في مواجهة الخلافات الزوجية.
من المفيد جداً أحبتي في الله، الخوض في قضايا الأسرة المسلمة ، والقواعد الأساسية لإقامتها على أسس شرعية متينة، تجعلها، تصمد في وجه أعاصير الحياة وخلافاتها الموجعة..
إن المثالية في السلوك البشري، ضرب من الخيال ، بل هي سراب في قيعة يحسبه الظمآن ماء ، فسلوك الرجل والمرأة ، تتحكم فيه الدوافع والحاجات المختلفة للنفس، بما تؤجج من اضطرابات وانفعالات مفزعة، لا يمكن التخفيف منها واتزانها، إلا بوجود الوازع الديني .. لقد جعل الشرع ــ في الكتاب والسنة ــ الدين العامل الأساس في الاختيار الزوجي ، كما فَصَّلَ في حقوق وواجبات الزوج والزوجة، بما يضمن استمرار الرابطة المقدسة بينهما، في رحاب فضائل المودة والرحمة والوفاء والإيثار والشراكة والتعاون.
أيها الزوج الكريم ! أيتها الزوجة الكريمة ! لا ينبغي التشدد في طلب المثالية في السلوك الزوجي ، فالكمال لله .عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" ــ رواه مسلم . والفرك هو العداوة والبغض ، فعلى الرجل أن يوازن بين حسنات زوجته وسيئاتها ويلتمس لها أعذاراً كثيرة ، وبذلك تثمر الحياة الزوجية ويسعد الأطفال، فهم زينة الحياة وعِمَادُها .. وبالمقابل عليك أيتها الحُرَّة أن تكوني لزوجك كل النساء !: " أعطيه حنان الام ، و جنون العشيقة ، واحترام الصديقة ، و طاعة الجارية و دلال الطفلة ، واعلمي أن كرامتك من كرامته."
من العوامل لتي تسبب الخلافات الزوجية الحرجة، والتي يجب تداركها وتصحيحها أذكر:
• عدم حصول الفهم الصحيح، لدى أغلب الشباب، بخصوص مقومات الحياة الزوجية ، المبنية على الثقة و التكامل و التعاون و الشراكة و الاحترام والحوار البناء ونبذ الأنانية و التعصب . فالفهم السيئ يجعلها تنهار تحت وطأة الخلافات الجارفة .
• غياب الصراحة ، و إخفاء الحقيقة عند تأسيس الرابطة الزوجية ، فسرعان ما ينكشف المجهول و تتبدد الأحـــلام النرجسية ، و يحجب الواقع أحلام الحياة الماتعة وتهــــب أعاصير الخلاف المدمر .
• غياب التوجيه الأسري الهادف، الذي يبصر و ينور المقبلين على الزواج ، و يزودهم بالمفاهيم الصحيحة للحياة الزوجية السعيدة والآمنة .
• تأثر المجتمع المسلم بالنموذج الغربي الدخيل، الذي ينفث سمومه القاتلة في حياتنا الاجتماعية ، ببريقه و زيفه . فالغرب انغمس في الإباحية والتفكك، فلم يعد عندهم وجود للروابط الأسرية والتكافل.
اعلموا أحبتي الكرام، أن صلاح المجتمع من صلاح الأسرة ، أوليست هي خليته الأساسية !؟؟
قال الله جل وعلا: " وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" ــ سورة الروم (21).