السلام عليكم ورحمة الله كيف حالكم جميعًا.. شكرًا مرة ثانية لـ @ρsүcнσ فهذا الطقم برعايتها هذا آخر فصل في المسوّدة لذلك حرفيا من الممكن ألا يكون هناك فصل الأسبوع القادم XD منشغلة جدا هذه الأيام لكن سأحاول على قدر استطاعتي كتابة شيء حتى لو كان قصيرًا. رواية عيون لا ترحم [15] صدمات متتالية! -1- [نور] اتسعت عيناي في صدمة وأنا أنظر إلى ذلك الرجل، والد فيتال، هل أنا أتخيل أم أنه طردني للتو؟! جاء فيتال من وراء الباب ونظر إليّ قبل أن يُغلق والده الباب في وجهي بعنف، سمعتُ صوت فيتال من الداخل يقول: أبي.. انتظر، هذا صديقي نور! _ماذا تقول يا فيتال؟ منذ متى ولديك أصدقاء أجانب؟ ثمّ.. أين تعرفت عليه؟ _ تعرفتُ عليه في بيت المرأة التي اختطفتني. وكان لطيفًا معي جدا هو وأخته! جاء صوت والده بعصبية: أيها الغبيّ! لا تتعرف على هذه الأشكال ثانية! نحن لا نريد مزيدًا من المشاكل، ما أدراك أن هذا الولد مُخادع مثل أمّه؟ هيّا.. أمامي لننُجز ما علينا! يولينا.. هل حضّرتِ الحقائب؟ واختفى صوتهم من خلف الباب، واختفى تنفسي أيضًا.. وظللتُ أمام الباب أقف بذهول! ماذا.. يبدو أن مسألة الاختطاف هذه حقيقيّة؟! أمسكتُ رأسي بشرود وجلستُ مستندًا إلى سور الحديقة القصير..، وعقلي يراجع كل ما حدث البارحة من أولّ لحظة دخل علينا فيها فيتال حتى.. هذه اللحظة! الأمر غريب جدًّا، من البداية والطفل يبدو مرعوبًا! وعندما حكى لي قصته.. فسرتها أمي بالخيالية وأخبرتني أنه مريض! وحتى عندما وجدتُ المسدس كما قال فيتال..وفوجئت بأنه لعبة! اعتقدت أنه ربما رأى فيتال المسدس فظنّه حقيقيًا وبهذا خاف وظنّ نفسه مخطوفًا وألّف تلك القصة! وكان تفسيرًا منطقيا بالنسبة لي جدَّا. كان الأمر لينتهي على ذلك لولا أنني سمعتُ والده اليوم يؤكد قصة ابنه!.. ماذا، لا تقولوا لي أن والده مريض نفسي أيضًا؟! هذا مستحيل..! لحظة.. ألا يمكن أن فيتال خُطف فعلًا البارحة، ولكن قبل مجيئه إلينا مثلا؟! لا لا.. لقد قال فيتال لوالده أنه تعرف علي عند المرأة التي اختطفته، وهي أمي.. ووالده لم يُنكر كلامه أو يعترض عليه، معنى ذلك أن فيتال اختُطف فعلًا.. والمُختطِف كان.. أمّي! حسنًا.. بغض النظر عن ما هو دافع أمي لذلك، ولكن يبدو أن أمي.. هي من اختطفت فيتال في النهاية! السؤال الآن.. هو لماذا؟ وكيف؟ شعرتُ بصداع مؤلم في رأسي، ليس من التفكير في هذه المسألة المعقدة وحسب.. بل أيضًا من قلة النوم أمس! فقد ظللنا نبكي ليلة البارحة حتى الساعة الواحدة ليلًا. أسدلتُ جفنيّ على عينيّ المرهقتين وأنا أحاول الاسترخاء قليلًا، أشعر بأنني تورطت.. في موضوع أكبر منّي. ليس هذا وحسب، منذ الأمس والمفاجأت تهلّ على رأسي حتى شعرتُ بأعصابي قد انهارت! فيتال.. بوارو..آه الصداع يزداد. حاولت التوقف عن التفكير تمامًا، واستنشقت الهواء المنعش و.. يبدو أنني غفوت؟ .. فعندما نظرتُ إلى ساعتي بعدها فوجئتُ بأنني قضيتُ نصف ساعة كاملة جالسًا هنا! حسنًا.. سأذهب للمنزل، أنام، وبعدها أفكر فيما يجب فعله! لا أدري إن كان من الجيد أن أخبر أمي.. أظن أنها ستقدم لي المزيد من التبريرات المنطقية كعادتها. إذن لن أخبرها.. سأحاول التحقيق في هذا الأمر وحدي! وسآتي إلى هنا مرة أخرى في وقت لا يكون فيه والد فيتال موجودًا.. فهو يتعامل معي بعدوانية واضحة. وقفتُ وأنا أمددّ يدي وأتثائب بإرهاق، وسمعتُ صوت فتح باب منزل فيتال خلفي، التفتُّ لأجد فيتال ووالده ووالدته، يجرّون عدّة حقائب ويخرجون من المنزل.. نظر إلي والد فيتال بغضب قائلًا: أما زلتَ هنا؟ ألم أطلب منك الغروب عن وجهنا؟ سألتُه بفضول وأنا أنظر إلى حقائب السفر الكبيرة: هل ستسافرون يا سيدي؟ عقد حاجبيه بضيق ويبدو أنه قرر المشي متجاهلًا قولي، وقفتُ في طريقه وأنا أفتح ذراعيّ لأمنعه من المرور وأنا أقول بإصرار: أرجوك جاوبني.. أنا أريد معرفة الحقيقة! ثم نظرتُ إلى فيتال الذي كان يتطلّع إليّ بنظرة فضولية، وقلتُ له هاتفًا:فيتال، أخبرهم أنني صديقك! حضنت يولينا ابنها وكأنها تريد حمايته منّي وقالت بتوتر: أرجوك ابتعد عنّا أيها الفتى.. سنرحل عن هذه المدينة ونتركها لكم! لكن ابتعدو عنّا وعن ابننا.. عقدتُ حاجبيّ وقد بدأ الانفعال ينال منّي، قلتُ بحيرة منفعلًا: ماذا تعنين؟ لماذا تتركون المدينة؟ قال والد فيتال بلهجة تهديديّة ونظرة حادة: لأنها تحت سيطرتهم، وقد ضقنا ذرعًا من هنا، سنرحل ونتركها لهم..! دفعني والد فيتال بقوة فاستطاع إزاحتي عن طريقه وتقدّم خطوتين فهتفتُ بإلحاح: تحت سيطرة من؟.. ومن الذين خطفوا فيتال يا سيدي؟ أرجوك أخبرني..! توقف قليلًا ثم نظر إليّ ورمقني بنظرة كره وهو يُلقي عليّ قوله كالصدمة، وبصوت خفيض وكأنه لا يريد لأحد أن يسمعه: إجابة السؤالين إن كنت لا تعرف.. هي المافيا.. المافيا الإيطالية! -2- [قمر] كما توقعت، السيد هيثم سيغضب مني على مخالفتي للأوامر، رغم أنني كنتُ أتوقع ذلك لكنني متوترة جدا الآن من لقائه..! قال سامي بعطف وهو ينظر إليّ: قمر. لا تقلقي! السيد هيثم يعلم جيدًّا أنها أول مهمة، وأنك طفلة صغيرة ما زلتِ تتعلمين! .. ولا تنسيْ أنه أول من شجّعك وأخبرك أنه سيدعمك سواء فشلتِ أم نجحت! المهمّ أنه لم يحدث شيء أسوأ من ذلك.. والحمدلله على سلامتك. أومأتُ برأسي ببعض الاقتناع وسكتُّ، وأنا أفكر في داخلي عمَا فعلتُه مع وسن، لماذا أشعر الآن أنني فضحتُ نفسي أمامها؟! يا ربّي، لقد كنت في ذلك اليوم شبه نائمة ولم أفكر جيدًّا قبل أن أفعل ما فعلت! كنت مندفعة بسبب ما رأيته منها في اليوم السابق وتهورت مع مشاعر الكره والضيق لوسن على محاولة قتلها لسامي وانضمامها لتلك المنظمة الجاسوسية..! تبًّا، لو عرف سامي أو السيد هيثم بما فعلتُ، سيلومونني حتمًا.. فقد كان من الخطأ أن أظهر نفسي لها بهذا الشكل الفاضح رغم عدم تأكدي من أنها كشفت هويتي فعلًا.. تذكرتُ تحذير سامي لي بألا أنزع قناع وجهي، وشعرتُ بسخرية مريرة.. لقد ذهبتُ إلى وسن بنفسي وبوجهي الحقيقي لأؤكد لها أن شكوكها فيّ كانت صحيحة.. يا لي من بلهاء! "قمر.. لا تفكري كثيرًا، خذي الأمر ببساطة وإلا لن تستطيعي الاستمرار مع حياة المنظمة بهذه الطريقة!" قال سامي تلك الجملة بضيق عندما رآني أنظر إليه بوجوم. يبدو أن سامي يظنني قلقة بشأن فشلي في المهمّة، ولا يعلم أنني فعلتُ مصيبة أخرى.. قررتُ التكلّم، سأخبر سامي وحسب.. وسأشترط عليه ألا يُخبر السيد هيثم! نطقتُ أخيرًا بتردد: سامي.. وسكتت، تطلّع سامي باهتمام فقلتُ بعد تنهيدة: أنا.. فعلتُ شيئًا فظيعًا! رفع حاجبيه بدهشة وهو يسأل: ماذا فعلتِ؟ فقلتُ وأنا أغمض عيني بانهيار: لقد ذهبتُ إلى وسن.. وكشفتُ نفسي أمامها! نظر إليّ سامي باستغراب وقال: وسن.. من هي؟ آه صحيح، سامي لا يعرف أنها نفس البنت التي قابلتُها في المدرسة! قلتُ له ببطء: وسن.. هي تلك الفتاة التي رمت عليك السكين! اتسعت عيناه بذهول، فأكملت وعلى وجهي الهمّ: إنها في مدرستي.. وهي ابنة جابر الطيب أيضًا! التي قابلتُها في شقّته! وتشاجرنا شجارًا بسيطًا.. لكنها ماهرة في رمي السكاكين مثلك يا سامي. سكت سامي بجمود، وجلس على الأريكة المقابلة بهدوء، ثم قال بلهجة عميقة: ماذا تقصدين بأنكِ كشفتِ نفسك أمامها؟ قلتُ باضطراب: لقد.. صارحتُها بهويتي، وسألتها عن سبب انضمامها للمنظمة الجاسوسيّة.. و.. سكتتُ عندما فوجئت بنظرات سامي. كان يبدو مصدومًا، اكتست وجهه ملامح هادئة مخيفة أشعرتني بالاضطراب أكثر وأكثر! فهمستُ بلهجة مُرتجفة: سامي.. لا تخبر سـيد هيـثم بذلك... بعد صمت لعدة دقائق سألتُه بخوف: سامي؟ ما بك؟ قال سامي وهو يُمسك رأسه ضاحكًا: يا ربّي.. دائمًا ما تضعينني في مواقف محرجة مع السيد هيثم يا قمر! ثم سكت ثانية وكأنه يحاول تمالك أعصابه أمامي، لكنه في النهاية نظر إليّ وأنا أنظر إليه بتوتر، فقال بابتسامة مُجاملة على الرغم من ضيقه الظاهر على وجهه: لماذا فعلتِ ذلك؟ ألم أنبّهك ألا تكشفي هويتك؟.. تلك الفتاة وسن، إن كانت شكّت فيك فلا ريب أنها تأكدت بعد ذلك عندما صارحتِها أنتِ. ابتلعتُ ريقي وأنا أقول: لقد كنتُ أريد معرفة الحقيقة منها.. فقد كنت مصدومة بـكونها تنضم إلى منظمة جاسوسية! أغمض سامي عينيه قليلًا وأخذ نفسًا عميقًا، يبدو أن سامي يحاول منع نفسه من توبيخي! قال بعد قليل بجدّية وهو ينظر مباشرة إليّ: للأسف هويتك كُشفت يا قمر. إن كانت تلك الطفلة وسن من المنظمة الجاسوسية، فعلى الأرجح هم جميعًا الآن يعلمون بانضمامك لنا! لن أخبر السيد هيثم بذلك تلبية لرغبتك، لكن الأمر أصبح خطرًا فعلًا! اتسعت عيناي بذهول عندما تذكرت أن عمّي عضو فيها، يعني.. أن الخبر من الممكن أنه وصل لعمّي؟ يا إلهي.. ماذا فعلتُ بغبائي؟ سمعتُ هاتف سامي يرنّ، فالتقطه من فوق المنضدة وبمجرد أن رأى شاشته حتى توجه للباب وفتحه! ظهر السيد هيثم بهدوئه العميق وألقى علينا التحية.. وابتسم بوقار عندما رآني وأنا أقف وأقول كلمة التحية بتوتر فلم أتوقع دخوله فجأة هكذا.. تذكرتُ فشلي في المهمّة وابتلعتُ ريقي بتوتر وشعرتُ بقلبي يكاد ينفجر من سرعة نبضه الهائلة، ماذا سيقول لي السيد هيثم! اقترب منّي ومسح على شعري بحنان، تسمرت في مكاني ببلاهة عندما قال بإعجاب: عمل عظيم يا قمر في أول مهمة لك! نظرتُ فورًا إلى سامي الذي ابتسم لي وهزّ رأسه وكأنه يقول: ألم أقل لك؟ ثم مضى السيد هيثم إلى غرفة مكتبه قائلًا: سامي.. القهوة المعتادة رجاءً! غمغم سامي: حاضر. ثم سألني بلطف: وأنت يا قمر.. تريدين العصير المعتاد؟ هززتُ رأسي بـ لا، فقال وكأنه لم يسمعني: حسنًا سوف أصنع عصير الليمون إذن! وخاطبني وهو في المطبخ: إذن اسبقيني إلى غرفة السيد هيثم.. سكتت وأنا أستند إلى باب المطبخ وأنظر إليه.. نظر سامي بعد ثوان إلي وقال: ما بك؟ وضعتُ يدي على خدّي المتورّد من مديح السيد هيثم قبل قليل، ثم ابتسمتُ وقلتُ: سأنتظرك حتى تنتهي وأدخل معك للسيد هيثم! تنهد سامي في قلة حيلة وابتسم: ألا زلتِ تخافين منه؟ حسنًا.. لا ألومك، فالسيد هيثم له هيبة فعلًا.. وضع القهوة وكوبين من العصير على صينية صغيرة ودخلتُ معه إلى مكتب السيد هيثم، كالعادة كان مشغولًا بأوراقه، لكنه تركها وهو يبدأ برشف القهوة وأنا جالسة بتوتر أمام المكتب وسامي يجلس أمامي. بدأتُ الحديث وأنا أنظر إلى السيد هيثم: س..سيد... هيثم، أنا... آس.. آسفة! ابتسم السيد هيثم ابتسامة واسعة وسألني: آسفة على ماذا يا قمر؟ دُهشت من ردّه فازداد اضطرابي وقلتُ بحيرة: على ..فشلي.. في المهمّة! ازدادت ابتسامة السيد هيثم ووضع كوبه على المكتب وشبك بين أصابعه وقال بلهجة غامضة: لكن المهمة لم تفشل يا عزيزتي! اتسعت عيناي بذهول واستغراب، ماذا يعني بأن المهمة لم تفشل؟! وكان يبدو من علامات الاستفهام والذهول على وجهي أنني أطالبه بالإجابة، لكن سامي بدا هادئًا وهو يشرب آخر جرعات العصير، نظرتُ إليه بضيق، يبدو أنك تعرف ما يعنيه السيد هيثم يا سامي! ولم تخبرني؟ تبًا لك! ضحك السيد هيثم وهو يضع يده على جهاز محمول قابع في آخر المكتب، قائلًا: جهاز المحمول الخاص بجابر هنا أمامك! هذه المرة لم تتسع عيناي فقط وإنما فتحتُ فمي بذهول، فأمسك السيد هيثم ورقة وناولها لي وهو يقول بابتسامة خاصة: وهذه هي قائمة الأعضاء ومعلومات عنهم.. نفس القائمة التي كانت في الجهاز! أمسكتُ القائمة بـأصابع مرتجفة، وأنا أسأل بانفعال: كيف.. كيف حصلتم عليه؟ هنا جاء دور سامي وهو يقول: لقد كانت مهمّة لنا جميعًا يا قمر وليس لك وحدك.. فابتسم السيد هيثم وهو يقول بهدوئه العميق: لقد كلفنا شخصًا آخر غيرك بأخذ الجهاز المحمول، فبعد الضجة التي فعلتيها نزل جابر وابنته إلى الأسفل ليبحثوا عنكِ وأصاب العمارة هرج ومرج بسبب أن لصّا هرب منها، وتجمع بعض الناس من العمارات المجاورة عندما رأوا الكلب مقتولًا على يد ذلك اللص الذي هرب.. وكان من السهل على أي رجل حينها أن يتسلل إلى شقة جابر وسط الناس الذين صعدوا إلى الشقة مع جابر ليتأكدوا معه أن لا شيء مسروق، واندس رجلنا وسطهم وأخذ الجهاز من بينهم وأمام عيونهم دون أن يشعروا بشيء.. ولم يكتشفوا اختفاء الجهاز المحمول إلا بعدها بفترة! رفعتُ حاجبيّ بدهشة وإعجاب: يا إلهي.. لم أتوقع أن تتصرفوا بهذه الطريقة الرائعة! ثم عقدتُ حاجبيّ وأنا أقول بحذر: لكن.. كيف عرفت يا سيد هيثم أنني.. سأفشل في المهمة؟ هل كنتم تعرفون هذا منذ البداية؟ قلتُ الكلمة الأخيرة بإحباط، فلقد ساورني خاطر أنهم كانوا يفترضون فشلي منذ البداية! ولهذا أعدّوا خطة بديلة. لكن السيد هيثم تراجع في مقعده وهو يبتسم بوقار: لم نعرف طبعًا.. لكنّ لا بد أنك تعلمين أننا نضع جميع الاحتمالات الممكنة! وكان من ضمنها ألا تتمكني من فعل ذلك، فكلفنا شخصًا آخر ليكمل مهمّتك معتمدًا على الضجة التي ستصنعيها.. أي أن مهمّتك لم تفشل! وإنما كانت المفتاح الذي اعتمد عليه رجلنا الآخر لتنجح المهمّة الأساسية! ثم أرسل نظرات مُطمئنة إليّ وهو يقول برفق: لا تظنّي أبدًا أننا افترضنا فشلك منذ البداية! وإنما كنا نضع حلول لكل السيناريوهات التي من الممكن أن تحدث. ولم يكن هناك ضرورة لإخبارك بذلك، ففي عملنا كل شخص له دور محدد عليه أن يعرف ما يكفي لإنجاح دوره وحسب. ولا نحتاج أن نخبره بالخطة الكاملة.. لذا حتى سامي لم يكن يعرف! لقد عرف بعد ذلك. ابتسم سامي ونظرتُ له بلوم مازحة: كنت تضحك عليّ يا سامي! قال سامي بلطف: لقد كنت أخفف عنكِ. أما الحقيقة فقد كان السيد هيثم يريد أن يخبرك بها بنفسه. شعرتُ برضا داخلي في نفسي ونظرتُ بحماس إلى الورقة التي في يدي، فعلّق السيد هيثم: هذه القائمة التي استخرجناها من الحاسوب، للأسف لم نجد عليه أية بيانات مهمة سوى هذا! كان الجهاز يحتوي بعض ملفات الصور لجابر وعائلته وبعض الملفات المتعلقة بالتعليم المدرسي وما إلى ذلك.. ولم يكن هناك أي شيء مهم بالنسبة لنا سوى هذا الملف الذي كان محميا بكلمة مرور سرّية وشديدة التعقيد، وقد عانينا في فتحه ومحاولة الدخول إلى ما يحمله من بيانات، ولولا أننا استعنّا بخبير إلكتروني لما تمكننا من هذا أبدًا.. نظرتُ له بانبهار، وعدتُ ألقي نظرة إلى قائمة الأعضاء المكتوبة في الورقة وأنا أغمغم: إذن.. هذه قائمة أعضاء المنظمة الجاسوسية.. وأكملتُ في داخلي بحقد: التي قتلت أبي..! سكت السيد هيثم وسامي ليعطياني بعض الوقت لأقرأ ما في الورقة، كان فيها أسماء لأعضاء عدّة مع بيانات عنهم، عناوينهم أو أماكن عملهم وأرقام هواتفهم..! كنت أتجاوز جميع الأسماء التي لا أعرفها طبعًا، وينتقل بصري إلى الاسم التالي بلهفة متوقعة أن أرى حروف اسم عمّي في أي لحظة! والشيء الطريف الذي خطر على بالي حينها، أن اسم أبي "آسر" إذا كنت سأجده في هذه القائمة فسأجده في أعلاها لأن القائمة مرتبة ترتيبًا أبجديًّا، واسم عمّي "ياسر" سأجده في أسفلها لأنه بحرف الياء، يا الله حتى في بداية حروفهما عكس بعض! نظرتُ مباشرة إلى آخر الأسماء، عامر نجيب.. وليد كمال.. ي.. لا يوجد أي اسم بحرف الياء! قلبتُ الورقة على ظهرها لأرى إن كان هناك تكملة، ولذهولي الشديد.. لم أجد أي أسماء إضافية! هذه القائمة.. ليس من ضمنها اسم عمّي أبدًا! نظرتُ بخيبة أمل وانهيار إلى السيد هيثم وهمستُ: ا...اسم عمي.. ليس بينهم! نظر إليّ بجدّية قائلًا: بالطبع، لن يكشف نفسه بسهولة أمامنا.. ثمّ ضيّق من عينيه وقال بهدوء مخيف: ولكنني أعدك، أنه لن يفلت من بين أيدينا.. وسنكتشف علاقته بهذه المنظمة الجاسوسية إما عاجلًا أو آجلاً! حتى لو اضطررتُ إلى استجواب جميع هذه الأسماء في القائمة اسمًا اسمًا! وسأعرف صلته بكل فرد منهم! -3- [سامي] تأملت نظرات الكراهية التي حلّت على عيني السيد هيثم في تلك اللحظة.. إنه يكره عمّ قمر حقًا! لكنه أخفاها سريعًا وهو يقول لقمر بلهجة عميقة: سأكلّف أعضاء منظمتنا بالتحري عن جميع الأسماء في هذه القائمة. فابتسمت قمر بتوتر وظهر على وجهها الأمل وهي تغمغم: و.. أنا؟ هل ستكلفني بمهمة مشابهة؟ يبدو أن قمر تريد الحصول على مهمتها الثانية قريبًا. سكت السيد هيثم في حين تنحنحتُ أنا وتحاشيت النظر إلى قمر وأنا أقول إلى السيد هيثم: سيد هيثم.. من الأفضل لقمر.. ألا تخرج في أي مهمة لمدة شهرين قادمين على الأقل! قالت قمر بخيبة أمل معترضة: سامي..! بينما نظر إليّ السيد هيثم باهتمام واضح وقال بهدوء: ماذا تقصد يا سامي؟ سكتتُ عدّة ثوان واختلستُ نظرة إلى وجه قمر المُحبط والتي تُرسل إليّ نظرات استغاثة وكأنها تقول لي " لماذا تقول ذلك؟ " لكنني لم أتراجع وقلتُ بجدّية: لقد أدركتُ ذلك في مهمتنا الأولى.. قمر لا تزال صغيرة على مثل هذه المهام، وكما تعلم يا سيد هيثم.. لقد دربّتها على الهرب والدفاع عن نفسها ليس لتنفذه في المهمات بإرادتها، وإنما لتستفيد به عند الحاجة.. لكن لا يوجد سبب يدفعنا لإلقاءها في وجه المدفع فقط لأننا نريد زيادة خبرتها وتدريبها.. ابتلعتُ ريقي بتوتر وأنا أكمل عندما لمحت نظرات سيد هيثم الحادةّ: كما أن ما حدث في مهمتها الأولى، أن اكتشفها جابر وابنته، لقد عرفوا أن هناك فتاة صغيرة منضمة لنا وإن كانوا لا يعلمون من هي، مسألة سرقة جهاز المحمول لجعل القضية تبدو وكأن قمر فعلا مجرد لصّة هي مسألة ساذجة ولا أظنّهم بهذا الغباء، وإن كان عمّها له علاقة بهم فسيشك فيها على أقل تقدير، وربما يتخذ إجراءات مضادة سواء بالنسبة لنا أو لقمر كأن يمنعها من الخروج مثلًا.. وهذا ما لا نريده أن يحدث! ظهر على وجه سيد هيثم الاقتناع رغم نظراته الحادّة التي وجهها لي في البداية، وحملق بي طويلًا مما زاد ارتباكي على غير العادة أمام قمر، فقليلًا ما أفصح عن رأيي للسيد هيثم وهو نفسه لم يعوّدني على ذلك، لذلك كنت معظم الوقت أنفذ وحسب، ولهذا تشعرون بتوتري الكبير الآن. أما قمر فعقدت حاجبيها بقلق وهي تنقل نظراتها بيننا. بعد دقيقة سكوت من السيد هيثم فوجئت بابتسامة على وجهه، وهو يقول بإعجاب: رائع يا سامي.. أنت تفكر بطريقة منطقية! زفرتُ بارتياح وشعرتُ بوجهي يحمّر من مدح السيد هيثم المُفاجئ، فقال السيد هيثم وهو ينظر إلى قمر بإشفاق: كما قال سامي يا قمر.. فقد فكرت بنفس طريقته، ووجدتُ أنه من الأفضل ألا نكلّفك بأية مهام في الوقت الحالي.. حتى لا يزداد شك عمك فيك أيضًا. يكفي أن تستمري على تدريبك مع سامي لعدّة شهور.. ونستمر نحن بالتحري حول أعضاء المنظمة الجاسوسية، ولا تقلقي سنوافيك بالأخبار أولًا بأول. كان يبدو على وجه قمر عدم الرضا لكنها أومات برأسها في استسلام قائلة: كما تريد يا سيد هيثم. -4- [قمر] هذا أول يوم لي بعد انتهاء إجازة منتصف العام، ضحكتُ بحماسة وشوق وأنا أسلّم على نسرين وعائشة ونحتضن بعضنا البعض بحرارة وكأننا لم نتقابل لسنوات! وبدأنا نتبادل الحديث عما فعلناه في الإجازة فرحين وفي كل دقيقة نجد شيئًا نضحك عليه، ابتسمتُ من داخلي بسعادة، كم أنا ممتنة لعودة المدرسة. فقد عانيتُ كثيرًا في الإجازة. صحيح أنني كنت أذهب إلى تلك الدورة المكثفة للمراجعة، لكن كانت تنتهي على الظهر وكنت دائمًا ما أجد نفسي فارغة في الوقت الباقي.. أحبس نفسي في غرفتي أحيانًا كثيرة، أحاول إشغال نفسي بالقراءة أو بفعل بعض التمارين. كانت أماني تتصل عليّ بين الحين والآخر تطمئن عليّ وتطلب مني أن أذهب إليها! لكنني كنتُ محرجة منها ومن زوجها جميل.. ماذا سيقول عن هذه الطفلة التي لم تكبر ولم تستطع احتمال بُعدها (والتي هي أنا)؟ حسنًا، سوف أعترف.. الأمر بالنسبة لي حساس جدا ليس لأجل جميل وحسب وإنما لأجل ما صارحتني به دانة في تلك الليلة عندما كنتُ جالسة على كرسي هزاز أمام المسبح.. قالت لي ببجاحة فجأة وهي تقف فوق رأسي: قمر.. ما فعلتِه في حفل زفاف أماني أثبت لي أنك ما زلتِ طفلة! وضحكت بهزء قائلة: تتعلقين برقبتها وتصرخين باكية مثل الأطفال الرُضّع، ماذا؟ هيا أخبريني متى ستذهبين إليها لتأخذي منها زجاجة الحليب وتغيّر حفاظاتك؟ وأطلقت ضحكة عالية وهي تمضي.. كنت مصدومة بما قالته ولم أستطع حتى الردّ عليها، أحقّا تظنّ أماني فيّ ذلك؟ أطرقتُ بحزن، لعلّ أماني لا تظنّ ذلك لكن جميل يفكر هكذا.. وعمّي أيضًا، فهو من منعني من اللحاق بها. تمامًا كما يمنع براءة أحيانًا من اللحاق بباسل أو دانة عند خروجهم للمدرسة! هذا لا يعني أنني لستُ مشتاقة لأماني، فقد أوحشتني جدًّا! إنها أول مرة لي لا أراها منذ أسبوعين..! صارحتُ سامي بما حدث عندما لاحظ حزني في إحدى الأيام، فأخبرني بلطف أنه من غير اللائق فعلًا أن أذهب لعروسين وهما ما زالا في "شهر العسل" كما يقول! صحيح أنني شعرتُ بإحراج أمام سامي وخفتُ أن يعتبرني طفلة، لكن يبدو أن الجميع متفق على أن هذا من العيب! تبًّا.. ولهذا شعرتُ بإحراج شديد كلما دعتني أماني لزيارتها وتحججتُ بأنني مشغولة. لكنني اشتقتُ إليها جدا.. وفي نفس الوقت من المستحيل أن أطلب منها أن تأتي، فهي لم تعد أماني التي أعرفها، أصبحت متزوجة الآن، ولا شك أنها ستذهب وتأتي تبعًا لظروف زوجها. شعرتُ بغصة مؤلمة عندما تذكرتُ ذلك، وسرحتُ في ساحة المدرسة ونحن نمشي في الممر المؤدي إلى الفصل، هزتني نسرين برفق وقالت مازحة: فيمَ تسرحين؟ هل تفكرين في عبيدة؟ ابتسمتُ ابتسامة باهتة وقلتُ لها: من هذه الفتاة الحمقاء التي قد تفكر بولد كهذا؟! قالت نسرين: يا إلهي.. أنت ما زلت على كرهك لهذا الولد! صدّقيني إنه ولد أشهم مما تظنّين. هززتُ رأسي: هه، لا لن أصدقك يا نسرين. فما أعرفه عنه أنه مجرد ولد مزعج يضرب لأجل المال وحسب! وسبقتها إلى الفصل وأنا أسمعها في الخلف تبدأ أسطوانتها المتكررة في الحديث عن أمجاده وبطولاته وأنه أنقذها من حادث سرقة و... وفوجئت بعائشة فتحت باب الفصل وتنظر نظرات مصدومة إلى الداخل.. هززتُ كتفها: ما بكِ يا عائشة؟ التفتت لي بوجه ممتقع: قمر.. كراسينا وطاولاتنا..! وأشارت بإصبعها لألقي نظرة بدوري حيث تشير وفوجئت بأن كراسينا وطاولاتنا غير موجودة..! في حين جسلت بقية الطالبات بهدوء على طاولاتهن.. وهن يتجاهلننا تمامًا! دلفتُ إلى الداخل ووقفت أمام السبورة وقلتُ بأعلى صوتي: أين طاولاتنا يا بنات؟! لم يرد علي أحد وكانت كل مجموعة من الفتيات تتحدث مع بعضهن البعض، ضربتُ السبورة بيدي هاتفة: أنا أتكلم.. ردّو عليّ! سكتت إحدى المجموعات والتفتت لي سُعاد، سعاد هي إحدى الفتيات المتفوقات في الفصل معي، نظرتْ إليّ ببرود وقالت: لا ندري..لا تغضبي علينا فهي مشكلتكم أنتم! شعرتُ بضيق من ردّها البارد، وقبضتُ على يدي بغضب. وخرجتُ مسرعة من الفصل، قابلتني عائشة ونسرين وهما تقفان على الباب وسألتني عائشة بقلق: ماذا ستفعلين؟ بحثتُ بعيني في أرجاء الممرات والساحة الواسعة: أليس هذا واضحًا؟ سنبحث عن طاولاتنا وكراسينا..! في مدرستنا توضع لاصقة مكتوب عليها اسم الطالبة على كل كرسي وطاولة، ولهذا السبب لا يمكن لأي طالبة أن تسرق كرسي زميلتها مثلا إذا اختفى كرسيها.. وإن كان هناك بعض الطالبات اليوم غائبات وأماكنهن فارغة فلا يمكننا أخذ كراسيهم فهم سيعودون ويطلبونها! صحيح أننا يمكننا أخذها بشكل مؤقت حتى نشتكي للمعلمة وتحضر لنا كراسينا لكنني كنت غاضبة في هذا الوقت ممن فعل ذلك بنا. إحداهن قامت بإبعاد كراسينا.. وعن قصد! سرعان ما وجدت عدة كراسي وطاولات في جزء مركون من الساحة، نزلتُ بسرعة وبمساعدة نسرين وعائشة نقلناهم للفصل فقد كانت هذه تخصنا فعلًا.. وكأنهم يقولون لنا: اخرجو من فصلنا لا نريدكم..! هذا الموقف من بداية الترم الثاني، أشعرني بأن التنمر الذي عليّ قد أخذ منحنى جديدًا. كان عليّ وحدي في البداية والآن على نسرين وعائشة أيضًا! لقد حذرني سامي من ذلك سابقًا.. عضضتُ على شفتيّ بغيظ، أقسم أنني سأجعلها تندم.. تلك التي فعلتْ ذلك! ولو حاولت إحداهن التنمر ولو بكلمة على نسرين وعائشة فسأقطع لسانها هي الأخرى.. سمعتي أصبحت مشوهة على أية حال ولا فرق إن ساهمتُ في تشويهها أكثر من ذلك! في الفسحة خرجتُ من الفصل بشرود، تعامل فتيات الفصل معنا اختلف. فلم يعد ذلك الجو المرح، ولم يخاطبننا بأي كلمة! هل من المعقول أن خبرًا كهذا يجعلهم يقاطعونني ومعي صديقتيّ أيضًا؟ أصبحت عائشة أكثرنا توترًا وقلقًا. أثر التنمر عليها أكبر بكثير منا! فهي أرق واحدة فينا. نسرين صاحبة زعيم عصابة الضرب! وأنا.. ابتسمتُ وأنا أهمس لنفسي بحب: وأنا عضوة في منظمة جيمس.. منظمة أبي! على ذكر منظمة أبي، صحيح تذكرتُ وسن.. أريد أن أذهب لألقى نظرة عليها، هويتي مكشوفة في جميع الأحوال.. على الرغم من أن سامي تضايق من ذلك، ولكن لا مانع من أن أتجاذب معها أطراف الحديث لمرة ثانية. وأسألها عمّا قصدته في جملتها السابقة! أظن أن من عادتها أن تفطر في الفصل، أسرعتُ في خطوتي لأنفذ وأنا أفتح باب الفصل وأدخل.. كانت هناك مجموعة من الفتيات كالعادة يفطرن، نظرن إليّ بهدوء عندما تلفتتُ أبحث بينهن عن وجه وسن، قلتُ: ألا تعرفن أين وسن؟ توقفت إحدى الفتيات عن مضغ شطيرتها والتفتت إليّ قائلة بهدوء: وسن انتقلت من المدرسة. اتسعت عيناي بدهشة: إلى أين؟ ردّت عليّ واحدة أخرى: سافرت إلى أمريكا.. والدها يملك شركة خاصة هناك! فتحتُ فمي بذهول، هربت؟! وسن..هكذا إذن، لقد خافت مننا فهربت، الجبانة هي ووالدها ذلك! شعرتُ بحنق غريب، المفترض أن هروبها يدل على قوة منظمتنا، ولكن لماذا أشعر بالضيق؟ ألأنني كنت أتمنى مواجهتها ثانية وسماع سببها في الانضمام لمنظمة جاسوسية؟ لا أدري..! لكن. بكل تأكيد ها هو طرف خيط قد ضاع منّي.! نزلتُ إلى الساحة وأنا أفكر بشرود، لقد أعطيتُ عائشة نقودي لتشتري لي معها بعض الشطائر، سأقف أمام مقصف المدرسة لأنتظرها.. فيبدو أن ضيقي تحول لجوع وها هي عصافير بطني تزقزق! ركزتُ على جموع الفتيات المتزاحمة أمام المقصف وحاولت إيجاد عائشة بينهن، ها هي، ضفيرتها البنيّة الجميلة التي تنتهي بربطة حمراء لطيفة، هذا يؤكد أن هذه هي رأسها من الخلف! يبدو أنها وصلت إلى النهائيات.. أقصد، إلى شباك البائعة، فلا أدري ما السبب الذي يجعلهم يتزاحمون بهذه الطريقة الهمجية بدلًا من الانتظار في طوابير منظّمة..! عجبًا. ركزت على رأس عائشة من الخلف نظرًا لأنها قد تلتفت لأي لحظة تسألني عما كنت أريده إن كانت هي قد نسيت، وفوجئت بشيء غريب يحدث.. من الفتيات اللواتي حولها! كانت تتزاحم بدورها معهن، لكن فوجئت بأكثر من واحدة تضرب عائشة بعنف في ذراعها و في رأسها! اتسعت عيناي بخوف وأنا أرى الأمر يتطور وعائشة تهتف: أيتها الحمقاء.. ضربتِ رأسي قبل قليل؟ رفعت الفتاة ذراعها وضربتها مرة أخرى على ظهرها وهي تقول: آسفة بغير قصد! وجاءت مجموعة من الفتيات اللواتي يملكن جسمًا أضخم من عائشة نوعًا ما ووقفوا أمامها وحجبوا الرؤية عني.. المنظر لأي شخص يراه قد يظنّه تزاحمًا طبيعيًا بين فتيات يشترين إفطارهن وحدثت بينهن مشكلة بسيطة بسبب التدافع. ويعتقد أن عائشة ستخرج من بين هذا الزحام بعد قليل ظافرة بالمشتريات التي طلبناها.. لكن لأنني أعلم، أنه من الممكن أن يكون هذا تنمرا! فقد احمرّ وجهي بغضب وأنا أتجه إلى الجموع.. وأسمع صوت عائشة تقول بألم: آآ.. أيتها الغبية! توقفي عن ضربي بدون سبب. هذا واضح عائشة تتعرض للضرب الآن بحجة أن الجميع في تزاحم! دفعتُ مجموعة البنات التي دخلتُ وسطهن بقوة، وهتفت بقلق: عائشة، أين أنتِ؟ رأيت رأس عائشة تحت رجل واحدة منهن! لقد ألقوا عائشة بالأرض وهم يستلمونها بأرجلهم الآن. هممتُ بالذهاب إليها وفوجئت بصوت فتاة غليظة الجسم خلفي وهي تقول بسخرية: أهلًا يا قمر.. لدينا لك هدية بسيطة من سمير أرجو أن تقبليها! تبًّا. سمير؟ هذه هي الحكاية إذن! أتبعت قولها بأن وضعت يدها الضخمة على فمي وهي تركل ساقي لتجعلني أسقط تحت أرجل البنات، ليستطيعوا ضربي بسهولة بأرجلهن دون أن يثيروا أي شك مستغلين هذا الزحام (الطبيعي) الذي يكون دومًا أمام المقصف! كانت حركتها مفاجئة لي، والزحام والتدافع الرهيب جعلني لا أستطيع تحريك ذراعيّ للدفاع عن نفسي كما ينبغي! وفوق كل هذا يدها الضخمة.. تكتم أنفاسي! احم.. لا أدري لماذا أشعر أن فصل اليوم أحداثه عشوائية نوعًا ما XD لكن أخبروني إن كان الفصل مبعثرًا بالنسبة لكم أم لا وأخبروني توقعاتكم لما سيحدث في الفصل القادم.. هل ستنجو قمر؟ وماذا سيحدث مع نور؟ [/color] |