لم أعُدْ أريدُ سلامًا
ولا وطنًا يسكنُ في دولتين،
إلهي!.. أعِدْني إلى الصّحراءِ من فضلِك
وامْحُ الحدودَ الّتي علَّبتني، وشوّهتْ
وجهَ الطّبيعةِ في الذّاكرة.
هَبْ لي بلادًا ملاذًا؛
ناقةً وحبّتَيْ تمرٍ تكفيانِنِي – بعيدًا
عن التّكنولوجيا – يا إلهي! كي أعيشَ لا لأحيا
كمَن مرّوا مرورَ الكرام على السّعادة.
سَمَرٌ قليلٌ في مَهَبِّ النّسيمِ القديمِ يكفي
لترقُصَ خيمَتي، مِن دونِ أنْ يطمعَ الأغرابُ
في خصرِها الوطنيّ.
إلهي!
هَبْ لي هباءً
أو فراغًا لن أعارض،
لكنْ طافحًا بي فليكنْ لو سمحت.
إلهيَ الّذي هو حيثُ هو الآنَ أَعِنّي
على عَنانِ الشّؤمِ بي والجُمْ
عدوّي، حيثُ انعدامي من كلِّ شيءٍ سواي.
في الماضي
في غَيهبِ الغزوِ البدائيِّ كانت شرورٌ
وكنتُ بخيرٍ ولو جاعَ لصّي،
كلُّ شيءٍ تغيّرَ؛ إذ فارقتْ حياتُنا حياتَها
فصار لا بدَّ من شُعلةٍ جَهنّميّةٍ، فارمِها
واحرِقِ الپِتْرولَ، كي تُوقِفَ الزّحفَ نحْوي، الهي..
اِرمِها.. لأحيا كما كنتُ دومًا؛
أنجو من الثّعبانِ إن صادفتُهُ،
لا لأنّي على حَذَرٍ سأنجو، ولكنّه الثّعبانَ وحدَه
مَن لا يقسو على أحدٍ كما صوّروه،
ولا صورةُ الشّيطانِ فيه كما
هي الآنَ في التّلفازِ الملوّنِ بالسّوادِ وبالسّياسة.
أتوبُ إليكَ منّي إذا كرّرتَ عمري ولكنْ
أعِدني إلى بادِئِ الأمرِ كي أُجرّبَ حظّي في اختباري يا
إلهي! أَعِنّي على عَليائي في الحضيضِ المُرِّ كي
أصعدَ نحوَ مجدي من جديد.
في عصرِنا فريقانِ في ملعبِ الحربِ المُحيطةِ
كلٌّ ينادي بأسمى الكلامِ النّبيلِ لكنْ، نُبلُ الكلامِ
نبالٌ كيماويّةٌ، تُهدهِدُني حينَ تنزلُ مِن حيثُ لا أدري
على مصالِحها، في المَرام الحرام!
في بلادي
سُنّةُ اللهِ شيعةُ الآخرينَ، والصّليبيّونَ
يهودًا يجلسونَ على الحِيادِ ولا
حِيادَ على الجِياد!
على ظهرِ الصّواريخِ أمريكا تُصَدِّرُ عدلَها العصريَّ، يوميًّا
روسيا تُمانعُ! فتزرعُ وردةً سوداءَ في البارجاتِ على
شاطئِ الشّرقِ المقدّسِ والمُكدّسِ بالمذابحْ.
كلتاهما بارعتانِ في حضرةِ الجهلِ الّذي اعتراني
تلعبانِ فوقَ بيتي "پينچ – پونچ"، فيما أنا
حَكَمٌ في آخِرِ الأمرِ، لا عدلَ في رؤايَ سوى
أنّي اكتشفتُ روحي بعدَ موتي والسّلامُ
على السّلامْ!
إلهي!..
لِمَ كلُّ هذي التّجارِبِ؟
ألا يكفيكَ أنّي اعترفتُ بجُرمي كي تخلّصَني؟
فإنْ أخطأتُ فعجِّلْ في عقابي،
أو ارمِ بي في الغابِ إنْ كنتُ عبدًا تقيًّا؛
ففي الغابِ ما ليسَ فينا؛
يأكلُ الوحشُ وحشًا إنْ جاعَ لا وحشَيْنِ
لا دينَ فيهم ويحيَونَ في سِلمٍ كما ترى، أمْ ترى اللّيثَ
يَقتلُ من أجلِ مذهبِهِ الطّائفيِّ ظبيًا، يا إلهي!؟
إلهي!.. مَن إلهي
في المدينة؟!
في ثورةِ الجاني على الجاني أراني
كما لو أنّني من كوكبٍ آخرَ؛
خالٍ من كلِّ ما هو لي أو عليّ؛
لا أَضِيرُ ولا أُضارُّ كأنّي
لست منّي، لا أحنُّ إلى أحد؛
فالحنينُ – كما ترى – تَلفُ القبيلةِ
من ذاتِها، والرّجوعُ إلى الأمامِ
إمامُ التّخلُّفِ في الانتحاريين
إلهي!
مُدَّ لي حبلَ عطفِكَ ثمَّ خذني إلى كوكبٍ أخر
لا لأجرّبَ الحياةَ فيه
إنما لأهربَ من الأرضِ التي رغم كل المآسي التي فيها
تدورُ!
كأنّ لا كرامةَ فيها، وكأنني من دورانها
حيٌّ وداخ