عثمان بن عفان
رضي الله عنه
نسبه رضي الله عنه رضي الله عنه
هو عثمان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب يجتمع نسبه مع الرسول صلى اللَّه عليه وسلم في الجد الخامس من جهة أبيه. عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فهو قرشي أموي يجتمع هو والنبي صلى اللَّه عليه وسلم في عبد مناف، وهو ثالث الخلفاء الراشدين وأمه أروى بنت كريز وأم أروى البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم
ويقال لعثمان رضي اللَّه عنه : (ذو النورين) لأنه تزوج رقية، وأم كلثوم، ابنتيَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم ولا يعرف أحد تزوج بنتيَّ نبي غيره
إسلامه
أسلم عثمان رضي اللَّه عنه في أول الإسلام قبل دخول رسول اللَّه دار الأرقم، وكانت سنِّه قد تجاوزت الثلاثين، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم، ولما عرض أبو بكر عليه الإسلام قال له: ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع، ولا تبصر، ولا تضر، ولا تنفع؟
فقال: بلى، واللَّه إنها كذلك
قال أبو بكر: هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه؟
فقال: نعم
وفي الحال مرَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه قال : فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمد رسول عبده ورسوله، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية وكان يقال: أحسن زوجين رآهما إنسان، رقية وعثمان كان زواج عثمان لرقية بعد النبوة لا قبلها
زواجه من ابنتى رسول الله
رقية بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأمها خديجة، وكان رسول اللَّه قد زوَّجها من عتبة بن أبي لهب، وزوَّج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب(حمالة الحطب) فارقا ابنتَي محمد، ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من اللَّه تعالى لهما، وهوانًا لابني أبي لهب، فتزوج عثمان بن عفان رقية بمكة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له هناك ولدًا فسماه: عبد اللَّه، وكان عثمان يُكنى به ولما سار رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى بدر كانت ابنته رقية مريضة، فتخلَّف عليها عثمان بأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فتوفيت يوم وصول زيد بن حارثة
زوجته أم كلثوم
بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأمها خديجة، وهي أصغر من أختها رقية، زوَّجها النبي صلى اللَّه عليه وسلم من عثمان بعد وفاة رقية، وكان نكاحه إياها في ربيع الأول من سنة ثلاث، وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة، ولم تلد منه ولدًا، وتوفيت سنة تسع وصلى عليها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
وروى سعيد بن المسيب أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم رأى عثمان بعد وفاة رقية مهمومًا لهفاناً فقال له: ما لي أراك مهمومًا ؟
فقال: يا رسول اللَّه وهل دخل على أحد ما دخل عليَّ ماتت ابنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم التي كانت عندي وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك
فبينما هو يحاوره إذ قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن اللَّه عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها، وعلى مثل عشرتها
صفاته
وكان رضي اللَّه عنه أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمور لعلمه، وتجاربه، وحسن مجالسته، وكان شديد الحياء، ومن كبار التجار
أخبر سعيد بن العاص أن عائشة رضي اللَّه عنها وعثمان حدثاه: أن أبا بكر استأذن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن له وهو كذلك، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف
ثم استأذن عليه عثمان فجلس وقال لعائشة: إجمعي عليك ثيابك فقضى إليه حاجته، ثم انصرف قالت عائشة: يا رسول اللَّه لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان!
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال لا يُبلغ إليّ حاجته
وقال الليث: قال جماعة من الناس: ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة
و كان لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم ، ويلي وضوء الليل بنفسه فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك
فقال: لا، الليل لهم يستريحون فيه وكان ليَّن العريكة، كثير الإحسان والحلم
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم : أصدق أمتي حياءً عثمان
وهو أحد الستة الذين توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وقال عن نفسه قبل قتله: واللَّه ما زنيت في جاهلية وإسلام قط
تبشيره بالجنة
قال: كنت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في حديقة بني فلان والباب علينا مغلق إذ استفتح رجل فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا عبد اللَّه بن قيس، قم فافتح له الباب وبشَّره بالجنة فقمت، ففتحت الباب فإذا أنا بأبي بكر الصدِّيق فأخبرته بما قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، فحمد اللَّه ودخل وقعد
ثم أغلقت الباب فجعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم ينكت بعود في الأرض فاستفتح آخر فقال: يا عبد اللَّه بن قيس قم فافتح له الباب وبشَّره بالجنة، فقمت، ففتحت، فإذا أنا بعمر بن الخطاب فأخبرته بما قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، فحمد اللَّه ودخل، فسلم وقعد، وأغلقت الباب
فجعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم ينكت بذلك العود في الأرض إذ استفتح الثالث الباب فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا عبد اللَّه بن قيس، قم فافتح الباب له وبشره بالجنة على بلوى تكون فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: الله المستعان
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان على حراء هو و أبو بكر و خمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اهداء فما عليك الا نبي أو صديق أو شهيد
بيعة الرضوان
في الحديبية دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحربهم وأنه إنما جاء زائرًا لهذا البيت ومعظَّمًا لحرمته
فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فحمله بين يديه، ثم أجاره حتى بلَّغ رسالة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ما أرسله به
فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف
فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول اللَّه والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل،ولما لم يكن قتل عثمان رضي اللَّه عنه محققًا، بل كان بالإشاعة بايع النبي صلى اللَّه عليه وسلم عنه على تقدير حياته وفي ذلك إشارة منه إلى أن عثمان لم يُقتل، وإنما بايع القوم أخذًا بثأر عثمان جريًا على ظاهر الإشاعة تثبيتًا وتقوية لأولئك القوم، فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال: اللَّهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك
اختصاصة بكتابة الوحى
عن فاطمة بنت عبد الرحمن عن أمها أنها سألت عائشة رضي الله عنها وأرسلها عمها فقال: إن أحد بنيك يقرئك السلام ويسألك عن عثمان بن عفان فإن الناس قد شتموه فقالت: لعن اللَّه من لعنه، فواللَّه لقد كان عند نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لمسند ظهره إليَّ، وأن جبريل ليوحي إليه القرآن، وأنه ليقول له: اكتب يا عثيم فما كان اللَّه لينزل تلك المنزلة إلا كريمًا على اللَّه ورسوله. أخرجه أحمد وأخرجه الحاكم
وقال: قالت: لعن اللَّه من لعنه، لا أحسبها قالت: إلا ثلاث مرات، لقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو مسند فخذه إلى عثمان، وإني لأمسح العرق عن جبين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، وأن الوحي لينزل عليه وأنه ليقول: اكتب يا عثيم، فواللَّه ما كان اللَّه لينزل عبدًا من نبيه تلك المنزلة إلا كان عليه كريمًا
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا جلس جلس أبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعثمان بين يديه، وكان كَاتبَ سر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
جيش العسرة
يقال لغزوة تبوك غزوة العُسرة، مأخوذة من قوله تعالى: ِ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة
ندب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمر الناس بالصدقة، وحثهم على النفقة والحملان، فجاءوا بصدقات كثيرة، فكان أول من جاء أبو بكر الصدِّيق رضي اللَّه عنه ، فجاء بماله كله فقال له صلى اللَّه عليه وسلم : هل أبقيت لأهلك شيئًا؟
قال: أبقيت لهم اللَّه ورسوله
وجاء عمر رضي اللَّه عنه بنصف ماله فسأله: هل أبقيت لهم شيئًا؟
قال: نعم، نصف مالي
وجهَّز عثمان رضي اللَّه عنه ثلث الجيش جهزهم بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا
قال ابن إسحاق: أنفق عثمان رضي اللَّه عنه في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها
وقيل: جاء عثمان رضي اللَّه عنه بألف دينار في كمه حين جهز جيش العُسرة فنثرها في حجر رسول اللَّه فقبلها في حجر وهو يقول: ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم وقال رسول اللَّه: من جهز جيش العُسرة فله الجنة
بئر رومة
واشترى بئر رومة من اليهود بعشرين ألف درهم، وسبلها للمسلمين كان رسول اللَّه قد قال: من حفر بئر رومة فله الجنة
كرمه رضي الله عنه
يذكر أنه أصاب الناس قحط في عهد أبي بكر رضي الله عنه فلما اشتد بهم الأمر جاءوا الى أبي بكر رضي الله عنه و قالوا : يا خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم ان السماء لم تمطر و الارض لم تنبت و قد توقع الناس الهلاك فما تصنع ؟ فقال : إنصرفوا و اصبروا فإني أرجو ألا تمسو حتى يفرج الله عنكم فلما أصبحوا خرجوا يتلقونها فإذا هي ألف بعير موثوقة براً و زيتاً ز دقيقاً فأناخت بباب عثمان رضي الله عنه فجعلها في داره فجاء اليه التجار
فقال : ما ترون ؟
قالوا : إنك لتعلم ما نريد
فقال : كم تربحوني ؟
قالوا : اللهم درهمين
قال : أعطيت زيادة على هذا
قالوا : أربعة
قال : أعطيت أكثر
قالوا : خمسة
قال : أعطيت أكثر
قالوا : ليس في المدينة تجار غيرنا فمن الذي أعطاك ؟
قال : إن الله أعطاني بكل درهم عشرة دراهم أعندكم زيادة ؟
قالوا : لا
قال : فإني أشهدكم الله تعالى أني جعلت ما حملت العير صدقة لله على الفقراء و المساكين
ويروى أيضا أنه كان لعثمان بن عفان على طلحة بن عبيد الله رضوان الله عليهما خمسون ألف درهم فخرج عثمان يوماً الى المسجد فقال له طلحة : قد تهيأ ما لك فاقبضه فقال له عثمان رضي الله عنه : هو لك يا أبا محمد معونة على مروءتك
توسعة المسجد النبوى
كان المسجد النبوي على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مبنيًَّا باللبن وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئًا وزاد فيه عمرًا وبناه على بنائه في عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشبًا، ثم غيَّره عثمان، فزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والفضة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج، وجعل أبوابه على ما كانت أيام عمر ستة أبواب
الخلافة
لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة :علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام ، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصاً على وحدة المسلمين ، فتشاور الصحابة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان رضي الله عنه وبايعه المسلمون في المسجد بيعة عامة في غرة المحرم سنة أربع و عشرين ، فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين
إستمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال: نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار, توسيع المسجد الحرام, وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية
الفتوحات
فمعاوية يوغل في بلاد الروم حتى وصل الى أبواب القسطنطينية و الى فارس و كرمان و سجستان و مرو يزحف ابن عامر و الأحنف بن قيس و الأقرع بن حابس و مهدت الأرض لزحف المسلمين حتى بلغوا السودان و الحبشة في الجنوب و الهند و الصين في المشرق
وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين
الفتنة
في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالإسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود إثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان رضي الله عنه وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فإنخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الإجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شراً وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالإسلام
استشهاده رضي الله عنه
وفي شوال سنة 35 من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتاباً بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان رضي الله عنه الكتاب لكنهم حاصروه في داره أربعين يوماً ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم
و كان رضي الله عنه و هو محاصر و الفتنة تمور من حوله يتذكر ما عهد اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و يتذكر وصيته صلى الله عليه و سلم له حين قال له : يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوماً فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه و رفض رضي الله عنه أن يسافر الى الشام و يلحق بمعاوية
و كان رضي الله عنه يتذكر ما أسر اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرض وفاته حين خلا به وجعل النبي صلى الله عليه و سلم يكلمه ووجه عثمان يتغير و لهذا كان يقول لمن معه من المسلمين في الدار : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم عهد الي عهداً فأنا صائر اليه و أنا صابر عليه كان يعلم أن الفتنة تريده فلم يرد أن يراق دم المسلم بسببه
و عن نافع عن ابن عامر أن عثمان رضي الله عنه أصبح يحدث الناس قال : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم في المنام فقال : يا عثمان أفطر عندنا فأصبح رضي الله عنه صائماً و قتل عن يومه
ولكن المتآمرين إقتحموا داره من الخلف (من دار أبي حَزْم الأنصاري) وهجموا عليه وهو يقرأ القرآن وأكبت عليه زوجه نائلة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه رضي الله عنه فسال دمه على المصحف ومات شهيداً في صبيحة عيد الأضحى سنة 35 هـ ، ودفن بالبقيع
الجزاء من جنس العمل
عن محمد بن سيرين قال : كنت أطوف بالكعبة و إذا رجل يقول : اللهم أغفر لي و ما أظن أن تغفر لي
فقلت : يا عبد الله ما سنعت أحداً يقول ما تقول
قال : كنت أعطيت الله عهداً إن قدرت ألطم وجه عثمان إلا لطمته فلما قتل ووضع على سريره في البيت و الناس يجيئون يصلون عليه فدخلت كأني أصلي عليه فوجدت خلوة فرفعت الثوب عن وجهه و لحيته و لطمته و قد يبست يميني
قال ابن سيرين : فرأيتها يابسة كأنها عود
و عن أبي قلابة قال : كنت في رفقة بالشام و سمعت صوت رجل يقول : يا ويلاه من النار
قال : فقمت اليه و إذا رجل مقطوع اليدين و الرجلين من الحقوين أعمى العينين منكباً لوجهه فسألته عن حاله
فقال : إني كنت ممن دخل على عثمان الدار فلما دنوت منه صرخت زوجته فلطمتها
فقال عثمان : ما لك قطع الله يديك و رجليك و أعمى عينيك و أدخلك النار فأخذتني رعدة عظيمة و خرجت هارباً فأصابني ما ترى و لم يبق من دعائه إلا النار
قلت له : بعداً لك و سحقاً
وقال يزيد بن أبي حبيب : إن عامة الذين ساروا إلى عثمان جنوا
حزن الصحابة عليه
قال ابن عباس : و لو اجتمع الناس على قتل عثمان لرجموا بالحجارة من السماء
و قال أبو جعفر الأنصاري : دخلت مع المصريين على عثمان فلما ضربوه خرجت أشتد حتى ملأت فروجي عدواً فدخلت المسجد فإذا رجل جالس في نحو عشرة عليه عمامة سوداء فقال : ويحك ما وراءك ؟
قلت : قد و الله فرغ من الرجل
فقال : تباً لكم سائر الدهر فنظرت فإذا هو علي رضي الله عنه