سنة رفع اليدين في تكبيرة الإحرام
وعند الركوع وبعد الرفع من الركوع
وهو مذهب أكثر العلماء أولهم الصحابة وجماعة من التابعين وكثير من تابعي التابعينوعند الركوع وبعد الرفع من الركوع
و الرفع في هذه المواضع الثلاثة هو قول الشافعي وأحمد , وعن مالك روايتان أصحهما الرفع وهي رواية المدنيين عنه خلافا لرواية ابن القاسم المصري .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَانَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ ضَعِيفًا إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.)) انتهى ,
ولكن روى أبو مصعب (وهومدني) وكذا عبد الله بن وهب -المصري- عن مالك اثبات الرفع في المواطن الثلاثة , ورواه عنه غيرهما كما قال ابن عبد البر المالكي الأندلسي في كتابه الاستذكار" 1-408"
((وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَقَالَ بن عَبْدِ الْحَكَمِ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ مثل رواية بن الْقَاسِمِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ)) انتهى
أي أن ابن القاسم تفرد بهاته الرواية عن مالك , فهي اذا شاذة مخالفة لرواية الجماعة عنه, ومخالفة لما رواه مالك في الموطأ عن ابن عمر مرفوعا الى النبي عليه الصلاة والسلام مقررا به مذهبه في هاته المسألة ,رواه مالك من طريق ابن شهاب عن سالم عنه وفيه اثيات الرفع في المواطن الثلاثة
((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ)) , ورواه أيضا البخاري ومسلم عن شيخيهما عن مالك كذلك
.
وقال سفيان وابو حنيفة لا يرفع الا في تكبيرة الإحرام وهو مذهب الكوفيين .
قال الخطابي في معالم السنن "1-193"
(فذهب أكثر العلماء إلى أن الأيدي ترفع عند الركوع وعند رفع الرأس منه، وهو قول أبي بكر الصديق وعلي بن أبى طالب وابن عمر وأبي سعيد الخدري وابن عباس وأنس وابن الزبير.
وإليه ذهب الحسن البصري وابن سيرين وعطاء وطاوس ومجاهد والقاسم بن محمد وسالم وقتادة ومكحول وبه قال الأوزاعي ومالك في آخر أمره والشافعي وأحمد وإسحاق، وذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي إلى حديث ابن مسعود وهو قول ابن أبى ليلى وقد روي ذلك عن الشعبي والنخعي.)) انتهى
واحتج الأولون بعدة أحاديث صحيحة عن ابن عمر ومالك بن الحويرث ووائل بن حجر وأبي هريرة وعلي بن أبي طالب وأبي حميد الساعدي في عشرة من الصحابة منهم أبي قتادة.
واحتج الفريق الثاني بحديث البراء بن عازب أنه رأى النبي عليه السلام يرفع يديه في تكبيرة الاخرام "ثم لا يعود " ,
لكن أعل الحفاظ هاته الزيادة , وقال سفيان الثوري أن الراوي يزيد بن أبي زياد زادها ولقنها من طرف الكوفيين , وكان يروي الحديث بدونها واحتجوا أيضا بحديث ابن مسعود من رواية الكوفيين عنه لكن الصحيح عنه أنه موقوف عليه .
وكان العمل بهذه السنة في المواضع الثلاثة (وثمة موضع رابع قال به بعض أهل الحديث) مشتهرا منتشرا في كل الأمصار الا في الكوفة حتى قال الإمام محمد بن نصر المروزي: لا نعلم مصرا من الأمصار تركوا الرفع بأجمعهم في الخفض والرفع منه، إلا أهل الكوفة.))
يعني أن أهل المدينة لم يتركوا الرفع , ومحمد المروزي هذا امام من أئمة الحديث وله في رفع اليدين مصنف كامل على طريقة أهل الحديث , وكذلك صنف البخاري رسالة في رفع اليدين رد فيها على أهل الكوفة , وصنف النسائي كذلك .
والرفع في المواضع الثلاثة مروي عن أكثر من ثلاثين صحابيا بأسانيد صحيحة وحسنة ومقبولة , وتناظر في المسألة اماما الحديث الأوزاعي والثوري , فقد روى البيهقي عن الأوزاعي، أنه تناظر هوَ والثوري في هذه المسألة بمكة، وغضب واشتد غضبه، وقال للثوري: قم بنا إلى المقام نلتعن أينا على الحق، فتبسم الثوري لما رأى الأوزاعي قد احتد رضي الله عنهما.