يا ليت شعري والمنى بعد
ما حال سكَّانك يا نجد
وكيف دعدٌ بعد أيَّامنا
تبقى لنا دون النِّسا دعد
هل أخفرت من عهدنا في الهوى
بعد النَّوى أم عهدها العهد
لا غرو أن قد غيَّرتها النَّوى
فربَّما غيَّرك البعد
لله يا نجد الظِّباء التي
قيَّدها فيك لنا الودُّ
حيث الهوى الرَّيق لنا خادمٌ
لم يأل جهداً والمنى عبد
وربعك الرَّحب لنا جنَّةٌ
لو أنها دام بها الخلد
والنَّبت جمٌّ ترتعيه حمًى
والماء لا مستكدرٌ رغد
في غمرة القصف لريق الصِّبا
نروح في العيش كما نغدوا
حيِّي الحيا ذاك الزمان الذي
مرَّ به من عيشنا الرَّغد
أيَّام أسعى ومها حاجرٍ
يلفُّني من وصلها برد
لا راقبٌ عيناً ولا مفكرٌ
في الوصل أن يعقبه الصَّدُّ
في فتيةٍ مثل نجوم الدُّجى
كأنهم قد نظموا عقدُ
من كل ظبيٍ قضفٌ قدُّه
لا البان يحكيه ولا الرَّندُ
جذلان راوي الرِّدف ظامي الحشا
يضيع ما بينهما النَّدُّ
يزهي على ريم الفلا جيده
ويزدهي بدر السَّما الخدُّ
واهاً له من زمنٍ سالفٍ
وألف آهٍ لك يا نجد
ومنزلٍ أخلق من نسجه
كرُّ السَّوافي فيه والشَّدُّ
عهدي به برداً قشيب السَّدى
فارتدَّ وهو الرَّيطة الجرد
محت يد الأنواء آياته
إلا بقايا أسطرٍ تبدو
أعجم من معربه شكله
إن حال عقلاً قبله بعد
حتَّى اضلاَّ فيه علمي به
إذ بدِّلت من هضبه الوهد
وقفت عِيسي فيه مستعبراً
أقول آهاً تَعِسَ البعد
إلى هنا بعد ليالٍ خلت
معدودةٍ قد بلغ الحدُّ
هب أن سكانك قد أجفلت
عنك فأين الغور والنجد
لم يبق إلا طللٌ شاخصٌ
كالوشم محَّى جُلَّه الرَّند