبدالله: فلما نام القوم بعدما سمروا، أخذت المغاليق وهي المفاتيح، وكلما دخلت من باب من أبواب الحصن أغلقتُه؛ حتى لا يتبعني أحد، فمشيت على تلك الحال في الحصن حتى وصلت إلى مكان نوم أبي رافع سلام بن أبي الحقيق، فإذا هو في غرفة مظلمة قد أُطفئ سراجُها، وفيها هو وزوجته، وحيث كان المكان مظلمًا؛ فإني لا أعلم أين مكانه من مكان امرأته، فقلت مُغيِّرًا صوتي: يا أبا رافع، فقال: من هذا؟ فأهويت بسيفي نحو الصوت، فضربتُه ضربةً؛ ولكنها لم تقتله، فصاح صيحةً شديدةً، ثم خرجت قليلًا، ورجعتُ مُغيِّرًا صوتي وكأني من الجند، فقلتُ: ما بك يا أبا رافع؟ فذكر لي أن رجلًا ضربه بسيف، وحينها فلما علمتُ مكانَه من خلال صوته ضربتُه ضربةً أثخنته وقتلته، ثم خرجت مسرعًا مع درج له، فوقعت قدمي فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة معي، ثم خرجتُ فانتظرتُ حتى أسمع الناعي ينعى قتله وموته، فلما علمتُ ذلك انطلقتُ إلى أصحابي، فقلت لهم: أسرعوا في السير؛ فقد قتل الله أبا رافع، فانتهيتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثْتُه، فقال عليه الصلاة والسلام: ((ابسط رِجْلَكَ))، فبسطت رجلي، فمسحها، فكأنها لم تُصَبْ قبل ذلك؛ أخرج القصة البخاري في صحيحه.


 


أيها الأكارم لعلنا نستنبط مما سبق شيئًا من الدروس والعِبَر، فمن ذلك:


الدرس الأول: كان النبي صلى الله عليه وسلم مهتمًّا بدعوة الخَلْق إلى دين الله تبارك وتعالى، فكان يبعث السرايا لأجل ذلك، ولنا به أسوة وقدوة في دعوة الآخرين إلى الله تعالى أمرًا ونهيًا وبيانًا لمحاسن هذا الدين، واعلم أخي الكريم أن كل مَن دعوته إلى خير فلك مثل أجره؛ حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَلَّ على خيرٍ فله مِثْلُ أجْرِهِ))؛ رواه مسلم، فهذا أبو بكر رضي الله عنه دعا الكثيرين إلى الإسلام ومنهم عددٌ من العشرة المبشَّرين بالجنة، فله مثل ما يعملون.


 


فاجعل لك منهجًا في دعوة الآخرين إلى دين الله عز وجل بقولك وفعلك، ولا تحقرنَّ شيئًا؛ فالداعي والمدعو كل منهم محتاجٌ إلى الآخر، وممَّا يجب أن يتحلَّى به الداعية العلم والحلم والصبر والرفق، فما رأيت من خلل عند أخيك فأتِهِ بالتي هي أحسن، مُوضِّحًا هذا الخَلَل، وذلك في الزمان والمكان المناسبين، فإن استجاب المدعوُّ للداعي فخيرٌ لهما جميعًا، وإن لم يستجِبْ فما على الداعي إلا البلاغ.


 


وابدأ بدعوتك أسرتك الكريمة مُصحِّحًا مفاهيمهم ناشرًا للخير بينهم، وذلك عبر الوسائل المتاحة؛ وذلك مثل الدرس البيتي مع العائلة، فكم له من الأرباح العظيمة التي يجنيها الأولاد! حيث غشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وحفَّتْهم الملائكة، وزاد علمهم، وزال جهلهم.


 


وأيضًا كذلك من الوسائل المتاحة وسائل التواصُل الاجتماعي، فالمدعو يتناولها متى شاء وكيف شاء، وهي تدخل إلى البيوت، وتصِل إلى الأشخاص بلا إذنٍ منهم، فما أيسرَها! وأعظمَ أثرَها! وكذلك من الوسائل المتاحة الأحاديث الثنائية بين الداعية والمدعو، فما أجملَ أثرَها إذا اصطحبها الكلام الطيب والابتسامة والتحية.


 


وكذلك من الوسائل المتاحة إمامة المسجد؛ فللإمام دورٌ كبيرٌ في توعية المأمومين، فكم من الأجور والحسنات يجنيها! من حيث لا يشعر.


 


ومن الوسائل المتاحة التي لا تُكلِّف شيئًا الدعاء للمسلمين بصلاحهم وإصلاحهم، إلى غير ذلك من الوسائل الدعوية المتاحة، فلنستثمر ذلك في خلال حياتنا اليومية؛ لنكون مجتمعًا واعيًا وداعيًا.


 


الدرس الثاني: في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي العاص بن الربيع عندما أجارته زينب مثالٌ كبيرٌ لحسن التعامل مع الآخر؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم عرَف قدْرَه، وقَبِل شفاعة ابنته فيه، وردَّ إليه ما أُخِذ منه؛ ولذلك كان له الأثر الكبير على نفس أبي العاص.


 


الدرس الثالث: أن زينب رضي الله عنها لم تَنْسَ الفضل بينها وبين أبي العاص؛ حيث كان أبو العاص هو زوجها قبل أن تسلم، فعندما أسلمت وهاجرت فارقته، فعندما جاء إليها وطلب منها الإجارة أجارَتْه، وهذا درس عظيم لنا جميعًا؛ ألَّا ننسى فضل الآخرين علينا حتى ولو أخطأوا، والله عز وجل يقول: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237] فنسيان الفضل نوع من الجهل، فإذا أخطأ أحد في حقِّك يومًا ما فلا تنْسَ فضائله الأخرى السابقة، فتعامله من خلال ذلك الخطأ فقط؛ وإنما له عليك فضائل كثيرة، وأعمال جليلة جميلة في السابق، فخذها بعين الاعتبار، ولعلها أن تغطي ذلك الخطأ، أما أن بعض الناس قد يعامل هذا المخطئ من خلال هذا الخطأ الأخير وينسى الفضائل السابقة؛ فهذا نوع من الجهل.


 


الدرس الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبِلَ إجارة زينب وهي ابنته، فلم ينهرها، ولم يعاتِبْها، وهذا من محاسن الإسلام، فالتعامل الحسن بين الناس هو عنوان النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة بإذن الله عز وجل.


 


الدرس الخامس: أنَّ أبا العاص لما رأى تلك المعاملة الحسنة من النبي صلى الله عليه وسلم وابنته زينب رضي الله عنها التي هي زوجته قبل إسلامها؛ دعاه ذلك إلى الإسلام، فأسلم رضي الله عنه، وهاجر إلى النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة، ورد النبي عليه الصلاة والسلام زوجتَه عليه، وما أكثر المواقف في السابق واللاحق التي يسلم من خلالها كُفَّار عندما رأوا تلك التصرُّفات الجميلة والجليلة! ولعَلَّ موقف أبي العاص نموذج لها.


 


ومن نماذج ذلك في الوقت الحاضر هذا الموقف التالي؛ وهو أن شخصًا كان يتاجر في الخضار، وكان في طريقه وهو على سيارته أحدُ المارَّة، فطلب هذا الشخص مِن صاحب السيارة أن يُوصِلَه إلى مكانه الذي يريد، فركب معه، وبدأ يتجاذب معه أطراف الحديث، وأشعره صاحب السيارة أنه مستعجل جدًّا، وأن الوقت عنده ضيق؛ ولكنه ذكر له أنه سيُوصِله إلى مكانه احتسابًا للأجر عند الله تبارك وتعالى، فلما وصل إلى مكانه، سأله هذا الرجل- سأل صاحب السيارة-: كم أُجْرتُك على عملك هذا؟ فقال صاحب السيارة: أنا فعلت ذلك؛ لأنَّ ديننا يأمرنا بالإحسان إلى الآخرين، فأعجب هذا الرجل بهذا التعامل، ثم أبدى استعداده لمعرفة الإسلام، وكيف الطريق إليه؟ فذهب به صاحب السيارة إلى إحدى جمعيات الدعوة وتوعية الجاليات في مملكتنا الحبيبة علمًا أن الطريق مزدحم، والوقت ضيق، ومع ذلك أحسن إليه كل هذا الإحسان، فدخل هذا الشخص على تلك الجمعية، فأخذوا معه بالحديث عن الإسلام وقتًا يسيرًا، وأخذ بعض الكتيبات وانصرف إلى بيته، فلما كان من الغد رجع ذلك الرجل إلى تلك الجمعية ليُشهِر إسلامَه لديهم، وكان يحضر دروس الجمعية، ويقوم بزيارتهم بين الفينة والأخرى، ونقل هو أيضًا بدوره فكرةَ الإسلام إلى أصحابه؛ حتى أسلم مِن بعده سبعةٌ من أصحابه، واستمرَّ على نقله الإسلام للآخرين مع ارتباطه بالجمعية عن طريق وسائل التواصل، وانتقل ذلك الرجل المسلم الجديد إلى بلد آخر، فصار داعيةً فيه، وأسلم على يديه خَلْقٌ كثيرٌ، وكل ذلك وثوابه وأجره في موازين هؤلاء الذين كانوا سببًا في إسلامه، وأولهم ذلك التاجر الذي تعامل معه تلك المعاملة الحسنة، فهذا نموذج مُشرِّف في الوقت الحاضر، وعلينا جميعًا أن نحذو ذلك الحذو في التعامل، فالأفعال لا تقل عن مستوى الأقوال في الدعوة إلى الله عز وجل، وهو ما يعرف بالدعوة بالقدوة، وربما اهتدى أو أسلم أحد بسبب عمل مُشرِّف عملته أنت ورآك ذلك المهتدي من حيث لا تشعر، فَلْنُحاسِبْ أنفسنا في تصرُّفاتنا مع الآخرين، وإذا كان هذا النموذج مع غير المسلمين قد أثر هذا التأثير البالغ، فكيف به مع المسلمين؟! فاستثمروا أفعالَكم وتصرُّفاتكم في دعوة الآخرين إلى ذلك الدين القويم، لتحوزوا مثل أجورهم- يارعاكم الله- ولا يلزم أن يكون هذا مع غير المسلمين؛ بل إن تعديل الأخطاء وتصحيح المفاهيم حتى مع المسلمين هذا هو مطلب كبير، وهو سَهْمٌ كبيرٌ من أسْهُم الدعوة إلى الله عز وجل.


 


الدرس السادس: أنَّ الكُفَّار إذا أسلموا فلا حاجة لتجديد عقود زواجهم؛ وإنما تبقى على عقدها الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُجدِّد عقد أبي العاص لزينب رضي الله عنها، وكثيرٌ من الذين أسلموا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يرِدْ أنه جَدَّد عقودهم، ويقول ابن قدامة رحمه الله: أنكِحةُ الكُفَّار صحيحةٌ، يُقَرُّون عليها إذا أسلموا، ولا ينظر في صفة عقدهم وكيفيته.


 


وقال ابن عبدالبَرِّ: أجمع العلماء على أن الزوجين إذا أسلما أن لهما المقام على نكاحهما ما لم يكن بينهما نسبٌ يُحرِّم أو رضاع، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنهم إذا أسلموا فلا يستأنفوا في عقودهم وأنكحتهم؛ وإنما تبقى على مقامها الأول.


 


وهذا مِن يُسْر الإسلام وسماحته؛ حيث إنه دين مُيسَّر، وهذه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي لنا أن نتدارسَها، وأن نتناقش فيها، وأن نعقد لها الجلسات مع أهلنا وزملائنا وخلائنا ورحلاتنا، وأن نقرأ في كتب أهل العلم عن هذه السيرة العطرة، وأن يكون لنا معها منهجٌ؛ حيث إنها تشتمل على الكثير من الأمور التوعويَّة والتربوية والفقهية حتى في الآداب والأخلاق، ونفعل ذلك تصحيحًا للمفاهيم، وأيضًا لو جعلت أخي الكريم منهجًا لك في قراءة تلك السيرة النبوية العطرة، فماذا لو قرأت في كل يوم ولو مدة عشر دقائق أو صفحة من كتاب؛ فستدرك بذلك شيئًا كثيرًا وجليلًا وجميلًا من هذه السيرة النبوية في وقت يسير، وعلمًا أن هذا العمل الذي تقدمه مهما كان يسيرًا فإنه طلب للعلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَلَكَ طريقًا يلتمِسُ فيه عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ له به طريقًا إلى الجنَّةِ))، وماذا لو جمعتَ الأسرة المباركة الكريمة، وجعلت لهم مجلسًا أو مجلسين في الأسبوع؟ تتحدثون فيه أو فيهما عن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، وتأخذون تلك الأحكام والأخلاق والآداب وما إلى ذلك، وأيضًا تفيدون الآخرين من خلالها، فإن هذا لا شَكَّ أنه عمل تربوي كبير، ينبغي لنا الحرص عليه والتقيُّد به، والحث أيضًا عليه؛ لأنه يُصحِّح أخلاقنا، ويُصحِّح مفاهيمنا، وأيضًا يُصحِّح عباداتنا التي نتقرَّب بها إلى الله تبارك وتعالى، فكم من شخص قد يُصلِّي وفي صلاته خطأ؟ وكم من شخص يتعامل مع أبيه أو أب يتعامل مع أولاده وهذا التعامل خطأ؟ ولو أننا قرأنا وتناقشنا وتحدَّثْنا عن هذه السيرة لتصحَّحَتْ هذه الأعمال، وتناقشنا بما هو فيه خيرنا في الدنيا والآخرة.


 


اللهُمَّ وفِّقْنا لهُداك، واجعل عملنا في رِضاك، ووفِّقْنا لما تحبُّه وترضاه، وصلَّى الله وسلِّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

description خاتم النبيين  Emptyرد: خاتم النبيين

more_horiz
موضوع جميل جدا

بارك الله فيك

 خاتم النبيين  866468155

description خاتم النبيين  Emptyرد: خاتم النبيين

more_horiz
شكرا لك على الموضوع

description خاتم النبيين  Emptyرد: خاتم النبيين

more_horiz
جُزيتِ خيرا
شكرا للمشاركةةةةة  خاتم النبيين  698882594  خاتم النبيين  698882594
 KonuEtiketleri عنوان الموضوع
خاتم النبيين
 Konu BBCode BBCode
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
remove_circleمواضيع مماثلة