السلام عليكم و رحمة الله و بركاته كيف أحوالكم؟ إن شاء الله تمـام ~ هذا الفصل سيملئ بعض الفراغات كما ستلاحظون بما أنني انشغلت مع أحداث رايلي في الفصل السابق كالعادة شكرا لـ آكا-تشين على التدقيق و المراجعة استمتعوا ~ لينا. واصل رايلي سرد ما حصل أثناء غياب لينا، عن الحكم النهائي بأن معاناته لثمانية عشرة عاما اعتُبرت عقابا كافيا، خصوصا مع الخطأ الذي ارتكبه تورسييل، و أُغلق الموضوع. لينا تعجبت في البداية كيف يمكنهم العودة للتوافق بتلك البساطة، لكنها تذكرت العائلات التي عرفتها خلال حياتها، و كيف يعودون لروتينهم المعتاد بسرعة مذهلة مهما كان شجارهم حادا... افترضت أن الـ فان عائلة بعد كل شيء. أكمل رايلي حديثه عن كيف قضى الساعات التالية برفقة آني و موريت، يطلعانه على آخر المستجدات، بعد أن كان لويراف أول من يرحل، آخذا معه آيفيرا عندما طلبت منه ذلك، و يايث قد أخذت تورسييل تاركة رايلي مع الاثنين الباقيين. خلال ذلك حصل راي على قصة شعر لم تهتم لينا بملاحظتها أو التفكير فيها سابقا، لكنها أخبرته الآن أنها تناسبه للغاية. كما و بما أنه الآن يملك الحرية في اختيار ملابسه، فقد تخلى عن طراز السحرة و استبدله بما بدا مظهر طالب مرموق. [ رايلي ] : هنا أصبح رايلي على علم بموقفهم الحالي. أن عودة الـ فان لا تزال سرا بالنسبة للمواطنين، و أنهم يحتجزون رهينة، دوريان رورك، الذي رفضوا إطلاعه على سبب احتجازه. أخبروه قليلا عن بيتر بازيلتون، مضيفهم الكريم الجذاب، كذلك رافضين الإفصاح عن التفاصيل. -"ما الذي ستفعله الآن؟" سألت لينا التي سارت بجانبه بعد اقتراحها أن يتجولا في البستان. كبس رايلي شفتيه قليلا قبل أن يرد: -"الآن و قد علمت أنهم لا يستهدفون الأبرياء... سأحارب الحكم الظالم، حتى إن عنى ذلك أن أفعلها بجانبهم." ضمّت لينا أصابع يديها خلف ظهرها و ابتسمت، مبقية عينيها على ما حولها. -"سعيدة لأننا مازلنا في صف واحد." قالت بخفة. قضت بقية اليوم برفقته تخبره عما حصل معها أثناء غيابه، كيف أن معظم الـ فان كانوا محترمين معها، عدا موريت بالطبع. رايلي ضحك على ذلك، الآن واقف في شرفة لينا التي تطل على البستان، مرفقاه على الحافة. -"لا تأخذي الأمر على محمل شخصي، إنه وغد بشكل عام." -"لاحظتُ ذلك." قالت لينا بنوع من الانزعاج. -"هو ليس مخطئا تماما كما تعلمين... لا يمكنكِ هزيمة الشر دون أن تلطخي نفسكِ به." لينا لم تنظر نحوه، يداها كانتا على ذراعيها و كأنها تحمي نفسها من البرد، و صوتها كان هادئا في حزن كصوته عندما ردت: -"أعلم ذلك... لكنني لا أزال أخشى قدوم ذلك اليوم، لذا ليس بيدي سوى الاستنكار." -"إذن، من تفضلين من بين الـ فان؟" سأل رايلي مغيرا الموضوع بابتسامة طبيعية. -"أنت يا راي، بالطبع!" أجابت لينا مشيرة نحوه بسرعة غير طبيعية، وجنتاها تحمران، فقد خطر على بالها اسم آخر. رفع رايلي حاجبيه. -"شكرا لك، و لكنني لا أُحتسب." هذه المرة تظاهرت لينا و كأنها تفكر في الأمر، بينما تحاول منع ذلك الاسم من مغادرة شفتيها. -"يايث!" نطقت أخيرا. "ماذا عنك؟" أضافت بسرعة قبل أن يتسنى له سؤال آخر. قال بعد ضحكة قصيرة: -"يايث كذلك،" تفاجئت لينا قليلا كونه لم يتردد في الاختيار، "و موريت." -"هـــاه؟! موريت؟" رفع رايلي حاجبا و كأنه تعرض للإهانة. -"إن أهنتِ ذوقي فستهينين نفسكِ و حسب كما تعلمين ~ " سخر مبتسما. الصوت صوت راي و الوجه وجهه، لكن تلك الجملة و تلك النبرة، تلك الابتسامة... بدأت لينا ترى الشبه بينه و بين موريت. تنهدت في انهزام ثم قالت محدقة لما خارج الشرفة، يدها على جانبها: -"أفترض أنه ليس سيئا لتلك الدرجة إن كنتَ تحبه." -"أنتما متشابهان لحد ما." عندما نظرت نحوه كان قد استعاد ابتسامته الدافئة المعتادة. -"كيف هذا؟" سألت لينا بنوع من الانزعاج. أغلق رايلي عينيه في ابتسامة بريئة نقية، ثم قال: -"كلاكما هائجان مستعدان لحرق كل شيء يقف في طريقكم ~ " أحكمت لينا إغلاق قبضتيها و شعرت باحتراق خديها بينما يواصل بصوت خافت: "و إن كانت أسبابكما مختلفة..." طوت لينا ذراعيها بعناد الآن و تمتمت: -"قد تكون محقا." لم تنضم للـ فان و بيتر على العشاء تلك الأمسية، و لم تهتم إن اعتبرها أي منهم وقاحة، ليس عندما قضت وقتها أحيانا تحادث رايلي كما فعلت في أيام رحلتهم للعاصمة، و أحيانا أخرى يتشاركان الصمت المريح، إلى أن حان وقت الخلود للنوم، ليقفز رايلي من شرفتها إلى شرفته، و التي طلبت من بيتر شخصيا أن يجعلها مجاورة لشرفتها. استيقظت لينا في صباح الغد و هي تعرف تماما ما ستفعله بأولى ساعاته. دوريان. تورسييل لم يزره بالأمس، و لم يظهر نفسه هذا الصباح حتى الآن. أخذ يخوض في احتمالات ما سيحصل لو أن موريت أخلف وعده و تكلم بخصوص ما يعرفه، لكن هدف موريت لم يُحقق بعد، لذا دوريان شبه متأكد بأنه لم يقل شيئا. -"لم أكن واثقا أي الاثنين يدعمك، لورد دوريان،" كان موريت قد قال ساخرا تلك الليلة، "الفتاة الجديدة، أم مضيفنا الكريم." دوريان تصلب في مكانه كما تصلبت ذراع بيتر المحاطة بكتفيه، متسائلا عن دخل الفتاة الجديدة بالموضوع. هز موريت يديه في حركة نفي ساخرة قبل أن يواصل: -"لكن يبدو أن الفتاة الذئب لطيفة بشكل مزعج و حسب، بينما صديقك هنا—" أشار بسبابته نحو بيتر، "قد خاطر بمصالحه لأجلك على العشاء. كدت أقتلع عنقه بصراحة." أضاف الجملة الأخيرة بقهقهة خفيفة. بيتر الذي استعاد اعتداله أخيرا قال مبعدا ذراعه عن دوريان بهدوء: -"ما الذي تتحدث عنه، موريت؟ لقد انتهكتَ قواعدي، من الطبيعي أن تكون ردة فعلي—" -"لا تحاول حتى." اختفت الابتسامة من وجه موريت، عيناه الآن لون أحمر نقي. "لا أهتم إن كان صديقك أو زوج أختك أو والدك، لن أقول شيئا عما يدور بينكما." دوريان بلع ريقه، بشرته رطبة بالعرق عندما سأل: -"و ما المقابل؟" أشار موريت نحو بيتر من جديد، النظرة الجادة لم تُمحى من وجهه، و قال: -"هنالك ما يمكنك فعله لأجلي، لذا سأعقد صفقة معك. كلا، ليس مع اللورد بيتر. لا أحتاج منه شيئا..." ابتسم الآن بخبث، "بل مع الجنرال بازيلتون." بيتر بلع ريقه هو الآخر الآن بينما يواصل موريت، يده مفتوحة و موجهة نحوه بشكل درامي: -"سحرك و جاذبيتك قد تكون أعمت آيفيرا و الآخرين، لكنني لم أنسى رتبتك الأهم، فأنت أحد الجنرالات الثلاثة بعد كل شيء أيها الأفعى!" من الواضح أن بيتر لم يعرف كيف يجيب، لذا قال بهدوء: -"آيفيرا—" -"ليست موضوعنا." قاطعه موريت، "و يمكنها الاعتناء بنفسها، لذا لا أهتم بما يجري أو لا يجري بينكما." رفع موريت حاجبا متحديا و أضاف بابتسامة مماثلة: -"كنت لأسألك رأيك، لكن من الواضح أن لا خيار لك سوى عقد صفقة مع الشيطان هنا." و بالفعل، عقد بيتر تلك الصفقة. و ذلك السبب الوحيد لتواجد دوريان في غرفته متروكا لشؤونه بأمان. على الأقل إلى أن طُرق بابه. لم يتوقع أن يرى الفتاة الجديدة على عتبته، شعرها الأسود الطويل منسدل بحرية كما كان عندما رآه أول مرة. -"صباح الخير، لورد دوريان." قالت مبتسمة، "فكرت في أنك قد ترغب في بعض الرفقة—أعلم أنك لا تستطيع الكلام حاليا، لا بأس في ذلك." رد دوريان الذي لا يتذكر إعطاءها اسمه: -"في الواقع أنا قادر على الكلام الآن،" عيناها العسليتان توسعت حينها، "لكن هنالك حقل حول غرفتي، يمنع الناس من الدخول و يمنعني من المغادرة بلساني." ابتسامتها أصبحت أكثر إشراقا بينما اقترحت رافعة إصبعها السبابة: -"يمكنني إحضار كرسي و الجلوس معك من خلف الباب إن أردت!" لطيفة بشكل مزعج، بالفعل. لم تسنح له الفرصة للكلام فقد سبقته لذلك، كلماتها سريعة لكن نبرتها أكثر هدوءًا: -"أفترض أنك تعلم بشأن عودة الـ فان السابع." سمع بالأمر من الهمسات بين الخدم عندما غادر غرفته لوقت وجيز بالأمس، و ذلك ما رد به للآنسة. -"عذرا، ما اسمك؟" سأل سرعان ما تذكر أنه لا يعرفه. -"طبعا! نسيت تقديم نفسي. أدعى لينا غريم، مستذئبة من قرية لا يعرف شخص مثلك على الأرجح بوجودها." دوريان لم يفهم ما ترمي إليه بذلك... أقصدتها كنوع من السخرية المستاءة؟ لكن شكوكه السيئة مُحيت عندما أخفضت صوتها و سألته مقتربة أكثر من الباب: -"هل أنت بخير، لورد دوريان؟ هل قاموا بأذيتك بأي شكل؟" -"كلا..." تنهد دوريان نافيا برأسه، "أنا بخير." كانت الآنسة لينا على وشك التفوه بسؤال آخر على الأرجح لولا الحضور الذي ظهر خلفها فجأة. -"تورسييل—" تمتم دوريان فورا. استدارت لينا خلفها بسرعة، عيناها كانتا متسعتين عندما فعلت، ثم سمع صوتها يقول: -"تورسييل، لم أتوقع ظهورك." أحنى تورسييل رأسه قليلا في تحية. على عكس دوريان الذي ربط شعره في كعكة كاملة، شعرُ تورسييل كان منسدلا اليوم، كما أن أذنيه كانتا خاليتين من الأقراط التي تتدلى منهما عادة، و جفناه لم يتلونا بلونهم الأزرق المعتاد، و لاحظ دوريان أن وقفة تورسييل كانت مختلفة عن العادة عندما سأل: -"لينا. هل استعمل قدرته ضدك؟" -"أي قدرة؟" -"هل أعطاكِ أي أمر منذ بداية المحادثة؟" -"كلا." كانت نبرة لينا حادة نوعا ما، "لم يحاول اللورد دوريان فعل أي شيء." حينها نظر تورسييل نحوه، ابتسامة رضا على شفتيه، و قال ببساطة: -"جيد." أضاف بعد لحظة: -"هل قاطعتُ شيئا مهما؟" أجابت لينا مبتعدة عن عتبة الباب و نطاق رؤية كل من دوريان و تورسييل لبعضيهما: -"أردتُ أن أحادث اللورد دوريان، دون سبب معين." -"احذري منه، فلم يؤخذ لسانه دون سبب معين." كانت نبرة تورسييل طبيعية، و كأنه يحذر أحدهم من أرضية مبتلة. طوى دوريان ذراعيه و تهكم بانزعاج: -"أنا أقف هنا أسمع كل ما تقوله، في حال نسيتَ ذلك." ابتسم تورسييل بينما تسأل لينا بنوع من الحدة: -"هل هنالك أمر طارئ؟ أم أنه يمكنني و اللورد دوريان استئناف—" عينا لينا توسعتا فجأة و خفقت رأسها نحو دوريان بسرعة مفزعة. -"دوريان هل أنت مصاب؟!" قطب حاجبيه، و سرعان ما رد بالنفي لتوجه نظرها نحو تورسييل و تضيف: -"أشتم رائحة دماء!" و أخذت تنظر و تشتم من حولها كالمجنونة، حينها فقط تنهد تورسييل و قال، صوته ضعيف: -"أنا هو مصدر الدماء." عينا دوريان اتسعتا كذلك الآن بينما يواصل تورسييل: -"إنها مجرد إصابة، لا داعي لتضخيم الأمر." من النظرة التي على وجه لينا فقد كانت تفكر بنفس الأمر: الـ فان لا يحتفظون بالإصابات. لكن قبل أن يتسنى لغيره الكلام، أضاف تورسييل مخاطبا لينا: -"لقد أتيت لأخذ اللورد في جولته المعتادة، لذا سأفعل ذلك إن لم يكن لديكِ مانع." لينا بدت و كأنها ستنفجر بالأسئلة، لكنها لم تفعل، بل اكتفت بتوديعهما و المضي في سبيلها. سرعان ما ابتعدت لينطق دوريان بحدة: -"لم تأتِ بالأمس." تعوجت شفتا تورسييل بينما يرد: -"كما ترى فقد كنتُ مشغو—" -"ما الذي حصل؟" لم يقل شيئا. -"تورسييل." صوت دوريان كان ناعما لدرجة غير مألوفة. -"لقد ارتكبتُ خطئا، و ما شأنك!" أجاب بانزعاج طفوليّ، قبضتيه أُغلقتا بإحكام على جانبيه. التقى حاجبا دوريان في عزم و أخذ ذراع تورسييل، مدخلا إياه الغرفة بحركة خاطفة، و مغلقا الباب وراءه. وقف دوريان في صمت مترقب، عيناه على عيني تورسييل البنيتين، إلى أن قرر هذا الأخير أخذ نفس عميق مشيحا بنظره، و أخذ في الكلام: -"لقد عاد سابعُنا، في حال لم تكن تعلم..." -"أنا أعلم." صر تورسييل على أسنانه. -"عند عودته اكتشفتُ بأنني ارتكبتُ خطئا فظيعا قبل عدة سنوات—ثمانية عشرة سنة... و بسبب خطئي قُتل العديد من الأشخاص أثناء تلك المدة." -"و الإصابة؟" سأل دوريان بحذر. استقام تورسييل في وقفته قليلا، واضعا يده على كتفه و عيناه على الأرض. -"عقابي الذي أستحقه." -"هلا وضحت قليلا؟" تورسييل أعطاه نظرة حادة، لكن على الأقل نظر نحوه الآن. لم يقل شيئا، بل خلع سترته الداكنة في صمت، وجهه يلتوي في ألم مع كل حركة، ثم القميص الأزرق الذي تحتها، فقط ليكشف صدره المغلف تماما بالضمادات، مبرقعة باللون الأحمر للدم. تورسييل نزع تلك الضمادات كذلك، و حينها فهم دوريان كل شيء. بالكاد ظهرت بشرته الداكنة تحت السلخات التي قطّعت كل جزء منها، جروح جديدة و عميقة، الدماء لا تزال تلمع بلون الياقوت الأحمر... دوريان واثق بأنهم امتدوا إلى ظهره. -"من فعل هذا؟" حرر أنفاسه التي حبسها. -"يايث." أجاب تورسييل، لا أثر للحقد في نبرته، "كان يجب أن يقوم أحدهم بالأمر، كما أنها تساهلت معي..." دوريان لم يعرف ما يفترض به أن يقوله حينها، لذا سأل: -"ألا يفترض بجروحك أن تُغلق تلقائيا؟" -"فانسلانت." -"هاه؟" -"إنها المادة التي سُمينا تيمنا بها، كونها يمكنها إيذائنا كما يمكن لأي شيء إيذاء البشر." -"تورسييل!" نظر تورسييل نحوه مميلا رأسه في حيرة، دوريان كان مستاءً، و قد واصل في استيائه: -"هل أنت أحمق لتطلعني على أمر كهذا؟ يمكنني استخدامه ضدك في المستقبل كما تعلم!" تورسييل حينها ابتسم. ابتسامة دافئة بعينين ناعمتين، و رد بصوت يماثل عينيه: -"ذلك عادل بعدما تركتني أجوب أسوأ ذكرياتك،" جعل ذلك دوريان يتهكم على عدالته، "لكن أفترض أنني أحمق بالفعل." صوت تنهد دوريان المنزعج كان الشيء الوحيد الذي ملئ الصمت في الغرفة. -"على أية حال عليك مساعدتي في وضع ضمادات جديدة، فأنا غير قادر على ذلك بمفردي في هذه الحالة." رفع دوريان حاجبيه بينما أكمل تورسييل: -"و أيضا سيكون من الأفضل لو تقوم بجدل شعري، فلا يمكنني الحركة بتلك الطريقة المؤلمة، و هو يزعجني منسدلـ—" -"هل أنا زوجتك يا هذا!" لينا. تورسييل فان شغل بالها طوال اليوم، خصوصا لعدم تواجد أي إلهاء، كون موريت سرق رايلي لنفسه، آيفيرا و بيتر خرجا من القصر للتنزه، يايث و آني حُبستا في غرفة هذه الأخيرة منبهين الجميع أن لا يتسببوا لهما بالإزعاج إلا للضرورة القصوى. أما لويراف... لويراف اختفى من القصر دون أثر. ما يترك لينا لنفسها و أفكارها، تساؤلاتها عما حصل بحق الخالق لـ تورسييل فان، و ما الذي يعنيه أنها اشتمت منه رائحة الدماء، بينما يفترض بالـ فان أن، أولا: لا يحتفظوا بالإصابات أبدا، و ثانيا: لا تفوح منهم أية رائحة على الإطلاق. لم ترد أن تضيع وقتها أكثر من اللازم، لذا بينما عمل عقلها على فك مسألة تورسييل، كانت تدرّب جسدها للحصول على تحكم أفضل بهيئته المؤقتة، كل ذلك بينما تظل في غرفتها طوال اليوم. عندما حل المساء، و كانت لينا ملقاة على الأرض في تعب، سمعت صوت خطوتين تضربان الأرض فجأة، فقفزت من مكانها بعنف كبير لدرجة أنها اعتقدت بأن بشرتها قد اقتُلعت منها. -"لينا—" -"هل أنت أحمق أو مجنون؟!" لويراف الذي وقف أمامها الآن قد أمال رأسه و قطب حاجبيه في حيرة. رمت لينا يديها في الهواء باستياء يائس قبل أن تستطرد: -"لا يمكنك أن تنتقل لغرفة أحدهم هكذا و حسب!" -"لِمَ لا؟" المخلوق الأحمق بدا متعجبا بحق! و عندما تذكرت كلامه عن خصوصيته في يومها الأول هنا، شعرت برغبة ملحة في لكمه و ترك علامة ملوّنة على وجهه الشاحب. -"الخصوصية، لويراف!" عيناه اتسعتا و كأنه أدرك الأمر أخيرا. -"أنا..." لم تره لينا يتعثر على كلماته من قبل، "لم أفكر في الأمر." الآن دور لينا لتقطب حاجبيها. -"ألم يعاتبك أحد من قبل؟" فكر لويراف للحظة ثم أجاب: -"البقية لا يمانعون... و لا أذكر الانتقال لدى غرفة شخص غيرهم، أو لدى شخص ليس بعدوّي." على الجملة الأخيرة رُسمت صورة في ذهنها... لويراف واقف داخل غرفة شخص مجهول، جثة ذلك الشخص عند قدميه اللتين تسبحان في بركة من الدماء، على وجهه نظرة باردة بينما يحدق في الفراغ... ثم انقلبت الصورة لتصبح لوحة عن الليلة التي قتل فيها قطيع والدها. -"على أي حال، أنا أعتذر لذلك." انتشلها صوته من مخيلتها و ذكرياتها. كان يضع يدا على مؤخرة عنقه، وجهه عابس في ما اعتقدتُه نسخته من التعابير المتأسفة. طوت لينا يديها بينما تتنهد و تقول، انزعاجها قد خف الآن: -"اعتذارك مقبول، لا تكرر الأمر و حسب." -"طبعا." -"إذن، ماذا هناك؟" -"نحتاجكِ أن تحضري العشاء اليوم، سنطلعكِ على تفاصيل اللقاء باللورد رُوان دي غراي، و الذي سيحصل في الغد." أجل، اللقاء من أجل دوريان. كادت لينا أن تنسى الأمر. -"هل عليّ التزين اليوم أيضا؟" سألت بسخرية. لويراف أجابها بنبرة طبيعية: -"أعتقد أن ذلك كان من أجل الترحيب به و حسب، ثم إن اللورد بيتر ليس مهتما بك." رفعت حاجبا واحدا، ذراعاها لا تزالان مطويتين. -"أتقصد أنني لستُ جذابة كفاية؟" وضع لويراف يديه في جيوب معطفه الأسود و رد بنوع من الانزعاج: -"كلا، بل أقصد أن عينيه على امرأة أخرى." ابتسمت لينا و قالت بمرح: -"أنا جذابة إذن؟" لويراف أخفض رأسه بعيدا عن نظرها و ضحك بنعومة. لينا قررت أنها لن تمل من ذلك الصوت مطلقا. رفع رأسه قليلا ليلاقي عينيها بعينيه الخضراوتين ليقول: -"تعالي هنا و دعيني أنقلك." لينا لم تعلم ما الذي قد يحصل غدا بعد لقاء رُوان دي غراي ذاك، لذا ربما شجاعتها الحالية كانت بسبب احتمالية أن تسوء الأمور إلى نقطة اللاعودة... لكن مهما كان مصدر تلك الشجاعة، فقد أسرعت نحو لويراف الذي لا يزال غارسا يديه في جيوبه و راسما الابتسامة على شفتيه، و ربطت ذراعها بذراعه. ابتسامة لويراف لم تختفِ عندما قام بنقلهم. شخصيات ظهرت في الفصول السابقة : ... ... عنوان هذا الأسبوع ليس على لسان أي شخصية، فقط وجدته مناسبا لذا سأسئلكم شيئا مختلفا: برأيكم من المفضلـ/ـة لديّ بين الـ فان؟ و أيضا أخبروني من المفضل لديكم أنتم الفصل القادم ستشهدون عودة الثلاثيّ تريس-جاك-جوريان إلى ذلك الحين لا تحرموني من مروركم و دمتم في أمان الله |