حيِّي الحيا معهدنا باللِّوى
حيث هوى النَّفس وغيُّ الصِّبا
وجاده كلُّ هَطولٍ سرت
تحدو به في الأفق ريح الصِّبا
ليلته حتى بدا صبحها
فأقلعت ديمته فانجلى
وقد أشاع الخصب في أرضه
فأصبحت تزهو بزهر الرُّبى
ومدَّ فيها حبراً وُشِّيت
بالنَّبتِ قد كلِّل منها النَّدى
وغادر الغدران في ربعها
تغصُّ بالعذب النَّمير الرَّوا
ولا جفا نجداً ولا حاجراً
كلُّ هزيم الودق هامى الحيا
منازلاً واهاً لأيَّامها
كانت مظنَّات الصِّبا والهوى
حيث الأماني طوع آمالنا
والسَّعد عبدٌ طائعٌ والمنى
لله أيامٌ تقضَّت لنا
بين ذرى الجزع وسفح اللوى
ما كان أهنأ عيشها ليته
دام وليت العمر فيه انقضى
مرَّت كنجمٍ قد هوى ساقطاً
لم يعتلقه الطَّرف حتى اختفى
يا هل معيدٌ لي عيشاً بها
هيهات لا يرجع شيءٌ مضى
ليت ليالينا وأيامنا
كانت لليلات ألالٍ فدا
ويلاه من سرعة تفريقنا
وشَتِّ شمل الحيِّ بعد النَّوى
وآه من وقفة تشييعهم
وقد شرقنا كلُّنا بالبكا
وسارت العيس بأحداجهم
واستودعوا فيها بدور الدُّجى
من كلِّ هيفاء إذا ما بدت
تختال أذرت بغصون النَّقا
خافقة القرطين رُعبوبةٍ
رادِ الوشاحين أناةِ الخُطى
رخيمة الدَّلِّ إذا ما بدت
تسحر باللَّحظ عقول النُّهى
ما ظبية البان على حسنها
إذا تبَّدى جيدها والطُّلا
وظبيِ إنسٍ زارني طارقاً
والبدر لا يبديه إلا الدُّجى
بات يعاطي الرَّاح من ثغره
ممزوجةً بالعسل المجتنى
أشتمُّ من ريحان أصداغه
وأجتني باللَّحظ ورد الحيا
وأجتلي غصن قوامٍ له
أهيَف يحكي بانة المنحنى
لهفي على عيش التَّصابي ويا
آهة قلبي لزمان الصِّبا
حيث الشَّباب الرَّوق يُغري بنا
حفل الظِّبا الغرِّ وسرب المها
كانت عروس الدَّهر أيامنا
طارت بها العنقاء نحو السَّما