بسم الله الرحمن الرحيم
التراويح
جمع ترويحة
وهي في الأصل
اسم للجلسة
مطلقاً، ثم
سميت بها
الجلسة بعد
أربع ركعات في
ليالي رمضان،
لاستراحة
الناس بها،
ثمّ سُميت كل
أربع ركعات
ترويحة، وهي
أيضاً اسم
لعشرين ركعة
في الليالي
نفسها.
قال
ابن منظور:
والترويحة في
شهر رمضان
سُميت بذلك
لاستراحة
القوم بعد كل
أربع ركعات.
وفي الحديث
صلاة
التراويح،
لاَنّهم
كانوا
يستريحون بين
كل تسليمتين.
والتراويح
جمع ترويحة،
وهي المرة
الواحدة من
الراحة،
تفعيلة منها،
مثل تسليمة من
السلام(1).
ما
هي البدعة؟
للبدعة
معنيان:
1-
لغوي عام وهو
المحدث
مطلقاً عادة
أو عبادة.
2-
معنى شرعي
خاص وهو:
الزيادة في
الدين أو
النقصان منه
الحادثان بعد
الصحابة بغير
إذن الشارع لا
قولاً ولا
فعلاً ولا
صريحاً ولا
إشارة ، وهي –
أي البدعة في
المعنى
الشرعي الخاص
– التي أشار
إليها صلوات
الله وسلامه
عليه بقوله : (
من أحدث في
أمرنا هذا ما
ليس منه فهو رد)(2)
وقوله : (من عمل
عملاً ليس
عليه أمرنا
فهو رد)(3).
المراد
من قول عمر رضي
الله عنه (نعمة
البدعة)
لو
سألت مبتدعاً
من أي طائفة
كانت عن فعل
يفعله وينسبه
إلى الدين هل
يعدّه هذا
المبتدع بدعة
أو قربة ،
فسيجيبك على
الفور ( بل
قربة ) ويتهم
من يصف فعله
بأنه بدعة
بالتشدد
والتنطع !
فهل
يتصور عاقل
أنّ عمر بن
الخطاب رضي
الله عنه قد
أراد بقوله (
نعمة البدعة )
المعنى
الشرعي
المذموم في
الشرع؟!
حتى
لو كنت شيعياً
لن تتصور أنّ
مبتدعاً
يرتضي أن يصف
فعلته
بالبدعة ،
فكيف ونحن
أمام رجل من
سادة
المسلمين
وخيارهم شاء
الشيعة ذلك أم
لم يشاؤوا؟!
إذن
أراد عمر بن
الخطاب رضي
الله عنه من
مقولته تلك
المعنى
اللغوي العام.
يقول
ابن كثير: (فإنّ
كل محدثة بدعة
، والبدعة على
قسمين: تارة
تكون بدعة
شرعية كقوله (فإنّ
كل محدثة بدعة
وكل بدعة
ضلالة ) وتارة
تكون بدعة
لغوية كقول
أمير
المؤمنين عمر
بن الخطاب عن
جمعه إياهم
على صلاة
التراويح
واستمرارهم
نعمت البدعة )(3).
ونقل
صاحب عون
المعبود عن
المنذري قوله:
(والمحدث على
قسمين محدث
ليس له أصل إلا
الشهرة
الشهوة
والعمل
بالإرادة
فهذا باطل وما
كان على قواعد
الأصول أو
مردود إليها
فليس ببدعة
ولا ضلالة )(4).
مشروعية
صلاة
التراويح عند
أهل السنة
روي
في باب قيام
رمضان عدة
روايات
مسطّرة في كتب
السنة ، وهي
مؤكدة لشرعية
صلاة
التراويح بلا
ريب ، غير أنّ
البعض قد يقول:
فأين إذن
شرعية
إقامتها
جماعة؟
أقول:
روى البخاري
عن عروة أن
عائشة رضي
الله عنها أخبرته
أنّ رسول
الله صلى
الله عليه
وسلم خرج
ليلة من جوف
الليل فصلى في
المسجد وصلى
رجال بصلاته
فأصبح الناس
فتحدثوا
فاجتمع أكثر
منهم فصلى
فصلوا معه
فأصبح الناس
فتحدثوا فكثر
أهل المسجد من
الليلة
الثالثة فخرج
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم فصلى
فصلوا بصلاته
فلما كانت
الليلة
الرابعة عجز
المسجد عن
أهله حتى خرج
لصلاة الصبح
فلما قضى
الفجر أقبل
على الناس
فتشهد ثم قال
أما بعد فإنه
لم يخف علي
مكانكم ولكني
خشيت أن تفترض
عليكم
فتعجزوا عنها
فتوفي رسول
الله صلى
الله عليه
وسلم والأمر
على ذلك(5).
ففي
هذا دلالة
صريحة على أنّ
رسول الله
صلوات الله
وسلامه عليه
قد صلى
التراويح
جماعة ، لكنه
خشي المداومة
عليها كي لا
تُفرض عليهم.
فكون
عمر بن الخطاب
رضي الله عنه
قد أقامها
جماعة من جديد
لا يعني أنه
ابتدع شيئاً
جديداً بعد أن
لم يكن.
يقول
ابن تيمية
رحمه الله: (وأما
قيام رمضان
فإنّ رسول
الله سنه
لأمته وصلى
بهم جماعة عدة
ليال وكانوا
على عهده
يصلون جماعة
وفرادى لكن لم
يداوموا على
جماعة واحدة
لئلا تفرض
عليهم فلما
مات النبى صلى
الله عليه
وسلم إستقرت
الشريعة فلما
كان عمر رضى
الله عنه
جمعهم على
إمام واحد وهو
أبى بن كعب
الذى جمع
الناس عليها
بأمر عمر بن
الخطاب رضى
الله عنه ،
وعمر
رضى الله عنه
هو من الخلفاء
الراشدين حيث
يقول ( عليكم
بسنتى وسنة
الخلفاء
الراشدين
المهديين من
بعدى عضوا
عليها
بالنواجذ (يعنى
الأضراس
لأنها أعظم فى
القوة ، وهذا
الذى فعله هو
سنة لكنه قال
نعمت البدعة
هذه فإنها
بدعة فى
اللغة لكونهم
فعلوا مالم
يكونوا
يفعلونه فى
حياة رسول
الله يعنى من
الإجتماع على
مثل هذه وهى
سنة من
الشريعة)(6).
ويقول
أيضاً: ( وهذا
الاجتماع
العام لما لم
يكن قد فعل
سمّاه بدعة في
اللغة ، وليس
ذلك بدعة
شرعية ، فإنّ
البدعة
الشرعية التي
هي ضلالة هي ما
فُعل بغير
دليل شرعي
كاستحباب ما
لم يحبه الله ،
وإيجاب ما لم
يوجبه الله ،
وتحريم ما لم
يحرمه الله ،
فلا بد مع
الفعل من
اعتقاد يخالف
الشريعة ،
وإلا فلو عمل
الإنسان
فعلاً
محرّماً
يعتقد تحريمه
لم يقل: إنه
بدعة )(7).
ويقول
أيضاً: (وكان
النبى قيامه
بالليل هو
وتره يصلى
بالليل فى
رمضان وغير
رمضان احدى
عشرة ركعة أو
ثلاث عشرة
ركعة لكن كان
يصليها طوالا
، فلما كان ذلك
يشق على الناس
قام بهم أبى بن
كعب فى زمن عمر
بن الخطاب
عشرين ركعة
يوتر بعدها
ويخفف فيها
القيام فكان
تضعيف العدد
عوضا عن طول
القيام وكان
بعض السلف
يقوم أربعين
ركعة فيكون
قيامها أخف
ويوتر بعدها
بثلاث وكان
بعضهم يقوم
بست وثلاثين
ركعة يوتر
بعدها
وقيامهم
المعروف عنهم
بعد العشاء
الآخرة )(8).
وقد
روى الحاكم
بإسناده عن
أبي طلحة بن
زياد
الأنصاري قال:
سمعت النعمان
بن بشير على
منبر حمص يقول:
( ثم قمنا مع
رسول الله
صلى الله
عليه وسلم في
شهر رمضان
ليلة ثلاث
وعشرين إلى
ثلث الليل ثم
قمنا معه ليلة
خمس وعشرين
إلى نصف الليل
ثم قمنا معه
ليلة سبع
وعشرين إلى
نصف الليل ثم
قمنا معه ليلة
سبع وعشرين
حتى ظننا أن لا
ندرك الفلاح
وكنا نسميها
الفلاح وأنتم
تسمون السحور
).
وعلّق
الحاكم على
الحديث
قائلاً: ( هذا
حديث صحيح على
شرط البخاري
ولم يخرجاه
وفيه الدليل
الواضح أنّ
صلاة
التراويح في
مساجد
المسلمين سنة
مسنونة وقد
كان علي بن أبي
طالب يحث عمر
رضي الله
عنهما على
إقامة هذه
السنة إلى أن
أقامها )(9).
مشروعيتها
عند الشيعة
الإثني عشرية
عن
أبي جعفر عليه
السلام قال:
خطب رسول الله
ص الناس في آخر
جمعة من شعبان
فحمد الله
وأثنى عليه ثم
قال: ايها
الناس إنه قد
أظلكم شهر فيه
ليلة خير من
ألف شهر ، وهو
شهر رمضان فرض
الله صيامه
وجعل قيام
ليلة فيه
بتطوع صلاة
كمن تطوع
بصلاة سبعين
ليلة فيما
سواه من
الشهور.
وعن
أبي عبد الله
عليه السلام
قال: كان رسول
الله صلى
الله عليه وآله وسلم إذا جاء
شهر رمضان زاد
في الصلاة
وأنا أزيد
فزيدوا.(10)
وهذا
نص صريح في
جواز الزيادة
في رمضان بل
وهذا الإمام
جعفر الصادق
نفسه يدعو إلى
الزيادة
ويمارسها
شخصياً.